أنعشت المشاريع، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال زيارته الأخيرة لإملشيل، آمال السكان المحليين في مستقبل أفضل للمنطقة، يطوي كتاب عزلة طويلة، عطلت استثمار مؤهلاتها الطبيعية والبشرية. ويعول أهالي إملشيل على هذه المشاريع، التي همت كل القطاعات ذات الطابع السوسيواقتصادي، لمساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، بين مخالب برد شديد وموارد اقتصادية شحيحة، وفك عزلة شبه تامة خلال فصل الشتاء، وتمكينهم من الاستفادة من الخدمات الأساسية. وتبدو ردود فعل السكان كاشفة لأهمية المشاريع المهيكلة، التي تعكس فلسفة للتنمية المندمجة، وتمكن في الوقت نفسه المواطنين من الاستفادة من البنيات الأساسية كحق أصيل، وتفضي بالتالي إلى إشراكهم في الدينامية التنموية كمنتجين للثروة. من هذا المنظور، تتجلى أهمية برنامج تأهيل منطقة إملشيل (2009-2011)، كآلية لتنسيق وتيرة التنمية المحلية، حيث رصد للبرنامج غلاف مالي قدره 105 ملايين درهم، يستفيد منه 33 ألف شخص، من سكان جماعات إملشيل، بوزمو، أوتربات، آيت يحيى وأموغار. وبتجسيد هذه المشاريع الطموحة على أرض الواقع، ستكون المشاكل التي تعاني منها المنطقة في قطاعات الصحة، والبنيات الأساسية، والتعمير، والسياحة، والثقافة...في ذمة الماضي. "فضلا عن العوائد الملموسة لهذه المبادرات التي أطلقها صاحب الجلالة - يقول لحسن أوعبو، عضو جمعية تايمات (الأخوة)- فإن إقامة جلالته بين ظهرانينا طيلة أسبوع، في عز هذا الفصل البارد، تظل الحدث الكبير الذي لا تخفى دلالاته الرمزية". وفي أفق تفعيل البرنامج التأهيلي، كان مهما تزويد السكان بوسائل لتسهيل استفادتهم من الخدمات الأساسية، إذ جرى توزيع خمس سيارات إسعاف مجهزة، على المراكز الصحية لجماعات بوزمو، وإملشيل، وأوتربات، وآيت يحيى، وأغبالو، ونكردوس. كما أطلق جلالة الملك برنامجا مهما للعلاجات الطبية، لفائدة سكان دائرة إملشيل، وقيادة تونفيت، وشملت العملية، التي تنظمها القوات المسلحة الملكية، إقامة مستشفيين ميدانيين، على مدى عدة أيام، بكل من الجماعة القروية لإملشيل، ودوار أنفكو، الكائن بالجماعة القروية أنمزي. وبالفعل، فإن أصواتا كثيرة من أبناء المنطقة ترى في القطاع الصحي أولوية الأولويات. تقول فاضمة، التي قطعت حديثها مع جارتها على عتبة منزلها الطيني بقرية بوزمو "كنا نضطر إلى قطع مسافات بعيدة، إلى الريش وأحيانا الرشيدية، لمعالجة بعض الأمراض، الوضع سيتغير اليوم مع إحداث المركز الصحي". وتعزز القطاع الاجتماعي، أيضا، بمشاريع واعدة من ضمنها تدشين دار للمرأة القروية تتوفر على حضانة وورشات نسائية للنسيج والخياطة، من شأنها تمكين نساء المنطقة من تنشيط الاقتصاد المحلي. وفي إطار تعزيز شبكة الأنشطة الاقتصادية ذات المردودية، قام جلالة الملك بوضع الحجر الأساس لبناء مركز للإعلام والتوجيه السياحي، بكلفة 13 مليون درهم. ولم يخرج قطاع التعليم، الذي يحظى باهتمام خاص من لدن سكان المنطقة، عن دائرة الاهتمام الملكي، ويتوقع، رشيد المعلم الشاب بمدرسة في أوتربات، أن تساهم المشاريع التي أطلقها صاحب الجلالة، في الرفع من جودة المنتوج التربوي ومحاربة الهدر المدرسي. وينص برنامج توسيع عرض التعليم المدرسي بدائرة إملشيل (2009-2012)، الذي رصدت له اعتمادات مالية بقيمة 55 مليونا و310 آلاف درهم، على إحداث أربع مؤسسات تعليمية، وبناء أربع داخليات، إلى جانب توسيع وتأهيل مؤسسات أخرى، من خلال بناء وإصلاح 65 حجرة دراسية، وبناء 23 سكنا وظيفيا، و14 مكتبا إداريا، وإحداث 15 مطعما. هي مشاريع متكاملة، على تماس مباشر بيوميات بسطاء هذه المنطقة، تفتح لأبنائها أفقا جديدا يعزز روح انتمائهم لهذه الأرض، ويوطد أركان مواطنتهم. منطقة إملشيل باتت على سكة مسار تنموي مندمج يترقبه الأهالي بأمل غامر في نجاعة الإنجاز وفعالية المتابعة.(و م ع)