ليس هناك أبلغ من القراءة بين سطور توقعات أحوال الطقس، التي تتناقلها جرائدنا وشاشاتنا وإذاعاتنا، هذه الأيام، لوصف أحوال البلاد والعباد، في بلادنا. تقول أحوال الطقس، ليوم الثلاثاء الماضي، مثلاً، إنه يرتقب أن يظل الطقس بارداً في ربوع المملكة، مع تكون الصقيع، خلال الصباح، في المناطق الوسطى والشمالية الشرقية، وإن درجات الحرارة ستتراوح، خلال الليل، ما بين درجة واحدة وأربع درجات فوق المرتفعات وشرق البلاد، وبين درجة وأربع درجات فوق مناطق سايس وهضاب الفوسفاط والسفوح الجنوبيةالشرقية، وبين 10 و15 درجة في الجنوب، وإن البحر سيكون هائجاً في البحر الأبيض المتوسط، وهائجاً في البوغاز، وقليل الهيجان في السواحل الجنوبية. حين نربط أحوال الطقس والبلاد والعباد بطرائف العالم، يتحول المشهد إلى شيء شبيه بإحدى لوحات الإسباني بيكاسو أو المغربية الشعيبية، حيث الألوان والأشكال لا يفك أسرارها إلا الراسخون في الفن والتشكيل. غير بعيد عن فقرة أحوال الطقس، كان هناك خبر يتحدث عن انقطاع حركة السير في عدد من الطرق المغربية، بسبب الثلوج. وبين أحوال الطقس وانقطاع حركة السير كان هناك أكثر من خبر يتحدث عن حوادث سير قاتلة. في ركن صغير من مجلة أنيقة، معروفة بصفحاتها «العارية»، كان هناك خبر يتحدث عن «عرض الشريط السينمائي المغربي «ماروك»، للمخرجة ليلى المراكشي، في إطار حلقة سينمائية حول «الحب في السينما العربية» تنظم، حالياً، بمدينتي ألميرية وغرناطة (جنوبإسبانيا)، إلى جانب أفلام «دنيا» لجوسلين صعب (لبنان) و«الأحمر الشرقي» لرجاء عماري (تونس) و«كأس وسيجارة» لنيازي مصطفى (مصر)». هكذا، بعد طول غياب، سيظهر اسم ليلى المراكشي في الأندلس، التي شهدت، قبل قرون، حب المعتمد بن عباد واعتماد الرميكية، وقصائد ولادة بنت المستكفي، مقرونا بخبر من حلقة سينمائية حول «الحب»، في وقت يتزايد فيه الاهتمام بأخبار السينما العالمية، وخاصة بعد مشاهدة صور فيلم «أفاتار» لمخرجه جيمس كاميرون، الذي حطم كل الأرقام القياسية، على مستوى شباك التذاكر. وفي الوقت الذي ما زلنا ننتظر فيه تتمة حكايتنا مع فيلم «الرجل الذي باع العالم»، سيخرج علينا «مقترفاه»، الشقيقان نوري، بخبر «يبشرنا» ب«مشروع فيلم كوميدي حول الإرهاب»، والمحزن (أو المضحك !) في الخبر أنهما قالا إن لديهما «رغبة في اللعب قليلا، لكن بموضوع جدي». واش الإرهاب مْعاه اللعب!؟ وفي الوقت الذي يجهد فيه كريم غلاب، وزيرنا في التجهيز والنقل، نفسه في تمرير مدونة السير، والإبقاء على سقف الغرامات والعقوبات السجنية الواردة فيها، سنكون مع خبر يقول إن بعض الدول الأوربية، مثل النمسا وسويسرا وفنلندا، تعمد إلى تطبيق عقوبات، من نوعية خاصة جداً، تقوم على تحديد قيمة المخالفات وفرض غرامات، وفقاً للحالة المادية للمخالف وقدرته على الدفع، في حالة تجاوزه للسرعة أو عدم تقيده بربط حزام الأمان أو القيادة في حالة سكر، وذلك سعياً إلى تقليل الزيادات المطردة في الحوادث التي تشهدها الطرقات الأوربية. وفي حين وصفت جهات مؤيدة لفاعلية فرض قوانين وفقاً للمستوى المادي للمخالفين، باعتبارها قوانين رادعة وعادلة ضد من لا يراعون قوانين المرور المقيدة للسياقة تحت تأثير المسكرات، ومن يتجاوزون السرعة القانونية بفارق كبير، فإن جهات أخرى أبدت تحفظها، معتبرة أن هذه العينات من الأثرياء المتهورين لن تردعهم عقوبات مالية، مادام بمقدورهم تسديدها دون عناء، وربما، لهذا السبب أيد أحد القضاة السويسريين فكرة إخضاع من تتكرر تجاوزاتهم، من الأثرياء، لجلسات علاج نفسي باعتبارهم مرضى. وما بين «بشرى» الرغبة في «اللعب مع الإرهاب»، ومضامين مدونة السير المغربية، وفكرة إخضاع أثرياء أوربا، الذين تتكرر تجاوزاتهم المرورية، لجلسات علاج نفسي، بقي أن نطرح تساؤلاً عن عدد مرضانا، من بين فنانينا وأثريائنا، ممن يتهورون، فيقترفون أعمالاً فنية تافهة، أو يرتكبون حوادث سير قاتلة، هم أو أبناؤهم، من دون أن تنفذ في حقهم عقوبات رادعة وعادلة ؟! هي أخبار عامة، بعضها يتناول أحوال الطقس وحوادث السير، أو أخبار الفنانين، وبعضها يبقى مجرد أخبار عامة لها امتداد كوني، نجمعها من مختلف بلدان العالم، وقد نعطيها لون الطرائف، مفضلين نشرها في صفحاتنا الأخيرة، أما طرائفنا (أخبارنا) فنخصص لها، في أغلب الأوقات، عناوين بارزة على صدر صفحاتنا الأولى!..