يعيش اتحاد كتاب المغرب، كمنظمة ثقافية مستقلة ببلادنا، وكخيمة للأدباء والكتاب المغاربة، أزمة على مستوى قيادته، تطورت بشكل متسارع خلال الأيام القليلة الماضية، أدت إلى إصدار جزء من أعضاء مكتبه التنفيذي لبلاغ يقيل رئيس الإتحاد عبد الحميد عقار، من مهامه. مثلما أصدر باقي أعضاء المكتب التنفيذي بيانا توضيحيا مضادا، فندوا فيه، من وجهة نظرهم، النقط التي ذهب إليها الأعضاء الموقعون على بلاغ الإقالة. مما ترجم حجم الأزمة التدبيرية التي يعيشها الإتحاد. مثلما أن ردود الفعل، قد تباينت من هذا الطرف أو ذاك، بالشكل الذي خلق ضبابية مثيرة في توضيح حقيقة الأزمة القائمة، التي تتطلب معالجة ذكية وهادئة، في حجم أهمية منظمة ثقافية رصينة ووازنة، مثل اتحاد الكتاب المغربي. الذي، لابد من استحضار أنه ظل يعتبر مرجعا في حسن تدبيره للشأن الثقافي والإبداعي المغربي على مدى سنوات في كل العالم العربي. مثلما أنه كان منظمة أحسنت مصالحة الكتاب والمبدعين المغاربة مع شأنهم العمومي، في بعده الوطني والديمقراطي والحداثي. هنا محاولة من « الملحق الثقافي » لاستطلاع رأي كتاب ومسؤلين سابقين في الإتحاد، من أجل رسم ملامح مساعدة على حل الأزمة القائمة. مثلما أن الغاية هي إشراك جمهور المثقفين والكتاب والأدباء المغاربة في قضية تدبيرية تعنيهم جميعا، بغاية الوصول إلى صيغة أخرى لتجديد دور الإتحاد كمنظمة ثقافية وازنة في المغرب، عبر آلية تنتصر لطرح المشاريع، بدلا من الارتكان إلى صراع مواقع لا معنى له. ولعل السؤال اليوم، هو من مع حماية وتجديد دور اتحاد الكتاب في مغرب اليوم، ومن هو في خصومة مع ذلك. لأنها في العمق، منظمة رائدة تعتبر مكسبا للمغرب كله، نخبة ومجتمع. ضروري عقد مؤتمر شرعي للإتحاد.. محمد الأشعري أعتقد بداية أن ما يجري اليوم في اتحاد كتاب المغرب هو تعبير عن أزمة أكبر من الإشكاليات التنظيمية. فقد تغيرت الكثير من الأشياء على المستوى الوطني، وتغيرت بعمق أكبر في المجال الثقافي. كان الإتحاد لفترة طويلة منبرا للدفاع عن عدد من القيم المرتبطة بحرية الإبداع والتعبير ولعل هذا الأمر بالإضافة، إلى الإمكانية التي أتاحها لتعايش اتجاهات مختلفة داخله، هو الذي أكسبه موقعا خاصا في الحياة العامة المغربية. جعل منه رمزا لحضور المثقف في المجتمع ولانخراطه في القضايا المرتبطة بمستقبل الديمقراطية في المغرب. ولعل مجيئ الأستاذ محمد برادة في نهاية السبعينات إلى رئاسة الإتحاد كان نقطة تحول أساسية في تاريخ هذه المنظمة، إذ أنها حاولت أن توفق بين انخراط المثقف والكاتب في القضايا العامة، وبين الإهتمام العميق بالإبداع والنقد وقضاياهما، بشكل يجعل من استقلالية الكتابة والكاتب قيمة مضافة في العمل الثقافي. يجب أن نعترف اليوم، أن التحولات السياسية في المغرب والتقدم الحاصل في مجال الحريات، قد أفقد اتحاد كتاب المغرب، تلك المنبرية التي شكلت جزء أساسيا من هويته. وقد جاء جيل جديد من الكتاب إلى اتحاد كتاب المغرب، جيل منشغل بقضايا ربما أقل سطوة في الرأي العام. وفي نفس الوقت ظهرت تجارب جديدة في الكتابة تشكل اليوم، مادة مختلفة بغض النظر عن قيمتها وعن جوهريتها. ومع ذلك، لم يستطع الإتحاد اعتمادا على هذه القاعدة الجديدة، أن يبتكر لنفسه، أدوارا جديدة في المجال الثقافي. فبين نزوعه إلى الإهتمام بقضايا نقابية بحثة، وميله إلى التركيز على الإنتاج الثقافي، هناك اضطراب لم يستطع حتى الآن السيطرة عليه. وفي نظري فإن عدم التكيف مع الأوضاع الجديدة في البلاد وضعف الإنصات إلى الأجيال الجديدة من الكتاب، و انتفاء أدوار واضحة لهذه الجمعية، هو ما يجعلها اليوم تعيش أزمة يعبر عنها في أحيان كثيرة بطريقة في غاية السوء. الآن في ما يخص الأزمة التي حدتث بعد المؤتمر، لقد سبق لي أن خاطبت في هذا الشأن كل الأطراف المعنية بهذا الموضوع. وبصراحة فإنني أعتبر أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا المأزق، هي الدعوة إلى مؤتمر لا نكتفي فيه بتوزيع مناصب المسؤولية، بل نناقش فيه أيضا مستقبل الإتحاد وضرورة إيجاد دور حقيقي لأعضائه في الحياة الثقافية المغربية. وكل إجراء، لا يتوجه نحو أعضاء الإتحاد ونحو إشراكهم في مصير منظمتهم، ونحو تحميلهم مسؤولية إنعاشها والدفاع عنها، كل ذلك لن يزيد إلا في تفاقم الأزمة. إنني أعتبر أن فشل المكتب التنفيذي في احتواء هذه الأزمة وفي الإبقاء على الإتحاد منظمة ثقافية قوية وذات مصداقية. إن فشله، بكل أعضائه، يفرض عليه أن يتقدم أمام مؤتمر شرعي، وأن يترك هذا الموقع الذي لم يحسن تدبيره. وفي كل الأحوال، فإنني ضد أساليب أتبتت فشلها حتى في المنظمات الأكثر بيروقراطية في العالم. وجهة نظر : قرار الإقالة قرار جائر محمد بودويك «ما جرى ويجري منذ سنة بالتمام والكمال، أمر مشين بكل المقاييس، أمر لايقبل به امرؤ خبر تاريخ ومنجزات وأمجاد منظمة اتحاد كتاب المغرب الذي كان له لدى اتحادات الكتاب، في طول العالم العربي وعرضه، اعتبار خاص بالنظرالى مواقفه المشرفة، وانحيازه المبدئي الي قضايا التحرر والتقدم، وامتشاقه النقد الخلاق وسيلة لمساءلة الوضع العام ثقافيا وتربويا ومعرفيا وسياسيا واقتصاديا. وحينما تقدمت الى المكتب التنفيذي مرشحا مسنودا من صديقاتي وأصدقائي الكتاب المؤتمرين، فلأن طموحا بلا ضفاف كان يحدوني، والمتمثل في الانحياز - إسوة بأساتذتنا - الى أسئلة التقدم والديمقراطية والحداثة، ذلك ان الانتساب الى اتحاد كتاب المغرب كان مدعاة الى الاعتزاز والشعور بالامتلاء الوطني في بعده القيمي المأمول: بعد العدل والخير والحق والجمال. لكن، لأمر ما، سير بالمنظمة مباشرة بعد المؤتمر السابع عشر الى طريق غير سالكة لأن الطمع في الكعكة صار مادة الاجتماعات الاربعة التي طاف بها طائف الانفعال والسباب والصراخ على المواقع، خصوصا بعد ان انتهت الكتابة العامة الى الصديق الناقد عبد الفتاح الحجمري، واستقالة الصديق الشاعر الموساوي - لتلك الاسباب، فوجدها البعض مناسبة سانحة للتفكير في الانقلاب على المشروعية، وصدقية إرادة الكتاب التي قالت كلمتها في المؤتمر: التصويت الديمقراطي على المكتب التنفيذي . وتصويت المكتب التنفيذي علانية على الرئيس الذي هو عبد الحميد عقار بالاغلبية المطلقة (8 من أصل 9). نعم، حوسب عقار على تعدده التمثيلي هنا وهناك، وعلى انفراده في اتخاذ القرارات - والعهدة عليهم -. لكن الرأي الذي عبرت عنه في الإبان يمكن اختزاله كالتالي: لنعد ترتيب أوراق المكتب ثانية فيما يعني إسناد أمانة مالية الاتحاد الى من نتفق عليه من دون ان نمس بالرئاسة، ومن دون ان يعني هذا الكلام تكريس الزعيم، والتبويق لشخص بعينه، ولكنه يعني في البدء والختام: الانتصار للشرعية واحترام إرادة المؤتمر. هذه قناعتي، وتلك قيم أومن بها. وقد طلبت أن نمهل الرجل أشهرا معدودات حتى اذا تبين لنا مار مي به، آنذاك نجمع أمرنا ونتخذ مانراه قمينا بمصلحة الاتحاد. من هنا، واعتبارا لما سلف، فأنا أرى ان قرار إقالة الرئيس هو قرار جائر لايستند الى أساس، حتى ان الفصل الثامن من القانون الاساسي المفترى عليه، منطوقه بين لا لبس فيه: (يتخذ المكتب التنفيذي قراراته بالاغلبية)، ما يفيد مثلا: المصادقة على برنامج ثقافي، تكليف عضو او عضوين بمهمة ما، الاتفاق على تمثيلية المنظمة بعضو او أكثر في ملتقى او مهرجان خارج الوطن.. الخ. هذا هو منطوق ودلالة الفصل الثامن ، ولا علاقة له بالاقالة ولا بالانقلاب ولا بالاطاحة والاطراح ارضا! الآن، الافق القريب، المخرج السالك واضح وناصع، وهو عقد مؤتمر عام في أقرب الآجال، يدعى إليه كل اعضاء الاتحاد حول جدول أعمال مركز في نقطتين: 1- تعديل بعض البنود في القانون الاساسي درءا للثغرات والتأويلات. 2- استقالة المكتب التنفيذي الحالي، وانتخاب مكتب مسير جديد. مع خالض محبتي» لسنا حزبا للكتاب إدريس الملياني أنا ملك للأسطورة الجميلة لاتحاد كتاب المغرب، منذ أيام الدراسة الجامعية بكلية آداب فاس حيث كنت عضوا في مكتب فرع الاتحاد منذ عام 1968 ثم في مكاتب فرعية ومركزية عديدة. وعلى امتداد كل السنوات اللاحقة لم أحد قيد أنملة عن الاعتقاد بهذه الأسطورة الجميلة. الاتحاد عقلنا الجماعي وقلبنا المشترك وبيتنا الرمزي الذي فيه نختلف، نتحاب، نتوادد، نتباعد ونتقارب ونتفاعل، ولكننا نحرص دائما على هذا البيت كما نحرص على حنايانا. وما وقع أخيرا ربما كان متوقعا، وربما جاء متأخرا. وقد لا يكون السبب راجعا إلى حسابات ذاتية ضيقة الأفق، ولا إلى نزوة فردية عابرة. الاتحاد أكبر من هذا الجرح الصغير الذي يمكنه أن يلتئم بسهولة لو وجد حكمة القلب والأنامل الرؤوم وسعة الإرادة الفاعلة. وبعيدا عن الإدانة والاتهامات الآنية التي لاتجدي في رأب هذا الصدع بما تربينا عليه في مجتمعنا السياسي الثقافي من نكران للذات وإقصاء للأنانية المفرطة والمصالح المغرضة. الآن، الاتحاد كتراث ثقافي لجميع المثقفين لا يحتمل أية أزمة كيفما كانت أسبابها ودواعيها. والدرس الذي ينبغي أن نخرج منه جميعا هو أن المثقفين قادرون على فتح مساحات ومسافات واسعة للحوار والنقاش. وهذا سيعتبر سحابة صيف بالنسبة لمنظمة ثقافية أثبتت قدرتها على المقاومة في عز سنوات الرصاص. وأثبتت كذلك استمراريتها واستقلاليتها وديمقراطيتها واستقرارها أيضا. في الثقافة القوة الحقيقة للمواجهة هي الهشاشة. نحن، كوضع ثقافي هش، قوتنا ربما هي هذه الهشاشة التي تأسست على التعدد والاختلاف. نحن لسنا حزبا للكتاب. نحن كتاب وللاتحاد ماض قوى سيضعه، لا محالة، بعد هذه النزلة، في المستقبل. ضرورة مؤتمر ليوم واحد حسن نجمي تسألني ما الذي يجري في اتحاد كتاب المغرب؟ وشخصيا لم أحضر أشغال المؤتمر الأخير لاتحاد الكتاب لأعرف منطلق المشكل الذي سرعان ما اندلع عقب انتخاب المكتب التنفيذي. مع ذلك، تابعت كما تابع الجميع سيرورة المجابهة القانونية والإعلامية بين أغلب أعضاء هذا المكتب وعزلة رئيس الاتحاد الأستاذ عبد الحميد عقار. كان واضحا أن الرئيس ارتكب جملة أخطاء في تدبير المؤتمر، وتحديدا في تدبير حملته الانتخابية، خصوصا ما يتعلق بخوضه «المعركة الانتخابية» لوحده ولحسابه الشخصي مثل رئيس جماعة قروية. هيأ لائحته الخاصة وأقصى منها بعضا من الأعضاء الذين اشتغلوا معه في ولايته الأولى - كما علمت - ما اضطر الآخرين أن يترشحوا داخل قاعة المؤتمر ففازوا وأصبحوا معه داخل الجهاز وضدا على رغبته. كما علمت أنه رفض تغيير أسلوبه السابق في التدبير، ورفض التنازل عن إرادة الجمع بين كل اختصاصات أعضاء المكتب التنفيذي، أي رفض تفويض المهام لأهلها... إلخ. وكانت القطيعة منذ المنطلق. مهما يقال أو يكتب، شخصيا أعتبر أن الأستاذ عبد الحميد عقار أخفق في استيعاب الخلاف، وعطل مسيرة اتحاد كتاب المغرب لمدة سنة، وكان حريا به أن يقدم استقالته في الوقت المناسب حين تبين له أن الأمور لم تتقدم كما أراد لها وكما خطط لها وأنه بقي أعزل تقريبا في مواجهة العاصفة. ولم يفلح حكماء الاتحاد وعلى رأسهم أستاذنا الجليل أحمد اليبوري، الرئيس الأسبق للاتحاد، ولا الأستاذ الشاعر محمد الأشعري، الرئيس الأسبق، ولا الأستاذ الصديق عبد اللطيف كمال في ثنيه عن النهج المتشدد تجاه أعضاء كان يُفترض أن يشتغل معهم فرفضوه في شبه إجماع تقريبا، وذلك إلى حد تفضيله الإقالة على الاستقالة! في العمق، المشكل كان قد بدأ خلال الولاية الأولى للأستاذ عبد الحميد عقار، وربما مباشرة بعد انتخابه في المؤتمر ما قبل الأخير. لقد كان على الدوام رئيسا ستالينيا، وأعطى عدة أمثلة على أنه لا يصلح لأن يكون الرجل الأول كما كان صالحا دائما كرجل ثان أو ثالث يعرف كيف ينفذ ويحرص على جوانب وتفاصيل التنفيذ. ولا أحتاج إلى أن أقدم الوقائع العديدة التي أعرفها جيدا. ينبغي أن أعترف شخصيا في هذا المقام بأنني أتحمل المسؤولية الكاملة في اقتراح اسم عبد الحميد عقار لرئاسة الاتحاد، وأعتذر اعتذارا صريحا عن اقتراف هذا الخطأ في حق الاتحاد وأعضائه. كما أعتذر للإخوة الذين اعترضوا منذ طرحت اسمه، فقد كانوا يعرفونه أفضل وأعمق مني، وخبروه أكثر مني. فالرجل الذي كان يبدو لي موضوعيا، بدا فجأة متلهفا على مآدب اللئام. والرجل الذي قلت بأنه سيصون لكل المكونات حقها في اتحادها، تصرف برؤية شخصية ضيقة غادرة ولئيمة. لم يكن وفيا على الإطلاق لا لتاريخ الاتحاد، ولا لزملائه من الرؤساء السابقين، وللذين توجوه «عريسا» في «الزفة». لقد كان عقار رئيسا سيئا، ولن يخدعنا أحد ممن يثمن الآن شخصه أو «نزاهته» في بعض أعمدة الصحف ممن أكلوا وشربوا على مائدة الحملة الانتخابية غير المسبوقة. إن سياق هذه الشهادة التي طُلب مني الإدلاء بها (في هذا الملف) لا يسمح لي بأن أقول كل شيء، فقد تأتي الفرصة في مستقبل الأيام إن شاء الله. لكنني أقتسم الرأي السديد مع الأخوين محمد الأشعري وأحمد اليبوري بخصوص المخرج من هذه اللحظة المأزومة، وذلك بعقد مجلس إداري للاتحاد يناقش هذا الوضع، ونخرج منه بقرار عقد دورة استثنائية للمؤتمر تنتخب مكتبا تنفيذيا جديدا ينبثق عنه رئيس جديد، رئيس آخر غير الرئيس الحالي الذي فشل فشلا ذريعا، وأساء الى صورة الاتحاد، بل أضر بصورة المثقف المغربي، وصورة الأديب المغربي ضررا بالغا بكل أسف. علينا أن نعقد مؤتمرا ليوم واحد على أساس أرضية واحدة ذات طابع تنظيمي وقانوني لاستدراك ما ينبغي استدراكه، وترميم الصورة، وتقوية المنظمة الجديرة بالاحترام والاعتبار.