أقدم عبد الحميد عقار، رئيس اتحاد كتاب المغرب، المنتخب في المؤتمر الأخير، وعبد الفتاح الحجمري، الكاتب العام، في خطوة مفاجئة على تقديم استقالتهما من عضوية المكتب التنفيذي باتحاد كتاب المغرب، ومن مهامهما على رأس هذه المنظمة الثقافية العتيدةعبد الفتاح الحجمري، والشاعر محمد بودويك، ورئيس الاتحاد المستقيل،عبد الحميد عقار وذلك بعد مرور سنة على العطالة الثقافية، التي عاشها اتحاد كتاب المغرب، بعد مؤتمره السابع عشر، ودخول أعضائه في صراعات وخلافات انعكست سلبا على أداء الاتحاد وعلى سمعته، وإصدارهم للبيانات ثم البيانات المضادة، وطعنهم في بعضهم البعض، ودخولهم في سجالات لا متناهية وتعتبر هذه الاستقالة، مبادرة إرادية، كما عبرا عن ذلك في بيانهما، ولا يتحملان بعدها أية مسؤولية في ما يصدر باسم اتحاد كتاب المغرب، كما عبرا عن اعتزازهما بالثقة، والتجاوب المعبر عنهما، من الكاتبات والكتاب، ومن الرأي العام الثقافي المغربي، ووسائل الإعلام والاتصال، تقديرا منهم لتشبث هذين العضوين بالأفق الثقافي، وبأخلاقيات المسؤولية وبالشرعية الديمقراطية، وبالترفع عن التحامل والتشهير ومحاولة الإيذاء وخطاب الضغينة. كان بإمكان رئيس اتحاد كتاب المغرب المستقيل، حاليا، أن يقدم استقالته من البداية وأن يريح ويستريح، ولكنه، كما صرح سابقا، كان يفضل المصلحة الثقافية العامة على الخاصة، وكان يرجح مبدأي الشرعية والديمقراطية، والعضوين الآخرين اللذين كانا معه وتشبثا به، وهما عبد الفتاح الحجمري، ومحمد بودويك، الذي واجه العديد من الصعاب ودخل في مواجهات مع الأعضاء الخمسة الآخرين: عبد الرحيم العلام، وحسن بحراوي، ومصطفى النحال، وسعيد عاهد، وهشام العلوي، أو ما اصطلحت عليه الصحافة المغربية بالانقلابيين الخمسة، لكن بودويك يوجد خارج اللعبة الآن، لأنه فضل التشبث بمواقفه الأولى، ولم يرغب في التوقيع على بيان استقالة مملاة من جهات خارجية. وجاءت نتيجة لضغوطات وصلت حد اللجوء إلى المحكمة من طرف الأعضاء الخمسة، الذين كسبوا الرهان، واستطاعوا استعادة مفاتيح مكتب الاتحاد وسيارته ووثائقه الخاصة، التي كانت بحوزة عبد الحميد عقار، بقوة القانون، بعدما حاولوا مرارا وتكرارا، وعلى مدى سنة، وعبر وساطات، حل المشكل بشكل ودي. الشاعر محمد بودويك، المستشار المكلف بالإعلام في المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب، لم يستسغ الاستقالة، وقال في تصريح ل" المغربية" " لا أفهم هذه الاستقالة الآن، بعدما حاول الأعضاء الخمسة إقالة عقار في السابق. إنه تنازل وخضوع، لا أستسيغه، لأنه كان من الممكن أن يقدم استقالته من البداية وأن يريح الجميع، أما أن يتخذ الآن هذا الموقف، فهو غير مفهوم. إنها استقالة في غير محلها لكونها غير ذات معنى، لأنها جاءت عقب إقالة. كان من الأنسب والأليق، والأكثر حكمة أن يتمهل الرئيس ريثما ينعقد المجلس الإداري يوم 16 يناير المقبل، للدفاع عن أطروحته، في أفق عقد المؤتمر الذي دعونا إليه". وأضاف بودويك أن الاستقالة كانت مفاجئة بالنسبة إليه وغير موضوعية، لأنه متشبث بالشرعية، ولأن عقار أربك كل الحسابات، وأربك سلاسة العملية، التي كانوا يراهنون عليها، وهي عقد اجتماع المجلس الإداري، والحسم في عقد مؤتمر استثنائي أو مؤتمر عادي، يتداول فيه المؤتمرون الشأن الثقافي العام، ودور المنظمة راهنا ومستقبلا، وانتخاب مكتب تنفيذي جديد، يعهد إليه تدبير شؤون الاتحاد وإدارة السؤال الثقافي الملح الآن. وحول استمراره لوحده بعدما استقال العضوان الآخران، اللذان كانا يشكلان معه قطبي النزاع داخل هذه المؤسسة، مع الأعضاء الخمسة الآخرين، ذكر بودويك أنه يعتبر أن عضويته في المكتب التنفيذي لا نقاش فيها، وأنه سيحتكم فقط إلى القرارات، التي ستصدر عن المجلس الإداري، الذي تقرر عقده في 16 يناير من السنة المقبلة. وفي ظل هذا الوضع المتردي للاتحاد، وعزوف أغلب المثقفين المغاربة عن هذه المنظمة، ذات المجد التليد، أصبح الأعضاء الخمسة برئاسة عبد الرحيم العلام، هم الذين يسيرون شؤون اتحاد كتاب المغرب، في انتظار عقد اجتماع المجلس الإداري، وهو ما اعتبره الأعضاء الخمسة نجاحا، لأنهم استطاعوا كسر شوكة الرئيس عبد الحميد عقار، الذي استسلم في نهاية المطاف، بعدما رفض إقالته في السابق، ورفض حتى تسليم مفاتيح المكتب، ولا حتى سيارته، التي كانت باسمه، بدل أن تكون باسم الاتحاد، ورفض كل التدخلات، وكان يشهر راية العصيان لإملاءات الأعضاء الخمسة. لكن السؤال الأساسي لا يكمن في من الرابح ومن الخاسر، بقدر ما يكمن في السؤال الحقيقي للثقافة المغربية، وفي المآل الذي آلت عليه، على أيدي مجموعة من الأشخاص، الذين يغلبون المصالح الشخصية على المصالح العامة، إنه درس حقيقي للأعضاء الخمسة ولباقي أعضاء الاتحاد، فهل سينهض اتحاد كتاب المغرب بعد هذه السقطة المدمرة، وسيعود له إشعاعه، أم ستظل دار لقمان على حالها؟