أعطى الملك محمد السادس، أول أمس السبت، انطلاقة مخطط يرمي إلى تنمية وتأهيل منطقة إملشيل. وتعتبر هذه المنطقة من أفقر المناطق بالمغرب. وتعاني من عزلة شبه تامة لا تفك إلا في فصل الصيف، وهو الفصل الذي يطفو فيه اسم المنطقة على صفحات الجرائد وعلى شاشات التلفزة التي تحرص على «تغطية» موسم «العريس والعروس» اللذين بكيا، في الأسطورة، بسبب نزاع بين قبيلتيهما منعهما من الارتباط ببعضهما البعض. وكونت دموعهما بحيرتين دعيتا «إيسلي» و«تيسليت». ودفعت وفاتهما المؤلمة قبيلتيهما إلى المصالحة واعتماد عرف سنوي يفتح المجال أمام الشبان والشابات لاختيار شريك العمر دون إكراه عائلي أو تدخل قبلي. وكان هذا الموسم الذي ينظم بشكل تلقائي يعد بمثابة متنفس اقتصادي للمنطقة، لكنه تراجع مع مرور الوقت. وحاولت السلطات تسويق قسمات سكان المنطقة وزيهم وموسمهم لتشجيع السياحة. وتدخل مركز طارق بن زياد، والذي كان حسن أوريد، والي جهة مكناس تافيلالت السابق يترأسه، قبل أن يتنحى عنه بعد تعيينه مؤرخا للمملكة، ليشرف على تنظيم هذا الموسم. وحاول تحويله إلى لقاء سنوي ثقافي لسكان «أعالي الجبال». وحرص، في السنوات الماضية، على دعوة أدباء الأمازيغية وفنانيها من مختلف المناطق. كما دعا إليه عددا من رواد الثقافات الأجنبية التي تتقاسم أعالي الجبال مع ساكنة هذه المنطقة. وكانت إملشيل إداريا تتبع لعمالة الرشيدية. ويضطر سكانها إلى قطع مئات الكيلومترات من طرق أغلبها غير معبدة للوصول إلى مختلف مؤسسات المدينة. وفي غياب وسائل نقل، فإن هؤلاء يضطرون إلى ركوب الشاحنات و«ترونزيتات» النقل السري يتقاسمونها، في أغلب الأحيان، مع بهائمهم. لكن قرار إحداث 13 عمالة جديدة، دفع السلطات إلى إلحاقها بإقليم ميدلت. ويقول سكان المنطقة إن هذا الإلحاق من شأنه أن يزيد من تعقيد أوضاعهم، عوض أن يسهلها، لأن المنطقة الأقرب إليهم هي عمالة تنغير التي أحدثت بدورها في ظل نفس التقسيم الترابي الجديد. وستصرف على مشروع تأهيل المنطقة في الثلاث سنوات القادمة ما يقرب من 105 ملايين درهم. وسيشمل المشروع تقوية المؤسسات التعليمية بدائرة إملشيل والتي رصد لها مبلغ 34 مليون و990 ألف درهم، وذلك إلى جانب تأهيل الجماعات المحلية بغلاف مالي يبلغ 20 مليونا و400 درهم. كما أن القطاع الصحي يستأثر ب8 ملايين و930 ألف درهم. وسيخصص جزء كبير من هذا الغلاف لتقوية البنيات الصحية الأساسية. أما البنيات السياحية، فقد رصد لها مبلغ مالي قدره 10 ملايين درهم. ويهم المخطط كذلك إحداث وتجهيز مرافق سوسيو ثقافية واجتماعية بقيمة 10 ملايين و530 ألف درهم وتقوية البنيات الفلاحية وتوفير الأنشطة المدرة للدخل بغلاف 10 ملايين و510 ألف درهم، وبناء وتهييء الطرق القروية ب900 ألف درهم، وتقوية الطرق ب3 ملايين درهم، وإحداث مركز لإزاحة الثلوج ب3 ملايين درهم، ومشاريع خاصة بالتزود بالماء الصالح للشرب ب3 ملايين و400 ألف درهم. وضمن المشروع، رصدت اعتمادات مالية بقيمة 20 مليونا و400 ألف درهم، لبرنامج التأهيل العمراني لمراكز الجماعات التابعة لدائرة إملشيل. وبمقتضى هذا البرنامج، فإنه في الفترة ما بين 2010 و2011 ستتم تهيئة مراكز كل من إملشيل وبوزمو وأوتربات وأيت يحيا وأموكر، وذلك عبر تبليط أزقتها وغرس أشجار التصفيف وترميم واجهات البنايات الموجودة بالمحاور الرئيسية لهذه المراكز التي تبلغ ساكنتها حوالي 33 ألف نسمة، وتصنف ضمن الفئات الأكثر فقرا في المغرب. وتشكل معاناة ساكنة إملشيل ونواحيه مع قطاع الصحة أبرز المشاكل التي يعرضها هؤلاء في كل شكاياتهم. وتكثر الوفيات في أوساط الحوامل والصغار بسبب غياب البنيات الصحية، واضطرار الساكنة إلى نقل مرضاهم في ظروف بئيسة إلى المستشفى الإقليمي بالرشيدية. وتتوفى أغلب الحالات المستعجلة في الطرق قبل أن تصل إلى غرف العناية المركزة بحاضرة تافيلالت. وضمن مشروع تأهيل المنطقة، فإنه، وفي الثلاث سنوات القادمة، سيتم اقتناء سيارات مجهزة للإسعاف ووحدات متنقلة وبناء وتوسيع عدد من المستوصفات والمراكز الصحية وكذا بناء مساكن وظيفية، بغلاف مالي يصل إلى 6 ملايين و930 ألف درهم. ويضطر أبناء المنطقة إلى الانقطاع عن التعليم بمجرد الانتقال إلى المستوى الإعدادي بسبب غياب المؤسسات المحتضنة. وعدد كبير من أطفال المنطقة يقصد المراعي ويجري خلف الماشية لمساعدة عائلته في شؤون الزراعة المعاشية، عوض أن يمضي وقته في الدراسة. ورصد مشروع تأهيل المنطقة قيمة 55 مليونا و310 آلاف درهم لقطاع التعليم بدائرة أملشيل. ويهم البرنامج الذي سيتم إنجازه خلال الفترة ما بين 2009 و2012 إحداث أربع مؤسسات تعليمية وبناء أربع داخليات، إلى جانب توسيع وتأهيل مؤسسات أخرى من خلال بناء وإصلاح 65 حجرة دراسية وبناء 23 سكنا وظيفيا وبناء 14 مكتبا إداريا وإحداث 15 مطعما. وعبئت اعتمادات مالية بقيمة 7 ملايين درهم لتأهيل القطاع الفلاحي بالمنطقة. وتراهن وزارة الفلاحة على تنمية دوائر الري الصغير والمتوسط وبناء السواقي وحماية دوائر السقي وتنمية الأشجار المثمرة لمحاربة الفقر وتنويع دخل ساكنة المنطقة. وإلى جانب هذه الاعتمادات، فإن المنطقة ستستفيد كذلك من مشروع التنمية القروية بالمناطقة الجبلية لإقليم الرشيدية وبعض الجماعات لإقليمي ميدلت وتنغير، والذي سيتم إنجازه خلال الفترة ما بين سنوات 2009 و2014 بغلاف مالي إجمالي يصل إلى 290 مليونا و900 ألف درهم. ويهم هذا المشروع بالخصوص تنمية السقي وحماية الأراضي وتحسين الإنتاج وتثمين المنتوجات الفلاحية وتشجيع السياحة البيئية ودعم القدرات المحلية وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل.