عرفت القاعة الكبرى لمكتبة الأمير بندر بن سلطان، مساء الجمعة 24 يوليوز 2015، افتتاح الدورة السابعة والثلاثين لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي، تحت شعار «فريد بلكاهية في الذاكرة…» بحضور عدد من الكتاب والمثقفين والسياسيين المغاربة والعرب، حيث افتتح هذا اللقاء محمد بن عيسى، رئيس المنتدى ورئيس المجلس البلدي لمدينة أصيلة ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الأسبق، بكلمة ترحيبية أشاد فيها بالحضور مع استحضار صاحب الأيادي البيضاء على المدينة والمهرجان، الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن هذه الدورة ستحتوي على أهم المسارات التي عرفتها الدورات السابقة، كما أشاد بأهل الفضل على مدينة أصيلة، من بينهم الراحل الفنان التشكيلي «فريد بلكاهية»، موجها الشكر للدول الشقيقة لمساهمتها في مشاريع تنموية، بالإضافة إلى رجال السلطة، خاصة محمد اليعقوبي عامل مدينة طنجة، وكذا سكان مدينة أصيلة على أريحيتهم ومساعدتهم على إنجاح كل الدورات السابقة. بعد ذلك أعطيت الكلمة لعدد من وفود الدول الأجنبية، من جمهورية الدومينيكان، غانا، صربيا والباكستان، والذين أجمعوا على أهمية اختيار موضوع هذه الدورة تحت عنوان «قدما إلى الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة»، لراهنيته ولما سوف يطرحه من نقاشات أساسية حول الوضع العربي والدولي جيوسياسيا واقتصاديا واستراتيجيا… مثل العولمة وانعكاسها على البعد الزمني والمكاني، وما لدور الثورة التكنولوجية الرقمية في الإعلام من تأثير على المجتمعات، وما ترتب من مشاكل عن الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في آسيا وروسيا والبرازيل… لتفرز نظاما عالميا جديدا تسبب في اختلال التوازن الاقتصادي العالمي، الذي كان له تأثير على بعض الدول العربية مع ظهور الربيع العربي. وفي هذا الصدد تناول الكلمة وزير الاتصال، محمد الخلفي، والذي أشار إلى مشكل تطور ظاهرة العنف في القارة الإفريقية في السنوات الست الأخيرة، مستشهدا بخبر جاء على لسان صحيفة بريطانية، كوضعية مقلقة وحرجة لتنامي الحروب الأهلية، موازاة مع استفحال الأزمات الاقتصادية، التي تطرح أسئلة استعجالية على نخب هذه المنطقة وعلى الإنسانية كافة، مشيدا بما قدمه المغرب كنموذج وكنقطة مضيئة في كيفيات التعاطي مع التحديات في عدد من القضايا والإشكالات الصعبة برؤية استباقية، يقودها الملك محمد السادس من بينها مشكل الهجرة. كما اعتبر حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر، أن تجربة أصيلة غنية لم تقتصر فقط على الجانب الثقافي بل اعتمدت على طرح أسئلة في جوانب متعددة خولت لها الاستمرارية لتصل زمنيا إلى هذه الدورة. متسائلا بدوره عن إشكالية الحرب الباردة وهل نعيشها فعلا؟ مؤكدا على أن هذه الحرب موجودة فعلا وأن اأبرز ضحاياها هم العرب، مشيرا إلى الوضع المحزن بسوريا وما يتعرض إليه تراثها الإنساني من إبادة، مبرزا أنه حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من هذا التراث الذي هو جزء من التراث العالمي، معتبرا أن التعليم وإصلاح منظومته هو السبيل لتجنب مثل هذه الأوضاع. بعده تناولت الكلمة الشيخة ماي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة بالبحرين، والتي نبهت إلى أن رهان الثقافة هو السبيل الوحيد ضد الحروب الباردة، مشيدة بالدور الذي يقوم به محمد بن عيسى ورهانه على الجمال حيث استطاع أن يحول ما حولنا لكي نسمو بأفكارنا على حد تعبيرها. كما أشادت بمجهودات الراحل فريد بلكاهية فنيا وثقافيا، باعتبار الثقافة في هذا الإطار فعل للمقاومة. بعد الجلسة الافتتاحية، انتقل الحضور مباشرة إلى الاستماع للندوة الأولى التي تناولت موضوعا تساؤليا حول إمكانية واحتمال نشوب حرب باردة، والتي شارك فيها عدد من المتدخلين من المغرب، الإمارات العربية، قطر، البرتغال، غانا، الشيلي، الهند، الرأس الأخضر، البرازيل، النيجر مالي، السنغال، أمريكا الشمالية، البحرين، صربيا، الأرجنتين، قبرص، الكونغو، تركيا، اسبانيا، مالي، بوركينا فاسو، إيطاليا، لتليها ندوات أخرى، في اليوم الموالي، في نفس الموضوع، بوجهات نظر مختلفة باختلاف أصحابها ونوعية المشاكل التي تعرفها القارة الإفريقية والشرق الأوسط وباقي الدول العالمية، لكن هذا لم يمنع من تقاطع واضح بين جل المداخلات، في عدد من القضايا، من بينها ضرورة تكثيف الجهود بين أوروبا وإفريقيا لمواجهة التحديات العالمية في ظل عجز الأمم المتحدة عن حل الأزمات، وإشكالية الأمن والتفكير في طرق القضاء على الخطاب الإرهابي المتطرف، وتعدد الصراعات على جميع المستويات: صراع الثقافات والحضارات، وخطورة التحول البيئي، والصراعات الإقليمية وصراع الهويات، وتضارب الجنسيات والقوميات، إلى جانب المشاكل الاقتصادية مع اعتبار البطالة والهجرة والإرهاب… هي الحرب الحقيقية، على اعتبار أن هذه الحرب، باردة كانت أو ساخنة، كما وصفها أحد المتدخلين، تتلخص في لوحة انطباعية وكل واحد يساهم في رسمها، لتخلص أغلب الآراء إلى استبعاد حرب باردة.