يعتبر الفرنسيون أحد أكبر شعوب العالم الشغوفة بالسفر واستكشاف بلدان وأماكن جديدة عذراء وغير مألوفة. ويكفي إلقاء نظرة على الدلائل السياحية المخصصة لهذا البلد أو ذاك في العالم للوقوف على حجم ومساحة الرقع التي يسبرها الفرنسيون. وقد زاد ظهور شركات طيران «لوكوست»، ذات الأثمنة المنخفضة، من رغبة الفرنسيين في السفر والترحال. لكن تبقى بعض البلدان، ومن بينها المغرب، في أجندة أسفارهم بمثابة قبلة يترددون عليها من دون كلل. ولدواع تاريخية وجغرافية ومناخية وسيكولوجية، تكاد تكون زيارة المغرب بالنسبة إلى الفرنسي بمثابة طقس ديني، أو ما يطلق عليه بالفرنسية «طقس العبور»، rite de passage. يعشق الفرنسيون المناخ، تضارب التضاريس الجغرافية، ثراء المواقع الأثرية، الطبخ، الألوان، طيبوبة وحفاوة الشعب المغربي، إلخ... وفي أحايين كثيرة، يتحول هذا العبور بفعل تصرفات طائشة أو بسبب عدم احترام قوانين البلد إلى كابوس، يقودهم رأسا إلى السجن. على إثر الاتجار في المخدرات أو محاولة تهريبها، حوادث سير، أو محاولة اختطاف أطفال مزدوجي الأبوين، أو بسبب الجرائم الجنسية، التي تمثل 1.5 في المائة من هذه الاعتقالات، وجد العديد من الفرنسيين، الذين يقدر مجموعهم في العالم بنحو 2015 فرنسيا، أنفسهم وراء القضبان. جان إيف بيرتول، قنصل فرنسا بطنجة، هو المكلف بحالات 80 فرنسيا شابا، لا تتعدى أعمارهم 23 سنة، يوجدون رهن الاعتقال بالمغرب. ويتردد باستمرار عليهم في أحد سجون طنجة الذي قال عنه إنه «غابة مثله مثل العديد من سجون العالم». وتواجدهم بطنجة مرده إلى تحويلهم للمدينة إلى معبر لتهريب المخدرات، وهي جريمة يعاقب عليها، في حالة الاعتقال، بالحبس لثلاث سنوات في الأقصى. في الصيف الماضي، كان عددهم 160 معتقلا، استفاد نصفهم من عفو ملكي. غير أن المغرب يأتي في المرتبة الثانية بين الدول التي بها معتقلون فرنسيون بعد إسبانيا التي تؤوي سجونها 571 معتقلا بتهمة الاتجار في المخدرات. ومن مجموع 2015 سجينا فرنسيا، فإن قرابة 1100 اعتقلوا بسبب اتجارهم في المخدرات الصلبة. في آسيا، بلغ عدد المعتقلين 71 معتقلا، بينما وصل في أمريكا الشمالية والجنوبية إلى 186 سجينا. وفي قائمة المعتقلين، تحتل النساء مرتبة لا بأس بها، ويطلق عليهن وسط مروجي المخدرات «البغلات»، أي «النساء اللائي ينقلن المخدرات الصلبة»، مثل سيلين فاي (20 سنة) وسارة زكنون (19 عاما) اللتين حكم عليهما بجمهورية الدومينيكان بثماني سنوات سجنا قبل أن يشملهما عفو رئاسي، فقد عثر في حقائبهما على 6 كلغ من الكوكايين. أما صباح الزادي، فقد حكم عليها بالسجن لمدة اثني عشر عاما ونصف العام في تركيا بسبب 700 غرام من الكوكايين. وبالمقارنة مع سجون أندونيسيا، التي حكمت بالإعدام على سيرج العتلاوي، أو بالمؤبد على ميكائيل بلان، أو الصين، أو المكسيك... إلخ، يبقى سجن طنجة روضا فاخرا من أربعة نجوم، سيعمل لا محالة على فطم هذا الشباب عن تناول «الشقوفة» وترويج المخدرات، الصلبة منها والرطبة!