في الخمسين من عمرها، تواصل إيطو منذ التحاقها ببيت الزوجية تنشيط فضائها المنزلي بمزاولة الحرفة التي تعلمتها صغيرة من والدتها: نسج أبسطة أمازيغية و"حنديرات" تقليدية. نسوة كثيرات تدين لهذه المرأة بفضل تعليمهن أسرار الحرفة. عدا ذلك، لم يتيسر لها الاستفادة ماديا من نشاط انحصر زبناؤه في أفراد العائلة والمقربين. مع إحداث دار المرأة القروية التي دشنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال زيارته الأخيرة لإملشيل، سيكون بإمكان إيطو إيجاد منافذ لتسويق ثمرة مهارتها وجني مدخول تكميلي يكون سندا عزيزا لها في إعالة أسرة متواضعة.
إيطو ستستفيد، وعشرات من مثيلاتها، من برنامج مؤسسة محمد الخامس للتضامن لفائدة نساء المنطقة، الذي شمل تجهيز ورشات للنساء تتخصص في إنتاج النسيج والأقمصة الصوفية والخياطة والترويج لمنتجات التعاونيات النسوية وتثمين المنتجات المحلية ضمن فضاءات مخصصة للبيع.
في غضون ذلك، للنساء اللواتي لا يملكن موهبة إيطو أن ينخرطن في ورش المشاريع المدرة للدخل الذي أطلقته المؤسسة من خلال إحداث وحدة لتربية الدجاج وأخرى لإنتاج وصنع السلال انطلاقا من النباتات المحلية.
ذلك ليس إلا واجهة ضمن برنامج متكامل يقدم حدو أوكوجان، المنشط التنموي المحلي، الذي يعمل لفائدة المؤسسة منذ شتنبر 2008، محاوره الكبرى في أربعة، توزعت فضلا عن قطاع الأنشطة المدرة للدخل على الصحة والتعليم والعمل الإنساني.
في هذا الإطار، شهدت منطقة إملشيل مبادرات مكثفة في مجال التعليم همت أساسا إعادة تأهيل خمس مدارس مع تجهيز كل منها بقاعة متعددة الوسائط وتنشيط برامج محو الأمية.
ويؤكد حدو، المنحدر من توفنيت القريبة، أن المجهود الذي بذلته المؤسسة حتى الآن سمح بتزايد ملموس للإقبال على التمدرس، ويفسح المجال مستقبلا أمام تقليص مستويات الهدر المدرسي.
وأمام الحاجات الملحة لساكنة تعاني شريحة عريضة منها من أشكال الفقر والخصاص الملحوظ في المرافق الأساسية، استأثر الجانب الانساني والصحي باهتمام كبير من لدن المؤسسة التي باشرت على مدى عام كامل عمليات متنوعة همت توزيع أطنان من المواد الغذائية والملابس على الأهالي.
كما نظمت المؤسسة سلسلة قوافل طبية، بمعدل واحدة كل أسبوعين، مكنت من إجراء عمليات جراحية لإزالة المياه البيضاء (الجلالة) من العين، والعمل على تحسين شروط صحة الفم والأسنان، وتنظيم عملية للتكفل بالمصابين بمرض الربو.
ولم يكن للمؤسسة أن تقصر نشاطها في إملشيل على الحاجيات اللحظية، بل انخرطت في رؤية مستقبلية للتنمية المحلية، تركز على إنعاش القطاع السياحي، من خلال برنامج يتضمن تأهيل المؤسسات السياحية وتجهيزها وبناء مركز للإعلام والتوجيه السياحي.
برامج مؤسسة محمد الخامس للتضامن حية في المنشآت التي تحمل رمزها، في النشاط الذي بدأ يدب في مرافقها، وأيضا في أحاديث البسطاء من الناس: "المؤسسة فعلت كذا..."، "التضامن قامت بكذا..."، وفي ارتسامات نخبة الفاعلين المحليين من أبناء المنطقة.
يقول هرو أبو شريف، الفاعل الجمعوي، إن "المؤسسة نزلت بكل ثقلها لإحداث نقلة في الوضع الاجتماعي والإنساني بالمنطقة، وخصوصا في القطاع الصحي. إنه مجهود ضخم بين للجميع". غير أن أبو شريف بات يعول على نضج النسيج الجمعوي بالمنطقة لمواكبة هذه المجهودات.
انتظارات الساكنة متعددة، وحجم الخصاص ليس هينا، لكن عملا بنيويا، مستداما وتشاركيا من قبيل ما تشهده إملشيل كفيل بفتح آفاق مستقبلية مثمرة في مستوى جماليات المنطقة وأصالة أهلها.