أوفت مباراة كأس الصداقة التي جمعت بين فريقي الوداد الرياضي والعين الإماراتي بوعودها، فقد حفلت المباراة بالأداء الجيد والتنافس بين الفريقين، وعرفت تسجيل ستة أهداف دفعة واحدة، قبل أن يمتد التشويق للضربات الترجيحية التي ابتسمت للفريق الإماراتي، الذي حسم المباراة لصالحه ب5-4. كانت الأجواء التي رافقت المباراة رائعة بكل المقاييس، جمهور ملأ مدرجات ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، وصنع احتفالية جميلة، إذ تغنى بفريقه، وشجعه، لكنه في الوقت نفسه احترم المنافس وصفق له بعد نهاية المباراة مظهرا روحا رياضية عالية، نأملها أن تسود في جميع المباريات. النقل التلفزيوني للمباراة كان بدوره متميزا، ومكن المشاهد من تتبع أدق التفاصيل بجودة عالية، وبرصد لكل ما يتعلق بالمباراة النهائية، الأمر الذي أضاف لها سحرا خاصا. على المستوى التنظيمي جرت المباراة أيضا في ظروف جيدة، فالتنظيم كان في مستوى جيد، ولم يتمكن من ولوج المدرجات إلا الذين يتوفرون على التذاكر، لذلك، انتبه كثيرون إلى الفوارق التنظيمية الكبيرة بين مباراة تتويج الوداد بلقب البطولة أمام أولمبيك خريبكة التي أشرف على تنظيمها المكتب المسير للوداد، وبين المباراة التي جمعت الوداد بالعين وتولت تنظيمها جامعة كرة القدم. قد يقول قائل، إن الأمر متعلق برصد الإمكانيات المادية والبشرية لذلك، لكن ذلك ليس صحيحا، فالأمر متعلق بالإرادة، وبوعي المسؤول، أما الإمكانيات فهي متوفرة، فليس مقبولا أن فرقا تصرف ما يفوق 10 ملايير سنويا، لا تنظم مبارياتها بشكل جيد، ووفق ضوابط احترافية.. بغض النظر عن عدم تمكن الوداد من إحراز لقب البطولة، وبعض اختيارات المدرب الويلزي جون طوشاك غير المفهومة، مثل إصراره على اختيار بدر الدين بنعاشور حارسا أساسيا، ورميه في «محرقة» المباراة، هو الذي مازال شابا في بداية الطريق، فإن هناك الكثير من الدروس المستفادة من كأس الصداقة. أولا: لقد قدمت المباراة إشارات إيجابية على أن كأس الصداقة ستمثل إضافة جيدة للمشهد الكروي سواء المغربي أو الإماراتي، فمباراة الوداد والعين مثلت انطلاقة جيدة لهذه الكأس، وقد تابعنا التنافس الذي شهدته المباراة، ورغبة كل فريق في حسم المباراة لصالحه، لذلك، فهذا الموعد الكروي سيحجز له مكانة بارزة في أجندة المواعيد الرياضية سواء بالمغرب أو الإمارات. ثانيا: لقد تابعنا كيف أن التنظيم الذي رافق المباراة كان محكما، فالذين يتوفرون على التذاكر وجدوا الطريق سالكا إلى الملعب، دون اكتظاظ أو تدافع أو ممارسات يمكن أن تخدش الصورة. التنظيم الجيد يشجع الجمهور على المجئ إلى الملعب، ويجعل فئات أخرى تحضر إلى المدرجات لتتابع مباريات كرة القدم، لقد تابعنا ذلك في مباريات «الموندياليتو» الذي احتضنه المغرب، وفي مباريات المنتخب الوطني، وأيضا في مباراة الوداد والعين، لذلك، المفروض أن تتم الاستفادة على نحو واسع من الخبرة التنظيمية التي أصبح يتوفر عليها المغرب، وأن ينعكس ذلك إيجابا على مباريات البطولة، على الأقل في مباريات الوداد والرجاء التي تستقطب حضورا جماهيريا كبيرا، فليس مقبولا بعد الذي تابعه الجمهور أن نعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر. على مسؤولي الوداد والرجاء أن يسعوا إلى تنظيم محكم مثل الذي تابعناه في مباراة الوداد والعين، أعرف أن هناك فئة من المسيرين «تنتعش» في الفوضى، وفي السوق السوداء، حيث تقوم بالعديد من الممارسات السلبية، لكن إذا لم نستفد من هذا الواقع التنظيمي الجيد، فإن كرتنا ستظل في مكانتها، فالتنظيم المحكم مرآة عاكسة، تعطي صورة إيجابية، وتسهم في احترام آدمية المشجع.