عندما حطت بنا الطائرة في مطار جون كينيدي في بلاد العم سام، في ذلك اليوم البارد من الشهر الجاري، كانت سماء نيويورك قد توشحت بالسواد، وكانت زخات مطرية خفيفة قد بدأت تتهاطل لااستقبال الزائرين.. كان المطار يختلف عن كل مطارات الدول الأخرى التي زرتها يوما.. وداخل هذا المطار الذي تفخر به نيويورك، أنت مضطر للانتظار طويلا كي تختم على جواز سفرك، مضطر لأن تقف في طوابير عديدة حتى يأتي دورك، فقد تعود مطار جون كنيدي على استقبال عدد كبير من السياح من أجناس مختلفة.. في المطار، استقبلني شرطي الحدود بابتسامة، أمعن النظر طويلا في جواز سفري للتعرف على البلد الذي أنتمي إليه، فاختصرت عليه ذلك وقلت له "موروكو".. رد سريعا، "ياس ورزازات.. لقد قضيت عطلة الصيف في المغرب زرت مراكشوورزازات وأكادير والدار البيضاء، وتعرفت على العديد من الأصدقاء المغاربة، إنكم تملكون بلدا جميلا يستحق الزيارة".. فختم على جواز سفري وقال لي بابتسامة أيضا.. "أهلا بك في نيويورك".. غادرت المطار بعد إجراءات سلسة، وتوجهت إلى الفندق في ذلك الحي الصيني الشهير بمنهاتن والذي يعتبر واحدا من مزارات مدينة نيويورك الجميلة.. وفي صباح اليوم الموالي، كان علي أن استمتع بزيارة هذا البلد الذي سمعت عنه وقرأت عنه، ويتحدث عنه البعض بجمل الإعجاب.. كانت الأمطار تتهاطل وتغسل شوارع نيويورك الكبيرة، غادرت الفندق، لاستكشاف معالم المدينة، التي تجملت كثيرا لاستقبال ضيوفها، أنارت مصابيحها الملونة، ودعتنا جميعا للاستمتاع في يوم بارد، كانت المشاهد في نيويورك تغري حقا بالزيارة.. وحين وصلت إلى محطة الميترو/السابواي.. التقيت عجوزا صينية، قلت لها أريد الذهاب إلى "تايم سكوير"، وحين أخبرتها أني من المغرب ابتسمت وردت على الفور "ياس ورزازات، يعجبني المغرب كثيرا وكم اشتاق إلى الطنجية المراكشية".. وأرشدتني بلطف إلى وجهتي.. بل فضلت النزول معي من القطار في المحطة لكي تشرح لي أكثر كيفية الوصول إلى وجهتي المفضلة.. أعجبني حقيقة، أن يعرف الأجانب مدنا مغربية، كورزازات، المدينة الجميلة التي لا تسكن أحيانا ذاكرة البعض منا ولا يذكرها البعض الأخر إلا بمناسبة تصوير فيلم أجنبي.. لا زال البعض منا يتلكأ لزيارة هذه المدينة الجميلة، يختصر التردد أحيانا في جملة "طريق تيشكا واعرة".. لازلنا نفتقد لبرامج تشجيع السياحة الداخلية.. كاين اللي ماعمرو فات مدينتو.. وحتى مدينتو ما عارفهاش مزيان.. فمدينة نيويورك، تستقبل رقما قياسيا من السياح، يزورها سنويا حوالي 54 مليون سائح، بمن فيهم 44 مليون سائح من الولاياتالمتحدةالأمريكية، نجاح كبير للسياحة الداخلية في نيويورك.. ونحن الذين لا زلنا نعاني منذ سنوات من أجل جلب عشرة ملايين سائح، ونحلم في عز الظهيرة بجلب 20 مليون سائح في أفق 2020 .. والسياحة الداخلية ما عندنا ما نديرو بها.. وحين تراجع عدد السياح الوافدين على المغرب فظل الوزير حداد، الذهاب إلى الصين ليس لطلب العلم ولكن لطلب مزيد من السياح.. سياحة ديال الشينوا.. في نيويورك.. تتزاحم أمام عينيك الأشياء، بنايات شاهقة ومحلات تجارية، ملاه كثيرة وسياح بالجملة.. فما بين زيارة تايم سكوير وسنطرال بارك وتمثال الحرية وبريان بارك.. ومايسز.. ومدام توسو.. تتعدد المشاهد وتشعر أنك في بلد جميل، ولكن إذا سألك أحد في نيويورك هل تعرف ورزازات؟.. فأجب بلا تردد "ياس أوف كورس".