بعد أيام ثلاثة من نقاش مستفيض لبحث إشكالية الحرب الباردة وإمكانية عودتها بسبب التطورات المتلاحقة التي يعرفها العالم بمشاركة وازنة من شخصيات سياسية وإعلامية وأكاديمية مغربية، إلى جانب ثلة من القياديين السابقين من كل قارات العالم، يلتقي المشاركون اليوم الاثنين خلال الندوات الثقافية والفكرية التي تؤطرها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية ويحضرها مثقفون عرب وأجانب من مختلف دول العالم لأيام ثلاثة كذلك لبحث موضوع «الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي»، بينما تنظم السبت فاتح غشت ندوة عنوانها «الفيلم والرواية في سينما الجنوب»، وتستمر ليومين. وتختتم سلسلة الندوات الخميس سادس غشت بندوة «العرب: نكون أو لا نكون». سار المشاركون في أولى أيام فعاليات الدورة ال37 لموسم أصيلة الثقافي الدولي قدما إلى الماضي بحثا عن جواب لسؤال حول مصير عالم بدأت تؤرق تشعباته، بالنظر للتحولات التي يعيشها منذ العشرية الأخيرة من القرن الماضي إلى بدايات الألفية الجديدة، فكر عدد من الفعاليات السياسية على امتداد المعمور وعدد مهم من القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية في العالم العربي . وافتتحت مساء الجمعة فعاليات الدورة ال37 من موسم أصيلة الثقافي السنوي، بحضور نخبة من المثقفين والكتاب والمبدعين والفنانين والسياسيين والإعلامين من العالم العربي ومختلف ربوع العالم، حدد عددهم حسب إدارة المهرجان ب 500 شخصية من الضيوف والمشاركين. فقد التأمت مجموعة من الشخصيات من عوالم الديبلوماسية والسياسة والثقافة والفن والإعلام على امتداد ثلاثة أيام من أجل بحث أجوبة عن سؤال إمكانية حرب باردة عالمية جديدة، وذلك ضمن ندوة "قدماً إلى الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة"، التي احتضنت انطلاقتها مكتبة الأمير بندر واستمرت أشغالها نهاية الأسبوع الماضي من خلال إمعان التفكير في محاورها الحارقة التي امتدت من خلال ثلاثة محاور شملت محاولات للجواب عن أسئلة من قبيل "إلى أي درجة تصح فرضية الحرب الباردة الثانية؟ وإلى أي درجة يمكن اعتبارها بديلا إيجابيا عن الحروب التقليدية؟" و"أطراف الحرب الباردة الجديدة: خلفياتهم، أهدافهم وخطاباتهم"؛ و"الحرب الباردة الثانية والنظام الدولي الجديد". وتناول المشاركون بالبحث والتحليل في هذه الندوة المنظمة بتعاون مع مركز العلاقات الدولية والتنمية المستدامة (صربيا)، فرضية إن كانت الحرب الباردة الثانية أطروحة قابلة للبرهنة، وانعكاساتها على الأمن، وعلى الاستقرار العالمي، وعلى جهود الاستقرار والتنمية في دول ما يسمى بالعالم الثالث، وهل ستعي هذه الدول حيوية استقلال قرارها السياسي، أم ستتواصل الصراعات الإقليمية والحروب بالوكالة. كما حاولوا خلال هذه الندوة، التي تنظم في إطار جامعة المعتمد بن عباد، التي تحتفي هذا العام بدورتها الثلاثين، طرح أسئلة أخرى من قبيل إن كانت هذه الحرب الجديدة، بطبيعتها الاقتصادية، ستجعل هذه الدول تتصرف بصورة مستقلة وبرغماتية، أم أنه ما زالت هناك حاجة لاستدعاء الأيديولوجيا لتبرير ما لا يستسيغه العقل ولا المصالح؟ وهل يمكن النظر بصورة إيجابية إلى هذه الحرب باعتبارها البديل الموضوعي عن الحرب الشاملة؟ وهل تستطيع التوازنات الحالية أن تبقيها في مستواها الناعم، من دون أن ترفع من حرارتها؟ وهل تخضع هذه الحرب لمنظومة معايير، تحول دون توسعها أو تفاقمها أو أنها تبقى مجهولة المآلات؟ إلى غيرها من الإشكالات. كما شكل يوم افتتاح هذه الدورة، التي سيتم فيها الاحتفاء بجائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب في نسختها الخامسة، موعدا لانطلاق ورشة الحفر التي يشارك فيها فنانون من المغرب وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين واليابان وكندا والبيرو. وسيكون للطفولة نصيبها كما في كل موسم، حيث تقام ورشتان: الأولى مرسم الأطفال، والثانية محورها الكتابة والإبداع لدى الطفل. وإلى جانب الورشات الفنية والمعارض الفنية لموسم أصيلة يكرم المهرجان خلال هذه الدورة الفنان التشكيلي المغربي الراحل فريد بلكاهية الذي أثرى المشهد الفني والثقافي المغربي، بجملة أعمال تشكيلية وبصرية أضافت الكثير للمشهد المغربي والعالمي في مجال فن الريشة. وقال محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي، في هذا الصدد، إن ضيف شرف الدورة الحالية من المهرجان هي روح الفنان التشكيلي الراحل فريد بلكاهية، وليست دولة على غرار ما كان عليه الحال في السنوات السابقة، موضحا أن مشاغل الندوات وكذا السهرات الموسيقية التي يشهدها الموسم ستحتفي هذه السنة بالفنان المغربي الراحل. كما يتضمن برنامج هذه الدورة تنظيم ندوات فكرية وندوات أخرى في مجالات الشعر والأدب والفن التشكيلي وغيرها، وتضم فعاليات الموسم، أيضا، ورشات للفنون التشكيلية، وجداريات، إلى جانب ورشات فنية وثقافية للأطفال حول الكتابة والرسم، بالإضافة إلى عروض غنائية وموسيقية. كما سيلتقي المشاركون اليوم الاثنين خلال الندوات الثقافية والفكرية التي تؤطرها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية ويحضرها مثقفون عرب وأجانب من مختلف دول العالم لأيام ثلاثة كذلك لبحث موضوع "الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي"، التي تنظم بالتعاون مع وزارة الإعلام الكويتية وكذا مع مؤسسة أصبان للإعلام في الرياض بالمملكة العربية السعودية، بينما تنظم السبت فاتح غشت ندوة عنوانها "الفيلم والرواية في سينما الجنوب"، بحضور عدد من المخرجين السينمائيين من غرب إفريقيا وشمالها، وعدد من الروائيين، وتستمر ليومين. وتختتم سلسلة الندوات الخميس في سادس غشت بندوة "العرب: نكون أو لا نكون". تحضرها قيادات سياسية وفكرية وأكاديمية في العالم العربي. وعلى عادتها ازدانت مدينة أصيلة برسومات جدارية انطلقت من مدة احتفاءً بهذا الحدث، كما بدأت الجمعة ورشة الصباغة التي تستمر طوال أيام الحدث، وينخرط فيها فنانون من المغرب، والسنغال، وإسبانيا، وفرنسا، والأردن، والبحرين، والسعودية، واليابان.