سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنعبد الله: الاستقلال أٌخرج من الحكومة ومصلحة البلاد تقتضي مواصلة العمل مع «البيجيدي» قال ل«المساء»: هناك تيار سياسي معين حاول شراء مواقع إلكترونية للكتابة ضد الوزيرة أفيلال
في غمرة الانتقادات التي وجهت إلى الوزيرة شرفات أفيلال، القيادية في حزب التقدم والاشتراكية، بشأن عبارة «جوج فرنك» التي قدمت اعتذارا بشأنها، يقدم الأمين العام للحزب ذاته وجهة نظر حزبه حول قضية معاشات الوزراء والبرلمانيين، وما يعتبره إساءة مفرطة يتعرض لها السياسيون. نبيل بنعبد الله، الذي حل ضيفا على برنامج «مناظرات المساء»، قدم إجابات عن قضايا مختلفة، بعضها يتعلق بالقطاع الذي يشرف عليه، وبعضها يهم المشهد السياسي ومحاولات إحياء الكتلة الديمقراطية وانضمام حزب العدالة والتنمية إليها، وحتى باقي الأحزاب التي ترى إمكانية اصطفافها في خندق الكتلة. – لاحظنا خلال تشكيل النسخة الثانية للحكومة تفكيك بعض القطاعات الوزارية، منها السكنى والتعمير وسياسة المدينة، هل هذا الأمر حكمته ضرورة تدبير هذه القطاعات أم هو مجرد إرضاء للأطراف المتحالفة؟ أعتقد أن هذا الأمر غير مفهوم من الناحية المنطقية الصرفة والحكامة الجيدة. هذه المنظومة، التي تجمع بين إعداد التراب الوطني وتهيئة المجال وسياسة المدينة والسكنى والتعمير، تبقى متكاملة ومتراصة، ويصعب الفصل فيما بينها. إلى يومنا هذا، عدد من المتتبعين يخاطبونني بصفتي وزيرا للسكنى والتعمير وسياسة المدينة، كأنهم لم يستسيغوا هذا الفصل. أعتقد أن الأسباب لا ترتبط بترضية أحزاب سياسية بعينها في هندسة الحكومة الثانية، بل تعود إلى بعض الاختيارات، وإن كنت أعتبر بأن هذا الأمر لا يستقيم من الناحية المنهجية. – ألم يؤثر هذا التفكيك على أداء الوزارة؟ أكيد، فالقيام بإصلاحات، فيما يتعلق بسياسة المدينة، وإدخال هذا المفهوم الجديد في تدبير الشأن، تكون له أيضا إسقاطات مرتبطة بالتعمير، إذ لو كنا متحكمين في مجال التعمير بأكمله سيكون من الممكن أن تتم بلورة هذه السياسة بشكل أسهل. وبخصوص مجال السكنى، فإيجاد أراض معينة من أجل إيواء سكان مدن الصفيح أو غيرهم، والتصرف فيها بحرية كبيرة له ارتباط مباشر بالتعمير، وأعتقد أنه لما كانت الوزارة مجتمعة في قطاع واحد كان من السهل التصرف في هذه المنظومة بكاملها. وخلاصة القول أنه يتعين أن يظل هذا الفضاء مجتمعا خلال التجارب الحكومية القادمة. – هل هذا إقرار من وزير السكنى والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بأن هذه الهندسة الحكومية لم تعط نتائج، خاصة أن التفكيك شمل التجهيز والتعليم والخارجية وقطاعات أخرى؟ أنا أتحدث هنا عن القطاع الذي أشرف عليه. وبالنسبة إلى قطاع النقل والتجهيز واللوجيستيك، هناك وزارة ووزير منتدب تابع لنفس الوزير. أما بخصوص وزارة الخارجية فهذا أمر طبيعي، على اعتبار أن صلاح الدين مزوار يقضي أغلب وقته متنقلا بين دول العالم، وفي كثير من الحالات يعقد مؤتمرات في نفس الوقت، وبالتالي من الضروري أن يكون هناك وزير منتدب في الخارجية، وكثير من الدول تعمل بذلك. في عدد من التجارب نجد أقطابا وزارية كبيرة تحت مسؤولية وزير، وإلى جانبه يوجد وزراء منتدبون أو كتاب دولة، ففي إسبانيا، مثلا، نجد حوالي 15 وزيرا أساسيا، والباقي كتاب دولة يدبرون الملفات. – بالعودة إلى القطاع الذي تشرف عليه، يلاحظ أن المغاربة غير راضين عن واقع العقار، خاصة فيما يتعلق بالسكن الاجتماعي، إذ رغم تحقيق نوع من الإشباع فإن إشكالية الجودة لازالت مطروحة. كيف تقيم هذه الإشكالات؟ بكل صدق يتعين أن نُنَسِّب هذا الرأي. أولا، اطلعت على تجارب في بلدان أخرى، ونادرة هي الدول التي لها نفس مستوى تطور المغرب، واستطاعت أن تكون لها سياسة سكنية اجتماعية رائدة مثل بلادنا. وخلال الأيام المقبلة سنستدعي الصحافة لنقدم بحثا حول كيفية تعامل الأسر المغربية مع الولوج إلى السكن، خاصة من حيث المناصفة والمساواة ووضعية المرأة. هذا البحث كشف أن هذه السياسة استطاعت أن تحسن الولوج إلى الخدمات الاجتماعية بالنسبة إلى عدد كبير من الأسر (5800 أسرة شاركت في البحث)، ووفرت التجهيزات المختلفة لفئات واسعة من المجتمع، وهو ما يعني أنها سياسة ناجحة من حيث الكم. – وماذا عن سؤال الجودة؟ كان بالإمكان أن تكون الجودة في مستوى أحسن. لذلك أقول، ونحن الآن في طور ربح معركة الكم، إن علينا أن نحسن أكثر من جودة المنتوجات التي نقدمها، وأساسا فيما يتعلق بالسكن الاجتماعي. طبعا هذا المنتوج ليس متلاشيا تماما، إذ لا يجب أن نبالغ، خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث كان هناك حزم لتحسين عدد من البرامج، واليوم بدأنا نرى أن جميع المشاريع تتوفر على التجهيزات الأساسية، وليس هناك أي برنامج لا يتوفر، في الحد الأدنى، على خمسة أو ستة تجهيزات من قبيل: مدرسة ودار للأمومة ومسجد وحمام ومستوصف وغيرها. المنافسة أيضا بين الخواص أو حتى مع المؤسسات العمومية تدفع إلى تجويد المنتوج، حيث نجد في بعض المدن سكنا اجتماعيا مساحته 70 مترا مربعا، في الوقت الذي تبقى غالبية العرض في حدود 50 مترا مربعا، بل هناك من أصبح يجهز المطابخ. علاوة على ذلك، فتقوية المراقبة حسنت نسبيا من المواد المستعملة والخدمات المقدمة، لكن المشكل الكبير يرتبط بالمساحة. فمع الأسف أغلب المنعشين العقاريين، الذين لديهم اختيار بين 50 و80 مترا مربعا، يلجؤون إلى اعتماد المساحة الصغرى. – هذا الإشكال يجرنا إلى الحديث عن الذراع العقاري، فاليوم هناك بعض الملفات التي تثار حول تدبير «العمران» لهذا القطاع. ما هو تقييمك لأداء المؤسسة وبعض القضايا المرتبطة بتدبيرها؟ في عهد الوزير الأول الأسبق إدريس جطو كانت هناك سبع مؤسسات جهوية تسمى «المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء» المعروفة اختصار ب«ليراك»، إلى جانب الشركة الوطنية للتجهيز والبناء، والوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق، وشركة أخرى تسمى «التشارك». كل هذه المؤسسات كانت تشتغل في هذا المجال، لكن أغلبها وصل إلى الإفلاس، حيث كان بعضها مدينا للأبناك بمليارات الدراهم، ومنها العلاقة بين مؤسسات «ليراك» والبنك العقاري والسياحي. هذه الوضعية تمت معالجتها من خلال إدماجها في مجموعة «العمران»، وهو ما مكن الدولة من القضاء على كل سلبيات الماضي من حيث علاقة «العمران» بكل الأطراف الأخرى، من أبناك وغيرها. لكن في نفس الوقت، ورثت المجموعة البرامج القديمة، التي يصل عمرها إلى 20 و25 سنة، والتي أقيمت بشكل لا يحترم المعايير، التي يفرضها العقل قبل الحديث عن الحكامة الجيدة. أحيانا يتم البناء، مثلا، فوق أراض دون حتى التوفر على الرسم العقاري، ونقل الملكية إلى المؤسسات التي كانت تشتغل في تلك المرحلة، حيث بقيت الوضعية إلى يومنا هذا في خلاف، في المقابل يتم تحميل «العمران» مسؤولية هذه الملفات التي ورثتها. – وما هي مؤاخذاتك على «العمران»؟ قبل أن أصل إلى هذه النقطة، أعتقد أنه يجب الاعتراف بأن «العمران» نفذت برامج كبيرة جدا في كل ما يتعلق بتهيئة المدن وإعادة هيكلة الأحياء، فوزارة السكنى استطاعت أن تمول عبر صندوق التضامن للسكن مئات البرامج التي جعلت مدنا صغيرة وبعض القرى والمراكز الصاعدة تتوفر على مشاريع لإدخال أحياء غير مهيكلة إلى المدن وربطها بالطرقات والتطهير والماء والكهرباء. هناك مئات البرامج من هذا النوع، التي وقعت الوزارة اتفاقيات بشأنها، وفوضت ل«العمران» تنزيلها، وهو ما مكن من تحسين فضاء عيش المواطنين. هذه إيجابيات لا يمكن إنكارها، مثلما لا يمكن إنكار السهر المباشر ل»العمران»، بتوجيه من الوزارة، على برنامج مدن بدون صفيح، حيث استطعنا أن نعيد إسكان أزيد من 250 ألف أسرة، ولو بقينا في مستوى العدد الأول الذي أحصي سنة 2004، والذي يناهز حوالي 260 ألفا، لكنا قضينا على السكن الصفيحي. مع الأسف في نفس هذه الأحياء برز حوالي 100 ألف قاطن جديد لأسباب مرتبطة بالهجرة القروية، وسوء الحكامة، وبعض الممارسات الفاسدة محليا، وتواطؤ السكان أنفسهم في بعض الأحيان. في المقابل، ورثت «العمران»، مع الأسف، طريقة تدبير المؤسسات السابقة، والتي تجعلها تعاني من ضعف في إمكانية التعامل، كشركة تنتمي إلى القطاع الخصوصي، مع عدد من القضايا المطروحة، وأيضا من حيث التدبير بشكل ناجع لبعض الملفات، التي يتعين الاعتراف بأن كثيرا من خيوطها مرتبط بأجهزة أخرى كالمحافظة العقارية ووزارة الداخلية والمياه الغابات وغيرها من المؤسسات. كما أن بعض القضايا ناتجة عن تدبير مباشر، وهي التي وقفت عليها بعض تقارير المجلس الأعلى للحسابات من قبيل ملف الهرهورة. – أين وصل هذا الملف المرتبط باستفادة مسؤولين من أراضي «العمران» في الهرهورة بأسعار زهيدة؟ المجلس الأعلى للحسابات لم ينته بعد من التحقيق الكامل في هذا الملف، ونحن ننتظر ذلك. غير أنني أقول إن هناك خطأ، إذ يمكن غض الطرف عن ثمن البيع على اعتبار أن المستفيدين موظفون تابعون لوزارة السكنى أو مؤسسة «العمران»، في إطار السياسة الاجتماعية الداخلية، لكن المشكل هو أن لجنة تحديد سعر البيع كانت مكونة من مستفيدين، وهو أمر يتنافى تماما مع قيم ومبادئ الحكامة الجيدة. هذا الملف سنذهب فيه إلى نهايته من أجل أن تظهر الحقيقة، لكن لا يتعين في نفس الوقت أن نعتبر بأن كل ما يرتبط ب»العمران» فيه فساد في التدبير. – مؤخرا بدأنا نسمع عن «مافيات» تسطو على العقارات. أية إجراءات اتخذتها الوزارة لحماية عقار المغاربة، وإن كان الأمر مرتبطا بمؤسسات أخرى كالمحافظة العقارية؟ عندما نتحدث عن «مافيا العقار» فهذا المصطلح يتعلق أساسا بما يحدث في بعض المدن، وعلى رأسها الدارالبيضاء، من «ترامٍ على ملك الغير»، وهو المصطلح القانوني. ويبدو أن هناك بعض الأوساط التي اختصت في رصد وتتبع كل الحالات التي تعاني بشكل ما من الهشاشة على مستوى الملكية. والفئات المستهدفة تهم بعض الملاك الأجانب، الذين كانوا يقطنون في المغرب منذ عشرات السنين، وتركوا عمارات وشققا دون أن تكون وضعية الإرث فيها واضحة، فيتم الوصول إلى طريقة ما، بتواطؤ مع بعض الأوساط، لنقل ملكية هذه الممتلكات. الأمر يهم أيضا وضعية يهود مغاربة، هاجرت الأجيال الجديدة منهم إلى بلدان أخرى، غير أن الأب أو الأم بقيا بالمغرب أو هاجرا بدورهما وتركا أمالكهما، فيتم بشكل ما الترامي عليها من طرف تلك الأوساط. كما يتم استهداف أرامل في وضعية هشة، أو عمارات بكاملها تقطنها بعض الأسر منذ زمن قديم بأسعار كراء منخفضة، فيتم التدخل بطرق ملتوية وفاسدة لدى المحاكم لإفراغ هذه الأسر بالقوة، واستغلال كل هذه الأملاك لهدمها وإعادة بناء عمارات جديدة وبيعها بسعر السوق. وقد عملت وزارة السكنى على تأسيس خلية على مستوى المفتشية العامة، ووضعت رقما للاتصال لمواكبة هذه الحالات، لأننا لا يمكننا أن نتدخل في ملك الغير على اعتبار أن الأمر لا يتعلق بملك عام، بل بالخواص. – ملف «مافيا» العقارات يجرنا إلى تعثر بعض المشاريع، منها ملف شركتي «جنرال كونتراكتور» و«هداية». أين وصل هذا الملف؟ اليوم، استطعنا أن نربح أشواطا قضائية على مستوى القضيتين. ففيما يخص شركة «جنرال كونتراكتور» استرجعنا الملكية وحق التصرف في العمارات المبنية، والأراضي التي لم يتم بناؤها لحد الآن، وإن كانت الشركة تواصل محاولة توقيف هذه القرارات على مستوى القضاء، والجمعيات تعلم بالمجهودات التي بذلت على هذا المستوى، إلى درجة أننا سنضطر إلى هدم 48 عمارة وإعادة بنائها، على اعتبار أن الدراسة التي قمنا بها أبانت بأن أساسات هذه البنايات لم تكن متينة. – تقول إن الأساسات لم تكن متينة، لكن أين آليات المراقبة؟ الأمر يتعلق بتفويت ملكية أراض إلى شركات خصوصية للقيام ببنائها. هناك، طبعا، مراقبة لم تتم على مستويات أخرى، وليس من طرف «العمران» أو الوزارة. وعلى كل حال، فقد تجاوزنا هذا الأمر وتوصلنا إلى حل لهذا الملف، وسنشرع في البناء لنسلم الأسر المعنية شققها خلال سنة ونصف. وبالنسبة إلى الأراضي الأخرى سنشرع في المشاريع المناسبة لطي هذا الملف نهائيا. أما بالنسبة إلى مشروع «هداية» فقد اقتربنا من الحل، حيث ربحنا تحكيما على مستوى غرفة التحكيم الدولية في باريس، ونحن بصدد بلورة الحل الذي استلزم كل هذا الوقت، بالنظر إلى المساطر القضائية والقانونية التي تم اتباعها. – لننتقل إلى بعض الملفات المرتبطة بالحكومة ككل، ومنها مسألة الاحتجاجات. إذ لطالما ربط رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الاستقرار بحجم الاحتجاجات في الشارع، ومؤخرا لاحظنا خروج الأطباء والأساتذة المتدربين، تحت يافطة تنسيقيات وليس في إطار المؤسسات التقليدية كالنقابات. ألا يشكل هذا الأمر خطرا؟ مؤخرا، ونحن نتحدث عن هذا الموضوع في مجلس الحكومة، على إثر الإضراب العام الأخير، عبرت عن رأي أكرره أمامكم. هذا الرأي هو أن الحديث عن استقرار الشارع والمظاهرات «فيه وفيه»، فربما الجانب الإيجابي فيه هو أننا لم نعد أمام ما كنا عليه في سنتي 2010 و2011 وقبل بروز حركة 20 فبراير، من خلال خروج حركات عفوية في مختلف أنحاء التراب الوطني للتعبير عن رفض للقوانين ولكل ما هو مؤسساتي، واحتلال عدد من الإدارات، وهو أمر يميل أكثر إلى الفوضى ولا يستقيم في نظام ديمقراطي تكون فيه المؤسسات قوية. في المقابل، هناك عدم ارتياح بشكل ما لكون النقابات لا تستطيع أن تجمع مئات الآلاف من المواطنين عندما تدعو إلى إضراب عام، فلا أعتقد أن ذلك شيء إيجابي. وبالنسبة إلينا كبلد يبني ديمقراطيته ويطور مؤسساته، فالنقابات والأحزاب هي من المؤسسات. وكما يقال، فإن التحكم في المجال السياسي، وأنا من أنصار هذه الفكرة وممن دافعوا عنها، هو أمر خطير يفقد الأحزاب مصداقيتها ويجعلنا نذهب إلى عالم الفراغ، وفي ذلك مخاطر حقيقية على أي نظام سياسي يريد أن يكون قويا. ونفس الشيء ينطبق على الحركات الاجتماعية والنقابات. فهذه الأخيرة جزء من مؤسسات البلاد، ويتعين أن تكون نقابات قوية لها القدرة على تأطير كل فئات الشعب في مختلف القطاعات. ما نلاحظه اليوم هو أن هناك عددا من الحركات العفوية وعددا مما يسمى بالتنسيقيات غير التابعة لأي نقابة، وبالتالي لا نعرف مع من ستتحاور الدولة وتقيم الحوار الاجتماعي وتصل إلى نتائج ملموسة، هل مع مجموعات عفوية لا نعلم من أين تخرج، أم مع شيء آخر؟ ليس هكذا يمكن أن نبني بلدا ديمقراطيا. – وهل تحرك حزب التقدم والاشتراكية في هذا الموضوع؟ حزب التقدم والاشتراكية نادى بشكل قوي إلى ضرورة الحوار ومأسسته. إذا تمكنت الدولة، في بعض الحالات، من معالجة القضايا المطروحة فلتقم بذلك، وإذا لم يكن بإمكانها ذلك لما يمكن أن يكون له من انعكاسات مالية قد تؤثر على التوازنات الكبرى للبلد، فيتعين أن تكون صريحة، وأن تقول، في إطار الحوار الاجتماعي، إنها لا تستطيع الاستجابة لذلك. – ألا ترى بأن الحكومة تورطت في الملف الخاص بالأساتذة المتدربين؟ الملف انطلق بفكرة صحيحة للحكومة فيما يتعلق بعدم إمكانية ربط التكوين بالتوظيف، على اعتبار أن النجاح في المباراة تم من أجل التكوين وليس التوظيف. يجب أن نكون صرحاء مع المواطنين، فأنا رجل ينتمي إلى اليسار، لكنني أتحمل مسؤوليتي، وحتى لو كنت خارج الحكومة لقلت نفس الكلام. في وقت سابق كانت لدينا الخدمة المدنية، حيث تمنح الدولة للمعنيين تعويضا بقيمة 2000 درهم، نظرا لأن بلادنا كانت في حاجة إلى الأطر للاشتغال في مختلف المدن والإدارات، وقد مكنت هذه الخدمة من إدماج عدد من المشتغلين في إطارها. لكن بعدما أصبح عدد الموظفين مرتفعا لم تعد هناك حاجة إلى الخدمة المدنية، وبالتالي فالدولة ملزمة أن تصارح المواطنين بذلك، وأن تقوم بالتوظيف بقدر معين دون إمكانية إدماج الجميع. – لكن الدولة يجب أن تحمي هؤلاء الخريجين، لا أن توظف البعض وتترك الآخرين يعانون في القطاع الخاص. هذا كلام صائب، إذ يتعين أن نصون حقوق هذه الفئات حتى عندما تشتغل خارج القطاع العام، وأن يحترم القطاع الخاص الحقوق المرتبطة بالأجر والتعويضات والتغطية الصحية والاجتماعية. بيد أنه حفاظا على مصلحة الدولة لا يمكن أن أدافع عن كون الوظيفة العمومية هي المسلك الوحيد لكل متخرج من الجامعة المغربية، لأن ذلك إعلان عن فشل الدولة المغربية، وبأننا نسير إلى الإفلاس. من يدبر عليه أن يكون صريحا مع المواطنين، فالقطاع العمومي لا يمكن أن يكون المشغل الأول في الاقتصاد الوطني، فهذا الأخير عليه أن يكون قادرا على إحداث ما يكفي من فرص الشغل من خلال تنمية آلة الإنتاج وتعزيز النسيج الاقتصادي المغربي. – وماذا عن ورش إصلاح نظام التقاعد؟ أنا أميل، شخصيا، كإنسان ومناضل، إلى أن هذه حقوق اكتسبها عدد من المغاربة، ويجب أن نحافظ عليها، لكننا نرى واقعا معينا يجعل هذه الصناديق تعاني وتوجد قاب قوسين من الإفلاس، وهو ما قد يؤدي إلى زوالها وحرمان الموظفين الحاليين أو القادمين من الاستفادة منها، علما أن أغلب هؤلاء ينتمون إلى الفئات المستضعفة. وبالتالي إذا كنت تقدميا فعلا، فعلي أن أفكر في استمرارية هذه الصناديق، وعلينا أن نجد الحل. – هناك من يرى بأن هذه القراءة تقنية وليست مقاربة سياسية، على اعتبار أن الأمر يتعلق بمستوى الحكامة في هذه الصناديق، خاصة الصندوق المغربي للتقاعد، وسوء استثمار مدخرات المنخرطين. هذه ليست قراءة سياسية، بل سياسوية. القراءة السياسية الحقيقية هي القراءة المسؤولة، فأنا متفق بأن هذه الصناديق لم تدبر بشكل جيد، وسأتحدث عن الحل الذي اقترحناه في حزب التقدم والاشتراكية. الآن هذه الأمور لم تتم، والنتيجة هي أن هذه الصناديق قاب قوسين من الإفلاس، والدولة التي يجب أن تضخ فيها مليارات الدراهم يتعين عليها أن تسحب هذه التمويلات من قطاعات اجتماعية كالصحة والتعليم والسكن والتجهيزات بشكل عام. وفي اعتقادي، فالحل التقني هو الذي يعتمد فقط على المعايير، وهذا لا نقول به في حزب التقدم والاشتراكية، لكن الإصلاح ضروري. – وماذا تقترحون في حزب التقدم والاشتراكية؟ يتعين أن نعالج الموضوع في شموليته، فلا يكفي أن تكون لدينا مقاربة تعتمد على تغيير المقاييس الثلاثة المعمول بها. جميل أن نقوم بذلك، لكن القيام بهذه الإجراءات فقط سيؤدي بنا إلى نفس النتيجة بعد سنوات، والحال أن الطابع الشمولي للإصلاح يعني أن نغير المقاييس، لكن بما يفتح باب النقاش مع النقابات لتليينها، وألا تكون قاسية في حق الفئات المستضعفة. يتعين أيضا أن لا يهم الإصلاح فقط الصندوق المغربي للتقاعد، فكخطوة أولى يمكن فعل ذلك، لكن بعد ذلك يجب أن يشمل الإصلاح أيضا الصناديق الأخرى لنصل في نهاية المطاف إلى صندوق عمومي وآخر خاص. وفي اعتقادنا، فالحل الحقيقي هو توسيع التغطية لتشمل جيشا عرمرما من الذين لا يتوفرون على معاشات. عندما نناقش مع النقابات المطالب المرتبطة بالقطاع العام والموظفين، يتعين ألا ننسى أيضا أن هناك من لا دخل له، وهذا موقف تقدمي صرف. نتكلم عن تحسين وضعية من يتوفرون على دخل، لكن ماذا سنفعل بالنسبة إلى من لديه «0 درهم» كدخل؟ والحال أنه يتوجب أن نوفر لهؤلاء إمكانيات العيش وتمدرس الأبناء والتطبيب، وبالتالي فالحوار الاجتماعي الحقيقي يتعين أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الفئات أيضا. – إشكالية إصلاح أنظمة التقاعد رافقها، مؤخرا، نقاش حول معاشات البرلمانيين. ما موقفك من هذا النقاش؟ إذا أراد البرلمانيون أن يحصلوا على معاش، فيمكنهم ذلك من خلال مساهماتهم الشخصية، وألا تقدم الدولة أي مساهمة. هذا الأمر من حق البرلمانيين، ويمكنهم أن يؤسسوا تعاضدية تدبر معاشاتهم، وقد وضعنا مقترح قانون في هذا الاتجاه. لكن لا يجب أن نقوم بالديماغوجيا لأن هذا الأمر لن يحل مشكل التقاعد الذي يتعلق بمليارات الدراهم، فهناك، مثلا، 24 مليون درهم تمنح سنويا ل113 وزيرا، لكن عجز التقاعد يصل إلى مليارات الدراهم. «باراكا» من الديماغوجيا، فأنا مستعد لأن تلغى هذه المعاشات، لكن لا يجب أن نعتقد بأن هذه الإجراءات ستحل المشكل. يجب أن نفكر في ضرورة التعميم وتوسيع التغطية، مع تحسين الحكامة لنعرف كيف توظف هذه المدخرات لأنها أموال الشعب. هناك المفتشية العامة لوزارة المالية ومجالس الحسابات ومكاتب الدراسات ورزمة من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتكون صناديق التقاعد خاضعة لمراقبة وافتحاص دوريين. هذا هو موقف حزب التقدم والاشتراكية، وندفع من داخل الحكومة في هذا الاتجاه. – هذا الموقف الخاص بالتقدم والاشتراكية يجرنا إلى سؤال يتعلق بأداء وزراء الحزب، خاصة بعدما سُلط الضوء بشكل كبير على عبارة «جوج فرنك» التي قالتها الوزيرة شرفات أفيلال. كيف تقيم أداء وزراء حزبك؟ وهل هذه الحكومة تعاني أزمة في التواصل؟ بكل موضوعية، هو أداء جيد لله الحمد. نعم أنا أحاسب الوزراء، لكن لا يمكن أن أؤاخذهم على بعض الهفوات اللسانية. أعتقد أن هناك، اليوم، حضورا أقوى بكثير للجوانب التواصلية الإيجابية منها والسلبية، فما كان يتداول في الحقل السياسي قبل سنوات لم يكن يحظى بنفس درجة التتبع، وهذا لا يعني أن هذا التتبع إيجابي أو هناك قدرة حقيقية لدى الرأي العام لمحاسبة المسؤولين، والمتمثلة أساسا في المحاسبة الديمقراطية التي تبقى أسمى الطرق في هذا المجال. مع الأسف، المحاسبة الحقيقية غير موجودة بشكل كاف في المغرب، فما نجده هو تتبع عدد من القضايا البسيطة في كثير من الحالات، ونوع من الإساءة المفرطة للسياسيين والمسؤولين عموما. طبعا هذا ليس توجها صحيحا، فنحن نرى أن ما تقوى في المغرب هو نوع من النظرة السلبية تجاه كل من يحمل صفة المسؤول، وعلى رأسهم السياسيون والبرلمانيون والوزراء والمنتخبون، حيث يتم وضع الجميع في سلة واحدة. أنت وزير إذن أنت فاسد، وأنت نائب إذن أنت فاسد، ونفس الأمر بالنسبة إلى رئيس جماعة أو مسؤول في حزب وغيرهم، وهذا أمر خطير. إذا ذهبنا في هذا الاتجاه سنعمم ذلك على جميع الفئات من مهندسين وأطباء وأساتذة وموظفين، وسنشيع في المجتمع ثقافة مفادها أن كل من يتحمل المسؤولية، كيفما كان نوعها، هو فاسد، وإن كان الفساد موجودا، ويشمل أيضا المجال السياسي. – هذا الأمر صرحت به عندما أكدت بأن 70 بالمائة من أعضاء مجلس المستشارين فازوا بمقاعدهم باستعمال المال… تحدثت عن هذا الأمر، لكن هناك أيضا ال30 بالمائة الأخرى، ويمكن أن تصل هذه النسبة إلى 50 بالمائة. ربما بالغت شيئا ما عندما قلت إن الأمر يتعلق بنسبة 70 في المائة، بيد أنه يوجد في مقابل الفاسدين مناضلون كافحوا وزُج بهم في السجون ولم يخافوا من القمع ووهبوا شبابهم وحياتهم من أجل الديمقراطية في بلادنا. هناك سياسيون ينتمون إلى أحزاب ديمقراطية حافظوا على نزاهتهم ولم يسبق لهم أن حصلوا على «ريال» أو تورطوا في الفساد، بل حاربوا الرشوة. هل فقط وجود بعض الناس يتحدثون في الفايسبوك والمواقع يعني أنهم أبدعوا للتو مسألة محاربة الرشوة وعدم الاستفادة من الدولة؟ ألم يقم من سبقوهم بمحاربة الفساد؟ لما كنت طالبا كان بعض الأصدقاء يطلبون مني عدم الحديث عن التغيير، ويقولون لي: «إيلا بغيتي تمشي للحبس سير ليه بوحدك». أتحدث هنا عن مئات وآلاف الناس الذين ناضلوا ومازالوا يناضلون، وعن منتخبين يكافحون وينفقون من مالهم الخاص، وعن برلمانيين يحضرون في اللجان ويقطعون مسافات طويلة ليقدموا المقترحات ويناقشوا بجدية، دون أن يكونوا فازوا بمقاعدهم باستعمال المال. – هل هذه الأمور التي تتحدث عنها لها خلفية «تحكمية». هناك من يسبح في المياه العكرة. وبالنسبة إلى الرفيقة شرفات أفيلال، زلة اللسان موجودة، وعبارة «جوج فرنك» ما كان عليها أن تقولها، لكنني أتوفر على بعض المعطيات التي تشير إلى أن البعض حاول شراء بعض المواقع الإلكترونية لتكتب مقالات ضد الوزيرة، وأعلم أن ذلك ينبع من تيار سياسي معين. – هل تقصد من تصفونهم ب«التحكم»؟ شخصيا، لازلت أتحرى في الموضوع، ولا يمكنني أن أقول ذلك بشكل صريح، لكنني أقول لأصحاب التحكم حذار. إذا كنتم تريدون الإساءة إلى حزب التقدم والاشتراكية فابحثوا عن أشياء أخرى، فمناضلونا لديهم الجرأة، وعندما نخطئ نعتذر. هذه الرفيقة أخطأت في كلمة واعتذرت عنها، واعترفت بأنه ما كان عليها أن تقولها. وشخصيا، توجهت إليها بعد البرنامج وقلت لها إن الرأي العام لن يقبل هذه العبارة، وعليك أن تصدري موقفا الآن، لكنها تأخرت بعض الشيء في القيام بذلك، وإن كانت فعلته في الأخير. أعترف بأن تلك العبارة ما كان عليها أن تقولها، لكن هل يستحق ذلك هذه الحملة بكاملها؟ شرفات عاشت في وسط فقير وخرجت من تطوان للدراسة، وقد كانت في الحزب منذ سن الثامنة، ولم نأت بها من حزب آخر أو تسلقت لتصبح وزيرة. وأشير هنا إلى أن والدها، الذي كان مناضلا في الحزب، سمح لها بالانتقال إلى الرباط للدراسة في المدرسة المحمدية للمهندسين وقد كانت تناضل معي في المكتب الوطني للشبيبة لما كنت رئيسا له في التسعينيات، حيث درست في ظروف صعبة، ولم يكن لها الحق لتناضل بالنظر إلى النظام العسكري في المدرسة. بعد ذلك تخرجت وأصبحت مهندسة في المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وبقيت مناضلة في الحزب إلى يومنا هذا، وحسنت أوضاعها الاجتماعية اعتمادا على نفسها. في الصيغة الأولى للحكومة اقترحت عليها أن تكون وزيرة لكنها رفضت الاستوزار، وبعد ذلك ضغطت عليها، خاصة أن القطاع الذي كان سيتولاه الحزب يتناسب مع مجال اشتغالها، وهي اليوم تقوم بعمل هائل على مستوى هذه الوزارة. فلماذا كل هذه الحملة ضد هذه المناضلة، وقد قدمت اعتذارا عما صرحت به؟ أنا أقر بأن الأمر فلتة لسان لأن منشط البرنامج كان يسعى إلى إيجاد هفوة لها، وكان قاسيا عليها إلى درجة أنه نشر الأمور التي كتبت ضدها في موقعه، فهل هذا منشط مسؤول؟ هذا الشخص يحتاج إلى متابعة من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لأنه خرج عن واجب التجرد الذي يجب أن يلتزم به. – هل هذا اتهام مباشر للبرنامج بأنه كان يريد إسقاط أفيلال في الفخ؟ هذا الأمر وقع معي ومع عدد من المسؤولين الآخرين. هناك توجه فيه استصغار للمسؤولين وانعدام للياقة وعدم احترام مكانة الضيوف والناس دون حتى أن يكونوا مسؤولين، من خلال طريقة كلام منشط البرنامج. أضف إلى ذلك أن الأمر يتعلق بتلفزيون عمومي، لكن الصحافي يقول إنه ينقل ما يقوله الشارع، والحال أنه يجب أن يطرح أسئلة عميقة حول مسار البلاد، لأنه يسير برنامجا في تلفزيون عمومي. هذه الأمور وجهتها إلى الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ومما أقدم عليه أنه ألزم المعني بالأمر بسحب ما نشره لأن ذلك ليس معقولا. طبعا هذا الأمر ليس تدخلا في البرنامج، لكن لا يجب على منشطه أن يكون طرفا، والحال أنه قام بنشر ما كتب عن أفيلال وكأنه يتلذذ بذلك، وهو خطأ مهني جسيم. نحن مستعدون للحساب حول كل الأمور، و«اللي فرط يكرط»، فإذا ثبت أننا حصلنا على الأموال حاسبونا، وإذا لم ندبر الأمور بشكل جيد حاسبونا، لكن احترموا المناضلين لأن هناك وسط السياسيين والحزبيين من وهب حياته لهذا الوطن وللشعب. – وهل ستنفتحون على العدالة والتنمية؟ الواقع يحتم علينا ذلك لسببين. أولا، نحن لا نتوفر على الحزب الأغلبي على مستوى الكتلة. وثانيا، هذا الحزب تطور ويريد أن يتعامل مع الكتلة، ناهيك عن أن ممارسته الحكم مدة خمس سنوات تؤكد أن عددا من التخوفات من قبيل القرارات النكوصية والرجعية أو التي تضرب حقوق الإنسان والديمقراطية غير موجودة. هؤلاء الناس بإمكاننا أن نواصل التعامل معهم لأن مصلحة البلاد تقتضي ذلك. كما أن الأطراف السياسية، التي ترى بأنها يمكن أن تصطف معنا، هي الأخرى مرحب بها. بعض الناس يقولون كلاما خارجا عن الإطار، والحال أن أحزاب الكتلة شاركت سنة 1998 في حكومة يترأسها عبد الرحمان اليوسفي مع أحزاب كانت تقول إنها إدارية، وهذا الأمر وقع أيضا مع حكومتي جطو وعباس الفاسي لأسباب مرتبطة بتشتت الساحة السياسية المغربية. – وماذا عن الحزب الذي تصفونه بالتحكم؟ يصعب ذلك لأن الشعب رأى، وكل واحد اختار خندقه. وحتى حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، اللذين اشتغلا معه من داخل المعارضة، استخلصا الدروس، وأنا أحترم هذين الحزبين إلى درجة لا تتصور. وبالتالي نحن نؤكد أن الحركة الوطنية الديمقراطية هي التي يمكن أن تشكل إلى جانب المؤسسة الملكية العمود الفقري للمشروع الديمقراطي المغربي وليس هناك خيار آخر، وأي واحد يريد أن يغير هذا الخيار بالقوة يخطئ «وغادي يجيبها فالعين العورة»، وكل من يعتبر بأنه بهذه الطريقة سيواجه التيارات الأصولية والإسلامية، هو يقويها في الواقع، وقد رأينا في التجربة الأخيرة من استفاد، وكيف تركت الأحزاب الأخرى على الهامش عندما تعلق الأمر بالمواقع الأساسية، ومنها رئاسة مجلس المستشارين والجهات الأساسية. أعتقد أن الناس «خاصهم يعيقو ويفيقو»، ويعرفون أين نحن اليوم. البيجيدي يريد التعامل مع الكتلة ولم تسجل في عهد الحكومة مواقف نكوصية ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان بالحديث عن السياسيين النزهاء، أعدت مؤخرا طرح إمكانية إحياء الكتلة الديمقراطية بصيغة جديدة. هل ستتوجهون نحو الكتلة، ونجد معكم حزب العدالة والتنمية؟ حزب التقدم والاشتراكية لم يعلن في أي يوم من الأيام أنه أدار ظهره أو يرفض هذا الإطار ويعتبره متجاوزا، والحال أن آخرين من الكتلة هم الذين فاهوا بهذا الكلام. أذكركم بما كان يُقال في 2009 و2010 و2011، ففي ذلك الوقت كان الحزب يطرق الأبواب ويحذر من أن التحكم الذي نراه يعود، يستلزم رد فعل قويا، وهو الرد الذي لا يمكن أن يأتي إلا من الكتلة الديمقراطية. هذه رسائل مكتوبة، سواء تلك التي وجهها إسماعيل العلوي لما كان أمينا عاما للحزب أو تلك التي كتبتها شخصيا، حيث تم إرسالها إلى حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في تلك الفترة. طبعا لا أحد أجابنا كتابة عن هذه الرسائل، إلا أن هناك جهات كانت تقول إن عهد الكتلة انتهى، وبأنها لا تريد أن تفرش الأرض للحزب الآخر. هذا صراع أساسي بين حزبين، لم يكن التقدم والاشتراكية مسؤولا عنه. أنا أقول ما حدث ولا أكذب. ولما تأسست الحكومة، طلب مني بنكيران أن أساعده بشأن الكتلة، فحاولت ذلك من خلال طرق الأبواب، وقد كان هناك استعداد من قبل عباس الفاسي لما كان أمينا عاما للاستقلال. وبعد الانتخابات التشريعية طرحنا السؤال التالي: هل سنصطف مع قوى التحكم أم نضغط على أنفسنا ونبحث عن إمكانية التعامل مع العدالة والتنمية بشروط؟ واعتبرنا بأن مصلحة البلاد والبناء الديمقراطية تقتضي أن نشتغل مع «البيجيدي» بشروط ناقشناها معه، حيث وجدنا أن بنكيران وحزبه يرغبان في وجود الكتلة داخل الحكومة ومستعدان لوضع ميثاق يضع حدا لعدد من التخوفات، وهو ما قمنا به. وقد قبِل حزب الاستقلال ذلك، لكن الإخوان في الاتحاد الاشتراكي رفضوا لأسباب يقولون إنها داخلية. – وهل نضجت الظروف اليوم؟ حزب الاستقلال أُخرج من الحكومة، وبعد ذلك وقعت تطورات نضجت في الانتخابات الأخيرة، حيث اختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نعرف من ينتمي إلى الأغلبية ومن ينتمي إلى المعارضة، وأعطينا صورة مشوهة عن المجال السياسي في البلاد، خاصة فيما يتعلق بانتخابات رؤساء الجهات ورئاسة مجلس المستشارين، وفي هذا الصدد خرجت بتصريحات حول عدة ممارسات مختلفة. وقد صرحت بأن ما وقع على مستوى رؤساء الجهات لا علاقة له بالمصداقية والصواب فيما يخص احترام التحالفات. وبالنسبة إلى مجلس المستشارين قلت إن جزءا كبيرا استعمل المال للوصول إليه، وهذا هو الواقع، ولا أحد يمكن أن يقول لي شيئا آخر. بعد هذه المحطات نضجت ظروف جديدة، ولذلك فحزب التقدم والاشتراكية يقول إنه عفا الله عما سلف، وليس أساسيا أن نرى من كان على صواب أو خطأ، بل يجب أن نعرف إن كنا نريد بناء معسكر يواصل ما أردناه على مستوى المهام التاريخية للكتلة الديمقراطية أم لا، وبالتالي يجب علينا أن نلتف.