أسدلت الانتخابات الجماعية للرابع من شتنبر ستارها بما لها وما عليها. وانطلقت القراءات «السبع» للظروف العامة التي مرت فيها، وللنتائج التي حققتها الأحزاب السياسية المشاركة، خصوصا وأنها تعتبر أول استحقاق جماعي ينظم في ظل دستور 2011 الجديد. كما أنها ضمت معها، ولأول مرة استحقاقات الجهة بعد أن تغيرت الخريطة وتقلص عدد الجهات ليصبح اثنتي عشرة جهة بدلا من ست عشرة السابقة. وبالنظر إلى هذه المتغيرات، إضافة إلى متغير أن الإشراف على هذه المحطة كان من نصيب الحكومة، وليس وزارة الداخلية كما كان عليه الأمر سابقا، فقد شدت استحقاقات الرابع من شتنبر الأنظار بحملة انتخابية ساخنة تبادل فيها المتنافسون السباب والشتم والاتهامات، خصوصا وأنها عرفت مشاركة أحد عشر وزيرا من وزراء حكومة بنكيران. كيف نظم المغرب أول انتخابات جماعية في مستهل سنوات الستينات؟ ولماذا توقفت عجلتها بعد ذلك حينما أعلن الحسن الثاني عن حالة الاسثتناء؟ ومتى عادت للدوران بانطلاق ما اصطلح عليه بالمسلسل الديمقراطي؟ وكيف ظلت وزارة الداخلية، خصوصا على عهد ادريس البصري، تصنع مكاتب المجالس ضدا على رغبة الناخبين؟ وهل نجحت الانتخابات الجماعية، اليوم، في القطع مع تلك الممارسات التي ظل يطبعها البيع والشراء، أم أنها لا تزال تعيش نفس الممارسات وإن بطرق جديدة؟ في هذا الخاص إعادة تركيب محطات الانتخابات الجماعية منذ الستينيات إلى اليوم. الحسن الثاني يشرف على أول انتخابات قدر لحكومة عبد الله ابراهيم، أول حكومة للوطنيين بعد الاستقلال، أن تسقط أياما قليلة قبل أن يعلن الحسن الثاني، وهو وقتئذ لا يزال وليا للعهد وإن ظل يعتبر نفسه القابض بكل الخيوط، عن أول انتخابات جماعية اختار لها يوم التاسع والعشرين من ماي من سنة 1960. لقد فرض وزير الداخلية، وقتئذ، أحمد رضا اكديرة، على الأحزاب المتنافسة أن تقبل بشروط اللعبة من خلال عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية والتي تمت تحت إشراف وزارته وبالطريقة التي أرادها لها. كما فرض أن تعتمد هذه المحطة على الانتخاب الفردي الأحادي بدلا من نظام اللائحة الذي نادى به حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حديث العهد والمنشق عن حزب الاستقلال. ستعرف هذه المحطة مشاركة مكثفة على الرغم من أنها كانت الأولى التي يعرفها مغرب الاستقلال، إذ وصلت نسبة المشاركة، بحسب وزارة الداخلية، سبعين في المائة. وكان من نصيب حزب الاستقلال أكثر من سبعين في المائة من مقاعد الجماعات القروية والحضرية. أما الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، فقد استطاع، هو أيضا، أن يكون ممثلا في عدد من المجالس الجماعية خصوصا الحضرية منها. سنتان بعد وفاة محمد الخامس، سيقرر الحسن الثاني، بعد أن وضع للمغاربة دستورا جديدا على مقاسه، أن تنظم انتخابات جماعية جديدة سنة 1963 حدد لها يوم 28 يوليوز. وهي الانتخابات التي عرفت هيمنة حزب الملك «جبهة الدفاع عن المؤسسات» أو «الفديك» كما اصطلح عليها، والتي لم يكن زعيمها غير صديق الملك أحمد رضا اكديرة. وهي الانتخابات التي قاطعها حزب الاستقلال ومعه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد أن تعرض مناضلو حزب المهدي بن بركة للاعتقالات. والحصيلة هي أن تلك الأجواء المكهربة هي التي كانت تخفي وراءها ما سيقع بعد ذلك من أحداث هزت الدارالبيضاء ومعها كل التراب الوطني سنة 1965 والتي دفعت الحسن الثاني إلى إعلان حالة الاسثتناء، وأخذ كل السلط بيده. الحسن الثاني يضع كل السلط بيده منذ تولى الحسن الثاني العرش خلفا لأبيه، عاش مغرب الاستقلال جملة من الأحداث السياسية بسرعة كبيرة. لقد تم التصويت على دستور سنة 1962 الذي جاء به الملك، ووقفت ضده المعارضة التي كان يقودها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. ونظم المغرب أول استحقاقات تشريعية في 1963. وقدمت المعارضة ملتمس رقابة لإسقاط حكومة أحمد ابا حنيني في 1964. أما خلاصة كل هذا الزخم السياسي، فلم تكن غير قرار الحسن الثاني الإعلان عن حالة الاسثتناء، وحل البرلمان شهرين بعد اندلاع أحداث الدارالبيضاء في مارس من سنة 1965، والتي سقطت فيها أعداد من القتلى، وزج بأعداد أخرى في السجون، ليحكم بعد ذلك مدة خمس سنوات بمفرده. لقد عاش الحسن الثاني واحدة من أصعب اللحظات وهو يجد في مواجهته معارضة شرسة قادها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، التي ستختار، في لحظة سياسية على غاية كبيرة من الأهمية، وهي جلسة افتتاح البرلمان يترأسها الملك، أن تعلن عن موقف أشبه بالعصيان حينما قرر نواب الاتحاد في البرلمان نزع اللباس التقليدي الذي تعودوا ارتداءه في مثل هذه المناسبة، والمتمثل في الجلباب الأبيض، والسلهام، والشاشية الحمراء، التي اعتبروها رمزا للعبودية. أما البديل فقد كان هو اللباس العصري، لكن بدون ربطة عنق لكي لا ينعت رفاق المهدي بن بركة بالليبراليين. كان رد الحسن الثاني قاسيا بعد هذا الموقف. فقد قرر ألا يتابع هؤلاء الذين أعلنوا عصيانهم لما سماه الحسن الثاني بالتقاليد الإسلامية خطابه إلا من قاعة مجاورة. قبل أن يهدد بحل حزب الاتحاد، بمبرر أن هؤلاء خرجوا عن ملة الجماعة ويحق فيهم الحل عملا بمنطوق الدستور الذي يعطي للملك صفة أمير المؤمنين. تراجع الحسن الثاني بتوصية من بعض مستشاريه غير أنه سنة بعد هذا الحدث، ستنفجر الدارالبيضاء، وسيخرج التلاميذ للشوارع للاحتجاج على قرار حكومي قال بطرد التلاميذ الذين استنفدوا سنوات تمدرسهم من التعليم العمومي لكي يلتحقوا بمراكز التكوين المهني. لقد شكلت انتفاضة الدارالبيضاء أول اختبار حقيقي للملك، غير اختبار معارضة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، خصوصا أنه سقط فيها آلاف القتلى، وزج بأعداد كبيرة في السجون بعد أن ظل الجنرال أوفقير يطوف بطائرته الهليكوبتر فوق سماء الدارالبيضاء، التي عرفت ارتفاع حدة المواجهات مع قوات الأمن على امتداد ثلاثة أيام كاملة. لقد كانت الأزمة الاقتصادية قد امتدت إلى جل المجالات بعد أن فشلت الخطة الخماسية الأولى التي وضعتها حكومة أبا حنيني. ووصل عدد المعطلين وقتئذ في مدينة الدارالبيضاء بمفردها إلى أكثر من 300 ألف. وزاد الأمر صعوبة أن أصدرت وزارة التربية الوطنية قرارا بإبعاد كل التلاميذ الذين وصلوا سن الثامنة عشرة من الثانويات، وإلحاقهم بالتعليم التقني. وفي الوقت الذي كان مبرر الحسن الثاني بعد اندلاع الأحداث، هو أن التعليم يجب أن يتم ربطه بعالم الشغل الذي كان في حاجة لمتمرسين أكثر من حاجته لمتعلمين تعليما عاما، قالت المعارضة إن قرار الحسن الثاني كان بخلفية سحب البساط من تحت أقدام تلك التنظيمات السياسية المعارضة التي استطاعت أن تستقطب التلاميذ إلى صفها. وهي التنظيمات التي ستؤسس بعد ذلك منظمات « 23 مارس»، و»إلى الامام». اندلعت الأحداث في مارس 1965. لكن الحسن الثاني لم يعلن عن حالة الاسثتناء إلا في السابع من يونيو من نفس السنة. لم يكن الملك الراحل يرى أن مواجهة متظاهري الدارالبيضاء من الطلبة والتلاميذ، وإسقاطهم برصاص الجيش عملا غير مشروع. إنه عين العقل بحسبه من أجل استتباب الأمن. لذلك سيعترف في خطابه بأنه هو من ظل يعطي الأوامر لجنراله بقتل المتظاهرين. أما الإعلان عن حالة الاسثتناء بعد ذلك، فقد شكل بالنسبة إليه محطة ضرورية لإعداد الإصلاحات السياسية اللازمة. غير أن هذه الإصلاحات امتدت لخمس سنوات حكم خلالها الحسن الثاني بمفرده بعد أن وضع كل السلط بيده. في السابع من يونيو من سنة 1965 جلس الحسن الثاني بقاعة العرش ليعلن للمغاربة عن قراره بالإعلان عن حالة الاسثتناء وحل البرلمان. لقد مارس الملك حقا دستوريا بإعلانه عن حالة الاسثتناء التي اعتبرها البعض حالة طوارئ. غير أنه استثناء لم يحدد الدستور مدتها بعد أن سكت عنها، ما يعني أنها قد تمتد لسنوات سيجد الحسن الثاني أنها يمكن أن تقتل الحياة السياسية أكثر مما تحييها، خصوصا وأنها عرفت أكثر من محاولة انقلابية تعرض لها الملك وخرج منها سالما، قادها بعض المقربين منه بتواطؤ مع خصومه في المعارضة. سترفض جل الهيئات السياسية قرار الاسثتناء الذي أعلن عنه الملك، فقد قال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إن الأمر مرفوض. أما عبد الكريم الخطيب، الذي كان وقتئذ رئيسا لمجلس النواب باسم الحركة الشعبية، فقد رفض أن يسلم مفاتيح البرلمان لأوفقير. عودة المسلسل الديمقراطي كان لا بد للحسن الثاني أن يشعر بأن سنوات الاستثناء، التي عاشها المغرب، مع ما رافقها من محاولات انقلابية سعت للقضاء عليه سواء من قبل بعض جنرالات الجيش أو بتواطؤ مع بعض خصومه السياسيين، لم تحقق ذلك الاستقرار الذي راهن عليه. لذلك كان لا بد أن تعود الحياة السياسية إلى طبيعتها وتنظم الانتخابات وتشكل المجالس الجماعية. لكن على طريقة الحسن الثاني ووزارة الداخلية التي يجب أن تتحكم في كل خيوط اللعبة لكي تقطع الطريق على من تعتبرهم خصوما للنظام. أعلن عن المسلسل الديمقراطي بإجراء انتخابات سنة 1976، والتي جرت في اقتراع 12 نونبر 1976، وفق إطار جديد هو الميثاق الجماعي لسنة 1976. وهي المحطة التي عرفت مشاركة أحزاب المعارضة التي كانت تقاطع الانتخابات. ستبلغ نسبة المشاركة في هذه الاستحقاقات وفق وزارة الداخلية 66,3 في المائة. كما عرفت لأول مرة إحداث مجلس وطني، أنيط به اختصاص السهر على حسن سير الانتخابات. المثير في هذه المحطة، هو أن وزارة الداخلية ستتفنن في صنع خريطتها الجماعية استعدادا للخريطة النيابية التي ستتلوها سنة بعد ذلك. كما تميزت هذه المحطة بهجوم كاسح للمرشحين غير المنتمين للأحزاب، المستقلون الذين دفعت بهم السلطة وقد ظلوا يتشكلون من أعيان المدن والبوادي. وهي الفئة التي سيصنع منها إدريس البصري وزير الداخلية، وقتئذ، حزبا جديدا أطلق عليه اسم التجمع الوطني للأحرار. الحزب الذي ظل يحمل معه صفة الحزب المقرب من المخزن. ولم يكن غريبا أن يضع على رأسه أحمد عصمان، صهر الحسن الثاني. الوزير الأول يصنع حزبا لانتخابات الثمانينيات من 1976 إلى بداية الثمانينيات، كانت البلاد تغلي بعد أن اشتدت الأزمة الاقتصادية على مغرب ظل يعاني الجفاف. وزادت القضية الوطنية الأمر تعقيدا. ولم يقبل الحسن الثاني بأي صيغة لاقتسام السلطة مع معارضته التي ظل يقودها الاتحاد الاشتراكي مسنودا بكونفدرالية قوية. وخلال هذه المدة، تم اعتقال عبد الرحيم بوعبيد وأعضاء من مكتبه السياسي بسبب موقف الحزب من قضية الاستفتاء على الصحراء. وما رافق ذلك من أحداث كان أقواها أحداث الدارالبيضاء لسنة 1981 وما عرفته من اعتقالات وضحايا سقطوا برصاص الأمن. أولئك الذين سماهم ادريس البصري وقتها «شهداء كوميرة»، لأن الانتفاضة التي عرفتها الدارالبيضاء وعدد من مناطق المغرب، كانت بسبب الزيادة في أسعار المواد الغدائية. في ظل هذا الاحتقان، سيقرر الوزير الأول، وقتئذ، المعطي بوعبيد أن يؤسس حزبا جديدا سماه الاتحاد الدستوري. الحزب الذي قدم نفسه حضنا لجيل ما بعد الاستقلال، والذي ظل يحظى برعاية شاملة من قبل ادريس البصري. تأسس الاتحاد الدستوري. وفي أول استحقاقات جماعية عرفتها البلاد في العاشر من يونيو من سنة 1983، سيحصد الحزب الليموني، الذي أصبح يحمل اليوم رمز «الحصان»، كل المقاعد في الجماعات الحضرية والقروية. وهي المحطة التي عرفت ذبحا ممنهجا للديمقراطية، وتدخلا سافرا للسلطة التي ظلت ترعى تكوين المجالس. ستعرف هذه التجربة، والتي انطلقت في 1983 وعرفت مشاركة 11 حزبا من بين أربعة عشر تشكيلة حزبية الموجودة، تقطيعا انتخابيا بتعديلات مهمة، حيث انتقل عدد الدوائر الانتخابية من 13520 إلى 15500 دائرة الانتخابية، بزيادة 2000 دائرة جديدة بالمقارنة مع الدوائر الانتخابية لسنة 1976. كما ارتفع عدد الجماعات المحلية إلى 859 أي بزيادة 58 جماعة، بسبب التعديلات التي همت الجماعات المحلية التابعة للأقاليم الصحراوية والتقسيم الذي خضعت له كل من مدينتي الرباطوالدارالبيضاء. المثير في هذه التجربة هو أن وزارة الداخلية، ومعها نظام الحسن الثاني أراد لها أن تتجاوز مدتها القانونية وهي خمس سنوات، لتتواصل لتسع سنوات حيث لم تجر الانتخابات الجماعية الموالية إلا في 16 من اكتوبر من سنة 1992. انتخابات التسعينيات وبداية الانفراج اختارت المعارضة البرلمانية، وهي تنظر في قرار الملك تنظيم انتخابات جماعية بعد تسع سنوات، أن ترفع من مطالبها وتقترح قانونا انتخابيا جديدا يضمن لها تكافؤ الفرص، ويقطع مع كل الممارسات التي عرفتها بقية الاستحقاقات، خصوصا تلك التي ظل يشرف عليها ادريس البصري، أقوى وزراء الداخلية على عهد الحسن الثاني. لقد طالبت المعارضة بنمط اقتراع جديد هو الاقتراع العام اللائحي وبالتمثيل النسبي بأكبر بقية. بدلا من الاقتراع الفردي الذي ظل معمولا به. كما طالبت بتخفيض سن التصويت إلى 18 سنة، وسن الترشيح إلى 21 سنة. مع مشاركة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية، واستعمال وسائل الإعلام الوطنية في الحملة الانتخابية من إذاعة وتلفزة على قدم المساواة. وكذا توفير الضمانات بخصوص تركيب اللجان الإدارية المكلفة بوضع ومراجعة اللوائح الانتخابية، وإحداث هيئة وطنية مستقلة للسهر على العمليات الانتخابية. وأخرى ترتبط بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، وبالطعون المتعلقة باللوائح الانتخابية، ومراقبة سلامة الاقتراع، والمعاقبة الصارمة لكل غش انتخابي. وحرصا على نزاهة الانتخابات، تم تأسيس لجنتين للتحكيم تنظران في القوانين الانتخابية. وإنشاء لجنة وطنية لمتابعة سير العمليات الانتخابية. مرت استحقاقات أكتوبر 1992 بأقل الخسائر بعد أن رفعت السلطة يدها عن التدخل وإن بدرجة أقل. ونجحت المعارضة في الوصول إلى تسيير عدد من الجماعات. غير أن مطالب المعارضة المتمثلة في نظام الاقتراع باللائحة لن تتحقق إلا في 2003. غيرأنه في استحقاقات 13 يونيو 1997، بدأت بعض بوادر الإصلاح تصل إلى هذه المحطة التي أجريت وفق مدونة جديدة للانتخابات نصت على إجبارية التسجيل في اللوائح الانتخابية بعد أن خضعت هذه اللوائح لمراجعة استثنائية. في هذه المحطة، أصبح وضع اللوائح الانتخابية والإشراف عليها من مسؤولية لجنة إدارية يرأسها رئيس المجلس أو من ينوب عنه. وتضم في عضويتها ممثلا عن السلطة المحلية، وعددا من الأعضاء. وتتمثل مهمة هذه اللجنة في تقبل طلبات التسجيل وطلبات الطعن للنظر فيها، قبل أن يلجأ المتضرر بعد ذلك إلى المحاكم الادارية. اللوائح في انتخابات بداية الألفية لم يكتب لنظام الاقتراع اللائحي أن تعرفه الانتخابات الجماعية إلا في استحقاقات 12 من شتنبر 2003 على عهد حكومة إدريس جطو، وإن كان المطلب مطلبا لحكومة التناوب. وهو المطلب الذي نادى به الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في بداية الستينيات. نظام راهن على القطع مع ممارسات النظام الفردي المتمثلة في الإنزال الانتخابي، وفي شراء الأصوات. غير أنه لم يقو مع ذلك على القطع بشكل نهائي مع الفساد الانتخابي الذي عرف المفسدون كيف يتعاملوا مع الوضعية الجديدة. شارك في هذه الانتخابات المحلية ستة وعشرون حزبا إلى جانب اللامنتمين، الذين وصل عددهم إلى 3033. وقد أجريت هذه الانتخابات الجماعية وفق قانون انتخابي، وميثاق جماعي معدلين. وميثاق شرف بين الأحزاب السياسية والدولة. أما استحقاقات 2009 الجماعية، فقد عرفت أحداثا سياسية على غاية كبيرة من الاهمية، لعل أبرزها بداية تشكل حزب جديد لم يكن عرابه غير صديق الملك، فؤاد علي الهمة، والذي اختير له اسم الأصالة والمعاصرة بشعار «الجرار». وصعود نجم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، والذي دفع بوزارة الداخلية أن تطلب حصر مشاركته في دوائر محددة خوفا مما اصطلح عليه وقتئذ بالاكتساح. اكتساح سيتأجل إلى ما بعد خطاب الملك في نفس السنة بعد أن اشتد وطيس الربيع العربي، الذي جاء بدستور جديد وانتخابات تشريعية حملت رفاق عبد الإله بنكيران إلى رئاسة الحكومة وفق المنهجية الديمقراطية. وهي نفس الحكومة التي أشرفت اليوم على انتخابات الرابع من شتنبر الجماعية.