تشير آخر المعطيات، التي توفرت في دجنبر الماضي، إلى تباطؤ وتيرة نمو الاستثمارات في قطاع العقار في المغرب، حيث وصل النمو إلى 9.9 في المائة، هذا في الوقت الذي راهنت فيه التوقعات على نسبة نمو في حدود 16 في المائة، بحيث لم تتعد تلك الاستثمارات 70 مليار درهم. واعتبر مصدر مطلع من وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية أن من بين أسباب الركود الذي ميز قطاع العقار، ما أصاب الطاقة الادخارية للأسر المغربية من استنزاف، مما يفرض في تصوره إطلاق دينامية جديدة، على غرار ما كانت قد أقدمت عليه حكومة إدريس جطو حين دعمت الطلب، عبر الزيادة في الأجور في القطاع العام والمغادرة الطوعية وإحداث صندوق فوكاريم لضمان قروض ذوي الدخول المحدودة ومن لا دخل قار لهم. وفي الوقت الذي لم يجر التوقيع فيه على أية اتفاقية بين الدولة والمنعشين العقاريين من أجل إنتاج السكن الاجتماعي، وعدم توفير عرض يستجيب للقدرة الشرائية للطبقة المتوسطة في المغرب، لم تر وزارة الاقتصاد والمالية مبررا للاستجابة لمطالب الفيدرالية الوطنية للعقار عبر قانون المالية للسنة الجارية، حيث يبدو أن السلطات العمومية قد قررت الكف عن دعم هذا القطاع، اعتقادا منها أنه حقق أرباحا كبيرة في السنوات الأخيرة، ولا مجال لمنحه تحفيزات إضافية. وتوقع البنك المركزي، في تقريره الشهري الأخير عن السياسة النقدية، أن تعرف القروض العقارية تباطؤا في وتيرة نموها، حيث يتوقع أن تتراجع تلك الوتيرة السنوية من 46.3 في المائة في 2008 إلى 15.2 في المائة في 2009، موضحا أن القروض العقارية وصلت في 2008 إلى 153 مليار درهم، مقابل 119.9 مليار درهم في 2009، مراهنا على أن تصل في السنة الجارية إلى 176 مليار درهم. وأعلن بنك المغرب، في الأسبوع الماضي، عن اعتزامه تكوين مؤشر لتتبع تطور أسعار العقار في المغرب عبر اتفاقية أبرمها مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، بحيث يرتقب أن يوفر هذا المؤشر معطيات حول أسعار العقار، خاصة في ظل الركود الذي يعرفه القطاع، والذي ساهم فيه ارتفاع الأسعار إلى مستويات تتحدى القدرة الشرائية للأسر المغربية. وفي سبيل إعطاء دينامية جديدة للطلب، تنكب السلطات العمومية على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع لدمج صناديق ضمان السكن في المغرب في صندوق واحد، بحيث يشمل تدخله الطبقة المتوسطة، فصندوق الضمان السكني، كما يوضح ذلك مصدر من الوزارة، والذي تجري الاستعدادات لإطلاقه، سوف يضمن اقتناء السكن من قبل المنتمين إلى الطبقة الوسطى والذين تصل دخولهم الشهرية إلى 8000 درهم. وتقدر وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية عدد الشقق التي يفترض توفيرها للطبقة المتوسطة في المغرب ب81 ألف شقة في السنة . و أتاحت المعطيات التي توفرت لوزارة الإسكان والتنمية المجالية تحديد حاجيات الطبقة المتوسطة سنويا من الشقق في 81 ألف شقة، بحيث يفترض أن يتركز الإنتاج في السنوات القادمة على الشقق التي يتراوح سعرها بين 30 و90 مليون سنتيم، كما دأب على التشديد على ذلك الوزير احجيرة في الفترة الأخيرة. غير أن مصدرا تابع النقاشات على مستوى اللجان الوزارية التي تداولت حول صندوق الضمان السكني، والذي ينتظر أن ترصد لتدخلاته 300 مليون درهم سنويا، يعتبر أن هذا الصندوق سيكون غير ذي معنى إذا لم تتفاعل معه الأبناك بشكل إيجابي، حيث يلاحظ أن هذه الأخيرة تساوي على مستوى معدلات الفائدة بين أولئك الذين يطلبون قروضا تحظى بضمانة الدولة وبين من لا يستفيدون من الضمانة، وهو يعتقد أن عدم إخضاع القروض المضمونة لأسعار فائدة مخفضة من شأنه أن يفرغ الصندوق من الهدف الذي وجد من أجله.