في غياب أي حل جذري، وفي ظل استمرار الميوعة والابتذال بين أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب، الذين كان من المفروض أن يسيروا هذه المؤسسة، وأن يعيدوا لها الإشعاع، الذي افتقدته من زمان، تظل لغة البيانات هي السائدة بين أعضائهخصوصا بعد أن انقسموا على أنفسهم بعد انتهاء أشغال المؤتمر، الأخير، للاتحاد، وتقديم الشاعر جمال المساوي لاستقالته، بعدما لم يجد الجو الملائم والصحي للاشتغال داخل هذه المؤسسة، وتظل العطالة الثقافية هي ميزة الاتحاد طيلة سنة كاملة، وتمريغ صورة المثقف والكاتب المغربي في الأرض، هي الصورة القوية للمشهد الثقافي هذا العام. اعتقد العديد من المثقفين أن البيان الأخير للأعضاء الخمسة: عبد الرحيم العلام، وحسن بحراوي، ومصطفى النحال، وسعيد عاهد، وهشام العلوي، أنه هو خاتمة البيانات السابقة من كلا الطرفين المتخاصمين، حول تسيير الاتحاد، خاصة أنهم أعلنوا فيه عن رغبتهم في تدبير شؤون الاتحاد بشكل جماعي، لكن الأعضاء الثلاثة الآخرين أصدروا يوم الجمعة بيانا آخر، يفضحون فيها ممارسات وآلاعيب الأعضاء الخمسة الآخرين، الذين يقدمون أنفسهم بشكل رسمي، على أنهم القيمون على اتحاد كتاب المغرب. وجاء في البيان، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، "علمنا عبر جريدتي " الاتحاد" و" الخليج" الإماراتيتين ليوم الثلاثاء 10 نونبر 2009 أن الأمين العام المساعد للشؤون التنظيمية والمهنية للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، التقى في الدارالبيضاء بمن وصفهم "بأعضاء المكتب الدائم الجديد لاتحاد كتاب المغرب"، مؤكدا أنه "اطلع على الوثائق والقانون الأساسي للاتحاد" ومخبرا الصحافيين " بالتشكيلة الجديدة للمكتب الدائم لاتحاد كتاب المغرب، الذي أصبح كالتالي: حسن بحراوي رئيسا، مصطفى النحال كاتبا عاما، هشام العلوي نائب الكاتب العام، عبد الرحيم العلام أمين المالية....."، في حين عممت وكالة المغرب العربي للأنباء يوم 8 نونبر 2009 بلاغا يتحدث عن قرار الأعضاء الخمسة بالمكتب التنفيذي، القاضي ب" تدبير شؤون الاتحاد بطريقة جماعية". تبعا لذلك نستنكر المهمة السرية للأمين العام بالنيابة، ونعتبرها تدخلا سافرا وغير مشروع في شؤون اتحاد كتاب المغرب، الحريص دوما على استقلاله الثقافي والتنظيمي والتدبيري والمالي، هذا الإقحام الجديد للاتحاد العام في قضايا اتحاد كتاب المغرب، يمثل سابقة خطيرة تستجدي شرعية يرفضها الكتاب والكاتبات بالمغرب جملة وتفصيلا". وأضاف البيان أن الأعضاء الثلاثة الموقعين عليه وهم: عبد الحميد عقار، رئيس الاتحاد، وعبد الفتاح الحجمري، الكاتب العام، ومحمد بودويك، المستشار المكلف بالإعلام، يدينون بشدة التضليل والكذب على الرأي العام الثقافي في العالم العربي، الواردين في تصريح حبيب الصايغ بالقول " إن التسوية جرت باستقالة ودية لرئيس المكتب الدائم السابق عبد الحميد عقار"، علما بأن رئيس اتحاد كتاب المغرب لم يسبق له أن أعلن عن استقالته، بود أو بدونه، وإنما أدان ورفض الإقالة اللاشرعية، هو والعضوان الآخران، وتشبثوا باحترام إرادة الكتابات والكتاب المعبر عنها في المؤتمر 17، وبمحضري توزيع المهام طبقا للقانون الأساسي للاتحاد، وبالدعوة إلى عقد مؤتمر في أقرب الآجال، الأمر الذي أصبح مقبولا وموافقا عليه. وخلص البيان إلى تجديد رفض الأعضاء الثلاثة لإقالة رئيس اتحاد كتاب المغرب، والتزامهم بعقد المؤتمر العام، الذي دعوا إليه في أقرب الآجال، وأن يتولى المجلس الإداري في اجتماعه تدارس نقطة واحدة: تحديد تاريخ انعقاد المؤتمر وانتداب اللجنة التحضيرية له، وأكدوا على ثقتهم في أن "الكاتبات والكتاب حريصون على احترام إرادتهم المعبر عنها بحرية وديمقراطية، وغيرتهم على أن يظل اتحاد كتاب المغرب قويا موحدا بالشرعية الديمقراطية، وبإشعاعه وحضوره القوي والمنتظم في المشهد الثقافي". وأمام هذا السيل من البيانات، التي لا يستفيق الكتاب من واحد منها إلا ويفاجأوا بالثاني، عبر العديد من الكتاب والمثقفين ل"المغربية" عن استهجانهم لهذا الأسلوب، ولتلك البيانات التي فقدت روحها ولا حتى قوتها، من مؤسسة ثقافية، يبدو أنها كانت يجب أن تظل تحت وصاية الحزب، حتى لا تصل إلى ما وصلت إليه، وانتقدوا الوضع الذي آل إليه اتحادهم، الذي لم يعد يحظى بأي احترام لا في الخارج ولا في الداخل، وأنزل صورة الكاتب المغربي إلى أسفل المراتب. ففي كل الملتقيات، التي يحظرها الكتاب المغاربة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، ملتقى القاهرة للقصة القصيرة، لم يتوان الكتاب المصريون من السخرية على الوضع، الذي آل إليه اتحاد كتاب المغرب، الذي كان يفتخر على الدوام باستقلاليته وإشعاعه التاريخي، كما صرح بعض الكتاب المغاربة، الذين حضروا الملتقى. ماذا يجري داخل اتحاد كتاب المغرب؟ إنها قمة العبث والفوضى واللامسؤولية هي المستشرية، وتعبير عن أزمة أكبر من الإشكاليات التنظيمية، التي يتعارك بخصوصها الطرفان، كما صرح محمد الأشعري، وزير الثقافة السابق وأحد الرؤساء السابقين لاتحاد كتاب المغرب، الذي رأى أن الاتحاد تخلف عن مسايرة التحولات، التي عرفها المغرب على جميع المستويات بما فيها المستوى الثقافي، وبالتالي فقد منبريته وإشعاعه الماضي.