قصة إنسانية مؤثرة عن رحلة بحث عن الأب لا تزال مستمرة منذ ما يقرب من خمسين سنة حكاها ل«المساء» عبد اللطيف الحيحي. المعطيات المتداولة تفيد بأن «لحسن الحيحي» الذي كان يقطن في العاصمة الإسماعيلية توفي، لكن الأبناء لا يعلمون أي شيء عن تاريخ الوفاة وملابساتها، ويجهلون أي شيء عن قبره للترحم عليه مثل جميع الناس، في حال ما إذا صحت معطيات الوفاة، فيما كشفت وثيقة صادرة عن رئيس جماعة مكناس بأن «لحسن الحيحي» لا يتوفر على رسم ولادة أو رسم وفاة. وجاء في مراسلة الجماعة الحضرية «أنه في إطار تعميم الحالة المدنية تقدمت السيدة فطومة بنت أحمد الوكيلي بطلب، بتاريخ 3 يونيو 1969، لتسجيل أبنائها من زوجها الراحل لحسن، والتي صرحت، آنذاك، بأن زوجها غير خاضع لنظام الحالة المدنية ومزداد بسوس من أبيه أحمد بن عبد الرحمان الحيحي وأمه عائشة بنت محمد، فتم تسجيل الأبناء وسلم لها كناش الحالة المدنية عدد: 69/1/7041». وأكدت الجماعة أن «لحسن الحيحي لا يتوفر على رسم ولادة أو رسم وفاة». وقال عبد اللطيف الحيحي ل«المساء» إن هناك احتمال أن يكون والده الذي اختفى في ظروف غامضة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، على قيد الحياة، وهو يريد فقط أن يعرف الحقيقة. الأب كان من تجار سوس، وكان فقيها وله مكانة في الزاوية التيجانية، ومول المقاومة وجيش التحرير. وكان الأشقاء الأربعة أطفالا صغارا، حيث عانوا الفقر والتشرد. وتبنت إحدى الزوجات (تزوج والدهم أربع زوجات) أكبرهم سنا، قبل أن يغادر الدراسة في المستوى الابتدائي، وأصبح مصيره رعي المواشي بمنطقة «سبت جحجوح» بنواحي مكناس. وأرسل تجار يتحدرون من منطقة سوس شقيقين للميتم الخيري بسيدي سعيد بوسط المدينة. وأشار الابن، الذي قرر مواصلة معركة الأشقاء للكشف عن ملابسات اختفاء الأب، إلى أن والدتهم كانت قد أنجبت طفلا من زوج آخر قبل أن تتزوج والدهم، وركزت اهتمامها على هذا الطفل، حيث كبر وأصبح من الأثرياء في المدينة. ووجد الأشقاء صعوبات بالغة في إقناع والدتهم بالحديث عن كل ما يتعلق بوالدهم، وبقي الغموض يلف القضية بعدما انتقلت الأم إلى دار البقاء قبل حوالي سنتين. «كان والدنا يزورنا مرة كل شهر، حيث كان يسكن مع زوجته الأولى ب«سبت جحجوح والتي ليس له منها أولاد، وكان معها اثنان من إخوتي، أحدهما وصل إلى مستوى الشهادة الابتدائية، والثاني لم يلج المدرسة»، يقول عبد اللطيف، الموظف في قطاع الصحة بالمدينة، قبل أن يضيف:»لقد التحقت بدوري بالملجأ الخيري بسيدي سعيد بواسطة بعض التجار السوسيين، وكان ذلك سنة 1961». وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي، اكتشف الأشقاء بمحض الصدفة عقد زواج الأب والأم ورسائل من الزاوية التيجانية باسم والدهم، وبعض الوثائق الضريبية التي تزيل اللثام عن بعض ممتلكات الأب مع أحد شركائه. وقال عبد اللطيف الحيحي، وهو يطالب الجهات المختصة بفتح تحقيق في ملابسات القضية والكشف عن مصير الأب، إن الحالة المدنية التي توفرت للأبناء تتضمن معطيات «مزيفة» ولا تحمل أي رقم ولا رسم.