أكد الباحث السوسيولوجي أحمد شراك، عضو المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب، في حوار ل«المساء»، أن الوضع الحالي الذي يعيشه اتحاد كتاب المغرب مرده إلى الاحتكار الذي يمارسه رئيس الاتحاد عبد الحميد عقار وإلى مراكمته للأخطاء في تدبير الثروة الرمزية للاتحاد، زيادة على انفراده بالسفريات في الداخل والخارج و حالة الإفلاس المالي التي يوجد عليها الاتحاد الآن، كما عاب عليه نسب الكثير من المنجزات إلى شخصه، وأكد أن الاختلاف حول تدبير مؤسسة الاتحاد لا علاقة له بصداقته لعقار التي وصفها ب«الطيبة». قال أحمد شراك، عضو المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب، في حوار ل«المساء»، إنه لم يجمد عضويته في المكتب المركزي وإن الانتقادات التي يعبر عنها تطال أسلوب إدارة الاتحاد وقال: «هذا غير صحيح، لم أجمد عضويتي في المكتب المركزي، فأنا أحضر اجتماعات المكتب بانتظام، ماعدا بعض الغيابات العادية المبررة، ولقد كان آخر حضور لي هو لقاؤنا مع الفنانة القديرة ثريا جبران، وزيرة الثقافة، من أجل التهنئة من جهة، ومن جهة أخرى، من أجل تفعيل اتفاقات الشراكة الناجحة بين الوزارة والاتحاد، وكذا بعض المطالب القوية التي تجاوبت السيدة الوزيرة مع مجملها، مشكورة. أفضل أن تقول أن حركيتي وفاعليتي قد فترت مقارنة بولاية حسن نجمي الثانية، وهذا راجع إلى أسباب موضوعية يتحمل مسؤوليتها تصور فخامة الرئيس للعمل الثقافي، فهو يحتكر كل المهمات من تمثيلية الاتحاد في المجلس الأعلى للتعليم والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى تنظيم الندوات، بل حتى رئاسة جلسات افتتاحها وكذا جلسات اختتامها، إنه حريص كل الحرص على أن يكون الرئيس في المبتدأ والمنتهى، خذ مثلا العدد الأول من مجلة آفاق في ولايته، ستجده قد ألغى هيئة التحرير، ولم يتدارك إثباتها إلا في العدد الموالي، وخذ أيضا العدد الأخير رقم 74 في «باب أنشطة الاتحاد» فلن تجد إلا اسم الرئيس في الندوات والمجلة والتمثيليات الرمزية للاتحاد داخل الوطن وخارجه، وكأن المكتب المركزي معين من طرف سيادته، وأنه الوحيد الذي انتخبه المؤتمر ال16». وحول ما إذا كان قد عبر عن مواقفه في القنوات التنظيمية للاتحاد، قال شراك: «هذا أمر قلته له داخل اجتماعات المكتب المركزي، لأنني منذ انتخابي في المؤتمر السادس عشر وأنا أمارس داخل المكتب المركزي الوحدة مع النقد، ولم يمر أي اجتماع بدون أن أوجه إليه النقد المسؤول لعله ينصت قليلا، لكن وا أسفاه! استمر في مراكمة الأخطاء إلى حد أنه لم يستشر أعضاء المكتب المركزي في مهمته داخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، هو يقول، أو يبرر بالأحرى، إنه عين بواسطة رسالة مكتوبة، وأنا طالبته بعرض هذه الرسالة على أنظار الأعضاء ولم يستجب، والحال أن المنهجية الديمقراطية كانت تقتضي عقد جلسة خاصة من أجل ترشيح ثلاثة أعضاء بالترتيب، كما فعلنا خلال الولاية الثانية لحسن نجمي، حيث تعفف هذا الأخير عن ترشيح نفسه (رغم كونه رئيسا)، ورشحنا وقتها بن سالم حميش، رشيدة بنمسعود، نجيب خداري، ووقع الاختيار من طرف الجهات المسؤولة على الاسم الأول، حيث مثل الاتحاد في المجلس الاستشاري بطريقة شرعية وديمقراطية. كما أن عضويته في المجلس الأعلى للتعليم، أخبرنا بها فقط، مبررا ذلك -كعادته- بأنهم طلبوا منه ذلك بأن يكون شخص الرئيس ممثلا للاتحاد، دون أن نعرف من الذي قال له ذلك هل هو وزير التربية الوطنية، هل هو المستشار الملكي في قطاع التربية الوطنية والتعليم؟ من قالوا له ذلك؟ والحال أنه كان عليه – انطلاقا من حس ديمقراطي حداثي – أن يقول لهم إنه لا يمكن أن يكون ممثلا أو عضوا في المجلس، إلا بعد أن يستشير الجهاز المركزي، حيث ليس مطلوبا أن يكون الممثل بالضرورة هو الرئيس أو أي عضو من المكتب المركزي، بل كان يمكن أن نسند المهمة إلى كاتب من أعضاء الاتحاد خارج الأجهزة المسؤولة، لأن الأهم في القضية هو تمثيلية الاتحاد كمؤسسة وكمنظمة ثقافية تختار من يمثلها تمثيلا أمينا، وإن إشراك الأعضاء والكتاب في المهمات والتسيير والتمثيل والندوات والنشر والأسفار أمر في غاية الأهمية، لأن السؤال التدبيري المطروح هو: كيف نوزع الثروة الرمزية بين مختلف الحساسيات والفرقاء والأعضاء؟ وإن عمق الخلاف مع الرئيس هو في فلسفة التدبير ما بين فلسفة تدبيرية شمولية وفردانية وفلسفة تدبيرية ديمقراطية وجماعية تراعي التحولات التي عرفها المشهد السياسي والثقافي، منذ نهاية التسعينيات، حيث مازالت –في رأيي- عقارب الساعة عند الرئيس، على إيقاع السبعينات والثمانينات دون أن يعي (ولا أقول دون أن يعرف لأنه يعرف) بأن هذه التحولات تقتضي تصورا جديدا للاتحاد يستجيب لطموحات الكتاب ولطموحات المرحلة السياسية، وأن الاتحاد هو عنوان استراتيجي في هذه التحولات». وحول عدم تقديمه مع من يشاطره الموقف كتابا أبيض إلى الرأي العام أو إلى المجلس الإداري، على الأقل، قال شراك: «إنني مازلت أمارس الوحدة مع النقد، لأنني لم أرد أن أدعو أو أعمم وجهة نظري، حتى لا أتهم بعرقلة عمل الاتحاد من جهة، ومن جهة أخرى حتى يقتنع الأعضاء – عن طريق الأفعال لا الأقوال – ولعل أغلبهم اقتنع الآن، بل كثيرا من الأصوات والفعاليات ذات المصداقية العالية قد اقتنعت بالأداء الشمولي الخافت، بل صدمت خاصة وأنها كانت متحمسة له في تدبير المرحلة، ومعولة على فعاليته الثقافية التي اكتسبها في إدارة المؤتمرات والندوات والمجلات... لكن يبدو أن عملية المقايسة غير واردة على صعيد تدبير شأن المنظمات بما تقتضيه من حس سياسي واجتماعي وخيال وروح غيرية وإبداعية وديمقراطية، بعيدا عن انتفاخ الأنا والاستبداد بالرأي والاستفراد بالقرار، صحيح أنني فكرت بمعية بعض الأعضاء في سيناريوهات وإجراءات... إلا أن الحكمة انتصرت للتريث والانتظار إلى حين انعقاد المؤتمر الذي له كامل القوة والصلاحية والفعالية في تقويم أعمال الرئاسة بل وأعمالنا جميعا بما عرف في كتاب المغرب من صرامة ومسؤولية وبعد نظر». واعتبر شراك أن تصريحات عقار تصريحات ديماغوجية، مؤكدا أن الكذب مطلوب إذا تعلق الأمر ببلاغة خطاب إبداعي كما هو الشأن بالنسبة للتخييل الروائي أو بالنسبة إلى الإبداع الشعري، ف«أروع الشعر أكذبه»، كما أنه قد يكون مطلوبا في إطار استراتيجيات سياسية تروم الدفاع عن قضية مصيرية مثلا، لكن الكذب مرفوض إن تعلق الأمر بالمجتمع المدني، لأن المجتمع المدني من أهم استراتيجياته محاربة الكذب (الكذب السياسي التمويهي والتعتيمي) في الانتخابات والتدبير السياسي للأموال والأحوال، ثم الكذب الاقتصادي كالتحايل على الضريبة مثلا، والكذب الاجتماعي وعلى رأسه الإشاعة والحملات المدسوسة المغرضة، وقال: «أما التحامل الشخصي فهو غير وارد بالإطلاق، فنحن نحترم عبد الحميد عقار ككاتب وكفاعل ثقافي وكشخص محبوب، لكن المسألة مرتبطة بفاعلية التدبير والتسيير، وبالفلسفة التي أشرت إليها، وببعض الأوهام التي يعتقد أنها حقيقة كقوله، مثلا، في استجواب «المساء»، إن اتحاد كتاب المغرب كان سباقا إلى طرح مسألة الحكم الذاتي، والواقع أن الندوة كانت بعد تبني المغرب للمسألة، فقط أن الندوة عمقت النقاش عبر مطارحات واستشكالات المفهوم والقضية، وكقوله في المجلس الإداري المنعقد بمراكش إن المغرب السياسي والثقافي والإعلامي بالكامل قد تبنى استبعاد مفهوم المرتزقة الذي طرحه ونظر إليه في ندوته التلفزية مع مصطفى العلوي! لعلها استلذاذات ذاتية لا تخلو من نفحات أسطورية وإسقاطات من الكتابة إلى الفعل الثقافي المباشر والمسؤول». وعدد أسباب الاختلالات الحاصلة في تدبير الاتحاد في التالي: انفراد الرئيس بفرض أسماء في ندوات دون استشارة، أو، وهذا هو الخطير، إلغاؤه وإقصاؤه لأسماء متفق عليها داخل اجتماع مسؤول واستبدالها بأخرى، أو فرضه لأسماء في موسم الحج لدى وزارة الأوقاف، دون مراعاة معايير موضوعية كانت في الولاية السابقة، كعدم حج الاسم المقترح، وحاجته، والأهم هو حضوره في الفعل الثقافي داخل الاتحاد فلا ينبغي أن يكون اسما بعيدا عن الاتحاد بل من المناهضين الشرسين للاتحاد، أما التفكير في تكتل فهو غير وارد، لأن الحالة عندما تكون موضوعية تفرض نفسها على المؤتمرين». وأشار شراك إلى أن المنجزات التي يتكلم عنها عبد الحميد عقار هي مجرد تقييم أحادي وقال: «المؤتمر هو وحده الكفيل بالتقييم، وتبيان أهمية المنجز الثقافي في ولاية السيد حميد، إلا أنني رغم ذلك أطرح هذه الأسئلة للتأمل: 1. على المستوى المالي، إلى أي حد جلبت فترته دعما وافرا للاتحاد؟ إن الاتحاد مازال يعتاش على فائض الولاية السابقة وينحو نحو العجز والإفلاس المالي، من جهة ثانية إلى أي حد كانت هناك شفافية مالية يمارسها الرئيس بإشراك كل الأعضاء في التدبير المالي؟ تحدث في «المساء» عن إنجاز تقرير مالي كل 6 أشهر، وهذا غير صحيح، لأنه كانت هناك تقارير أربعة، لم تناقش ثلاثة منها، ونوقش التقرير الرابع من طرفي فقط، حيث وجهت إليه ملاحظات قوية، وعلى رأسها الهدر المالي الذي يمارسه في أسفاره المتكررة والعديدة داخل الوطن وخارجه، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل إعلاميا، والتقارير الثلاثة كانت ضمن مختلفات في جدول الأعمال، ماعدا التقرير الرابع الذي كان ضمن جدول الأعمال كنقطة رابعة أو خامسة، والحال أنني طالبت بهذه الشفافية المالية حتى تحتل مكان الصدارة في أغلب جداول أعمال الاتحاد. 2. على المستوى التنظيمي: تصدعات كثيرة عرفتها الفروع منذ انتخابها، وكذا تجميد أعمالها (بشكل عملي)، رغم جمع كتاب الفروع بالرباط في محاولة من الرئيس أن يحيي مجلس التنسيق السابق، بدون جدوى بعد هذا الاجتماع الذي كلف الاتحاد، في الوقت الذي كان يبنغي الاستغناء عنه، بجدولته داخل المجلس الإداري رأفة بالاتحاد والعباد (وهذا دليل على حنكته في التسيير !!). 3. على المستوى الثقافي: أي استراتيجية ثقافية؟ هل بضع ندوات، وبضعة منشورات؟ بالمقارنة مع الولاية السابقة، يمكن للإنسان أن يحصي ويعد ليتبين له المراد، هل أضيف؟ أترك التفاصيل للمؤتمر. واعتبر شراك أن المؤتمر القادم سيكون محطة لنقاش استراتيجية تنظيمية جديدة، يمكن للمؤتمر أن يقترحها، تروم إشراك الفروع والاعتماد عليها عبر التنسيق والدعم، وأن المكتب المركزي هو جهاز التنسيق وتفعيل التنسيق فقط، ويقتصر على تنظيم بعض الندوات ذات الصبغة العربية أو الدولية، ويركز على النشر وعلى تمثيل الاتحاد تجاه الرأي العام، كما يقوم بتدبير عادل للثروة الرمزية وفق معايير ديمقراطية بعيدا عن الإقصاء أو التكريس ثم التفكير في فلسفة تدبيرية جديدة للاشتغال، وعلى رأسها شفافية التدبير المالي بين كل الأعضاء بعيدا عن الصيغة الحالية، وهي صيغة، موجودة في أغلب منظمات المجتمع المدني، مما يجعل باقي أعضاء المكتب الوطني أو الجهوي بعيدين عن الفعل والمشاركة بل ويدفع هذا الأمر إلى التطاحن على مهمة الرئيس أو كاتب الفرع. وقال «لقد سبق لي أن اقترحت في المكتب المركزي تصورات واضحة لتجاوز الاتهامات والطعون في مصداقيات الأشخاص والمسؤولين، لأن الفعل المؤسسي له آليات مضبوطة في المحاسبة والتقويم، بعيدا عن الأعراف الأخلاقية والثقة بدون سند مؤسسي». وأكد تمسكه بالاتحاد قائلا: «إن اتحاد كتاب المغرب منظمة عتيدة وتاريخية ولها مصداقية عالية في الوطن وخارج الحدود، ولا بديل عنها، وكل محاولة في هذا الاتجاه لا أقول إنها غير ديمقراطية، وإنما هي عملية انشطارية أبانت التجارب عن لا مردوديتها. إن البديل هو من داخل الاتحاد، عبر جدلية الاستمرارية والقطيعة، استمرارية ذاكرة الاتحاد وخصوصياته في الفعل والاستقلالية والإبداع والإنتاج والوحدة والتلاحم، وفي ذات الوقت التفكير جماعيا في طرح أسئلة جديدة، على الصعد التنظيمية والتدبيرية والإشعاعية طبقا لفلسفة مغايرة تقطع مع ممارسات الماضي إلى ممارسات تتجاوب مع أسئلة العصر الثقافي هنا والآن».