الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    حقوقيون مغاربيون يحملون الجزائر مسؤولية الانتهاكات في مخيمات تندوف        لفتيت يستعرض التدابير الاستباقية لمواجهة الآثار السلبية لموجات البرد    الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    في سابقة له.. طواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية يعبر صحراء الربع الخالي    السكوري يلتقي الفرق البرلمانية بخصوص تعديلات مشروع قانون الإضراب    تعزيز وتقوية التعاون الأمني يجمع الحموشي بالمديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية    الوالي التازي يترأس لجنة تتبع إنجاز مشروع مدينة محمد السادس "طنجة تيك"    الإنترنت.. معدل انتشار قياسي بلغ 112,7 في المائة عند متم شتنبر    المدعو ولد الشنوية يعجز عن إيجاد محامي يترافع عنه.. تفاصيل مثيرة عن أولى جلسات المحاكمة    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    تكريم منظمة مغربية في مؤتمر دولي    المغرب يفقد 12 مركزاً في مؤشر السياحة.. هل يحتاج إلى خارطة طريق جديدة؟    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    غرق مركب سياحي في مصر يحمل 45 شخصاً مع استمرار البحث عن المفقودين    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيفا.. الوجه الآخر للفساد المالي العابر للقارات
خريف كهنة المعبد الكروي بزيوريخ
نشر في المساء يوم 12 - 01 - 2016

لم تعد كرة القدم مجرد اللعبة الشعبية رقم واحد على مستوى العالم، بحيث أضحت لغة الأرجل العالمية الموحدة التي يفهمها كل سكان المعمور، بل باتت أيضا المنجم المالي الأسطوري الذي يدر على أصحابه وباروناته ملايير الدولارات، وليس من المجاز القول بأن عائداتها قد تنافس عائدات الذهب الأسود أو عائدات المخدرات. ولأن الآمر والناهي الواحد والوحيد للعبة هو الفيفا، ولأنه ولمدة عقود من الزمان لم يفتح الملف الأسود المالي الأسطوري للفيفا، فإنه يمكن اعتبار عام 2015 بأنه عام فضح المستور للمعبد الكروي بسويسرا، بحيث تحولت زيورخ عاصمة التبييض المالي للفيفا إلى عاصمة للمفاجآت والمداهمات والاعتقالات والمتبعات. بل ما تم كشفه يوضح بما لا يضع مجالا للشك بأن هناك عولمة فعلية للفساد المالي مترابطة فيها كل الأطراف والقارات. ما يجعلنا أمام فساد مالي عابر للقارات لطالما تم حجبه والتستر عليه عندما كان حجم الأموال والرشاوى لم يتعد بعد السبعة أصفار، أما وقد فاقت فقد آن الأوان لاقتحام المعبد الكروي وكشف حلقة أولى من حلقات الفساد المالي العابر للقارات.
2015 عام سقوط كهنة المعبد المرتشين بزيوريخ
يمكن القول بأن 2015 كانت سنة شؤم على جوزيف سيب بلاتير وباقي كهنة المعبد المرتشين بزيوريخ، الذين طالما فروا من الفضائح المالية وملفات الفساد والارتشاء. بل كانوا يعتقدون بحكم علاقاتهم العابرة للقارات وللزمان، مع أصحاب القرار شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، أنهم فوق المحاسبة والمساءلة. وأن مجرد انتمائهم للمعبد الكروي بسويسرا سوف يعصمهم من أي متابعة ! أكثر من ذلك سعوا في أكثر من مناسبة إلى منع كتب وتحقيقات كبرى تكشف فسادهم. بيد أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة، لاسيما إذا كانت الجرة ملأى بالرشاوى والاختلاسات والتلاعبات التي فاقت كل التصورات! بحيث أضحى كهنة المعبد الكروي يتلاعبون بملايين الدولارات من دون حسيب ولا رقيب. لقد كان على العالم انتظار العم سام القادم من بعيد! والذي تعد فيه كرة القدم رياضة ثانوية رغم احتضانها لكأس العالم 1994، فكرة القدم ليست بالرياضة الشعبية مقارنة برياضة كرة القدم الأمريكية، والبيسبول، وكرة السلة… ليخلص القارة العجوز من كهنة المعبد الكروي، والتي وقف الاتحاد الأوربي بمؤسساته حول الشفافية ومتابعة الفساد المالي عاجزة أمام هيلمان وقوة القيصر بلاتير. فبعد تحقيقات دامت الثلاثة أعوام قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي مداهمة المعبد في 25 ماي 2015 ملقيا القبض على العصابة المالية. والتي يتصدرها جيفري ويب نائب رئيس الفيفا حاليا عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا، والذي يشغل أيضا منصب رئيس اتحاد كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) وخوليو روكا مسؤول التنمية بالفيفا، والأوروغوياني إيوجينيو فيجويريدو نائب رئيس الفيفا، حاليا عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا، والباراغوياني نيكولاس ليوز، والبرازيلي جوزيه ماريا مارين. إضافة إلى رافاييل إسكويفيل رئيس الاتحاد الفنزويلي لكرة القدم. كما جرى أمر تفتيش تم تنفيذه بمقر الكونكاكاف في ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية. ومن التهم التي وجهت لهؤلاء المسؤولين على مدى العقدين الماضيين، تلقيهم رشاوى في ملفات استضافة بعض الدول لبطولة كأس العالم. وكذلك تمرير صفقات تتعلق بالتسويق وحقوق البث التلفزيوني للمباريات. أيضا الاحتيال والابتزاز وغسل الأموال. ويأتي استهداف اللجنة التنفيذية للفيفا، لما تتمتع به من قوة هائلة، والتي عادة ما تحاط أعمالها بالسرية إلى حد كبير.
ولأن العم سام يأخذ القضية على محمل الجد، فقد طالب بترحيل المقبوض عليهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتتم مقاضاتهم هناك. المطلب أعلن عنه في ندوة صحفية بنيويورك مباشرة عقب المداهمة والاعتقال والتي ترأسها كل من المدعي العام الأمريكي لوريتا لانش ورئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كوموي. ويبقى لافتا عدم اعتقال أعلى رتبة بالمعبد جوزيف سيب بلاتير ! الذي أرغم في ما بعد على ترك منصبه وتقديم استقالته ثلاثة أيام فقط بعد إعادة انتخابه لولاية خامسة. ويبدو أن حملة الاعتقالات والمتابعات لن تقف عن هذا الحد أو المستوى، حيث ستكون سنة 2016 حبلى بالأحداث غير السارة لرفاق بلاتير، بل ولبلاتير نفسه !
بزنس الكرة المستديرة
لم تعد كرة القدم مجرد هواية يتسلى بها الملايين بل الملايير من البشر، بقدر ما أضحت اقتصادا قائم الأركان يدر على أصحابه 400 مليار دولار سنويا! رقم ضخم ومهول يفوق كل التصورات! بدأت كرة القدم تتحول إلى أكثر من لعبة بداية من 1880 ببريطانيا مهد الكرة ومنشئها، حيث كانت عائدات الشبابيك تصرف من أجل تحويل اللعبة إلى رياضة احترافية وكذا بناء ملاعب جديدة أكبر. ففي الموسم الأول 1888_1889 سجلت البطولة البريطانية 4639 متفرجا كمتوسط في كل مباراة، ثم انتقلت عشرة آلاف مع نهاية القرن التاسع عشر، وقبيل الحرب العالمية الأولى تضاعف العدد إلى عشرين ألفا، لتبقى عائدات بيع تذاكر متابعة المباريات المورد الأول والرئيسي لمداخيل الأندية الكروية إلى ما قبل 1990 حيث اتخذت مسارات أخرى. ليدخل الإشهار على الخط، فإلى حدود منتصف الستينيات كانت أقمصة الأندية الكروية تخلو من أي علامة إشهارية، ففي فرنسا، مثلا، بدأت العملية في أكتوبر 1969 بعد محاولة فاشلة قبلها بسنة، حيث حاولت الفيدرالية الفرنسية لكرة القدر أن تفرض نفس الجهة المستشهرة على جميع الأندية من أجل توحيد العلامة الإشهارية على الأقمصة الرياضية. وفي 1982 وافق الاتحاد الكروي الأوروبي على اعتماد الأقمصة الحاملة لعلامات تجارية إشهارية في مباريات الاتحاد في أطوارها التمهيدية والتصفوية. مع منع الفريقين المتباريين في النهائي من ارتداء أقمصة حاملة لعلامات إشهارية! وهو المنع الذي سقط في 1995. بينما احتفظت الفيفا بالمنع بالنسبة إلى المنتخبات الوطنية. وبعد الإشهار والعلامات التجارية المطبوعة على أقمصة الأندية والعلامات التجارية الموضوعة على جنبات العشب الأخضر. عرفت مرحلة الثمانينيات قفزة نوعية على مستوى حقوق البث التلفزي والإذاعي لأطوار المباريات. فقد كانت حقوق البث الإذاعي والتلفزي تمثل ما نسبته 1% من مداخيل الأندية داخل الاتحاد الأوروبي! مبلغ هزيل جدا لا يكاد يذكر، وكان على الجميع الانتظار إلى غاية 1983 بإنجلترا ثم عام بعد ذلك أي في 1984 بفرنسا لتشهد توقيع اتفاقيات بين الفرق الرياضية للدرجة الأولى ومحطات التلفزيون، والتي كانت في الأول مثار تحفظ من قبل الأندية. لتنتقل مباشرة واردات التغطية التلفزية من ثلث الميزانية العامة للأندية إلى الثلثين في ظرف قياسي وجيز. في المقابل، ظهرت شركات جديدة مهمتها شراء حقوق البث وإعادة بيعها، مثل شركة Kirchب ألمانيا التي احتكرت البطولة الألمانية Bundesliga إلى غاية أبريل 2002 حين تدخلت الحكومة الألمانية لإعادة تقنين المجال وتوقيع اتفاق جديد بشروط ومعايير جديدة. والشيء نفسه انطبق على انجلترا، حيث احتكرت شركة ITV نقل مباريات البطولة الإنجليزية قبل أن تعلن عن إفلاسها! من التحولات الكبرى التي طرأت على عالم الكرة المستديرة هو أجور الممارسين، فإلى حدود ستينيات القرن الماضي كانت أجور اللاعبين متواضعة جدا، باستثناء البطولة البريطانية التي كانت مرتفعة مقارنة بباقي البطولات الأوروبية، وقد بدأت الوضعية في التحسن بداية من السبعينيات إلى حدود منتصف الثمانينات كخطوة أولية، وبمقارنة مداخيل وأجور لاعبي كرة القدم بباقي الرياضات مثل الفورميل 1 وكرة السلة البطولة الأمريكية والتنس والملاكمة. يمكن القول بأنها كانت في درجة ثانية. فمثلا، كان دخل دييغو مارادونا، وهو في أوج عطائه بنادي نابولي الإيطالي 7.5 ملايين فرنك فرنسي في السنة، في حين كان دخل الملاكم الأمريكي لاري هولمس 45 مليون فرنك فرنسي! ومع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثانية، تحسنت أوضاع اللاعبين بكثير، لتصل إلى مبالغ خيالية! 65 مليون أورو لميسي، 54 مليون أورو لكريستيانور ونالدو. ثم نيمار ب36,5 مليون أورو. ومع ذلك يبقى الفرق جليا إذا ما قورنت مع رواتب أبطال العالم في الغولف، فمثلا 128 مليون دولار لبطل العالم تايكير وودس ! أو حتى لاعب الغولف فيل مايكلسونب 62 مليون دولار! من جهتها، عرفت رواتب المدربين بدورها ارتفاعا خياليا مقارنة بالسابق، فمثلا، بلغت رواتب كل من جوزي مورينو18.3 مليون أورو، كارلو أنشلوطي 15.5 مليون أورو، خلفهم جوزيب غوارديولا ب 15.2 مليون أورو. وعلاوة على ما سبق، انضافت إلى موارد الأندية السابقة موارد جديدة مثل بيع الأقمصة الرياضية والمنتجات الرياضية من ملابس وغيرها، وتبقى السوق الإسبانية في الريادة بما قدره 190 مليون أورو كمداخيل، متبوعة بالسوق الرياضية الانجليزية ب 167 مليون أورو.
بلاتير.. زعيم شبكة الفساد الكروي
بشهادة القاصي والداني، يبقى جوزيف سيب بلاتير ذو79 عاما شخصية استثنائية بكل المعايير، ففي عهدة تحولت كرة القدم من مجرد لعبة ومتعة إلى مال واقتصاد قائم بذاته. بل تحولت الفيفا إلى بورصة مالية، بلغ رصيدها في العلن 2 مليار دولار! مبلغ ضخم جدا لمؤسسة كروية المفروض أنها تتابع شؤون الكرة المستديرة وتسهر على تنظيم الملتقيات الكبرى! لقد عرف بلاتير ابن الرجل الميكانيكي البسيط، بأن كرة القدم لم تعد مجرد رياضة وحسب، بل هي «المخدر» الرياضي الناعم الذي تمكن من غزو البسيطة طولا وعرضا، وتسطو على عقول الأغنياء والفقراء والشيب والشباب محطمة للحدود التقليدية. لدرجة أنها أضحت في مقام العقيدة عند البعض من مهووسي سحر الكرة المستديرة … حتى قيل إنه يمكن أن تغير عقيدتك ولا يمكنك أن تغير ناديك! ولد الطفل جوزيف سيب بلاتير في 10 مارس 1936 بمدينة فييج السويسرية الناطقة بالألمانية، من أب ميكانيكي عامل بمصنع للكيماويات وأم ربة بيت، لثلاثة أطفال جوزيف وماركو وشقيقتهم روث. بدأ مشواره الدراسي بسيون وسان موريس قبل أن يحصل على دبلوم في مجال الاقتصاد السياسي بالمدرسة العليا للتجارة بلوزان. ليبدأ مشواره المهني كمدير للعلاقات العامة بالمكتب السياحي بفاليزان، وفي 1964 أصبح السيكرتير العام للبطولة السويسرية للهوكي على الجليد، وقبل ذلك في 1956 انخرط في سلك الصحافة الرياضية، وفي 1970 التحق بمكتب النادي الإداري لفريق نيوشاتل كزامر السويسري. وفي الوقت ذاته شغل مسؤول العلاقات العامة في الشركة السويسرية للساعات Longines ، والتي كانت إحدى أهم الماركات العالمية المتخصصة في الكرونومترات، وبهذه الصفة شارك في تنظيم الألعاب الأولمبية في ميونيح 1972 وموريال 1976. ونتيجة براعته التجارية وحسه في العلاقات العامة، ولاسيما ما له علاقة بالمجال الرياضي، اقتنصه ابن مؤسس شركة المنتجات الرياضية أديداس ليقترحه على البرازيلي جواو هافلنج، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في صيف 1975، ليعينه مديرا للبرمجة والتطوير حيث أثبت مهارات خارقة في التنظيم لاسيما في المناسبات الأولى التي أوكلت إليه، مثل البطولة العالمية لكرة القدم نساء، وبطولة العالم لأقل من 20 عاما… وفي بداية الثمانينات، تسلق بشكل استثنائي السلم ليعين في نوفمبر 1981 سكرتيرا عاما للفيفا، وحسب الصحفية بارابرا سميت، المتخصصة في تاريخ الفيفا، فقد جاء تعيين بلاتير من أجل إزاحة السكرتير العام السابق ألان توملسون المتربع على المنصب منذ 1981. ومن الواضح أن مشوار بلاتير بالفيفا يرجع فيه الفضل لابن مؤسس شركة أديداس، التي كان بلاتير يتقاضى منها راتبا بوصفه مستشارا بمكتبها بباريس. ومع تقدم العجوز هافلانج في العمر، عين في 1990 بلاتير مديرا تنفيذيا للفيفا، لينتظر ثماني سنوات بعدها أي في ربيع 1998 ليصبح رئيسا لها عقب المؤتمر 51 للفيفا المنعقد في 8 يونيو1998، رغم أنه كان أقل حظا من منافسه رئيس الاتحاد الأوربي السويدي لونار جونسون إلا أن بلاتير الخبير في عالمي التجارة والعلاقات العامة، والذي يعرف من أين تؤكل الكتف، عرف كيف يتخلص من منافسه الأكثر حظا. بحيث قام محيط بلاتير بالترويج لإشاعات حول تورط غريمه السويدي في ملفات فساد! ما رجح كفة بلاتير. وبذلك أضحى بلاتير الرجل رقم 1 على رأس الفيفا، مجددا لولاياته في كل محطة بداية من 2002، و2007، 2011، 2015. في 29 ماي 2015 وبزيوريخ وأثناء المؤتمر 65 للفيفا، تمكن بلاتير صاحب 79 ربيعا من إعادة انتخابه على رأس الفيفا لولاية خامسة، لكن لم تمر غير 3 أيام فقط على الانتخاب حتى قدم بلاتير استقالته، مبررا هذه الخطوة هذه بأنه بات يشعر بأنه لم يعد محل إجماع! والحال أن المعبد الكروي بزيوريخ كان يتهاوى تحت ضربات الملاحقات القضائية والتحقيقات الفيدرالية الأمريكية التي قامت قبلها بأسابيع بحملة واسعة من الاعتقالات في صفوف الفيفا بتهم الارتشاء والفساد المالي… وبعد ثلاثة أشهر فقط، أي في 3 غشت، سوف يطرد من اللجنة الأولمبية. وستتواصل رحلة بلاتير في السقوط في 24 شتنبر 2015 بمتابعة جديدة من طرف وزارة العدل السويسرية بتهمة فساد. لتبقى الفيفا مجرد جسد بلا رأس ولا روح تنتظر من سيخلف كرسي بلاتير في فبراير 2016 ما تكشف من فضائح مالية وصفقات مشبوهة يبدو أنها تستعصي على العد، نذكر منه فقط ما عرف بقضية Affaire ISL، حيث أعلنت شركة Affaiالسويسرية عن إفلاسها وهي التي عهدت إليها الفيفا تسويق عدد من كؤوس العالم، وهو ما فتح تحقيقا في الأمر حيث تكشفت العلاقات المشبوهة بين الشركة وبين بلاتير ومحيطه المسير للمعبد الكروي. وفي نوفمبر 2005 سيقود تحقيق إلى إدانة جواو هافلانج الرئيس السابق للفيفا وصهره ريكاردو تيكسيرا الرجل القوي بالفيدرالية البرازيلية لكرة القدم ونائب هافلانج ثم بلاتير من 1989 إلى 2012، حيث قدرت قيمة ما تلقاه هافلانج وصهره ب 40 مليون أورو كرشاوى في مرحلة التسعينيات!
سيستمر نزيف الفساد في 2014 عبر ما عرف بقضية تهريب تذاكر المونديال في السوق السوداء، حيث تم توقيف عضو بارز في الفيفا هو الإفريقي محمدو لمين فوفانا رفقة الشركة السويسرية Match Hospitality التي يربطها مع الفيفا عقد تجاري لتسويق التذاكر، والتي يسيرها فيليب بلاتير، ابن أخ القيصر جوزيف بلاتير! من طرف الشرطة بتهمة بيع تذاكر المونديال بالسوق السوداء. وقد أبان التحقيق أن المتهمين جنوا ما قدره 70 مليون دولار في المونديالات الأربعة الأخيرة كعائدات ربحية… ومن الواضح أن القيصر جوزيف بلاتير تنتظره أيام عصيبة، بما فيها المتابعات القضائية نتيجة فساد الذمة المالية وتورطه في قضايا فساد، بلاتير الذي في جعبته أسرار رجل دولة أكثر منها أسرار أكبر منظمة سهرت على سحر المتفرجين عشاق الكرة المستديرة. فلقد كان بلاتير وقبله هافلانج بدرجة أقل يعاملان معاملة تفضيلية لا تقل عن معاملة رئيس دولة. ناهيك عن حجم الأسرار والعلاقات الخفية عن علاقات الفيفا بعدد من رؤساء ومسؤولي الدول سواء من العالمين المتقدم أو الثالثي، حيث كان التهافت لنيل رضا المعبد الذهبي الكروي بزيوريخ، بغية احتضان المناسبات الكروية الكبرى مثل كأس العالم مسألة سياسية وإنجازا رياضيا وسياسيا كبيرا للقادة والمسؤولين يتباهون به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.