القرار الذي اتخذته وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا، التي قدمت استقالتها بعد اعتراضها على مقترح الحكومة إسقاط الجنسية عمن يثبت تورطهم في الإرهاب، كان درسا بليغا لكل السياسيين في العالم، ومن بينهم المغاربة. الوزيرة الفرنسية رسمت بدقة بالغة مشهدين سيبقيان عالقين في الأذهان: مشهد وقوفها بكل شجاعة وهي تعلن استقالتها، ومشهد خروجها من مقر وزارتها على دراجة هوائية وهي تلوح لمسانديها بيديها. شجاعة وزيرة العدل الفرنسية لا تتوفر لدى جميع الجالسين على كراسي الوزارات، وما قامت به يتضمن إشارات بليغة نتمنى أن تصل إلى وزراء وبرلمانيي «2 فرانك»، الذين يدافعون عن مصالحهم المادية عوض الدفاع عن مواقفهم من القضايا العادلة التي من المفروض أن يدافعوا عنها. لقد ظهر من خلال ما حدث في فرنسا أن الهوة كبيرة بين العقلية التي يتصرف بها كثير من السياسيين الفرنسيين ونظرائهم المغاربة، الذين يصرون على تقليد النموذج الفرنسي، غير أنهم لا يجرؤون على التعبير عن آرائهم والدفاع عنها بكل حرية، كما حدث مع وزيرة العدل الفرنسية، التي فضلت توديع كرسي الحكومة بسبب تعارضه مع قناعاتها الشخصية. للأسف، استقالات الوزراء عندنا في المغرب نادرة، وحتى إن وجدت فهي تبدو في ظاهرها استقالات، لكنها في الواقع إقالات، لأن الارتباط بالكراسي ظاهرة فريدة في بلادنا، فشتان بين وزرائنا ووزرائهم.