توجت جيهان البحار في مهرجان طنجة بجائزة النقد وجائزة أحسن سيناريو عن فيلمها القصير «الروح التائهة»، الذي لقي اهتماما ملفتا من جانب الجمهور والنقاد، وعبر عن توجه جديد لسينمائيين مغاربة شباب يطمحون إلى تغيير حقيقي وإخراج السينما المغربية من شرنقة محدودة وخانقة دخلتها مؤخرا. في هذا الحوار تحكي جيهان البحار عن فيلمها وأشياء أخرى. - نود في البداية أن نتعرف على تجربتك في مجال السينما؟ بعدما حصلت على الإجازة في مجال السمعي البصري من جامعة ابن مسيك في الدارالبيضاء، كتبت مجموعة من الأفلام التلفزية وأيضا الأفلام الطويلة وشاركت في عدد من ورشات الكتابة، سواء في المغرب أو خارجه، كما قمت أيضا بتكوين قصير في مجال الأشرطة الوثائقية في فرنسا، قبل أن أتعلم المونتاج في مدرسة ورززات. والحصيلة هي أنني قمت بإخراج ثلاثة أفلام قصيرة، واحد منها أشارك به في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم القصير، والشريط الأخير سبق أن عرض في المهرجان المتوسطي للفيلم القصير مؤخرا في طنجة، والذي تدور أحداثه حول قصة امرأة تعاني من مرض خطير وهاجسها الوحيد هو أن تبحث عن زوجها الضائع. - ما هي الأفلام التي ساهمت في كتابة سيناريوهاتها؟ على مستوى الأفلام التلفزية هناك فيلم «للأزاوج فقط» مع حسن بنجلون، وفيلم عادل الفضيلي «حد الصداقة»، أما بخصوص الأفلام الطويلة فهناك فيلم سعد الشرايبي «بين الأمس والغد»، الذي حصل على الدعم مؤخرا، وحاليا نحن بصدد كتابة سيناريو لأحد الأفلام الطويلة التي ستكون من إخراج محمد عبد الرحمان التازي. - ما هي الرسالة التي كنت تودين توجيهها إلى الجمهور من خلال فيلم «الروح التائهة»؟ نحن دائما نرى في الشارع رسامين تشكيليين يرسمون لوحات فنية، لكن في المقابل لا يتم تقدير هذه الأعمال حق قدرها، فالفيلم عبارة عن تكريم لهذا الرسام، وإن كانت كلمة تكريم أقل ما يمكن أن يقال عنه. ورغم أن الفكرة كانت تراودني منذ سنين، فإنني لم أستطع أن أترجمها على شكل سيناريو، إلى أن حان موعدها، فكانت بمثابة تكريم بسيط لهذا الفنان كما سبق وأن قلت. - ما هي المدة التي استغرقها إنجاز هذا الفليم القصير؟ مدته العملية يومان، واحتجنا إلى زيادة يومين آخرين من أجل أخذ بعض الصور التي كان يدور حولها الفيلم. - هل حصلت على دعم مالي من المركز السينمائي لتمويل هذا الفليم؟ مع الأسف لم يكن بإمكاني الاستفادة من الدعم من المركز السينمائي المغربي، لأنني لا أتوفر على البطاقة المهنية التي تخول لي ذلك، لهذا كان من الضروري أن أبحث عن شركة للإنتاج من أجل احتضان الفليم. - ماذا يمكن أن تقولي عن الأفلام المعروضة في المهرجان؟ في الحقيقة لا أستطيع تقييم الأفلام المعروضة في هذا المهرجان، أولا لأن طبيعتي ككاتبة سيناريو تجعلني أتابع قصة الفيلم، فإذا أثارتني فإنني أتابعها إلى النهاية، لكنني مع الأسف تتبعت القليل من الأفلام وليس كلها. - في نظرك، ألم يحن الوقت لإنتاج أفلام سينمائية عائلية يمكن للأسر المغربية أن تشاهدها في قاعات السينما بدون حرج، خصوصا في ظل البذاءة المستشرية في عدد كبير من الأفلام المغربية؟ في نظري، لا يمكن أن نفرض على المخرج في مجال السينما خصائص معينة من قبيل إخراج أفلام سينمائية عائلية، لأن الفن هو قضية شخصية ولا يمكن أن نقول إن هناك فنا للأسرة، فهناك مثلا التلفزة التي تفرض قوانين ينبغي أن تخضع لها الأفلام، حيث تشتمل هذه الأفلام على مجموعة من الخصائص، التي تسمح من خلالها أن تشاهدها العائلة مجتمعة، أما في مجال السينما، فالمسألة شخصية في نظري، وكل مخرج ينظر إلى الأمور من زاويته. - ما رأيك في الدعم المقدم من قبل المركز السنيمائي للأفلام المغربية مقارنة مع الدول الأوربية؟ أنا أفضل ألا تكون هناك مقارنة على هذا المستوى مع الدول الأوربية لا على مستوى الدعم ولا حتى على مستوى جودة الأفلام المعروضة، لأن السينما المغربية مازالت في بداياتها الأولى ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، وضعها في خانة المقارنة مع غيرها. لكن ما يمكن أن أقوله هو أن اللجنة المكلفة بتقديم الدعم للأفلام، قبل أن تمنح دعمها تعمل على تقييمها، وهنا يطرح السؤال: هل تتوفر هذه اللجنة على الخصائص التي تجعلها قادرة على تقييم الأفلام؟ وفي اعتقادي أن الأشخاص الذين يشكلون هذه اللجنة تكون لديهم نظرة ذاتية للأفلام، ومن الصعب الحديث في هذا المجال عن الموضوعية، رغم ما يقال عن كفاءتهم وتجربتهم في هذا المجال. - لماذا اخترت إنتاج فيلم قصير؟ الشريط القصير فن تجريبي لمجموعة من الأشياء التي تستطيع أن تكررها في مدة قصيرة ولا يمكن أن تمددها، لأن القصة تحتاج تلك المدة الزمنية، ولم أتجه إلى الإخراج لأنني لم أكن أرغب في ذلك. واخترت كتابة السيناريو لأنني أحس أنه أقرب إلي وأستطيع التعبير من خلال ما أكتب بالصوت والصورة. - ما هي الخلفيات التي تنطلقين منها في أعمالك؟ أعمالي تنطلق من الأحداث التي تقع داخل المجتمع التي ليست مرتبطة بي فقط، بل ترتبط بما يحدث داخل المجتمع، من خلال مشاهدة ما يجري داخل الحياة. - يبدو من خلال أفلامك أنك متأثرة بالسينما الأوربية؟ فعلا أنا معجبة بالسينما الإيطالية، بحكم أن قصصها قريبة منا وتعجبني طريقتهم في الإخراج وفي كتابة السيناريو، لكن الفنان دائما يبحث عن أسلوب معين. وشخصيا يشدني الأسلوب السريالي ولا أدري ما إذا كنت سأمضي في هذا الاتجاه في الأعمال المقبلة. - لماذا اخترت هذا التوجه؟ هذا ذوق خاص بي لأن هذا النوع يجمع بين الخيال والواقع. - هل أنت الآن بصدد نقل النموذج الإيطالي؟ لا أبدا، أنا أبحث عن أسلوبي الخاص، ورغم أنني تأثرت بالأفلام التي شاهدتها فإنني لن أنقل ذلك حرفيا، وأتمنى أن أصل إلى مستواهم.