أكد السيد أحمد الغزالي رئيس الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري , أن وسائل الإعلام السمعية البصرية , وخاصة الإذاعة والقنوات التلفزية الفضائية في البلدان الواقعة في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط , هي الأكثر قدرة على دعم برامج التنمية الاقليمية المتكاملة بين بلدان المنطقة. وقال السيد الغزالي , في عرض قدمه خلال الدورة السادسة عشرة للمؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية في منطقة المتوسط كوبيام,الذي نظم في القاهرة , إن وسائل الإعلام قادرة على ترسيخ ثقافة التعاون والتكامل في المجتمعات الأورومتوسطية حتى لا يبقى ذلك حكرا على السياسيين والجامعيين والمثقفين»» . وأشار في هذا الصدد إلى أن الهدف الذي ينبغي أن تعمل وسائل الإعلام في البلدان المتوسطية على تحقيقه هو إخراج فكرة تطوير الفضاء المتوسطي المستدام من الإطار النخبوي الذي توجد فيه»» . وتطرق السيد الغزالي في عرضه إلى إشكالية وضع إطار لتنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري في منطقة المتوسط , فأكد أن التحدي الحقيقي الذي تواجهه هذه البلدان في هذا المجال يتمثل في تحقيق الانسجام بين مختلف التشريعات وأشكال التنظيم مع احترام خصوصيات كل بلد , وإضفاء بعد إقليمي على تنظيم القطاع السمعي البصري, وإيجاد الوسائل الكفيلة بملاءمة هذا التنظيم مع البيئة الرقمية الجديدة . ودعا رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الى التفكير في مرجعية مشتركة بين البلدان المتوسطية للاتفاق على قواعد دنيا تكفل تشجيع وتأطير بث وإعادة بث البرامج السمعية البصرية عبر الحدود وخاصة بواسطة البث الفضائي وعبرالتقنيات الجديدة الإنترنيت ,مشددا على أن هذه القواعد يجب أن تستند إلى مبدأي حرية البث والاستقبال والمسؤولية التحريرية . وأشار إلى أهمية الاستفادة من التجارب الاوروبية في هذا المجال ,مع موائمتها مع متطلبات وخصوصيات البلدان المتوسطية . وقد بحث المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية في منطقة , مشروع إحداث بوابة على شبكة الأنترنيت تهتم بالذاكرة السمعية البصرية للمنطقة الأورومتوسطية. وستتيح هذه البوابة, الفريدة من نوعها في العالم, الولوج بالمجان إلى محتويات سمعية بصرية تتعلق بالتاريخ المعاصر لمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. ويهدف المشروع الذي سيتم الانتهاء من إنجازه سنة2011 , والذي مولته اللجنة الأوربية, إلى حماية الأرشيف السمعي البصري المتوسطي, وتشجيع الحوار الثقافي, وفهم التاريخ المشترك لبلدان المنطقة الأورومتوسطية من خلال إتاحة الفرصة للباحثين وللجمهور العريض للولوج إلى هذا الأرشيف. كما يهدف إلى تمكين سكان المنطقة الأورومتوسطية من معرفة ثقافات بعضهم البعض , وتقاسم هويتهم المشتركة. ويندرج هذا المشروع في سياق مشروع «»كاب-ميد»» الشبكة المتوسطية لأرشيف التلفزيون, التي تعتبر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية عضوا فيها. ويبلغ عدد الأعضاء المشاركين في «»ميد ميم»», عشرة تلفزيونات في منطقة المتوسط, من بينها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة, وثلاث هيئات مهنية إقليمية, إضافة إلى مؤسسات ثقافية وعلمية ذات مستوى رفيع. وتساهم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في هذا المشروع بإعدادها لدليل التسجيل الرقمي لوثائق البوابة, ولدليل آخر يتعلق بتحديد الممارسات القانونية السليمة في هذا المجال, بمساعدة المكتب المغربي لحقوق المؤلف, الذي يتوفر على تجربة كبيرة في هذا الميدان. وتمثل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في هذا المشروع السيدة فاطمة المومن, رئيسة المشروع في الشركة, وكذا المسؤول عن الأرشيف في التلفزة ممثل الشركة في مشروع الشبكة المتوسطية لأرشيف التلفزيون. ويذكر أن وفدا مغربيا شارك في المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية في منطقة المتوسط كوبيام. وقد ضم هذا الوفد على الخصوص السادة أحمد الغزالي رئيس الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري, وفاطمة المومن مديرة العلاقات مع المنظمات الدولية بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة, ومحمد العلالي أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال, وعبد الحفيظ برادة رئيس مؤسسة «»ماروك ميتري»». واتفق المشاركون في الدورة السادسة عشرة للمؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية لدول منطقة البحر الأبيض المتوسط كوبيام في ختام أشغالهم على تكثيف التعاون المتوسطي في مجالات التلفزيون والإذاعة والإنترنيت. وأكد المشاركون في المؤتمر, الذي استمر يومين بمشاركة وفود من23 بلدا من بينها المغرب, عزمهم على مواكبة التحول العميق الذي يشهده القطاع السمعي البصري في منطقة المتوسط وذلك من خلال إحداث جامعة سمعية بصرية متوسطية, وتعزيز تبادل الخبرات بين مهنيي شمال المتوسط وجنوبه, ودعم سياسة التكوين, ووضع إطار قانوني مشترك في مجال البث والانتاج وحماية البرامج السمعية البصرية, وإحداث مرصد متوسطي لوسائل الإعلام. واتفق المؤتمرون, ومنهم عدد كبير من مهنيي القطاع السمعي البصري والخبراء والشخصيات المرموقة من عالم الإعلام والثقافة, على تطوير الانتاج الأورومتوسطي من خلال وضع اتفاقية إطار لتكثيف الانتاج المشترك المتعدد الأطراف, وإحداث أداة إعلامية للمساعدة على الانتاج, وتسهيل الولوج إلى الأرشيف المتوسطي. وفي مجال تبادل المحتوى أكد المشاركون في المؤتمر عزمهم على بلورة المشاريع الكبرى متعددة الأطراف المطروحة حاليا, وعلى رأسها القناة الفضائية متعددة الثقافات واللغات «»تيراميد»» والتي تشجع على تقديم برامج تلفزيونية موجهة لمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط, وكذلك مشروع بوابة «»ميد- ميم»» الذي يهدف إلى إبراز التراث السمعي البصري لمنطقة المتوسط ونشره على نطاق واسع وعلى مستوى جماهيري, ومشروع «»يوروميد نيوز»» الذى يهدف إلى تقديم المعلومات على عدة مستويات الأخبار والمجلات والأفلام الوثائقية وهو مشروع ممول من المفوضية الأوروبية وموجه لدول جنوب المتوسط حول علاقات التعاون بين أوروبا وتلك البلدان في إطار سياسة الجوار للاتحاد الأوروبي. وقد تركزت مناقشات المؤتمر, على سبل إقامة جسور للتعاون بين قطاع وسائل الإعلام السمعية والبصرية وبين العناصر الفاعلة الرئيسية المتعددة الأطراف التي تعمل في المنطقة المتوسطية حول عدد من المحاور ذات الأولوية التي تهدف إلى تحقيق مشروع الاتحاد من أجل المتوسط وعلى رأسها البيئة, ومحاربة التلوث, والمياه, والبنى التحتية, والبحث العلمي, والثقافة.