يسود في كواليس اتحاد كتاب المغرب توجه نحو طرح التصويت اللائحي كبديل عن الترشيح الفردي في المؤتمر السابع عشر لاتحاد كتاب المغرب، الذي ينعقد ابتداء من الجمعة القادمة، وفي الوقت الذي أكملت فيه اللجنة التحضيرية عملها وذهبت الأوراق إلى المطبعة، ما تزال هناك أسئلة تلح كلما جاء مؤتمر جديد للكتاب المغاربة، وكلها تذهب في اتجاه مساءلة واقع حال هذه المؤسسة.. عن كل ذلك نتوجه بحزمة أسئلة إلى عضو المكتب المركزي للاتحاد، أحمد شراك، باعتباره صوتا نقديا ظل يشير بالأصبع إلى مواطن أخطاء في تدبير أمور الاتحاد. - بحكم عضويتك في المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب، كيف كانت تجري الأمور الداخلية بينكم؟ < في الواقع كانت هناك مقاربة شمولية لشؤون الاتحاد وتميزت هذه الفترة التدبيرية بتطرف في هذا المنحى، حيث كان الرئيس يحاول أن يدبر كل الأنشطة لوحده، ويستفرد بالقرارات التنظيمية، وبالتالي أغلق المجال أمام مبادرات أعضاء الاتحاد وأمام تنظيمهم وتواصلهم، بل أكثر من ذلك كان يأخذ الكلمة في الندوات في البداية والنهاية، وفي الحصيلة فإن الإيقاع الفردي جعل من تدبير الاتحاد بطيئا وإشعاعه على الصعيد الوطني خافتا، انطلاقا من الندوات والأنشطة والمنشورات التي نشر أغلبها خارج المدة القانونية للاتحاد والتي أسميتها بمدة حملة انتخابية إضافية فقط. إذن هذه المرحلة التدبيرية يمكن وصفها بالتطرف في المقاربة الشمولية على طول تاريخ الاتحاد، ومن هنا فإن المطلوب هو تغيير هذه المقاربة. - هل تقصد شخص الرئيس عبد الحميد عقار؟ < أنا لست ضد عبد الحميد عقار كشخص وإنما ضد سلوكات وتدبيرات في حد ذاتها، فالمؤتمر إذا لم يقم بثورة هادئة ضد المقاربة الشمولية كما أسميتها، وتعويضها بمقاربة تشاركية سواء داخل الأجهزة المركزية للاتحاد أو داخل الأجهزة المحلية وفق شراكات حقيقية داخلية وخارجية شفافة، ووقف تدبير مالي شفاف ،فإنه سيكون مهددا بما لا تحمد عقباه، وهناك مؤشرات على ذلك، ففي هذه الولاية وقعت تلكؤات كثيرة في إعادة انتخاب الفروع وفي إعادة تجديدها وفي ركود بعضها الآخر، اللهم القليل الذي نشط، وهي مؤشرات تؤكد أنه حتى لو نجح المؤتمر وخرج بقيادة جديدة فإن الاتحاد سيكون مهددا بأعطاب كثيرة في وجوده وفي تنظيمه ،لأن العصر اليوم يطرح مقاربة جديدة، والاتحاد مطالب بتجديد رأسماله الرمزي لأنه عاش على كونه منظمة مستقلة لسنوات، وهذا الشعار لا أقول إنه مات ولكنه شاخ في إطار التحولات السياسية التي عرفها المغرب داخل حكومة التناوب التوافقي، ثم التحولات العالمية، كما أنه ينبغي البحث عن إشراك الكتاب في تدبير الاتحاد، مما يتيح للكتاب المغاربة جني مكاسب في المستقبل. - هل سترشح نفسك للرئاسة بناء على المطالب التي تطرحها الآن في هذا الحوار؟ < أنا لست متحمسا لترشيح نفسي للرئاسة، ولا حتى لعضوية المكتب المركزي، وأقول بأنه يجب فتح المجال لعناصر جديدة، ومن يرى في نفسه الرغبة والكفاءة، وما يهمني هو ترشيح الاتحاد وتأهيله لمقاربة جديدة ولتحولات جديدة في المشهد الثقافي، ولا يهمني شخصي ولا الأشخاص الآخرون بقدر ما تهمني الأجهزة القادرة على النظر في تدبير الاتحاد وفق نظرة جديدة مغايرة تتجاوز المقاربة الكلاسيكية وتبعاتها في التدبير. - هل مازالت هناك حاجة لاتحاد كتاب المغرب؟ < مازالت هناك حاجة لاتحاد كتاب المغرب، فالكاتب المغربي يحتاج إلى هذا الإطار لأنه صيغة للتعبيرعنه أو ما يفترض أن يكون كذلك. إن حاجة الكاتب المغربي إلى الاتحاد ضرورية باعتباره جماعة ضغط وعقلا جمعيا، بالإمكان أن يسجل مكاسب للكاتب المغربي الذي لا يمكنه أن يحقق ذلك بمفرده. من هذه الزاوية اصطفاف الكتاب المغاربة في إطار اتحاد كتاب المغرب هو ضروري من أجل انتزاع مكاسب ومن أجل حماية الكاتب المغربي من كل التعسفات الممكنة. - هل ستتقدمون إلى المؤتمر بمقترحات إجرائية وعملية من أجل خلق الدينامية التي تتحدثون عنها؟ < المقاربة التشاركية تفرض تغيير القانون الأساسي للاتحاد، أو بعض البنود فيهوالتنصيص على أن المكتب المركزي هو الذي يدير الاتحاد وأن الرئيس فقط منسق لأشغاله، وأن القرارات ينبغي أن تكون جماعية داخل المكتب المركزي، كما هو الشأن بالنسبة لمكاتب الفروع، ولا يحق للرئيس اتخاذ مبادرات فردية فيما يخص استراتيجيات الاتحاد، واستراتيجيات المواقف التدبيرية إلا بالعودة إلى المكتب المركزي، واعتبار المكتب المركزي سلطة تنفيذية وجهازا منفذا في نفس الوقت، وتوزيع هذه الثروة الرمزية داخل الاتحاد، وقد كانت مثار نقاش حاد في كل المؤتمرات، وأقصد بذلك المنشورات والسفريات والمشاركات في التظاهرات الوطنية، وبالتالي ضرورة التفكير في توزيع هذه الثروة الرمزية على قاعدة العدالة على الأعضاء.. باعتبارهم متساوين في العضوية. صحيح ،هناك تفاوت على مستوى الكتابة وعلى مستوى المسؤولية، ولكن مستوى العضوية يحقق المساواة، بالإضافة إلى الشفافية المالية التي لا يعرف الكتاب المغاربة عنها شيئا، فقد يخبرون ببعض العناوين في بعض المناسبات، لكنهم لا يخبرون بمالية الاتحاد على وجه التدقيق ولا في كيفية صرفها مع العلم أن هناك إجراءات ينبغي أن تصيب القانون الأساسي وأن تعدل، حتى يعود اتحاد كتاب المغرب كما كان في الستينات وكما كان في السبعينات، بالرغم من حدوث متغيرات كثيرة. ودعني أقول لك إنه لو عاد رئيس من رؤساء الاتحاد اليوم لسير الاتحاد بطريقة مختلفة، لو عاد محمد برادة أو الأشعري أو غيرهما إلى سدة الاتحاد فإنهم سيدبرون الاتحاد بطريقة أخرى في صلب التحولات السياسية والديمقراطية التي يعرفها المغرب.. كما أنه وانطلاقا من هذا يجب التفكير في النظر إلى الرأسمال الثقافي وتجديده، والبحث عن الجودة، والاتحاد لم يعد وحده من ينشط ثقافيا، هناك جمعيات لديها أنشطة وازنة، ومن بينها نذكر مثلا جمعية الشعلة وجمعية مدرسي الفلسفة، ومجموعة من المؤسسات التي تقوم بأنشطة ثقافية، وعلى الاتحاد أن يبحث في هذا الرأسمال الثقافي. - التسويات التي كانت تجري في مقرات الأحزاب عشية المؤتمر هل ما زالت هي السنة الحميدة في تعيين أجهزة الاتحاد؟ < ليس لدي علم باستمراريتها، ولكنها قاعدة معروفة في كل مؤتمرات الاتحاد، حيث يحصل اتفاق على لائحة ومن ضمنها الرئيس انطلاقا من لجنة داخل المؤتمر، وتكون مسؤولة حزبيا، ومن ثم توجه لائحة سرية للتصويت على ذلك.. هذا كان موجودا في المؤتمرات السابقة ولست أدري هل هذا المؤتمر سيبقى مفتوحا على الشفافية والديمقراطية، أم أنه سيتراجع إلى الوراء. أنا أدعو إلى ديمقراطية التعيين بدل التعيين الديمقراطي، لأنه عادة ما يعين الرئيس والمكتب المركزي وبعد ذلك يدعى المكتب المركزي من أجل التصويت عليهما ديمقراطيا.. والحالة هذه فإنه ينبغي قلب الصورة إلى ديمقراطية التعيين عبر طرح أكثر من لائحة في المؤتمر، كل لائحة لها برنامجها وتصورها لتدبير الاتحاد، واللائحة التي ستحظى بالقبول ستصعد لتسيير الاتحاد. - هل يمكن للتصويت اللائحي أن يحل المشكلة؟ < التصويت اللائحي على الأقل يقربنا من العتبات الديمقراطية الحقيقة، بمعنى أنه يفتح المجال لحرية التعبير ويفتح المجال لحرية الترشيح، وهو صعب في البداية لكن كل خطوة لها إيجابيات ولها سلبيات، وهذه الخطوة يمكن أن تخطو بالاتحاد خطوة كبيرة إلى الأمام بالرغم من الصعوبات المعبر عنها. - أليس هناك خشية من تمزق لحمة الاتحاد؟ < لا أعتقد أن الترشيح اللائحي سيساهم في تمزق لحمة الاتحاد، حتى ولو نزلت عشر لوائح، فالكتاب يعرفون على من يصوتون واللائحة التي يمكن أن تفيدهم في التدبير بحسب التصورات والأشخاص. - هل تحضر للائحة ما؟ < كل ما أفكر فيه هو مستقبل وصالح الاتحاد وصالح الثقافة المغربية بالدرجة الأولى، وتأهيل الاتحاد إلى لحظة جديدة. وإذا كان المشهد السياسي قد أعطى إشارات فيما يتعلق بتجاوز الشخصية التاريخية، فإنه على المجتمع المدني ومن ضمنه اتحاد كتاب المغرب، أن يكون سباقا إلى تفعيل هذا على أرض الواقع واستباق إشارات رجل السياسة.