من أكثر التصرفات التي تزعج الآباء والأمهات اكتشافهم كذب أبنائهم بمناسبة وغير مناسبة، لكن ما يجهله جل الآباء هو أن معظم الأطفال يكذبون بين وقت وآخر، وأن لهذا السلوك أسبابا كثيرة. فقد يلجأ الطفل للكذب كوسيلة يتعرف من خلالها على ما يمكن أن يحدث، أو قد يتعمد الكذب كي ينجو من العقوبة، وقد يميل للتضخيم والمبالغة بغرض التباهي، أو عدم قدرته على التفريق بين الحقيقة والخيال، لاسيما قبل الالتحاق بالمدرسة. فما هي الوسائل التي يجب على الأمهات اتباعها مع أطفالهن عندما يكذبون؟ وماذا يفعلن لمنعهم من ذلك؟ ينصح علماء الاجتماع الأم التي تضبط طفلها وهو يكذب بأن تلتزم الهدوء، وعدم إكراهه على قول الحقيقة لأن هذه الطريقة تجبر الطفل على الكذب مرة أخرى لينجو من الموقف، ومن الأفضل في مثل هذه الحالات مواجهة الطفل بطريقة ايجابية، بمعنى ألا نطلق لفظ «أنت كاذب» أو انتقاد الطفل، لأن مثل هذا الأسلوب يدفع الطفل إلى الانتقام، ويقلل من التقدير، وبدلاً من ذلك تستطيع الأم أن تقول له بكل هدوء: « أنا أعرف أن الذي تقوله غير صحيح والكذب غير مفيد، وتعالى لنتحدث في الأمر»، مع محاولة معرفة الأسباب التي دفعته للكذب، وبأن تستخدم أسلوب التأديب المناسب، وبألا يغفل الأب والأم بأن الصدق في تعاملهما من شأنه أن يقدم لأطفالهم القدوة في التعامل معهما ومع الآخرين. والأمر المهم الذي يجمع عليه علماء الاجتماع النفسي هو ضرورة تلبية حاجات الطفل، سواء أكانت جسدية أم نفسية أم اجتماعية، لأن الكثير من مواقف الكذب تنشأ نتيجة افتقاده لهذه الحاجات وعدم تلبيتها. وعلى الآباء أن يقوموا بالدور الأكبر في معالجة أطفالهم، فعندما يكذب الطفل أو المراهق ينبغي على الآباء أن يكون لديهم الوقت الكافي لمناقشة هذا الموضوع مع أبنائهم وإجراء حديث صريح معهم لمناقشة الفرق بين الكذب وقول الصدق، وإبراز أهمية الأمانة في التعامل في البيت والمجتمع، ومن المهم أن يعرفا ما إذا كان الكذب عارضا أم عادة عند طفلهم، وهل هو ناجم بسبب الانتقام من الغير أو أنه دافع لا شعوري أو مرضى عند الطفل، كما أن عمر الطفل مهم في بحث الحالة حيث ان الكذب قبل سن الرابعة لا يعتبر مرضا، ولكن علينا توجيهه حتى يفرق بين الواقع والخيال، أما إذا كان عمر الطفل بعد الرابعة، فيجب أن نحدثه عن أهمية الصدق، ولكن بنوع من المحبة والعطف ودون تأنيب أو قسوة. كما يجب أن نكون على درجة من التسامح والمرونة، ويجب أيضا أن نذكر الطفل دائما بأنه قد أصبح كبيرا ويستطيع التمييز بين الواقع والخيال.