هناك ظاهرة تؤرق الأمهات، خوفا من أن تصبح عادة لا يمكن اقتلاعها، وهي خاصة بالسرقة عند الأطفال، ويتساءلن، باستمرار، عن السبب الذي يدفع أطفالهن إلى السرقة.يرى أخصائيو التربية أنه يجب، أولا، فهم الدوافع في كل حالة على حدة، وفهم الغاية التي تحققها السرقة في حياة كل طفل، حتى يمكن إيجاد حل مناسب لظاهرة تكون في بدايتها بريئة وعادية، لأنه من الطبيعي جدا، أن يرغب الطفل في أخذ أي شيء يشد انتباهه. غير أن الطفل، وهو يتجاوز الخامسة من عمره، يجب أن يدرك أن الاستيلاء على شيء ليس ملكه، هو أمر خطأ، وهنا، ينبغي على الوالدين أن يعلموا أطفالهما حقوق الملكية لأنفسهم وللآخرين، على أساس أن يكون الآباء هم القدوة أمام أبنائهم. وللسرقة عند الأطفال دوافع كثيرة ومختلفة، لذا، يجب أولا فهم هذه الدوافع، كأن يسرق الصغير بسبب الإحساس بالحرمان، أو الجوع، أو يسرق لعب غيره، لأنه محروم منها، أو قد يسرق النقود لشراء هذه الأشياء. كما أنه قد يسرق تقليدا لبعض الزملاء في المدرسة، دون أن يفهم عاقبة ما يفعل. لكن إذا تطور الأمر، فسيصبح عادة يصعب الإقلاع عنها، حتى لو كان في غير حاجة إلى السرقة، بل فقط لأنها تشعره بنوع من القوة والانتصار، ولكي يظهر شجاعته للأصدقاء. وقد يبدأ الأطفال في السرقة بدافع الخوف من عدم القدرة على الاستقلال، فهم لا يريدون الاعتماد على أي شخص، لذا، يلجأون إلى أخذ ما يريدونه عن طريق السرقة. كذلك، قد يسرق الطفل بسبب وجود مرض نفسي أو عقلي، أو بسبب انخفاض الذكاء ما يجعله سهل الوقوع تحت سيطرة من هم أكبر منه، قد يوجهونه نحو السرقة. رغم كل هذه الحالات، على الآباء أن يدركوا الأسباب الحقيقية، وإذا انتفى دافع الحاجة، يجب أن يعوا أن الأمر يتعلق برغبته في مزيد من الرعاية والاهتمام. ففي هذه الحالة، قد يعبر الطفل على غضبه بالسرقة، التي تصبح عنده بديلا للحب والعاطفة. وإذا تمكن الوالدان من اتباع الإجراءات التربوية السليمة، فإن السرقة ستتوقف في أغلب الحالات، عندما يكبر الطفل. وينصح أطباء الأطفال بأن يقوم الوالدان بما يلي عند اكتشافهم لجوء ابنهم إلى السرقة: - إخبار الطفل بأن السرقة سلوك خاطئ. - مساعدة الصغير على دفع أو رد المسروقات. - التأكد من أن الطفل لا يستفيد من السرقة بأي طريقة من الطرق. - تجنب إعطائه دروسا تظهر له المستقبل الأسود، الذي سينتظره إذا استمر على حاله، أو نعته بأنه إنسان سيء أو لص. - توضيح أن هذا السلوك غير مقبول، بالمرة، داخل أعراف وتقاليد الأسرة والمجتمع. كما لا ينبغي على الوالدين إثارة الموضوع مرة أخرى، من أجل مساعدة الطفل على بدء صفحة جديدة. فإذا كانت السرقة متواصلة، وصاحبها مشاكل في السلوك أو أعراض انحراف، فإن السرقة، في هذه الحالة، تنذر بوجود مشاكل أكبر خطورة في النمو العاطفي للطفل أو دليل على وجود مشاكل أسرية. وعادة ما تتكون لدى الطفل الذي اعتاد السرقة، صعوبة في الثقة بالآخرين، وبدلا من إظهار الندم على هذا السلوك المنحرف، فإنه يلقي اللوم على الآخرين، الذين يرى فيهم أنهم حرموه من شيء هو بحاجة إليه. هنا، يجب عرض هؤلاء الأطفال على الأخصائيين والأطباء النفسيين، المتخصصين في مشاكل الطفولة، من أجل تقييم الأسباب المختلفة لهذا السلوك، والشروع في علاج متكامل، للطفل وللأسرة، التي يجب مساعدتها في تدعيم الطفل في التغيير، للوصول إلى سلوك صحيح، فى مراحل نموه المختلفة . علاج السرقة عند الأطفال يقتضي، أيضا: - توفير الضروريات اللازمة للطفل، من مأكل وملبس مناسب لسنه. - مساعدة الطفل على الشعور بالاندماج في جماعات سوية، بعيدة عن الانحراف، في المدرسة، وفي المنزل، وداخل المجتمع بوجه عام. - توفير ظروف عيش للأبناء، في وسط عائلي يتمتع بالدفء العاطفي بين الآباء والأبناء. - احترام ملكية الطفل وتعويده على احترام ملكية الآخرين، وتدريبه على ذلك، منذ الصغر، مع مداومة التوجيه والإشراف. - عدم الإلحاح على الطفل للاعتراف بأنه سرق، لأن ذلك يدفعه إلى الكذب، فيتمادى في سلوك السرقة والكذب. - توضيح مساوئ السرقة، وأضرارها على الفرد والمجتمع.