أعلنت الدولة عن جملة من الإجراءات لمحاربة «شغب الملاعب» الذي وسم العديد من مباريات الكرة في المغرب، بقسميها الأول والثاني، وفي هذا الصدد عقدت اجتماعات بحضور رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع وسعيد الناصري رئيس العصبة الاحترافية، ووزراء العدل والحريات والداخلية والجنرال حسني بنسليمان القائد العام للدرك الملكي، وعبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني، بالإضافة إلى قطاعي القوات المساعدة والوقاية المدنية، قبل أن يعقد الشرقي الضريس الوزير المنتدب في الداخلية ندوة صحفية أمس الأول أعلن خلالها عن جملة من الإجراءات والتدابير التي سيتم اتخاذها. أولا لابد أن نثمن خطوة هذه الهيئات، وإن جاءت متأخرة، فأن تصل متأخرا أفضل من أن لاتصل أبدا، فإلى وقت قريب ظلت محاربة الشغب يغلب عليها الطابع الفولكلوري، أكثر من العملي، بل وكان يتم الإعلان عن جملة من التدابير، دون أن يتم تنزيلها على أرض الواقع، لذلك زهقت أرواح، وسقط ضحايا، وظل الحال كما هو عليه، ومع كل مأساة جديدة يبدأ الحديث عن الشغب وعن محاربته، ثم بعدها تعود الأمور إلى سيرها العادي، في انتظار ضحايا آخرين. في البلاغ المشترك بين هذه القطاعات، هناك اعتراف ضمني بأن الدولة تتحمل جزءا من المسوؤلية، خصوصا عندما يتحدث البلاغ عن «الشروع في تنفيذ برنامج تجهيز الملاعب الرياضية التي تستقبل مباريات البطولة الاحترافية بالوسائل التكنولوجية الحديثة (كاميرات المراقبة، مراقبة الولوج للملاعب عبر البوابات الإلكترونية، تحديث نظام بيع التذاكر…) لتساعد على تنفيذ البروتوكولات الأمنية»، وعن « الإسراع بتأهيل البنيات التحتية للملاعب الرياضية لتحسين شروط استقبال الجماهير الرياضية خصوصا عبر توفير المرافق الصحية ووسائل الترفيه وترقيم الكراسي وتوجيه الجمهور»، وهناك اعتراف كذلك بأن القانون لا يطبق بصرامة، سواء في الشق المتعلق بقانون الشغب، أو بمدونة التأديب الصادرة من طرف الجامعة، وهو ما يعني أن على المسيرين أن يتحملوا كامل مسؤولياتهم، خصوصا أن القانون ينص على عقوبات قاسية في حق كل مسير يغذي الشغب، أو في حق المسؤولين عن التنظيم، فعندما تتم تهيئة الملاعب بالتجهيزات الضرورية، ويتم ترقيم الكراسي، فالرسالة هنا واضحة جدا ! لكن هناك بعض الملاحظات، ذلك أن البلاغ لم يتحدث عن دور المجالس المنتخبة، كما أن الشركة الوطنية لإنجاز وتسيير الملاعب»سونارجيس» التي ستتولى السهر على التنظيم اللوجستيكي لكل مباريات البطولة الاحترافية بتنسيق مع الأطراف المعنية، يجب أن تكون لها مصادر تمويل، وهنا على المسؤولين عنها أن يطرحوا أفكارا جديدة، تعيد الحياة للملاعب، بدل أن يظل دورها مقتصرا على احتضان المباريات مرة في الأسبوع فقط. إن الشغب آفة مدمرة، تصادر متعة كرة القدم، وتحول الملاعب إلى ساحات دم بدل أن تكون مسارح للمتعة، ولمحاربته لابد من نظرة شمولية، ما سلف جزء منها، لكن الأهم هو الحرص على الأقل على تنزيل كل هذه الإجراءات، وتطبيق القانون دون تعسف، ودون تساهل.