كانت وجهتنا من مدينة سطات نحو مزارع نواحي برشيد، استقلينا في جو بارد سيارة نفعية من نوع بيكوب ، وكان انشغالي طيلة الرحلة بحالة السائق ومرافقيه اللذان كانا في الخلف المكشوف للبيكوب والبرد القارس يلفح وجوههما، وعلى محيا الجميع كانت حالة الغضب بادية، وكان ينعكس ذلك على سائق السيارة «رشيد» الذي كان يقود في صمت ويحاول قدر الإمكان الإسراع بنا للوصول إلى المزرعة، وأنا بجانبه كنت احذره في كل لحظة بضرورة توخي الانتباه والحيطة خاصة أن الطريق الوطنية رقم 9 تعرف حركة انسيابية هائلة من العربات المختلفة العابرة من الاتجاهين، ولم أدر كيف أحالتني اللحظة وأنا في حالة شرود نحو ما تخلفه حرب الطرق من مآسي بسبب السرعة وعدم الانتباه، اقتربنا من مدينة برشيد وسلكنا بعدها مسلكا ترابيا عبر دوار ادرانة يمينا، قطعنا حوالي سبع كيلومترات نحو منطقة تسمى الفايضة بدوار العيايطة، توقفت عجلات السيارة أمام مزرعة شاسعة تمتد حسب مرافقيي على مساحة عشرين هكتارا مزروعة بنبتة النعناع في طور القطف، وكان صاحب الضيعة، يعطي أوامره للعمال في انفعال ظاهر ويحثهم بالإسراع بإتمام عمليات الحش لشحن الكميات المقطوفة على متن شاحنتين مركونتين بجانب الضيعة في انتظار إتمام شحنهما بكميات كبيرة من النعناع مهيأة للتصدير إلى دول الاتحاد الأوربي عبر مطار محمد الخامس، بينما تحلق مجموعة من المزارعين حول السيارة التي كانت تقلنا، يتناقشون بغضب شديد أزمة النعناع. وكان بديهيا أن أتساءل عن أسباب هذا الغضب الجلي على هؤلاء المزارعين، اقتربت من أحدهم أخبرني بعد التحية أن اسمه حسن بن الطالب سألته لماذا كل هذا الغضب وكان بإمكانك اختيار بديل عن زراعة النعناع من المزروعات الفلاحية المختلفة؟ ، فأجابني بنبرة حادة يغلب عليها الحزن والأسى بقوله: كبرت في حضن هذه الحرفة وعشقتها واكتسبت دراية وخبرة فيها لكن «آش بغاو عندنا هذا الناس؟ هذه الحرفة قتلوها ، وصبحو عائلات كيتمعشو منها مهددين بالضياع». النعناع لا يمكن تصديره دون إجراء تحاليل مخبرية أشار حسن بن الطالب، مزارع ومصدر لنبتة النعناع إلى دول الاتحاد الأوربي وأمريكا الشمالية، أن النعناع مادة حيوية تجارتها تعيد على المغرب أرباحا وإيرادات مهمة من العملة الصعبة، مبرزا أن النعناع لا يمكن تصديره للخارج دون المصادقة عليه وإخضاع عينات منه إلى مجموعة من التحليلات الطبية التي تثبت خلوه من بقايا المبيدات الطفيلية التي تستعمل ضد الحشرات والطفيليات، موضحا أن هناك عدة أنواع من المبيدات التي تستعمل لوقاية هذه النبتة تختلف من ثلاثة أيام إلى خمسة عشر يوما التي يقترحها الطبيب المختص، ويمكن للفلاح أن يجني منتوجه بعد انقضاء المدة التي يقترحها الطبيب، سواء ثلاثة أيام أو خمسة عشر يوما أو غيرها، وزاد بن الطالب أن الفلاح يقوم برش النعناع بتلك المبيدات وبعد انتهاء مدة مفعول المبيد يتم أخذ عينات من كل أنحاء الضيعة والذهاب بها إلى المختبر المختص من أجل إخضاعها لتحاليل مخبرية، وبعد إجراء هذه التحاليل المخبرية، يتبين أن النعناع خالي من آثار تلك المبيدات، وبعد ذلك يتم جني النعناع( حشه) وتسويقه سواء بالسوق الداخلي أو تصديره إلى الدول الأوربية وأمريكا الشمالية، وأبرز بن الطالب أنه قبل سنوات عدة كان الفلاح لا يتبع الوسائل القانونية والطريقة المثلى لوضع المبيدات التي تقضي على الطفيليات والحشرات التي تهاجم نبتة النعناع، أما في الوقت الحالي فأصبح الفلاح والمزارع لهذه النبتة يعرف الطريقة المتبعة من أجل رش الحقول بالمبيدات، مضيفا أن القطاع أصبح قطاعا منظما وليس مخصصا للاستهلاك المحلي بل حتى للتصدير حيث يتزايد الطلب عليه من دول مختلفة بالعالم، ويدر إيرادات مهمة من العملة الصعبة كما أنه يشغل مئات العائلات بالمغرب، وأن كل حرفي من الحرفيين الذين يعدون بالمئات كل واحد على حدة يشغل ما يزيد عن مائة عامل مياوم، كما أن القطاع بشكل موازي يشغل آلاف المغاربة الذين يمتهنون بيع النعناع بالتقسيط، بالإضافة إلى تنشيط حركة النقل سواء منها عبر الشاحنات المستعملة في النقل من المزارع إلى سوق الجملة بالدار البيضاء وغيرها من الأسواق بالمملكة و إنعاش القطاع لحركة النقل بواسطة الطائرات والتي تضخ أموال طائلة في حساب شركة الطيران بشكل يومي، وإنعاشه كذلك سوق مختلف المواد الفلاحية الضرورية من أسمدة و مبيدات وبذور، وزاد بن الطالب أن النعناع لو كانت له تأثيرات جانبية سامة فكيف لهذه الشركات الكبرى المختصة في صنع مجموعة من المواد الاستهلاكية كالعلك معجون الأسنان أدوية من الاعتماد عليه كمادة حيوية في صناعة هذه المواد التي يستهلكها المغاربة بشكل كبير؟، ووجه بن الطالب رسالة إلى الدكاترة والأطباء المختصين في التغذية بالرجوع إلى التحاليل المخبرية التي يخضع لها النعناع بالمختبرات المختصة قبل إصدار أحكامهم عن هذا المنتوج الذي ألفه المغاربة والذي يعتبر مشتركهم اليومي في جميع المناسبات. جهات تقف وراء هذه الحملة الشرسة ضد النعناع اقتربنا من مزارع، كان يطيل النظر في بحيرة النعناع القريبة منه، قطف منها كمية من النعناع ومضغها بنهم أمام أعيننا تعبيرا منه على سلامة النبتة من أي خطر، اقترب للسلام علينا، أنا أحمد أزهر وهذا النعناع صحي خال من الميكروبات ويمكن أن يتناوله أي شخص دون أن يؤثر على صحته، له فوائد صحية مهمة مضيفا «كون كان هاد النعناع فيه الميكروب ميخسرش عليه بنادم رزقو «، مبرزا أن الفلاحين يستثمرون مئات الملايين من السنتيمات، وأن القطاع كان يشغل مجموعة من العمال ويؤمن رزقهم، وبفعل مجموعة من الادعاءات التي بات يتداولها بعض الأشخاص» يخلصهم الله» أصبح هذا الدخل مهددا مما ينتج عنه تهديد العاملين بالعطالة، بعدما أصبح مستهدفا من طرف جهات معينة حتى أضحى تجارته مهددة في السوق الوطنية، في الوقت الذي تتهافت عليه مجموعة من الدول الأوربية، وأن الدعايات التي باتت منتشرة كالفطر بالمغرب جعلت المواطنين يبتعدون عن استعماله، الدري كيدخل كيلقى مو هازة قبطة النعناع باش تعمر براد أتاي كيقول ليها لوحيها، علاش كلشي من الدعايات حتى قتلوه، داعيا الجهات المسؤولة بالقضاء على هذه الإشاعات المغرضة، مبرزا أن عائلات كثيرة بالمغرب سواء بابن سليمان أو بني ملالسطات تؤمن قوتها اليومي من دخل هذه النبتة، مؤكدا أن تجارة هذه النبتة في نزول وتبور وأنها «وقفات»، متسائلا حول من وراء هذه الادعاءات أهي حسابات شخصية هدفها قتل هذه الزراعة وأن من وراء ذلك شركات منتجة للشاي للرفع من مبيعاتها في غياب استعمال مادة النعناع. الادعاءات سببت في نزول مبيعات النعناع وفي خضم النقاش الدائر تدخل محمد دكير المشهور بحمودة، بائع للنعناع بسوق الجملة قائلا: اقتني حمولة خمسة سيارات بشكل يومي من المزارعين، لتصريفها بسوق الجملة بالدار البيضاء، النعناع مادة حيوية يستعملها المغاربة بشكل كبير، وكانت التجارة تسير على ما يرام نسوق حوالي خمسين ألف «قبطة» في اليوم، أما اليوم فأصبحت بالكاد لا يتجاوز تسويقها عشرة آلاف «قبطة»، مشيرا إلى أن بعض الأطباء، يقول «سامحهم الله»، أصبحوا يبعدون المواطنين المغاربة عن استهلاك مادة النعناع بدعوى أنه يحمل بقايا مبيدات كيماوية ويتسبب في أمراض المعدة والأمعاء، وتابع غاضبا «واش النعناع دار ليه هاد الطبيب شي تحاليل، ولا غير داوي من راسو؟»، النعناع يضيف حمودة، أجدادنا كانوا يعيشون من هذه الزراعة، وهذه النبتة تؤمن العيش لحوالي خمسة مليون شخص، وهناك مزارعين يقومون بتصدير منتوجاتهم من النعناع إلى الدول الأوربية، وتضخ أموال طائلة لشركة الطيران. الرأسماليون وراء تراجع مبيعات النعناع التقينا أحمد رحمان أمين تجارة النعناع بسوق الجملة بالدار البيضاء، استقبلنا وتقاسيم وجهه لا تخلو من سمات التوثر والقلق، خاطبني لدينا تحاليل مخبرية تؤكد سلامة النعناع وخلوه من بقايا المبيدات ضد الطفيليات، هناك أكثر من ألفي تحليلة متوفرة لدينا، مبرزا أن النعناع لا يمكن أن يسوق أو يوجه للخارج إلا بعد إخضاعه للتحاليل الطبية المخبرية لإثبات خلوه من أي بقايا مبيدات، اليوم هاد الناس قتلو لينا الحرفة، مشيرا إلى أن مصانع الشاي وراء تراجع مبيعات النعناع وذلك بغرض الرفع من مبيعات منتوجاتها، مؤكدا على أن من يلتف حول هذا القطاع(فلاحة النعناع) اغلبهم أشخاص فقراء، وزاد رحمان «هاد الرأسماليين سايرين يقتلو فينا ما شي حشومة؟»، حتى انخفض بيع منتوجات النعناع من 160 ألف طن سنويا إلى النصف. وأمام الوضعية الكارثية التي شرحها المزارعون كل واحد من جهته وحسب طريقته، كان من اللازم علينا أن نبحث في هذا الموضوع ونطرح الأسئلة العالقة به على بعض المسؤولين سواء على مستوى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أو على مستوى المديرية الجهوية والاقليمية للفلاحة دون أن ننسى بطبيعة الحال وجهات النظر بعض الخبراء والباحثين وكذلك فعاليات من المجتمع المدني. تعريف نبتة نعناع البروج النعناع الأخضر المسمى نعناع البروج من الفصيلة الشفوية والمعروف باللغة اللاتينية (مينتا فيريديس) والأسماء المرادفة النعناع الأخضر، ليقامة، نعناع بلدي، ولنعناع البروج خاصيات تميزه عن باقي انواع النعناع فهو يتميز بنكهة قوية وسيقان تميل الى الحمرة واوراق خضراء داكنة ومنكمشة، كما يتميز هذا النوع من النعناع بطول النبتة عند النضج وقد تتراوح من نصف متر إلى متر في فصل الصيف، كل هذه الخاصيات هي ناتجة أساسا عن تداخل مجموعة من العوامل منها الصنف المغروس، التربة، ظروف المناخ، وإلى المهارات المحلية وطريقة الزراعة المتجدرة عبر التاريخ، وقد تم تصنيف نعناع البروج كمنتوج محلي بامتياز من خلال الدراسة التي قامت بها المديرية الجهوية للفلاحة بالشاوية ورديغة سنة 2010، وقد تم تعيين وتحديد المساحات المغروسة بالجهة بواسطة نظام تحديد المواقع الذي مكن من حصرها في 1797 هكتارا موزعة بين المناطق التالية ببني يكرين، أولاد اسعيد، لغنيميين، أولاد افريحة، البروج وبني يخلف بخريبكة. تنظيم القطاع بعد اختتام الدراسة الجهوية وتحديد مواقع الإنتاج انطلقت المديرية في تنظيم المنتجين داخل تعاونيات وجمعيات طبقا للتوصيات التي جاءت بها هذه الدراسة من أجل تنمية وتثمين منتوج النعناع، وفي هذا الصدد تم خلق ثلاث جمعيات بمناطق الإنتاج سنة 2010وهي على التوالي جمعية النور للإنتاج وتسويق النعناع بأولاد افريحة وجمعية الادريسية لإنتاج وتسويق نعناع البروج ببني يكرين باقليم سطات وجمعية الورقة الخضراء لإنتاج وتسويق النعناع بالغنيميين باقليم برشيد، وبعد ذلك تم تحويل جمعية الادرسية وجمعية الورقة الخضراء إلى تعاونيتين حاصلتين على الاعتماد من مكتب التنمية والتعاون، وبعد ذلك تم تأسيس تعاونيتين لإنتاج وتسويق النعناع بأولاد سعيد، بالإضافة إلى أن هناك تعاونية لإنتاج النعناع البيولوجي بابن أحمد بإقليم سطات. أنشطة الدعم والمصاحبة تأهيل وتقوية قدرات التنظيمات المنتجة من اجل تحسين جودة المنتوج، قامت المديرية الجهوية والإقليمية لفلاحة بمواكبة هذه التعاونيات وذلك بتزويدها بالأدوات والمعدات الفلاحية والعتاد التقني لتكثيف وتثمين المنتوج وبتنسيق مع المكتب الوطني للسلامة الصحية تم تزويد المنتجين بالأسمدة العضوية والمبيدات البيولوجية المرخصة لمنتوج النعناع، وذلك لتشجيعهم على إنتاج نعناع ذو جودة عالية خال من المبيدات حتى لا يشكل أي خطر على المستهلك سواء الوطني أو الأجنبي، أما بخصوص التأطير والتكوين فقد استفادت هذه التعاونيات من حيث التنظيمات تأطيرا وتكوينا وخاصة هناك تعاونيتين قد استفادت من برنامج المدارس الحقلية، الذي أنجزه المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بشراكة مع منظمة التغذية العالمي، ويتمحورهذا التأطير والتكوين حول الاستعمال المعقلن للمبيدات واستعمال الأسمدة العضوية لتحويل هذا الإنتاج العادي تدريجيا نحو الإنتاج البيولوجي، ولتمكين هذه التعاونيات من المشاركة في المعارض الوطنية والدولية والولوج إلى الأسواق الممتازة، قامت كل من المديرية الجهوية والإقليمية بدعم هذه التعاونيات بلوازم التعليب والعنونة لتثمين منتوج النعناع المجفف واستخراج الزيوت الأساسية، كما استعانت هذه التعاونيات من الرحلات إلى المناطق التي لها تجارب ناجحة في ميدان التعليب واستخراج الزيوت الطيارة، وخاصة الحدائق البيوعطرية المتواجدة بمراكش ومنطقة بني قريش بتطوان، كما استفادت بعض التعاونيات من البرنامج الوطني لإعادة التأهيل تحت إشراف وكالة التنمية الفلاحية بالرباط. تحويل المنتوج كانت تجربة تجفيف النعناع وتعليبه وعرضه ناجحة في النسختين للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس وكذا المعارض الجهوية بمختلف مناطق المملكة(اكادير، وزان، فاسالحسيمة، سطات، خريبكة، الرباط)، كما شاركت تعاونيتا(الادريسية والورقة الخضراء) في المعرض الدولي للفلاحة بباريس والأسبوع الأخر ببرلين، والمعرض الدولي بأبو ظبي، كما شاركت جل التعاونيات المنتجة للنعناع في الملتقى الجهوي الأول والثاني للنعناع بمدينة سطات خلال سنة 2013 و2015. جهة الشاوية ورديغة أول جهة منتجة ومصدرة للنعناع بالمغرب تعتبر جهة الشاوية ورديغة أول جهة منتجة ومصدرة للنعناع بالمغرب وذلك نظرا لوجود شبكة مهمة من مصدري النعناع بالمنطقة (برشيد، اولاد سعيد، سيدي العايدي)، بحيث يصل معدل الكمية المصدرة من النعناع الأخضر الطري على مدار عشر سنوات ب5066 طن، كما يأتي النعناع في المرتبة الثانية بنسبة 21 في المئة من مجموع صادرات المغرب للنباتات العطرية والطبية برسم سنة 2012-2013 حسب إحصائيات المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات، ويمثل تصدير النعناع المجفف نسبة ضئيلة جدا2 في المئة ويمثل الاتحاد الأوربي السوق الرئيسية لاستقبال صادرات المغرب من النعناع (فرنسا، اسبانيا، هولندا، بلجيكا، ألمانيا) بالإضافة إلى كندا، وحتى يتسنى مان مطابقة النعناع المغربي لتوقعات وانتظارات الأسواق الدولية وجب القيام بالإجراءات التالية: تتبع اقتفاء الأثر عند وحدات التلفيف وذلك لحث المنتجين على استعمال السجل الفلاحي داخل الضيعات لتسجيل جميع العمليات خلال مراحل الإنتاج، الاستعمال المعقلن للمبيدات البيولوجية المرخصة، استعمال وسائل حماية بيولوجية بديلة محل المبيدات. قوة قطاع النعناع من بين نقط قوة النعناع الأخضر كونه صنف ايكولوجي جد مطلوب من طرف المستهلك المغربي، معرفة محلية، إرث حضاري غني، مع يد عاملة شابة مؤهلة تعمل بالتنظيمات المهنية، قطاع يتميز بالطلب المتزايد وخاصة فيما يتعلق بمشتقات النعناع، تواجد وحدة خاصة بتقطير النباتات العطرية والطبية جد متطورة بمناطق الإنتاج، تواجد مناطق الإنتاج بالمحور الرئيسي للطرق وقريبة من مطار محمد الخامس، وجود شبكة مهمة بالمنطقة تشتغل على تصدير النعناع وتتقن قنوات التسويق. استعمالات النعناع يستعمل مشروب أوراق النعناع كمنعش ومهدئ للأعصاب وكمسكن موضعي وعلاج للصداع كذهان للجبهة، وتقوية المعدة وتحسين الهضم، ويضاف زيت النعناع الى معجون الاسنان وفي الصناعات الغذائية والدوائية ومستحضرات الزينة والتجميل، وماء النعناع الناتج عن التقطير يستخدم في تعطير المشروبات وصناعة الحلويات.وبعد الزيارات الميدانية في جل مناطق الإنتاج المتواجدة بجهة الشاوية ورديغة اتضح أن معظم المنتجين استفادوا من التأطير عن قرب وتأهيلهم لتسويق النعناع على المستوى المحلي والأجنبي، وأصبحوا جد ملزمين بمكافحة آفات النعناع بالاستعمال المعقلن للمبيدات المرخصة للنعناع، واستعمال المكافحة البيولوجية المذكورة حفاظا على صحة وسلامة المستهلك، لذا فوفق المتتبعين لزراعة النعناع فإنه ليس هناك أي تخوف من استعمال النعناع وهذا جاء نتيجة مجهودات مبذولة من طرف المديرية الجهوية والإقليمية للفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. كيفية مكافحة الآفات وحسب مصادر مطلعة من المديرية الجهوية للفلاحة بسطات فإنه من خلال الأبحاث التي أجريت بمنطقة سطات اتضح أن هناك مشاكلا صحية للنعناع، تتمثل في آفات تصيب هذه الزراعة تتوزع بين آفات حشرية كالدودة الثاقبة، المن، ألتيس، وآفات مرضية تتمثل في البياض الدقيقي، الصدأ(مرض فطري)، وكذلك آفات الحلزون والليماس، بالإضافة إلى الأعشاب الضارة. بالنسبة للحشرات: أولا يجب الجمع بين الزراعات التالية بالنسبة للنعناع(الذرة، البطاطس، البصل) بعد كل ثلاث سنوات، ثانيا التنويع الزراعي بتنويع النعناع مع زراعات اخرى مثل الثوم، الشيبة، البسباس، الحبق، البصل، السالمية، يزير، ثالثا استعمال الحشرات المفترسة خاصة الدعسوقة، بالإضافة إلى استعمال محلول الصابون الأسود والذي يتجلى مفعوله في إغلاق مسام التنفس لدى الحشرات، واستعمال الباكتيريا مثلا نيميكس آو باكتوسبان، أو استعمال محلول الحريقة والذي يرش على الأوراق بعد تصفيته. بالنسبة للأمراض: إلى جانب تنويع الزراعات يجب استعمال زيوت مستخلصات النيم، ومستخلصات النخاس ضد الصدى ومحلول الحريقة، والكبريت في حالة قصوى للآفات.بالنسبة للحلزون والليماس: يجب استعمال الرمل وبقايا النجارة الى جانب المزرعة مما يصعب معه وصول الحلزون إلى النعناع، استعمال ماء جافيل، تحديد القطعة المزروعة بالجير، أما بالنسبة للأعشاب الضارة فيجب الجمع باليد، استعمال البلاستيك الأسود. أما بالنسبة لمكافحة هذه الآفات بالمبيدات التي يدعي البعض بأنها ملوثة و لها آثارا سلبية على منتوج النعناع، وهو الشيئ الذي جعلنا نتصل بعبد المجيد مرزاق، رئيس مصلحة المنتوجات المحلية سابقا بالمديرية الجهوية للفلاحة بالشاوية ورديغة ونستفسره عن ما يتم تداوله حول الاستعمال المفرط للمبيدات لمحاربة الآفات المضرة بالنعناع ؟ أو استعمال بعض الأقراص لمكافحة القوارض كالفئران (دوا الفار)مثلا؟، فأجاب أن كل هذه في الحقيقة إشعاعات مغرضة لتلويث سمعة المنتوج ،لأنه حسب تصريح أغلبية المنتجين، فهذه الأقراص لا تصلح بتاتا للنعناع، كما يجب الإشارة أن جلهم منخرطون داخل تعاونيات أو جمعيات استفادت من التأطير المكثف حول الاستعمال المعقلن سواء من قبل المديرية الجهوية والإقليمية للفلاحة أو المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وعن كيفية حل معضلة بقايا المبيدات بالنعناع؟، أشار مرزاق أنه تمت بلورة قانون ينظم بقايا المبيدات بالمواد الفلاحية والغذائية بما فيها منتوج النعناع ، كما تم ترخيص مبيدات ذات مدد قصيرة قبل الجني وتطابق متطلبات السوق الأوروبي ، كما تم توجيه من خلال الدورات التكوينية المكثفة على اعتماد الوسائل البيولوجية لمحاربة الآفات المضرة بالنعناع. ويعتبر تشجيع إنتاج النعناع البيولوجي من التدخلات الايجابية لتحسين جودة المنتوج، وبخصوص الإجراءات التي يجب اتخاذها لتثمين المنتوج وإعطائه المكانة المميزة التي يستحقها؟، أبرز مرزاق أنه من بين الإجراءات التي يجب اعتمادها لتثمين وتحسين جودة المنتوج هي حث المنتجين على احترام المدة الفاصلة بين رش المبيد والجني مع استعمال المبيدات البيولوجية والمرخصة لمنتوج النعناع، خلق سجل داخل الضيعات لتدوين جميع المعلومات حول المبيد المستعمل وكذا جميع العمليات التي يقوم بها المنتج داخل حقول النعناع طبقا لقانون 28-07 ، ترميز المنتوج عبر إعطائه علامة مميزة للمنشأ والجودة، العمل على تحويل المنتوج من خلال التجفيف أو استخراج الزيوت الطيارة، تنظيم كل التعاونيات المنتجة داخل تجمع ذو نفع اقتصادي يعمل على إيجاد السبل الكفيلة من أجل تسهيل عملية التسويق والبحث عن أسواق سواء داخل المغرب أو خارجه. مضيفا أن هناك مشروعا في إطار مخطط المغرب الأخضر، ستستفيد التعاونيات المنتجة للنعناع من مشروع الدعامة الثانية يخص بالأساس تكثيف وتثمين منتوج النعناع الأخضر بقيمة تقدر ب13,7 مليون درهم ويشمل هذا المشروع إحداث وحدتين لتثمين المنتوج : الأولى بجماعة الغنميين بإقليم برشيد وتتعلق بتوضيب وتلفيف النعناع الطري وتعليبه من اجل التصدير، والثانية بجماعة بني يكرين بإقليم سطات وتتعلق باستخلاص الزيوت الأساسية من النعناع وخاصة في فصل الصيف إبان وفرة المنتوج. دراسة لتشخيص وضع آفات النعناع وفي سياق متصل، أبرز كريم الفاخوري باحث في الميدان أن نبات النعناع الأخضر يحتل مكانا بارزا في الاستهلاك اليومي للمواطن المغربي، ويرتبط استخدامه في مشروب الشاي، ارتباطا وثيقا بالتقاليد المغربية الأصيلة، كما أن منطقة سطات تحتل المرتبة الأولى في إنتاجها على المستوى الوطني ، مع مساحة إجمالية تقدر بحوالي 1763 هكتار بما يعادل 54٪ من مساحة مزارع النعناع الوطنية. مضيفا أنه لتشخيص الوضع الحالي لإدارة الآفات (الحشرات والأمراض الفطرية والأعشاب) والمبيدات المستخدمة، أجريت دراسة مسح ميداني لحوالي 100 منتج مع المتابعة داخل مزارع النعناع في منطقة الشاوية خلال عامي 2013 و2014 إضافة إلى تشخيص وتحديد الآفات الزراعية مع تقدير وحساب شدة الإصابة لهذه الآفات . وكشفت نتائج هذه الدراسة أن أهم الآفات الحشرية لإنتاج المحاصيل النعناع هي مجموع يرقات الفراشات الليلية التي تصنف ضمن رتبة قشريات الجناح (دودة)، والمن التي تعد من بين حشرات الثاقبة الماصة (المن أو النم) وخنافس البرغوث (برغوتة). نجد أيضا العنكبوت الأحمر ذو البقعتين (رتيلة). إضافة لآفة حشرية جديدة تم تحديدها مؤخرا في منطقة الشاوية حفارة الجذور (سوسة) التي تسبب أيضا أضرار جسيمة للمحاصيل، بالنسبة للأمراض الفطرية يعد الصدأ والبياض الدقيقي الأكثر شيوعا. بالنسبة للحشائش يعتبر اللبلاب (لوايا) من أهمها. وأظهرت هذه الدراسة أن المبيدات الحشرية هي الأكثر استخداما مع وجود اختلاف في المواد الفعالة المستعملة بين المواقع التي شملها التحري الميداني. تطبق سبعة وعشرين نوعا من المكونات النشطة للمبيدات الحشرية وأحد عشر نوعا من المبيدات الفطرية ينتمون إلى مجموعات كيميائية مختلفة. كما أظهرت الدراسة استخدام المنتجين للمبيدات الحشرية بكيفية رشيدة في عدة مناطق، معروفة بتصدير النعناع في الشاوية (اولاد سعيد،الغليميين)، مكافحة تستخدم فيها مبيدات كيميائية انتقائية ذات مستويات منخفضة جدا من السمية وذات فعالية ممتازة تستخدم لأول مرة في المحاربة الحشرية على النعناع، على سبيل المثال المجموعات الحشرية للمبيدات التالية: .Avermectines , Benzene- dicarboxamide , Biamides anthraniliques (Spinosyne A et D) Spinosynesوكذا المستحضرات البيولوجية البكتيريةالممرضةللحشرات وأشار كريم الفاخوري أن .Bacillus thuringiensisإضافة إلى استعمال البكتيريا 87.5٪ من المنتجين في هذه المناطق يستعملون مبيدات ذات مدة ما قبل جني المحصول لا تتجاوز 3 أيام، مع سمية خفيفة إلى متوسطة في أقصى الحالات ،وهذا الاستعمال المعقلن راجع لعدة أسباب أهمها ترخيص عدد من المبيدات في زراعة النعناع وكذا الشروط الأوروبية الصارمة من حيث الحدود القصوى للمبيدات وكذا تعزيز الرقابة فيما يخص تحليل بقايا المبيدات على النعناع القادم من المغرب إلى أوروبا و كذلك لا ننسى دور المدارس الحقلية للمزارعين كطريقة حديثة لإرشاد فلاحي النعناع تعتمد على المقاربة التشاركية التي وضعتها إدارة وقاية النباتات للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في شراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة من أجل تعزيز المكافحة المتكاملة للآفات؛ تدبير إتقان استعمال المبيدات و تطبيق الممارسات التقنية الجيدة. نتائج المسح يوضح أن من بين 100 مزارع 39% هم مؤطرين من المدارس الحقلية التي نظمت ابتداء من 2010. هذا التحسن في استعمال المبيدات على مادة النعناع المخصص للتصدير، لوحظ في عدد حالات انخفاض تجاوزات للحدود القصوى للمبيدات التي أعلنها نظام الإنذار السريع الأوروبي للأغذية والأعلاف للجنة الأوروبية، حيث انخفضت عدد حالات التجاوز للحدود القصوى للمبيدات من 16 سنة 2013 إلى 4 حالات تجاوز فقط سنة 2014 في المقابل ارتفعت حالات تجاوز بشكل طفيف سنة 2015 إلى 7 حالة تجاوز. أكثر المواد الفعالة تجاوزا للحدود القصوى نجد: .Myclobutanil ,cypermethrine,Chlorpyrifos, Deltaméthrine ,Flubendiamide نتائج البحث أوضحت أن هناك فرق بين إنتاج النعناع للسوق المحلي والتصدير فيما يخص استعمال واختيار المبيدات. لكن على العموم لوحظ مقارنة مع السنوات الماضية قفزة نوعية خصوصا بعد ترخيص عدد من المبيدات في زراعة النعناع كذلك من ناحية تشخيص الآفات الزراعية والوعي بالأهمية الفترة الممتدة بين رش المبيد وقطاف المحصول ونسبة استخدام المبيد في محلول الرش إلا أن هناك ضرورة توسيع دائرة التأطير للفلاحين وكذا تشجيع البحث العلمي للمحاربة المتكاملة للآفات من أجل إنتاج نعناع خال من بقايا المبيدات. إجراءات المكتب الوطني للسلامة الصحية من جهته، أشار الدكتور عبد الله أسوال المدير الجهوي للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بجهة الدار البيضاءسطات، أنه لضمان جودة وسلامة نبتة النعناع، تقوم مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بالإجراءات التالية : تحسيس المنتجين بضرورة التوفر على سجل صيانة و تدبير المنتجات الأولية داخل ضيعاتهم، وذلك تطبيقا لقرار وزير الفلاحة والصيد البحري رقم 1129.13 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6177 بتاريخ 12 أغسطس 2013 والذي أصبح إلزاميا مند غشت 2015، و يهدف هذا السجل إلى تسجيل كل المدخلات الزراعية المستعملة أثناء الإنتاج (المبيدات الزراعية، البذور، الأغراس، المخصبات …) لضمان نظام تتبع جيد يحمي المستهلك، تنظيم أيام تحسيسية لفائدة المزارعين تقدم خلالها جميع الشروحات المتعلقة بمحاربة الآفات الزراعية لمنتوج النعناع من أعشاب مضرة – أمراض فطرية وحشرات، تأطير المزارعين المنتجين لزراعة النعناع في إطار المدارس الحقلية للفلاحين، وذلك بتعليمهم طرق الاستعمال المعقلن للمبيدات لمكافحة الآفات الزراعية التي تصيب زراعة النعناع خلال جميع مراحل الإنتاج، وضع لائحة أسماء المبيدات الزراعية المرخصة لحماية هذه الزراعة، رهن إشارة المنتجين، خلال الجولات الاستكشافية للمراقبة الصحية للضيعات، أو خلال زيارة الفلاحين لمصالح حماية النباتات التابعة للمكتب. وحول الإجراءات الوقائية التي يقوم بها المكتب، في إطار العلاقة مع المهنيين، بالترخيص بتصدير هذه النبتة، أشار الدكتور أسوال أنه لتصدير منتوج النعناع أو أي مادة أولية من أصل نباتي لابد لهاته المنتوجات أن تلفف داخل وحدة تلفيف مرخصة صحيا من طرف مصالح المكتب الوطني وذلك لضمان شروط السلامة الصحية لهذه المنتوجات وذلك بالتأكد من خلوها من الملوثات الكيماوية (بقايا المبيدات) أو البيولوجية ( الفطريات والبكتيرية) أو الفيزيائية ( مواد أخرى غير المنتوج المراد تصديره)، يلزم المكتب مصدري النعناع بضرورة التصريح القبلي بأماكن و ضيعات الإنتاج، حيث تنتقل إليها مصالح المراقبة قصد تسجيل جميع التقنيات الخاصة بالمسار التقني للإنتاج؛ الإحداثيات الجغرافية(GPS) ؛ التواجد و كذا جميع المبيدات المستعملة للتأكد من احترام الاستعمال السليم لها ( المبيد المرخص، الجرعة المسموح بها، احترام المدة الفاصلة بين المعالجة الكيماوية و تاريخ الجني…..). ضرورة تقديم المصدر، لنتائج التحليلات الكيماوية للنعناع الضامنة لخلوه من بقايا المبيدات الزراعية، على ضوء احترام هذه الإجراءات، يتم تسليم شهادة صحية نباتية للمصدر ترافق منتوج النعناع المراد تصديره واللازم الإدلاء بها للمصالح المعنية بنقط العبور. وأبرز المدير الجهوي للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية أن المكتب ينصح باستعمال المبيدات الزراعية المرخصة على زراعة النعناع و ضرورة احترام الجرعات المرخصة و المدة الفاصلة بين المعالجة و الجني. حيث تكاثفت الجهود منذ إحداث هذا المكتب لترخيص مبيدات على النعناع علما بأنه لم يكن هناك من قبل أي مبيد مرخص له للاستعمال في زراعة النعناع.