- بداية، ماذا يمكن أن تقولي للجمهور المغربي الذي ينتظر ويتساءل عن جديدك الفني؟ أول شيء أود الإشارة إليه هو أنني حينما أحل بالمغرب، أحس أن شيئا ما يجذبني ويتملكني شعور غريب بالانتماء، وفيما يخص مشاريعي الفنية الجديدة، فقد انتهيت من وضع آخر اللمسات على ألبوم جديد يحمل عنوان «الدنيا في الميزان»، له طابع خاص وجديد على مستوى المواضيع التي ناقشتها، في هذا الألبوم أحاول أن ألامس جميع الشرائح المجتمعية. ومن جهة أخرى، نحن نناقش إمكانية تصوير أغنية بطريقة الفيديو كليب مع مخرج مغربي. - ما هي طبيعة هذه المواضيع؟ هي مواضيع متعددة، فكرت أن أخصص هذا الألبوم الذي كتب كلماته خالد فكري، لنجوم الخفاء الذين يشتغلون بصمت، باعتبارهم أبطال المجتمع، هؤلاء أتذكر كلما استرجعت لحظات طفولتي صورهم الجميلة، ففي أغنية «دادا هنية» نسلط الضوء على تلك المرأةالمتميزة التي توجد في كل دوار أو حارة مغربية تقوم مقام الطبيب، في أيديها تكمن البركة والشفاء، فكل من أصابه مرض ما لجأ إلى هذه المرأة، هي امرأة تستحق منا أكثر من تكريم، بالإضافة إلى رسم ملامح تلك المرأة الجميلة، حاولت، في هذا الألبوم الذي يضم ست أغاني، أن أركز على صورة الخادمة ومعاناتها. - هل كان ذلك تأثرا وتوثيقا لمحنة الطفلة زينب التي اتهمت قاضيا وزوجته بتعذيبها؟ أنا أناقش القضية بصرف النظر عن الأشخاص، ودون أن أسمي أحدا، في المغرب كثيرات من هن مثل زينب يعانين من الألم والعذاب، هناك العديد من الفتيات ضحايا المجتمع الذي أصبحت تطغى عليه الطبقية التي لا ترحم حتى براءة الأطفال وحقهم في الحياة بشكل طبيعي. إلى جانب هاتين الأغنيتين، أقترح على الجمهور المغربي أغنية «يا ولدي»، هي أغنية تحمل العديد من الرسائل المجتمعية والفكرية والسياسية والدينية بأسلوب جديد. - الملاحظ أن هذه الأغاني لا تحمل الجانب العاطفي الذي غالبا ما يميز الأغاني الشبابية، هل يمكن القول إن تحول سعيدة إلى أم لأبناء وجهها إلى القضايا المجتمعية بدل الجوانب العاطفية الصرفة؟ هذا يتوقف على ما تقصده بالجوانب العاطفية، فالعاطفة حاضرة بشكل قوي في أعمالي، هناك عاطفة الأم هناك وحب الله، أما إذا كنت تقصد الجانب العاطفي، فأنا أعتقد أنها مسألة شخصية خاصة بالفنان، ولا أرى سببا في أن يشاركها مع أحد. - الملاحظة الثانية التي تبرزها عناوين أعمالك هي أنها تحمل قضايا، هل هذا يعكس نظرتك للفن كوظيفة، بعيدا عن الأشياء التي تقدم باسم الفن؟ يجب أن أوضح نقطة مهمة في اختياراتي الفنية، وهي أنني أنطلق في أعمالي من تجربتي الخاصة، ولا أعتمد على أسلوب الفكرة والتخيل، فالتجربة تكون دائما منطلقي، وأحاول في هذه الأغاني أن أشارك أصحاب القضايا المطروحة همومهم وأحاسيسهم الخاصة، من جهة ثانية، هناك اتجاهان في التعاطي مع الفن، الأول يركز فيه الفنان على الموضوع والأسلوب الذي يعيد له ما صرفه من مبالغ، أما الثاني وهو الذي أنتمي إليه، فينطلق من الفكرة التي يحس بها، ولا يهمه منطق الربح والخسارة، بقدر ما يهمه تفاعل الجمهور مع فنه. - كيف تعلقين على ابتعاد القنوات الوطنية عن الأغاني الملتزمة مجتمعيا وتعاطيها بشكل قوي مع الأغاني التي تقدم نفسها كأغاني شعبية؟ في هذه النقطة، يجب أن نتوقف قليلا، ونتساءل معا، حينما نحضر مهرجانا فنيا ونجد أن الأغاني الشعبية تلقى إقبالا كبيرا من لدن الجمهور المغربي، فهل هذايعني أن الفن ساقط بالفعل رغم الإقبال، أم أننا مطالبون بإعادة تصورنا لهذا الفن؟هذا سؤال كبير يجب أن نبحث له عن جواب. - لنعد إلى الألبوم، هل أنتجته شركة خاصة أم أنك اعتمدت على وسائلك المادية الخاصة؟ مسألة الإنتاج مسألة صعبة للغاية، يعاني منها الفنان المغربي، وأوضح أن أغلب أعمالي أنتجها من مالي الخاص، وهذا أمر صعب، قد أتمكن من تدبر أمر إنتاج الأغنية، لكن العارفين يحتاجون إلى ميزانية مهمة. - ألا يجعل تكرار التجربة مسألة إنتاج ألبومات مستقبلا صعبة؟ هذا أمر واضح، وهنا أستغلها مناسبة لأقول إنه لولا إلحاح بعض الأصدقاء علي لما أنتجت، وأفتخر بحب المغاربة الذين ألحوا علي بالاستمرار وساندوني، وأشعر بالفخر وأنا أتواصل معهم. - في ارتباط بالإكراهات، كيف ترسمين ملامح وضعية الفنان المغربي؟ أعتقد أن الفنان بطبيعة إحساسه المرهف لا يستحق الوضعية التي يعيشها، لا يستحق «التكرفيس» الذي يعيشه، أعتقد أن الفنان العصري والفنان الشعبي وأصحاب الموجة الموسيقية الجديدة لهم الحق، على الأقل، في الدعم المعنوي، إذا استحال الدعم المادي، ويجب أن يحترم ما يقدمه الفنان المغربي. - بعيدا عن الهواجس، ما موقفك من اقتراح المشاركة في عمل سينمائي محتمل؟ هذا متعلق بما سأقدمه في العمل السينمائي، فإذا كان العمل لا يخرج عن نطاق اشتغالي وينسجم مع مبادئي، فلا أرى مانعا من ذلك، الفنان سواء كان سينمائيا أو مطربا أو رساما يبقى في الأول والأخير فنانا. -كثيرا ما يعيد البعض التساؤل حول أسباب الهجرة من المغرب، ما تعليقك؟ هذا موضوع ناقشته وخضت فيها في العديد من اللقاءات الصحفية والتلفزيونية، من بينها برنامج نوستالجيا الذي كان يعده ويقدمه رشيد نيني، إذن فلا أعتقد أنه يمكن أن أضيف شيئا آخر. - وهل زالت موانع قرار العودة، إذن؟ أعتقد أن رجوعي للمغرب بدأ يأخذ طابعا تدريجيا، وحقيقة أنا أحن للرجوع إلى بلدي، مع التأكيد أن قرار العودة ليس قرارا شخصيا، وإنما هو قرار أسري ولا يتوقف على سعيدة فكري لوحدها.