أوصى المشاركون في أشغال المناظرة التي رعتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بإعادة النظر في هياكل النقابة وقوانينها وأساليب عملها، لمواكبة مستجدات القطاع الإعلامي، على ضوء التطور الهائل الذي تشهده تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وتأثيراتها المادية والمعنوية والاقتصادية على العمل الصحفي والإعلامي. وسجل المشاركون أهمية تحديد صفة وهوية الصحفي، وتصنيف المهن المرتبطة بالإعلام والاتصال على ضوء مختلف التطورات، وبحث صيغ وأشكال التعاقد التي أفرزتها هذه التحولات، وتأثير هذه التحولات والتطورات في المجال المهني على الأداء النقابي والعمل الجماعي، وتعزيز تواجد النقابة داخل المؤسسات، وذلك من خلال إعطاء أهمية خاصة لمكاتب المؤسسات واللجان النقابية. وأكد المشاركون، الذين ناقشوا قضايا تهم الجسم الإعلامي، طيلة يومي 9 و10 يناير الجاري، على أهمية توسيع دائرة النضال من أجل فرض ملاءمة المنظومة القانونية مع هذه التحولات، وتطوير آليات وأشكال التضامن، والبحث عن سبل التنظيم الملائمة لمواجهة هذه التحديات. وفي ما يخص إشكالية التنظيم النقابي، أوصى المشاركون بضرورة الحفاظ على وحدة النقابة وتقويتها، من خلال مراعاة القوة التنظيمية للنقابة، والملاءمة مع التدبير الديمقراطي واللامركزي، الذي يفرض تطوير التنظيمات القطاعية والجهوية، وتدعيمها بصلاحيات محددة تسمح لها بالقيام بأدوارها، بما ينسجم مع التوجه العام للنقابة، وتطوير قوانينها وهياكلها، بما يساهم في توسيع مجال المشاركة، وتكريس الاستقلالية في ظل وحدة النقابة بالنسبة إلى كافة التنظيمات القطاعية والجهوية، وتنظيم تدبير العمل النقابي عبر إنشاء أقسام متخصصة داخلها، مكلفة بإنجاز مهام محددة، وتعزيز ذلك بمجموعات عمل منفتحة، وانفتاح التنظيم النقابي على فئات مهنية لها خصوصيات تنظيمية وموضوعاتية وقطاعية. وبشأن حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة، جدد المشاركون التأكيد على مواصلة النضال من أجل الدفاع عن حرية الصحافة، واستقلالية الصحافيين، وتوفير الشروط المادية والمهنية لرجال ونساء الصحافة والإعلام، وهذا يحتم على النقابة، حسب نظرهم، إعطاء أولوية كبرى لذلك، عبر تكوين جهاز خاص بمتابعة هذا الموضوع، واعتبار أخلاقيات المهنة ضمن الاعتبارات الرئيسية للنقابة، مما يستوجب دعم العمل الذي تقوم به في هذا الشأن. وأكد المشاركون على ضرورة تطوير الديمقراطية الداخلية للنقابة، من خلال تحديد المهام والصلاحيات بشكل واضح لمختلف هياكلها، وتطوير جدلية الحقوق والواجبات بالنسبة إلى مختلف الأعضاء والمنخرطين، وتوسيع مجال المشاركة من خلال استيعاب كل الطاقات، وتوفير الآليات الضرورية المتعلقة بالتواصل والاستقبال والتأطير، وإعطاء أهمية خاصة لقضية النوع الاجتماعي بما يحقق المساواة في الواجبات والحقوق وفي التكافؤ المهني سواء داخل النقابة أو في المؤسسات الإعلامية، وإيلاء أهمية قصوى للتكوين والتكوين المستمر، سواء بالنسبة إلى العمل النقابي أو المهني، وتأطير الطاقات الجديدة الملتحقة بالنقابة، عبر التدريب وتوفير بنيات الاستقبال الملائمة، وتكثيف الجهود لإيجاد موارد مالية وإدارية لمواكبة كل المشاريع التي تقوم بها النقابة. وقدم جيم بوملحة، رئيس الفيدرالية الدولية للصحافيين، ورئيس نقابة الصحافيين البريطانيين (50 ألف منخرط)، وأوليفي دلاج، عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الدولية للصحافيين ورئيس نقابة الصحافيين الفرنسيين (3 آلاف منخرط)، تجارب عديدة حول الوضع الصحافي في بعض دول الاتحاد الأوروبي، إذ اعتبر المتدخلان، أن تحويل النقابة إلى نظام فيدرالي، سيؤدي لا محالة إلى انهيار الجسم الصحافي، لوجود لوبيات مالية ولوبيات في السلطة يهمهما تفكيك الجسم الصحافي، وجعله خاضعا لإملاءات جماعات الضغط، مشيرين إلى أن الأهم هو الحفاظ على استقلالية الجسم الصحافي، وعدم التنازل عن أخلاقيات المهنة، في ظل حرية التعبير. وشدد المتدخلان على أن المواضيع التي تناولتها النقابة المغربية ذات راهنية، خاصة في فرنسا التي ينتمي أغلب الصحافيين فيها إلى نقابات عمالية، لأنهم يشتغلون متعاونين مع وسائل الإعلام بشكل مؤقت، فيما تمكنت نقابة الصحافيين في بريطانيا من توسيع انخراطاتها والدفاع عن حقوق الصحافي المادية وتوسيع هامش الحرية.