لم يكتف المنعشون العقاريون بالامتيازات والإعفاءات التي منحت لهم في قانون مالية السنة الجارية من أجل إعطاء دفعة قوية للسكن الاجتماعي الذي لم توقع أي اتفاقية بشأنه في السنتين السابقتين، بل يتطلعون إلى تحرير عقار عمومي كي ينجزوا مشاريعهم، غير أنه يبدو أن السلطات العمومية قد حزمت أمرها على ألا توفر ذلك العقار إلا لمن يريد الانخراط في مشروع السكن ب 140 ألف درهم. المنعشون العقاريون يدفعون بأن إنجاز السكن الاجتماعي، خاصة في محور الدارالبيضاء – الرباط، سوف يكون جد مكلف، خاصة في ظل دفتر التحملات الذي يفرضه التوجه الجديد لذلك النوع من السكن الاجتماعي، سيما أن متوسط سعر العقار يصل إلى 1500درهم في ذلك المحور، كما أوضح ذلك علمي لزرق رئيس مجموعة "إليانس العقارية"، مما يرفع التكاليف، غير أن السلطات العمومية لا ترى من مخرج لتوفير العقار سوى حل مشكل مخططات التهيئة، التي تحول في الوضع الحالي دون تعبئة وتجهيز العقار من أجل توفير السكن في المغرب، في ظل العجز الذي وصل إلى مليون وحدة في السنوات الأخيرة، والذي يرتقب تقليصه إلى حوالي النصف في السنوات القادمة. في الندوة التي عقدتها أسبوعية « لا في إيكو» الخميس الماضي بالدارالبيضاء، زف وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، خبرا سعيدا لكل من يهمه أمر العقار في المغرب، حيث سوف ينشر «أطلس» مخططات التهئية في المغرب، لكن الوزير ما لبث أن استدرك ليؤكد أن ذلك لا يحل المشكلة، على اعتبار مخططات التهيئة في المغرب قد يستغرق وضعها و دخولها حيز التنفيذ، حوالي 35 عاما في بعض الأحيان، مشددا في ذات الوقت على أن المشكل لا يطرح على مستوى وضع المخططات، بل يثور أكثر حين التطبيق. وفي الوقت الذي يلح المنعشون العقاريون على تحيين مخططات التهيئة و تبسيط المساطر الخاصة بالحصول على الرخص، ويشتكون من ندرة العقار في المدن، يرى خبير في العقار، تابع مجريات الندوة، أن معركة العقار سوف تقع في السنة الجارية، معتبرا أن ثمة رصيدا عقاريا مهما في المغرب، لكن يفترض في نظره التخفيف من إكراهات مخططات التهيئة. ليس العقار هو المشكل الوحيد الذي يؤرق المنعشين العقاريين، فرئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين يوسف بنمنصور، شدد على أن القطاع يعاني من صعوبات على مستوى الولوج للقروض البنكية، حيث إن وتيرة ارتفاع القروض العقارية لم ترتفع في السنة الفارطة سوى ب 10 في المائة، علما أنها تمثل 30 في المائة من مجموع القروض الموجهة للاقتصاد، لكن بينما يتحدث بنمنصور عن انتقائية في تعاطي الأبناك مع ملفات المنعشين، يعتبر أحمد رحو، الرئيس المدير العام للقرض العقاري و السياحي، أن الأمر لا يعدو أن يكون نوعا من الحذر في ظل تراجع إنتاج السكن .فكلفة المخاطر ارتفعت في السنة الفارطة، مما فرض على البنوك توخي نوع من الحيطة والحذر حتى لا تساهم في تكوين فقاعة عقارية. وفي الوقت الذي عبر بنمنصور عن انزعاج القطاع من طلبات العروض التي اتخذت في المغرب بعدا دوليا من أجل جذب مستثمرين أجانب، مشددا على أن طلبات العروض يفترض أن تقتصر على المنعشين المغاربة، اعتبر احجيرة أن ثمة حاجة مرتبطة بتوفير السكن ب 140 ألف درهم فرضت إطلاق تلك الطلبات، علما أن العديد من المنعشين العقاريين، خاصة الكبار منهم، لم يبدوا اهتماما بذلك النوع من السكن، الذي يدخل، حسب ما أوضحه الوزير، في إطار الاستجابة لمطلب التضامن. وعاد الحديث مرة أخرى عن «النوار»، الذي اعتبره، احجيرة، ظاهرة مجتمعية في المغرب، تخترق أغلب القطاعات، فهو يعبر عن سلوك للتملص الضريبي، غير أنه ألح على أن ثمة توجها لمحاصرة «النوار»، وهذا ما ترمي إليه بعض الإجراءات التي يتضمنها البرنامج الجديد الخاص بالسكن الاجتماعي الذي تضمنته مقتضيات قانون مالية السنة الجارية، الذي يرتقب أن يعطي أولى نتائجه في سنة 2013، مما سيساهم، حسب الوزير، في معالجة العجز الذي يعرفه المغرب على مستوى السكن.