فجأة تحول منزل بشفشاون إلى قبلة لكل الزوار.. فجأة أصبح أمر التقاط صور أمام بابه الحديدي ضرورة ملحة لكل الزائرين.. في شفشاونالمدينة التي تعانق الجبل، لن تكتمل الزيارة دون زيارة راس الما، ودون أخد صورة تذكارية أمام باب المنزل الذي احتضن حلقات مسلسل للا منانة.. لباس تقليدي وطوابير من الناس، كاميرات وهواتف نقالة تؤرخ للزيارة.. ولا أعتقد أن صاحب المنزل كان يتخيل يوما أن يصبح منزله مزارا سياحيا بامتياز، لم يدر بخلده يوما أن يأتيه أناس من المغرب كله.. فقد استطاع مسلسل للا منانة أن يجلب إليه أنظار الجميع، وربما يفكر البعض غدا في زيارة رياض عمي كبور.. كما سافر العديد من المغاربة إلى تركيا لأخذ صورة أمام قصر السلطان.. واستطاعت المسلسلات التركية أن تجلب إليها عددا كبيرا من السياح وساهمت في إنعاش القطاع السياحي بآلاف الدولارات.. في شفشاون، يسأل الزائر عن دار للامنانة.. و لا يمل من الإحاطة بكل التفاصيل الصغيرة.. ولكن هذا المنزل الذي يسكن ذاكرة العديد يفضل صاحبه أن يغلق بابه بإحكام في وجه الجميع.. أعاد صباغة الباب بلون آخر ليخفي عن قصد معالم البيت..لكن السلطات طالبته بإعادة الصباغة باللون الأزرق واعتبرت المنزل واحدا من تراث المدينة.. وحين اشتد إزعاج الزوار له كتب لائحة بالخط العريض ممنوع الدخول.. وعلق أخرى على الباب مكتوب عليها باللون الأحمر "المرجو عدم الإزعاج.. منزل خاص، وشكرا" ورغم ذلك يشتد إزعاج الناس لهذا البيت الذي لا يختلف كثيرا عن منازل شفشاون الجميلة.. يتزاحم أناس من أجل أخذ صور تذكارية.. دون الاهتمام بلائحة التنبيه.. ولو فكر صاحب المنزل في تحويله إلى مزار سياحي، وفتح أبوابه كل نهاية أسبوع أمام السياح بمقابل مادي، حتما سيكسب أموالا من وراء ذلك.. وسيكسب معها دعوات كل المتيمين بهذا المنزل/المزار .. في برشلونة، كما في باقي مدن العالم فكرت الأندية في الترويج لمنتجاتها الرياضية.. يستقبل ملعب الكامب نو كل صباح مئات الزوار، يضخون في ميزانية النادي أموالا كثيرة.. وهنا كان ينقص الوداد يوما أن يكتب على ملعب بنجلون ممنوع الوقوف واللمس والاقتراب، وكأن الأمر يتعلق بثكنة عسكرية.. رجال أمن خاص وكلاب حراسة.. فيكتفي بعض الجمهور بالجلوس بعيدا وتناول "نْصاص" ديال الطون.. في انتظار إطلالة اللاعبين.. ليس هناك غير أقمصة الفريق معروضة للبيع.. وقد تكاد تختفي صور الفريق من ملعبه.. لم يفكر أحد في جعل المركب مزارا لكل باحث عن تاريخ الفريق لكل راغب في معرفة نتائجه ومشاهدة بعض مقاطع الفيديو من مبارياته القديمة، وصور التتويج بكؤوس ألقاب وأسماء وصور اللاعبين القدامى.. ولو ب 20 درهما للزيارة، تعفي النادي من عناء البحث عن أجور العمال كل نهاية شهر.. والأمر موجه للرجاء والجيش الملكي والكوكب المراكشي والماص.. ولو أنني أعلم أن أكبر فرقنا قد لا تملك حتى صور اللاعبين الحاليين.. وقد يتطلب منها أمر البحث عن صور قديمة، وقتا طويلا من البحث في الأرشيف.. وفينا هو هاد الأرشيف بعدا؟ عندما نجح مسلسل للامنانة، وساهم في الرفع من نسبة المشاهدة.. ساهم ذلك في تشجيع السياحة الداخلية.. ورحل البعض إلى شفشاون للتعرف على أماكن التصوير، وعندما تكرر نفس النجاح في مسلسل "وعدي" جاء البعض في "غوغل" للبحث عن ممثلة مقتدرة لا تسكن ذاكرة العديد من المغاربة اسمها سمية أكعبون.. وأعاد البعض مشاهدة الحلقات الأولى للاستمتاع بمشاهد أبطالها طارق البخاري وتيليلا.. لقد ساهمت المسلسلات الناجحة في الترويج للسياحة حينا وفي اكتشاف ممثلين مقتدرين حينا آخر.. ولو أن شهرة أغلبية المسلسلات المغربية حدها طنجة.. وربما غدا قد يفكر صاحب منزل للامنانة في نزع لائحة التحذير.. "المرجو عدم الإزعاج" واستبدالها بلائحة الترحيب.. "مرحبا بكم في بيت للامنانة"..