لا تزال الهزيمة، التي مني بها المنتخب الوطني لكرة القدم أمام منتخب غينيا بهدف دون رد في مباراة إياب تصفيات كأس العالم، تثير الكثير من النقع هنا وهناك. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة تعني، باحتساب هدفي مباراة الذهاب، التأهيل للدور الموالي بدخول المغاربة لدوري المجموعات، من أجل انتزاع مقعد في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، إلا أن الكثيرين فتحوا النار على الزاكي، ودخل البعض في وضع سيناريوهات مثيرة ومضحكة في الآن نفسه لمستقبله، وإن كان ضحكا كالبكاء. فمن تحدث عن إمكانية تعويض الزاكي بمدرب جديد، ومن قال إنه في حاجة إلى مساعد آخر غير حجي وشيبا، ومن قال إنه يجب أن ينتقل إلى رواندا ليتابع عن كثب مردود لاعبي منتخب المحليين المشارك في كأس أمم إفريقيا بداية السنة القادمة. وبدا وكأننا نلعب بالنار في ظرف حساس يوجد فيه المنتخب الوطني في مفترق الطرق. فبدلا من أن نعلن مساندتنا لهذا المنتخب لكي يخرج من فترة الفراغ التي مر منها، والتي تسببت في هزيمة غينيا الإستوائية، حملنا معاول الهدم لننسف كل ما بناه الزاكي ومن معه، وكأن هذا المنتخب لا يعنينا في شيء. بلغة الأرقام، نجح الزاكي في مهمته التي تحملها إلى اليوم. وإلى أن يثبت العكس، وجب أن نقدم، كل من موقعه، الدعم والمساندة لمنتخب يعني كل المغاربة، ولا يعني بادو الزاكي بمفرده. إنه يلعب من أجل مقعد في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2017، وقد فاز في المباراتين اللتين لعبهما أمام كل من ليبيا وساوتومي. وأمامه مباراتان حاسمتان ذهابا وإيابا في شهر مارس المقبل أمام منتخب الرأس الأخضر، الذي يصنف منافسا حقيقيا. وخاض مباراتين، ذهابا وإيابا، أمام منتخب غينيا الإستوائية كسب منهما ورقة التأهيل للدور الموالي في منافسات كأس العالم 2017. لماذا إذن يجب أن نعلق الزاكي في المشنقة على عمل أعطى إلى اليوم نتائج إيجابية، إلا إذا كانت الخلفية شيئا آخر. يذكر المغاربة يوم تم التعاقد مع البلجيكي إيريك غيريتس بأجر شهري خيالي وسري، كيف أن الرجل ظل محميا من قبل جهات معلومة لم تفتح عليه النار، رغم كل الهزائم التي مني بها المنتخب الوطني الذي عاد بخفي حنين من الدور الأول للكأس الإفريقية، ولم نصل معه إلى نهائيات كأس العالم. لقد قيل إنه مدرب عالمي، وإنه يملك الوصفة السحرية لمنتخبنا الوطني. والحصيلة هي لا شيء، بعد أن باعنا وهما كبيرا. هل حدث ذلك فقط لأن إيريك غيريتس مدرب أجنبي لا يجب الاقتراب منه، وأن بادو الزاكي مدرب مغربي يسهل انتقاده، عملا بشعار عقدة الأجنبي التي لا تزال تأسر كرة القدم المغربية؟ نحن الآن في منتصف الطريق المؤدية إلى كأس أمم إفريقيا 2017 وكأس العالم 2018. والمنطق يفرض أن نتجند جميعا خلف الزاكي لكي ينجح في مهمته، لأن نجاحه هو نجاح للمنتخب الوطني، ونجاح لكرة القدم المغربية، التي يجب أن تعود إلى قوتها وهي التي تتوفر على كل المؤهلات لذلك. أما هذا التشويش الذي يتعرض له منتخب الكرة، فليس بالأمر البريء، إذا كان همنا هو أن نرى هذا المنتخب غدا متألقا ومنافسا على المستوى القاري والدولي. بقي فقط أن نتساءل، لماذا انخرط بعض أعضاء جامعة الكرة في هذا التجييش الذي يتعرض له الزاكي ومنتخبه، بدلا من أن يكونوا أول من يحميه من هذه الهجمة الشرسة، التي لا مبرر لها؟ هل لأن الزاكي خرج عن طوعهم، أم لأن مصالحهم لا توجد مع الزاكي ومع الأطر الوطنية التي لا تحسن اللعب على أكثر من حبل؟ اتركوا الزاكي يشتغل وحاسبوه يوم الامتحان. هذا هو عين العقل، أما ما عدا ذلك، فلن يكون غير لعب بالنار. والخوف كل الخوف من هذه النار إذا اشتعلت بتلابيب منتخب الكرة الذي ينتظره المغاربة.