فوز ثمين ل"فرسان دكالة" على "الماط"    أمن طنجة يوقف شخصين ظهرا في فيديو يقومان بتعنيف مواطن في الشارع العام وبحوزتهما أسلحة بيضاء    رئيس الفيفا يشكر المغرب على استضافة النسخ الخمس المقبلة من كأس العالم للسيدات لأقل من 17 عاما    تعديل حكومي يتوقع أن يطيح بوزراء بارزين ويستقبل وجوها جديدة    الداخلة: البحرية الملكية تعترض مركبا على متنه 38 مرشحا للهجرة غير النظامية        من أوحى له بمقترح التقسيم؟    خلال 3 سنوات ونصف رفعت مديونية الخزينة من 885 إلى 1053 مليار دهم    ‬المؤتمر العالمي حول الذكاء الاصطناعي ودور المغرب في تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    "النقد" يتوقع نموا بنسبة 2.8 % بالمغرب    توقعات احوال الطقس : انخفاض درجة الحرارة بمنطقة الريف    حادث يلقي بزوجة شيبو في الحراسة النظرية    طلبة كليات الطب يكذبون ميراوي: نسبة المقاطعة تفوق 90 في المائة        دعوات للاحتجاج أمام البرلمان رفضا لمشروع قانون الإضراب    المحكمة الإدارية بمراكش تعزل رئيسة جماعة ابن جرير ونائبها الثاني    منتخب الشاطئية ينهزم أمام مصر (2-3)    صندوق النقد يبقى حذرا بشأن آفاق الاقتصاد العالمي بسبب استمرار المخاطر    التكوين بالتدرج المهني.. الحكومة تعتزم رفع عدد المستفيدين إلى 100 ألف سنويا    لمجرد يروج لأغنيته الجديدة "صفقة"    إسرائيل مستمرة في "خطة الجنرالات" التهجيرية    حزب الاستقلال يقرر إحداث لجنة الأخلاقيات والسلوك    زيارة وفد جائزة خليفة التربوية للمغرب    المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب .. توقيع عقد لنقل الغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي    وفاة الداعية فتح الله غولن "عدو أردوغان اللدود"    أخبار الساحة    رحيمي الأعلى تنقيطا في قمة الهلال والعين        فيروس جدري القردة يثير القلق في ألمانيا بعد تسجيل إصابة جديدة    المحفظة العمومية تضم 271 مؤسسة ومقاولة عمومية    مناهضو التطبيع يحتجون أمام مقر القناة الثانية تنديدا ببث مسلسل تشارك فيه مجندة إسرائيلية    شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    أحمد التوفيق: فتح 1154 مسجداً متضرراً من زلزال الحوز قبل رمضان المقبل    جيش إسرائيل يرفع حصيلة قتلى غزة    بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    البرازيل تحبط تهريب شحنة كوكايين    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني    الرجاء البيضاوي يصطدم بالجيش الملكي في قمة الجولة السابعة..    إبراهيم دياز يعود للتدريبات الجماعية لريال مدريد    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    بعد خضوعه لعملية جراحية.. عميد سان داونز زواني يغيب عن مواجهتي الجيش والرجاء في دوري الأبطال    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجارة الموت
الذين اخترعوا عبارة «المغرب أجمل بلد في العالم» كانوا في حالة سكر طافح
نشر في المساء يوم 10 - 02 - 2008

المرض في المغرب أصبح معضلة حقيقية، والمغاربة تعودوا منذ زمن على أن يطلبوا من الله ألا يوصلهم إلى مستشفى. الكثيرون يتمنون أن يداهمهم الموت فجأة من دون أن يمروا عبر جحيم المستشفيات.
لم تعد المشكلة في المغرب اليوم هي المستشفيات العمومية، التي كانت ولاتزال مثالا للتردي في الخدمات وتعذيب المرضى، بل إن المستشفيات الخصوصية أصبحت اليوم تنافس المستشفيات العمومية في اقتراف الأخطاء الطبية التي من الممكن أن تدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية، وفوق كل ذلك تلك الفواتير المنتفخة التي لا تفرق بين الموت والحياة، فسواء مات المريض أو عاش فإنه يجب أن يدفع.
الكثير من المغاربة، وأغلبيتهم فقراء أو متوسطو الحال، أصبحوا يتوجهون إلى المستشفيات الخاصة هربا من الخدمات الطبية المتردية في المستشفيات العمومية، لكنهم يجدون في استقبالهم أشياء خاصة جدا: فواتير خيالية، كميات كبيرة من الأدوية، معاملة غير إنسانية، إلحاح على الدفع المسبق نقدا أو وضع شيكات ضمانة، احتيال من جانب أطباء بلا ضمير... وأشياء أخرى كثيرة.
المغاربة يشتكون من كون المصحات الخصوصية أصبحت تغتني من الموت والحياة. إذا مات المريض يجب أن تكون الفاتورة غليظة حتى يطلقوا سراحه للدفن، وإذا عاش يجب أن تكون الفاتورة غليظة لأن الأطباء يعتبرون أنفسهم أصحاب الفضل في إطالة عمره.
في المستشفيات الخصوصية المغربية تسمع صرخات الحياة للمواليد الجدد وزغاريد الفرح، وتسمع فيها أيضا نحيب حزن أهل الموتى الذين يغادرون فيها الحياة، لكن صناديق هذه المستشفيات تمتلئ بأموال الموت والحياة وبشيكات الحزن والفرح. إنها المنشار الذي يتغذى بخشب شجرة الحياة وبخشب توابيت الموتى.
المرض في المغرب لا يعني فقط تكاليف العلاج الباهظة والمعاملة غير الإنسانية، إنه أيضا معاناة من الألف إلى الياء. وفي مدينتي الرباط والدار البيضاء هناك المئات من المرضى المغاربة الذين يأتون من مدن وقرى بعيدة. مرضى لم يكفهم المرض فانضاف هم ترك مدنهم وقراهم إلى هم المرض، وفي أحيان أخرى يأتي الموت فيجد أهل الميت أنفسهم أمام مشكلة أخرى، وهي حمل الجثة من الرباط إلى القرية البعيدة التي جاؤوا منها، بكل ما يترتب عن ذلك من أسى نفسي ومصاريف كبيرة.
الذين اخترعوا مقولة «المغرب أجمل بلد في العالم» كانوا سكارى على الأرجح حين رددوا هذه العبارة. ربما كانوا تحت تأثير فودكا قوية ولم ينتبهوا إلى أن واقع المستشفيات في المغرب يجعل من هذا البلد كابوسا حقيقيا.
آلاف المرضى يأتون إلى الرباط والدار البيضاء من وجدة والحسيمة والناظور وتارودانت وطنجة وتطوان والصويرة والعيون، لأنهم لا يتوفرون على مستشفيات مختصة في مدنهم. وفي المستشفيات الخاصة بالسرطان في الرباط والدار البيضاء يوجد عدد كبير من سكان الشمال، الذين يمثلون أزيد من 60 في المائة من المصابين بهذا الداء في المغرب، ومع ذلك لا يوجد في شمال المغرب مستشفى للسرطان.
في مناطق كثيرة من المغرب يفاجئ المخاض نساء كثيرات، فيأتين إلى المستشفيات مشيا على الأقدام في منتصف الليل، وفي أحسن الأحوال يركبن عربات تجرها البغال وهن في شهرهن التاسع، حتى يخال للرائي أن الجنين سينزل ألف مرة ما بين القرية والمستشفى.
ليس الغلاء والسفر والمعاناة والموت هي كل ما ينتظر مرضى المغرب في مستشفيات المملكة السعيدة، بل أيضا غياب ضمير عدد من مسؤولي المستشفيات وأطبائها. وقبل بضعة أيام كانت امرأة تحتج أمام باب عيادة طبية فاخرة في الرباط لأنها تعرضت لاحتيال واضح من طرف إدارة المستشفى. لقد قيل للمرأة في البداية إن جهاز السكانير في العيادة معطل، فحملت زوجها إلى عيادة مختصة لإجراء السكانير ثم عادت إلى المستشفى، وفي النهاية اكتشفت أن إدارة المستشفى أضافت حوالي ألف درهم في الفاتورة عن السكانير المعطل أصلا، فقررت المرأة الصراخ أمام الباب وهي تلعن هذا الزمن الطبي الرث.
تلك المرأة المحتجة كان يبدو أنها متعلمة و»حاضية طرافها»، لكن ماذا يحدث للآلاف من فقراء هذا البلد الذين لا يستطيعون حماية جيوبهم من إدارات المستشفيات؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.