أسعار العقارات في الرياض ترتفع 50% خلال ثلاث سنوات    زلزال بقوة 7,1 درجات قبالة جزر تونغا    كأس العرش: فرق قسم الصفوة تعبر إلى ثمن النهائي دون معاناة تذكر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    باحثون مغاربة يفسرون أسباب اختلاف إعلان العيد في دول العالم الإسلامي    الصين وأفريقيا الغربية: آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتنمية المشتركة    الموت يفجع الكوميدي الزبير هلال بوفاة عمّه    دراسة تؤكد أن النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    نتنياهو يطالب حماس بتسليم السلاح    لماذا يدافع الفرنسيون ومثقفو المخزن عن صنصال ولا يفعلون ذلك مع منجب؟    لا شيء خارج النص! كما يقول (جاك دريدا)    احتجاجات حاشدة في عدة مدن مغربية دعما لغزة ضد الإبادة الصهيونية ورفضا للتطبيع    "الفاو" تحذر من تفشي الجراد في شمال إفريقيا وتدعو إلى عمليات مسح    نتنياهو يتحدى مذكرة اعتقاله ويزور المجر في أبريل    تكبيرات العيد في غزة وسط الدمار    كان سينظم بالمغرب.. تغيير مفاجئ في مكان وموعد اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الافريقي لكرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال في تايلاند إلى 17 قتيلا على الأقل    منظمة الصحة العالمية تواجه عجزا ماليا في 2025 جراء وقف المساعدات الأمريكية    طنجة.. توقيف شقيقين بسبب السياقة الاستعراضية وتعريض سلامة المواطنين للخطر    الاستقالات تبدأ بالتقاطر على مكتب لشكر بعد تصريحاته حول مسؤولية "حماس" في جرائم غزة    حفلة دموية في واشنطن.. قتيلان وأربعة جرحى في إطلاق نار خلال شجار عنيف    بنعبد الله: الأرقام الحكومية تؤكد أن 277 مستوردا للأبقار والأغنام استفادوا من 13,3 مليار درهم (تدوينة)    إفطار رمضاني بأمستردام يجمع مغاربة هولندا    لقجع يحث منتخب أقل من 17 سنة على تشريف الكرة المغربية في كأس إفريقيا    صيباري: أتمنى المشاركة في مونديال 2026 وأحلم بالاحتراف في الدوري الإنجليزي    زلزال بورما.. تواصل جهود الإغاثة والإنقاذ والأمم المتحدة تحذر من "نقص حاد" في الإمدادات الطبية    كأس الكونفدرالية... تحكيم جنوب إفريقي لمباراة الإياب بين نهضة بركان وأسسك ميموزا الإيفواري    مدينة المحمدية تحتضن لأول مرة بطولة المغرب للمواي طاي لأقل من 23 سنة وللنخبة وكذا كأس سفير مملكة التايلاند بالمغرب    تتويج فريق جيل المستقبل بطلاً للدوري الرمضاني لبراعم المدارس الكروية بإقليم الدريوش    عميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش يؤكد انخراط الكلية في تشجيع الشباب والأطفال على القيم الدينية والثقافية والإستمرارية في دعم مسابقة القرأن الكريم لجمعية نادي إقرأ الثقافي    حبس رئيس جماعة سابق بالبيضاء    جمعية تطلب مؤازرة مؤسسات رسمية لاستخدام الأمازيغية في القضاء    دوافع ودلالات صفعة قائد تمارة    السغروشني تكشف دعم "البنود" لإنشاء مركز ثانٍ للذكاء الاصطناعي بالمغرب    مراهقون خارج السيطرة    30 مارس ذكرى يوم الأرض من أجل أصحاب الأرض    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    يقترب الدولي المغربي " إلياس أخوماش " من العودة إلى الملاعب    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    ارتفاع الدرهم مقابل الدولار والأورو وسط استقرار الاحتياطات وضخ سيولة كبيرة من بنك المغرب    بوصوف: هكذا التف المغاربة حول أمير المؤمنين في ليلة القدر المباركة    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    نقاش "النقد والعين" في طريقة إخراج زكاة الفطر يتجدد بالمغرب    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    في الفرق الدلالي والسياقي بين مشهدية الناس ومنظورية العالم    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    على قلق كأن الريح تحتي!    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    رقمنة الإستفادة من تعويضات العلاج ل"CNSS".. هذه هي الخطوات الجديدة التي يجب اتباعها من قبل المؤمن لهم    الصين تعتمد مخططا للتحول الرقمي للصناعة الخفيفة    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    معنينو يكشف "وثيقة سرية" عن مخاوف الاستعمار من "وطنيّة محمد الخامس"    ترجمة "نساء الفراولة" إلى العربية    لائحة الشركات التي تقدمت للإستفادة من الدعم المخصص لأضاحي العيد العام الماضي    أوراق من برلين.. أوقات العزلة المعاصرة: اكتشاف الشعور الكوني    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    العامل المنصوري يبشر بمشروع "مدينة الترفيه والتنشيط" لتطوير إقليم تطوان وخلق فرص للشغل    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تتحول الأمهات إلى قاتلات
قصص نساء تخلصن من أطفالهن حديثي الولادة إما حرقا أو رميا في المياه العادمة أو في حاويات الأزبال
نشر في المساء يوم 01 - 01 - 2016

بمجرد أن تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي تستوقفك مشاهد مرعبة لرضع مرميين في حاويات الأزبال وقرب أبواب العمارات أو بالحدائق العمومية. ظاهرة انتشرت بشكل مرعب في الآونة الأخيرة، وأصبحت تثير الكثير من علامات الاستفهام. كيف يمكن لأم أن تتخلى عن فلذة كبدها بهذه الطرق القاتلة؟ ذلك الجنين الذي حملته تسعة أشهر في أحشائها، ترميه في الأخير، بعد أن تلده، في مياه عادمة أو قرب حاويات الأزبال بدم بارد، تاركة البرد والجوع ينهشانه، أو تلفه في قماش أو كيس بلاستيكي، فيلقى حتفه جوعا أو خنقا أو افتراسا من طرف الكلاب التائهة. وليد لا يزال لحمة صغيرة، ببشرة حمراء، يصرخ صراخا يصعب على أي إنسان تحمله، ذنبه الوحيد أنه ولد بنصف هوية في وسط اجتماعي لا يعترف به. ظاهرة التخلي عن الرضع أصبحت تتكاثر بشكل مخيف بالمغرب، ففي كل شهر تسجل العديد من الحالات على الصعيد الوطني، حالات تقشعر لها الأبدان وتوجه أصابع الاتهام فيها إلى الأسرة والمجتمع وجمعيات المجتمع المدني.
قصص مؤلمة
تحكي سمية (اسم مستعار) البالغة من العمر 30 سنة ل «المساء» قصتها الأليمة مع ابنها، الذي تخلت عنه وهو لا يزال في شهره الأول. تقول سمية إنها كانت تشتغل خادمة بأحد المنازل وجمعتها علاقة صداقة مع ابن صاحبة البيت، لكن سرعان ما تطورت إلى حب، ثم إلى وعد بالزواج، قبل أن تكتشف بعد مرور الأيام أنها حامل، وحين أخبرت ابن ربة البيت بالموضوع طلب منها القيام بعملية الإجهاض، لكنها رفضت خوفا عن حياتها، وغادرت المنزل التي كانت تعمل فيه وتوجهت إلى امرأة مولدة «قابلة»، فحكت لها ما حدث، وطلبت منها أن تقطن بمنزلها مدة 9 أشهر مقابل مبلغ مالي، فوافقت «القابلة» على ذلك. وحسب ما روته سمية، فإن تلك المرأة كانت لها علاقات مع العائلات التي ترغب في تبني الأطفال، ولما جاء يوم الوضع أنجبت سمية ابنا لم يبق في حضنها سوى ثلاثة أيام، وبعد ذلك تركته في حضن تلك المرأة المسنة دون أن تسأل عنه حتى يومنا هذا. وإذا كانت سمية قد وجدت من يتكفل بابنها، فإن نساء أخريات في مثل وضعها لا يجدن من يتكفل بأبنائهن بعد ولادتهم فيضطررن إلى رميهم في أي مكان. تروي فوزية، البالغة من العمر 28 سنة، أنها وجدت رضيعا في «بوديزة» مرميا في المياه العادمة. تحكي فوزية أنها عندما كانت في طريقها إلى العمل شاهدت ازدحاما كبيرا، فتوجهت إلى المكان المحاصر بالنساء والرجال والأطفال، فشاهدت رضيعا داخل قنينة بلاستيكية من الحجم الكبير ملقى به في مياه عادمة. وبعد ذلك بقليل جاء رجال الشرطة إلى عين المكان وقاموا بالتحقيق، لكنها لم تستطع معرفة ما حدث بعد ذلك لأنها اضطرت إلى مغادرة المكان للذهاب إلى العمل. مروان البالغ من العمر 20 سنة يحكي هو الآخر قصة رضيع تم العثور عليه بإحدى البنايات المهجورة، التي اعتاد أن يلعب كرة القدم بالقرب منها. كان مروان يجد صعوبة في وصف حالة ذلك الرضيع. كان المكان محاصرا برجال الشرطة، يحكي مروان، قبل أن يضيف أن جثة الرضيع كانت مشوهة بالنار كي لا يتم التعرف على هويته. ويقول مروان إن صورة ذلك الرضيع لم تفارق مخيلته طيلة أشهر، قبل أن يضيف متسائلا: «كيف يمكن لأم أن تتخلى عن فلذة كبدها بتلك الطريقة؟!».
سؤال الاستقرار الأسري وأزمة القيم يطرح نفسه بحدة بخصوص انتشار هذه الظاهرة، التي يصعب الإحاطة بتفاصيلها ومحدداتها وأسبابها، إلا أنها مع ذلك تعكس شرخا في المجتمع المغربي، يجب التعامل معه بجدية وحزم، حسب المتخصصين في المجال.
«بحال بنادم بحال الحيوان»
في فيديو متداول على موقع اليوتيوب يظهر وليد مرميا ببحيرة الفردوس في حي الألفة بالدار البيضاء. الوليد كان يرتعد من شدة البرد ويبكي حين عثر عليه أحد الشبان. الشاب الذي أنقذ الوليد كان يهم برمي الأزبال بذلك المكان، فإذا به يسمع صوت صراخ آدمي، قبل أن يلاحظ جسد وليد يطفو فوق مياه البركة. وكان ذلك الرضيع، الذي يبدو أنه لم يتجاوز بعد 6 أشهر من عمره، قضى الليل كله في تلك البركة. ولحسن الحظ أن ذلك الشاب كان في ذلك المكان وأنقذه من موت محقق. وفي تعليقه على الحادث قال الشاب: «بحال بنادم بحال الحيوان». وفي مدينة البوغاز طنجة، عُثر على وليد متخلى عنه بالقرب من حاوية أزبال بحي الخربة غرب المدينة. وقد تم العثور على الوليد بعد أن سمع مواطنون كانوا بأحد المقاهي صراخا غريبا ينبعث من جانب قمامة للأزبال بالقرب من معهد للا مرية للأطفال الانطوائيين بطنجة، وبعد التفتيش فوجئ أولئك المواطنون بوليد يبدو من خلال المعاينة الأوّلية أنّ عمره لا يتجاوز 15 يوما. هذه المشاهد التي تقشعر لها الأبدان تترجم واقعا صعبا يبين استفحال انتشار ظاهرة التخلي عن الأطفال والرضع، التي أضحت، حسب المهتمين، ظاهرة خطيرة ومثيرة للقلق.
وقائع هذا العام
في سنة 2015 سجلت عدة حالات تداولتها مختلف وسائل الإعلام لرضع تم الرمي بهم في الشارع بعدة مدن، وهو ما تثبت بأن ما يتحدث عنه المتخصصون ينذر بالخطر. فبدوار بعقلية بجماعة احمر الكلالشة، إقليم تارودانت، تم العثور في شهر دجنبر من هذه السنة على وليدة في شهرها الأول وضعت في علبة كارطون وتركت في الطريق العام وهي لا تزال بصحة جيدة. وقد اتصل مجموعة من الأشخاص من دوار بعقلية بالسلطات المحلية بقيادة احمر، وتم بعد ذلك إخبار درك تارودانت، الذي حضر إلى عين المكان، وتم نقل الوليدة إلى المستشفى لإجراء الفحوصات الضرورية، وبعد ذلك تم وضعها بدار الأطفال للا آمنة بتارودانت في انتظار الانتهاء من التحقيق الذي فتحه درك تارودانت في الموضوع . وفي الجماعة القروية تغازوت بأكادير لفظ البحر جثة رضيع في مشهد مؤثر للغاية شهر يونيو الماضي، وقد ساهم حبل السرة الذي ظل عالقا به في اكتشافه بسرعة، مما يرجح فرضية أنه تم التخلص منه بتلك الطريقة البشعة فور ولادته برميه في البحر، فتقاذفته الأمواج إلى أن رمت به على مقربة من أحد أكبر المنتجعات السياحية بالمغرب . وقد تم فتح تحقيق في الموضوع لتحديد ملابسات القضية بأمر من النيابة العامة، فيما نقلت جثة الرضيع إلى مستودع الأموات بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني لإجراء تشريح طبي عليها. وفي نفس الشهر تركت سيدة رضيعها عند مدخل مدينة تزنيت، حيث استغلت خلو الشوارع من المارة في الصباح الباكر، لكنها لم تنتبه إلى وجود كاميرا مثبتة بأحد المحلات التجارية وثقت لعملية تخلصها من رضيعها، الذي نقل نحو المستشفى الإقليمي للمدينة. أما بحي المغرب الجديد بمدينة العرائش، فقد تم العثور على وليد في أسبوعه الأول، مهملا في زاوية أحد المنازل، وقد أثار صراخه انتباه المارة، الذين اتصلوا بمصالح الشرطة التي حضرت إلى عين المكان، حيث عاينت وجود الوليد ملفوفا ببطانية، وقد تم نقله على الفور إلى المستشفى الإقليمي للا مريم لإخضاعه للفحوصات الطبية. وأعطت النيابة العامة فور إخبارها بالحادث تعليماتها لفتح تحقيق معمق لتحديد هوية الأم. ويرتقب أن يتم نقل الوليد صوب مركز حنان، الذي يؤوي الأطفال المتخلى عنهم.
مجتمع لا يرحم
حسب ذوي الاختصاص، فسبب التخلي عن الرضع يعود إلى طبيعة العلاقة التي ينتج عنه الابن، فإذا كانت هذه العلاقة غير شرعية، أي خارجة إطار الزواج، ستؤدي إلى تورط المرأة في حمل تضطر بسببه في نهاية المطاف إلى التخلص من وليدها ورميه في الشارع لأنها لن تستطيع مواجهة وسطها العائلي والمجتمع بابن مجهول الأب، ولكن السؤال المطروح هو: من يتحمل المسؤولية في مثل هذه الحالات؟ وما الذي يجب على المسؤولين فعله لتفادي انتشار الظاهرة؟
تحكي فاطمة أن سبب تخليها عن طفلتها التي كانت نتاج اعتداء جنسي هو خوفها من نظرات المجتمع القاسية والعبارات التي ستواجه بها. وتضيف بأنها لو احتفظت بطفلتها كانت ستصبح محط احتقار. «بارك عليا غير هادشي اللي كانحس بيه في نفسي. أما كون خليتها كون تزادني صداع الناس حتى هو»، تقول فاطمة، قبل أن تضيف بأن المجتمع، الذي يهاجم وينبذ وينتقد الزانية والعاهرة والمطلقة والأرملة دون أن يفكر في الأسباب التي دفعتهن إلى ذلك «مجتمع لا يرحم».
أسباب ونتائج
من أهم الأسباب التي تدفع المرأة إلى التخلي عن ابنها، حسب علماء الاجتماع، طبيعة العلاقة التي تنتج عنها الحمل، والتي تكون في أغلب الحالات علاقة غير شرعية، مما يجعل المرأة غير قادرة على مواجهة وسطها العائلي والمجتمع أيضا. فالابن الذي ولد من علاقة «متسخة» يرمى به في مكان متسخ، لذلك تجد الأمهات يفضلن حاويات الأزبال والمياه العادمة للتخلص من فلذات أكبادهن لأنهم في نظرهن «خطيئة». وعادة ما يكون التخلص من الرضيع حيا بعد أن تكون الأم قد فشلت في محاولة إجهاضه. وحسب المتخصصين، سواء في علم النفس أو الاجتماع، فإن هذه الظاهرة، تطرح لمقاربتها نقطتان مهمتان: الأولى تتعلق بالتربية الجنسية، والثانية قيمية تربوية، يتداخل فيها ما هو تربوي بما هو تعليمي وديني. يقول محمد هبوز، وهو أستاذ متخصص في علم النفس، إن التخلي عن الوليد يكون له تأثير على الأم وعليه أيضا، مضيفا بأن الظاهرة وراءها أسباب متعددة، قد تكون اجتماعية أو نفسية أو عائلية، بمعنى أن عاقبة التخلي تعود على الأم التي تتدهور حالتها النفسية، وتتساءل عن صورتها وسط المجتمع وحول نفسها وعائلتها. ويفسر محمد هبوز أن الوليد أو الرضيع المتخلى عنه يصاب بجرح وشرخ نفسي مستقبلا، خاصة حين يكبر ويعي وضعه، ويبدأ في سماع العبارات والأوصاف الموجهة إليه من طرف المجتمع ككل. ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ في نظر الأستاذ هبوز، المرأة تتحمل مسؤولية ذلك لأنها ينبغي أن تكون مستعدة لتحمل كل ما يمكن أن يخطر في بال المجتمع من إهانات وتوجيهات، فإذا كانت الأم قابلة على تكسير هذه الطابوهات يمكن أن تحل بعض المشاكل التي تصيب الطفل، وتكون هي الملاذ لعلاج طفلها. أما في حالة العكس، فإن الطفل هو من سيتحمل المسؤولية، والعواقب غالبا ما تكون وخيمة، وقد تؤدي إلى حالات أخرى كالنفور أو الانكسار أو الهدر المدرسي مستقبلا .
إحصائيات
سبق أن أكدت دراسة قامت بها العصبة المغربية لحماية الطفولة حول ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم أن عددهم بلغ سنة 2008 حوالي 4554 طفلا. كما تبين، حسب إحصائيات المديرية العامة للأمن الوطني لسنة 2010، أن مدينة الدار البيضاء تحتل صدارة المدن التي يعثر فيها على هؤلاء الصغار في وضعية التخلي بنسبة 20 بالمائة، تليها مدينة بني ملال ب16 في المائة، ومراكش ب13 بالمائة، ثم مدينة مكناس ب11 بالمائة. وحسب جمعية أطفال المغرب، فإن الأطفال المتخلى عنهم المعثور عليهم في الشوارع والأزقة، قفز عددهم من 62 ألفا خلال سنتين 2003 و2004 إلى أكثر من 80 ألفا سنة 2009. وأوضح تقرير الجمعية أن جهة تانسيفت -الحوز أكثر مناطق المغرب، التي تشهد ولادة أطفال غير شرعيين من أمهات عازبات، تتكلف جمعيات نسوية بإحصائهم. إذ تشير التقديرات إلى أن عدد الأطفال المزدادين بها سنة 2009 وصل إلى 3066 طفلا، متبوعة بمدن جهة سوس -ماسة -درعة، ب3062، ثم الدار البيضاء الكبرى ب2798 طفلا، مشيرا إلى أن أقل الجهات التي تشهد ولادة أطفال غير شرعيين أحياء سنويا هي وادي الذهب -لكويرة، التي قدر عدد الأطفال الذين أنجبتهم أمهات عازبات فيها، نتيجة علاقة غير شرعية، ب142 طفلا في 2009. وجاء في التقرير ذاته أن مجموع الأطفال المولودين نتيجة حمل غير شرعي، والذين تتكفل بهم وبأمهاتهم جمعيات خاصة وصل سنة 2009 إلى 27 ألفا و199 مولودا. وأضاف التقرير أن معدل الولادات غير الشرعية التي تسجَل في المستشفيات تتجاوز، بقليل، خمسة آلاف ولادة من بين آلاف الولادات السنوية لأطفال غير شرعيين، بمعنى أن غالبية عمليات ولادة الأطفال مجهولي الهوية أو الناتجين عن حمل غير مرغوب فيه تتم خارج المستشفيات. أما حسب بعض الإحصائيات الرسمية التي أعلن عنها بالرباط يوم الأربعاء 11/03/2015 فيسجل المغرب 153 ولادة غير شرعية يوميا، مع التخلي عن 24 مولودا. ويبلغ عدد الأمهات العازبات 200000، مما يؤكد بالملموس أن معالجة مشكل الحمل غير الشرعي ومحاربة آفة الإجهاض السري تتطلبان تنفيذ خطة عمل موضوعة حسب رؤية شاملة ومقاربة تشاركية بين كافة الفاعلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.