دعا مشاركون في ندوة نظمتها جمعية اتحاد المحامين الشباب بالقنيطرة، يوم الخميس المنصرم، حول موضوع «استقلال المحاماة وحصانة الدفاع»، إلى خوض معركة حقيقية من أجل تغيير مواد من قانون مهنة المحاماة الجديد، التي أكدوا بأنها تسيء إلى استقلالية المحامين، مطالبين، بوجوب الاحترام المتبادل، والمساواة في الحقوق والواجبات بين مؤسستي القضاء والمحاماة، حتى لا يختل، حسبهم، ميزان العدالة. واعتبر المتدخلون القسم الوارد في المادة 12، الذي يؤديه المحامي عند دخوله هذه المهنة، انتهاكا صارخا لحرية مزاولي المحاماة، وتكريسا لمسلسل التضييق والرقابة على أقوالهم وكتاباتهم، ومسا صريحا بحصانة الدفاع ومبدأ الاستقلالية، كما جاء في عرض المحامي خالد المروني، العضو بهيئة القنيطرة، الذي قال إن الصيغة الحالية للقسم، المأخوذة من القانون الفرنسي، والتي تعود إلى عهد نابليون بونابرت، أضحت متجاوزة، وتستوجب إدخال العديد من التعديلات عليها. وكشف ذ. عبد اللطيف الحاتمي، رئيس جمعية الدفاع عن استقلالية القضاء بالمغرب، أن هذا القسم يطرح ثلاث إشكاليات، تكمن أولاها في عبارة المؤسسات القضائية الواردة فيه، حيث تم توسيع نطاق الاحترام المفروض على المحامي، ليشمل بالإضافة إلى المحاكم، جميع المؤسسات القضائية، من قضاة التحقيق ونيابات عامة وكتابات الضبط المختلفة والمجالس التأديبية، وقال إنه من الغباوة أن يلزم المحامي مثلا بارتداء بذلته الرسمية لزيارة الموكل المعتقل في السجن، مشددا على ضرورة تبني الصياغة السابقة التي وردت في القانون المعدل، والتنصيص على احترام المحاكم أو الهيئات القضائية والتأديبية بدل المؤسسات القضائية التي تنال، حسبه، من استقلال المحاماة. وأضاف الحاتمي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، أن الالتزام بعدم البوح أو نشر ما يخالف القوانين والأنظمة، يشكل مصادرة على المطلوب، باعتبار أن المحامين، يقول المتحدث، ملزمون بتحليل النصوص القانونية والأنظمة، وإبراز جوانب إخلالها بحقوق الإنسان أو مخالفتها لمبادئ العدالة، والتنديد بها، وبمطالبة الهيئات القضائية بالامتناع عن تطبيقها لعدم دستوريتها. وحصر رئيس جمعية الدفاع عن استقلالية القضاء الإشكال الثالث الذي يطرحه القسم، في وجوب أدائه أمام محكمة الاستئناف، والذي أشار إلى أنه يتعارض مع مبدأ الشراكة في تحقيق العدالة، ومع مبدأ حرية مهنة المحاماة واستقلالها عن السلطة القضائية، وقال «إذا كان القضاء هو الذي يتلقى قسم المحامي ويشهد عليه، فإنه يجعل من المحاماة تابعة له»، وهو ما يؤدي إلى اختلال في التوازن الذي جاء به نص المادة الأولى من القانون، الذي لن يستقيم، في نظره، إلا بأداء القسم بين يدي نقيب هيأة المحامين التي سينتمي إليها المحامي لأول مرة. من جانبه، قال الأستاذ مصطفى عقار، رئيس جمعية اتحاد المحامين الشباب، إن النقاشات والحوارات المرتبطة ببعض النصوص القانونية ساهمت في إظهار عجز الآلة التشريعية عن ملامسة المشاكل الحقيقية التي تعرفها الممارسة المهنية، إضافة إلى إبرازها لمختلف التقييدات والعراقيل الموضوعة لتطويق حرية المحامي في ممارسة مهامه في الدفاع. وكشف عقار أن مهنة المحاماة تتلقى في الظرف الراهن العديد من الضربات الموجعة، إن على مستوى الالتفاف على مقتضيات المادة 59 من قانون 28/08 من طرف المسؤولين عن جهاز العدل، والعمل على إفراغها من محتواها، أو على مستوى ضرب مبدأ حرية واستقلالية المحاماة، كما هو منصوص عليها في المادة الأولى. بينما دعا ذ. محمد ماليكي، الرئيس السابق لجمعية اتحاد المحامين الشباب بمكناس، إلى التحلي بالجرأة في تشريح الذات، وطرح التساؤلات الحقيقية، وقال إن المطالبة بالحصانة تستوجب الوقوف عند الذات، مشددا في الوقت نفسه، على ضرورة ملامسة المشاكل المهنية، المرتبطة أساسا بتدني المستوى الثقافي لبعض المحامين، وتدني كفاءتهم المهنية، وضعف العديد من مجالس النقباء، وتردي الأوضاع الاجتماعية للممارسين للمهنة. وأكد ماليكي أن المحامين يمتلكون جميع الوسائل والإمكانيات لمواجهة كل المتكالبين على مهنتهم، والوقوف في وجه المتطاولين والمتحاملين على المحامين، مشيرا في هذا الإطار، إلى وجود لوبيات مهنية خطيرة تحاول إقصاء الطاقات المهنية الشابة، والإبقاء على الواقع كما هو، حفاظا على مصالحها ومصالح الأجهزة التي تعمل لصالحها.