نهاية الأسبوع الماضي، اتخذت إدارة شركة النقل الحضري لفاس قرارا جديدا: زيادة مهولة في بطائق انخراط ما يقرب من 40 ألف طالب وتلميذ في خدمات «الطوبيسات» بالمدينة. القرار سيكون له ما بعده، حسب عدد من المتتبعين للشأن المحلي، رغم أن إدارة الشركة المكلفة بالتدبير المفوض تعتبره «عاديا»، ويندرج في إطار تنفيذ ما نص عليه كناش التحملات الموقع بينها وبين الجماعة الحضرية لفاس، برعاية وزارة الداخلية، في حين يؤكد سعيد بنحميدة، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية، في تصريحات ل»المساء»، أن القرار يرمي إلى «إثارة الفتن والقلاقل بالمدينة»، متهما عمدة فاس السابق، حميد شباط بالوقوف وراءه. شركة «سيتي باص» التي سبق لها أن أثار دخولها تجاذبات حادة بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية في دورات المجلس الجماعي، قررت، بدون سابق إنذار، رفع ثمن بطاقة الانخراط الشهري للطلبة من 70 درهما إلى 100 درهم بالنسبة لمستعملي خطين، أي بزيادة 30 درهما دفعة واحدة. وارتفع ثمن البطاقة بالنسبة لمستعملي 3 خطوط إلى 120 درهما. ويرتقب، حسب دفتر التحملات، أن تعرف بطائق الطلبة والتلاميذ، زيادات أخرى في السنوات القادمة، وستصل في غضون 8 سنوات إلى 130 درهما بالنسبة لمستعملي خطين من خطوط الشركة، و150 درهما بالنسبة لمستعملي 3 خطوط. مسؤول في إدارة الشركة، دافع في تصريحات ل»المساء» عن هذه الزيادة، وقال إنها تندرج في إطار تنفيذ مضامين دفتر التحملات، والذي ينص على هذه الزيادة في السنة الرابعة لدخول مقتضيات الكناش إلى حيز التطبيق. ويعود توقيع صفقة التدبير المفوض بين المجلس الجماعي لفاس وبين هذه الشركة إلى شهر غشت في سنة 2012. وأكد المسؤول ذاته في الشركة على أن تطبيق الزيادة تلقائي وقانوني، ولا علاقة له بالظرفية السياسية في المدينة، بينما أكد الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية على أن الزيادة التي نعتها بالصاروخية والتي تمس الطلبة في مدينة جامعية، تم اتخاذها في «الوقت الميت» ولها «بعد سياسي» ل»إثارة الفتن»، محملا المسؤولية لعمدة فاس السابق. وانتقد إقرار مثل هذه الزيادات الصاروخية لأن لها آثارا اجتماعية في مدينة جامعية، حتى لو تضمنها دفتر التحملات أو نص عليها ملحق من ملاحقه، وهو الدفتر الذي ظل حزب «البيجيدي» زمن المعارضة في دورات المجلس الجماعي يطالب بنسخة منه دون جدوى. اجتماعيا، القرار سيخلق حالة غضب في صفوف فئات واسعة من الأسر الفقيرة في جهة تعاني من اندحار اقتصادي، ومن تفشي البطالة، وتوسع دائرة العوز والهشاشة، فإن الزيادة التي تمس حوالي 40 ألف أسرة، فجائية وصاروخية، وبالنسبة لإدارة الشركة، فإن تعريفة بطائق انخراط الطلبة والتلاميذ في مدينة فاس لا ترقى إلى مستوى التعريفة على الصعيد الوطني (مراكش 100 درهم، والجديدة 100 درهم، والرباط 125، وطنجة 95 درهما). قرار الزيادة الصاروخية اتخذ من قبل إدارة شركة النقل الحضري في سياق سياسي خاص، عنوانه البارز سقوط مدوي لحزب الاستقلال واكتساح لحزب العدالة والتنمية في انتخابات 4 شتنبر، ومرحلة انتقالية في المجلس الجماعي، بسبب فراغ وانتظار تشكيل مكتب جديد يقوده ادريس الأزمي، وزير المالية في حكومة بنكيران. وتوصلت «المساء» إلى معطيات تفيد أن إدارة الشركة راسلت عمدة المدينة السابق، الاستقلالي، حميد شباط، شهرين قبل حلول الموسم الدراسي الجديد، بخصوص هذه الزيادة، لكن عمدة فاس، ولاعتبارات انتخابية، رفض إقرار الزيادة. ولم تعمد إدارة الشركة إلى انتظار مرور المرحلة الانتقالية بالجماعة وانتخاب مكتب مسير جديد لوضعه في الصورة، قبل اتخاذ القرار، باعتبار المجلس الجماعي هو السلطة المُفوضة. ما جعل بعض المتتبعين يرون أن في الأمر «قشرة موز» ترمى في طريق حزب العدالة والتنمية، قبل أن يتسلم مشعل تدبير شؤون المدينة، بعدما سبق له أن طالب عدة مرات بفتح تحقيق في ملابسات صفقة التدبير المفوض للقطاع، وكان دائم الدعوة إلى إحداث شركة للتنمية لتدبير القطاع، بدلا من الهرولة نحو صفقة التدبير المفوض، في حين كانت للأغلبية العددية التي يتوفر عليها حزب الاستقلال في المجلس الجماعي الكلمة الفصل، حيث اتخذ قرار تصفية الوكالة الحضرية التي عجزت جل الوصفات والجرعات عن إخراجها من غرفة الإنعاش، واستقبال شركة خاصة لتدبير القطاع. ونفى مسؤول في الشركة وجود أي خلفية سياسية وراء القرار الذي اتخذ بشأن الزيادة في بطائق انخراط الطلبة والتلاميذ. وقال إن الشركة تنأى بنفسها عن الدخول في التقاطبات السياسية، وتعتبر نفسها شركة قطاع خاص تعمل في إطار التدبير المفوض وعملها خدماتي ولا علاقة لها بالعمل السياسي. ونفى وجود أي ارتباط للشركة بمسؤولين في حزب الاستقلال، وقال إن مدة عقدة التدبير المفوض الموقعة بين الشركة وبين المجلس الجماعي تمتد إلى 15سنة، ويمكن أن تصل إلى 23 سنة، ما يعني أن الشركة سيكون لزاما عليها أن تتعامل مع عدد من المجالس طيلة هذه المدة. بعدما تم إقرار الزيادة الصاروخية، المسؤول في إدارة الشركة قال ل»المساء»، وهو يرفض إقحام الزيادة في «متاهات» السياسة، إن الشركة مستعدة للجلوس إلى طاولة النقاش مع المجلس الجماعي الجديد. وفي الجهة الأخرى، «الهدية المسمومة» لبداية موسم جامعي جديد تحدث غليانا في صفوف فئات واسعة من الطلبة، حيث سيبدأ المركب الجامعي ظهر المهراز موسم «التصعيد» باحتجاجات ضد هذه الزيادة الصاروخية. وستكون السلطات المحلية والقوات العمومية «مجبرة» على التدخل ل»إطفاء حرائق» هذه الزيادة المهولة.