تطرق مشروع القانون المالي لسنة 2010، من خلال ميزانيته الخاصة بمجال السمعي البصري، إلى أن هذا الأخير يعد من بين القطاعات ذات الأولوية، وتعتبر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أهم أقطاب هذا المجال. وبعدم إقراره بكون إعادة النظر في نظام الشركة الهيكلي يعتبر ضرورة، قدم المشروع عدة معطيات خاصة بأداء هذه المؤسسة الحيوية، في فترة العقد البرنامج الأول ما بين 2006 و2008. فضلا عن الميزانية المرصودة له لسنة 2009/2011، التي ستعرف زيادة في الدعم. وهي الزيادة التي اعتبرها بعض المتتبعين غير مبررة أمام ما اعتبروه اختلالات تعرفها المؤسسة، في التسيير وفي الأداء... في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. وأوضح التقرير المصاحب لمشروع قانون المالية 2010 أن نتائج الشركة الوطنية خلال السنة الأخيرة لعقد البرنامج لفترة 2006/2008 عرفت تحسنا على مستوى الموارد، وتراجعا، على مستوى التكاليف، فقد سجلت الموارد ارتفاعا بنسبة 8 في المائة مقارنة بما كان متوقعا وفسر ذلك بالمجهودات المبذولة لتحصيل متأخرات الديون المترتبة، عن برسم الخاص بالنهوض بالمجال السمعي البصري الوطني. في ما يخص تكاليف الاستغلال فقد أبان التقرير أن التوقعات ارتفعت بنسبة 19 في المائة، بسبب ارتفاع كتلة الأجور، لاسيما رؤساء المصالح والمديريات، أدت إلى اختلالات في التسيير. ولهذا جاء العقد البرنامج الجديد الموقع بين الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزيون والدولة بتاريخ 2 أكتوبر 2009 للفترة الممتدة بين 2009 و2011 ل«توطيد المكتسبات وترشيد الموارد البشرية»، بمعنى أن هناك اختلالا ما يعيق سير الشركة الوطنية للاذاعة الوطنية. ويهدف العقد أيضا إلى «تأهيل النظام الإعلامي للتسيير وتطوير المنجزات والمعدات التقنية للشركة وإنجاز برنامج استشاري». وقد خصص لذلك غلاف مالي قدره 650 مليون درهم. على أنه بموجب العقد منحت الدولة الشركة دعما أي مساهمة إضافية مقارنة مع العقد المنصرم. وهنا تطرح مصادر عدة تساؤلات حول هذه الزيادة التي لا تواكبها زيادة في تطوير الإنتاج الوطني الذي يعكس انشغالات المواطن المغربي انطلاقا من الخدمة العمومية المفترض تقديمها له. المفارقة العجيبة -تضيف المصادر- هي أن المسؤول الأول بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لا نعرف هل هو واع بما تسبب فيه تعيينه لمديرين جديدين، هل هو مبني على إستراتيجية هادفة القصد منها تقديم الجودة للمؤسسة؟ أم هناك إرضاء للخواطر، على حساب ترشيد النفقات وعلى حساب وضعية العاملين، التي تحتاج إلى ميزانية للخروج من وضعية التأخير في الترقيات؟ «للأسف الشديد عين، مؤخرا، محمد مماد مديرا مركزيا بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، مكلفا بالأمازيغية بالإذاعة والتلفزة والقناة الأمازيغية سواء بالأخبار أو الإنتاج. ونتساءل معك الرئيس المدير العام، أو المدير العام للشركة، ما دور رئيس قسم الأخبار الأمازيغية بالتلفزة؟ هل سوف يشتغل بتنسيق مع مماد أو أوباها؟ وما دور رئيس قسم الأخبار الأمازيغية بالإذاعة، هل سوف ينسق مع المدير الجديد للأمازيغية أم مع مبرع؟ وما دور محمد الغيداني؟ هل سينسق مع جلال عواطف أم مع من بالتحديد؟ هل هذا التعيين تم التفكير فيه على المستوى الاستراتيجي، لتقديم منتوج جيد على مستوى الإنتاجات الأمازيغية؟» يقول المصدر. هذه المشاكل المالية- تضيف المصادر- تنضاف إلى المشاكل المتعلقة بالتنظيم الداخلي والنظام الهيكلي، إذ تعاني قناة «محمد السادس»، مثلا من غياب الموارد المالية لتأهيل القناة، هذا فضلا عن معاناة «الإذاعة المغربية» من التراجع على مستوى الوسائل التقنية. من جهة أخرى، طرحت العديد من الجهات النقابية، بالتزامن مع الحديث عن الإفراج عن ميزانية الدعم للشركة الوطنية، صيغ الإسراع بالإفراج عن حقوق العاملين بالشركة المتمثلة في تحسين وضعياتهم المالية من خلال تفعيل نتائج الامتحانات المهنية والإسراع بالترقيات.من جانبه، كان فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية، قد اعتبر في حوار سابق مع «المساء» أن عملية بناء القطب العمومي المغربي تحتاج إلى وقت ومجهود رغم إقراره بالصعوبات.