شهد الحزب الاشتراكي الموحد بجهة فاس، في الآونة الأخيرة، اهتزازات نجمت عنها عدة انسحابات بسبب التحالف مع حزب الاستقلال لتدبير الشأن المحلي بالعاصمة العلمية للمملكة. ورفض المنسحبون تجربة التحالف مع عمدة فاس حميد شباط، معتبرين أن هذا التحالف ألحق أضرارا بالغة بالحزب وسمعته ولم يقدم إلا إيجابيات قليلة. وكان الحزب قد دخل في هذا التحالف منذ بداية الولاية المحلية الجارية، أي منذ سنة 2002. وبرر القرار بفتح المجال أمام المستشارين الجماعيين (2) للحزب بالمدينة لاكتساب الخبرة في تدبير الشأن المحلي وتمكينهما من الاطلاع عن قرب على الملفات والقضايا الأساسية التي تهم المواطنين، والاستجابة لبعض تطلعات ومطالب الساكنة على مستوى الأحياء. لكن معارضي التجربة يقولون إن هذه التبريرات لا تصمد أمام الواقع، نظرا للحصار المضروب على مستشاري الحزب بالرغم من تواجدهم في الأغلبية الحاكمة. ويشيرون إلى أن الاستجابة لمطالب الساكنة لم ترق إلى المستوى المطلوب. ويرى هؤلاء بأن الرابح الأكبر في هذا التحالف هو عمدة المدينة الاستقلالي حميد شباط والذي نجح في تسويق تجربة عموديته عبر مصداقية الحزب الاشتراكي الموحد. وتثير هذه المشاركة حساسية بالغة لدى المعنيين بها. فقد فضل أغلب الفاعلين المحليين في الحزب تأجيل الحديث الإعلامي حول هذا الموضوع إلى موعد لاحق. وأشار هؤلاء في اتصالات أجرتها «المساء» معهم إلى أن الحديث عن هذه المشاركة وتقييمها يحتاج إلى قرار جماعي من قبل المسؤولين الجهويين والوطنيين للحزب، لأن قرار المشاركة هو، في نهاية المطاف، قرار حزبي وجماعي. وفي تقييمه لقرار المشاركة في تدبير شؤون فاس إلى جانب العمدة شباط، قال فريد أمغار، المستشار الجماعي للحزب بالمدينة والنائب السادس للعمدة، إن الحزب الاشتراكي الموحد اتخذ قرار المشاركة في تدبير الشأن المحلي نتيجة الحجم الذي بدأ الحزب يتخذه في المجتمع المغربي. وأضاف بأن قناعة «رفض المعارضة من أجل المعارضة» هي التي أملت هذا التحالف «مع حزب وطني هو حزب الاستقلال». وذكر أمغار بأن مشاركة الحزب في هذه التجربة أثارت انتباه الرأي العام المحلي «لأن بصماتنا ظهرت بشكل كبير في هذه التجربة». ونوه أمغار بالمشاريع التي أنجزت ووصفها بالكبيرة، معتبرا بأنها كانت اجتهادا من «مناضلينا في المسؤولية». لكنه أشار إلى أن إنزال بعض المشاريع على أرض الواقع تعرض للتشويه والتحريف. وفي مقابل إشادته بالتجربة الجماعية لفاس وإنجازاتها، انتقد أمغار التسيير الفردي للمجلس من قبل العمدة شباط. وقال إن هذا المجلس الذي دافع في التصريح ذاته عن مكاسبه لا يجتمع ولسيت هناك نقاشات، «وهذا يعني أن المشاريع لا تتبلور في ما بين أعضاء المكتب». وأفاد في الوقت نفسه بأن جدول أعمال جميع دورات المجلس، وهي التي تعتمد المشاريع الكبرى التي تحدث عنها، تعقد خارج المؤسسة. وأورد أن العمدة شباط لا يحضر إلى مكتبه بالمجلس ولا يحترم القانون الداخلي للمؤسسة. وفي السياق ذاته، قال محمد مجاهد، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد حول موضوع هذا التحالف، إن قرار المشاركة في الأغلبية بالمجلس الجماعي لفاس، إلى جانب الاستقلالي حميد شباط، هو قرار اتخذ من قبل «الإخوان في فاس». وأضاف في تصريح ل«المساء» أن تحالفات المستشارين الجماعيين للحزب على الصعيد الوطني لم تكن قرارا مركزيا، وإنما كانت فيها الشروط المحلية هي الغالبة. وأشار مجاهد إلى أن المستشارين الجماعيين للحزب الذي يترأسه في فاس ساهموا في المرحلة الأولى في التسيير، لكنهم نظموا حملة بعد ذلك للتنديد ببعض السلوكات في التدبير لما طرح سوء التسيير. لكن معارضي هذه التجربة يستخفون بمثل هذه الطروحات، معتبرين أن هؤلاء المستشارين لم ينسحبوا من الأغلبية الجماعية. وهو ما أقر به محمد مجاهد حين قال في ذات التصريح إنهم فعلا لم ينسحبوا، «ولكنهم يدخلون في مواجهات حينما يرون سوء التسيير». وأضاف أن هناك تواصلا دائما مع المواطنين للتنديد ببعض الخروقات. أما المعارضون فينفون وجود أي تواصل بين الحزب والمواطنين بخصوص هذه التجربة، ويقولون إن الحزب لم يعقد أي لقاء لتقييم المشاركة في الأغلبية والنظر في اختلالات المدينة وتدبير شؤونها.