تدخلت مؤسسة الجيش لتعويض النقص الحاد في البنيات الصحية والأطقم الطبية التابعة لوزارة الصحة في بلدة إملشيل. واختير ملعب «متواضع»، يخصصه أبناء المنطقة للعب كرة القدم عند سفح جبل يطل على بلدتهم، لنصب خيام أطقم طبية كلفتها المؤسسة العسكرية بتقديم الخدمات الطبية إلى ساكنة المنطقة في ظل فصل شتاء تعاني فيه المنطقة، باستمرار، من حصار الطبيعة بسبب التساقطات الثلجية والمطرية، التي تلحق أضرارا بليغة بطرقها غير المعبدة، مما يحول دون تنقل مرضاها نحو مستشفيات المدن المحيطة لتلقي العلاجات الضرورية. ويراهن الجيش على أطقمه التي تعمل في خيام «القافلة الصحية العسكرية» لتجنيب السكان خطر الموت الذي يحاصرهم في كل فصل شتاء. ويرتقب أن تخفف هذه القافلة عبء التنقلات المنهكة لكل من قبائل أيت حديدو وأيت عبدي نحو مستشفيات ميدلت وخنيفرة وأزيلال والراشيدية. وتحظى خيام قافلة أطباء العسكر بإقبال يوصف ب»الكبير» من قبل ساكنة المنطقة التي يبدو أنها «اشتاقت» كثيرا إلى رؤية الأطباء ببذلهم البيضاء ومعهم تجهيزاتهم، لإجراء فحوصات حول أوضاعها الصحية التي ساهمت قساوة طبيعة المنطقة وصعوبة ظروف الحياة وتدني المستوى التعليمي في تدهورها. وتهتم القافلة أكثر بتقديم العلاجات إلى الأطفال والنساء والتوليد ومعالجة أمراض الأنف والحنجرة والعظام والمفاصل والجهاز الهضمي وأمراض القلب والأمراض الجلدية والأمراض التنفسية، وذلك إلى جانب أمراض العيون والأسنان. وقد سبقت نصبَ خيام المستشفى العسكري الميداني بإملشيل زيارةٌ للمنطقة قام بها الملك محمد السادس في بداية شهر دجنبر الماضي. ويندرج هذا المشروع، الذي سيستمر طيلة فصل الشتاء، في إطار برنامج صحي عام أعلن الملك عن تدشينه بهذه المنطقة التي تصنفها أرقام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ضمن أفقر المناطق في المغرب. وتقدم التقارير الإعلامية التي تنجزها قنوات أجنبية حول المنطقة «مغربا عميقا» آخر يتحرك بسرعة تنمية بطيئة. وتتهم عادة السلطات بإهمال هذه المناطق الجبلية التي شمل عددا من عائلاتها جبرُ الضرر من قبل هيئة المصالحة والإنصاف نتيجة مشاركة أفرادها في عدة أعمال «تمس بالأمن العام» في سنوات السبعينيات من القرن الماضي. وأشرف الملك في زيارته الأخيرة للمنطقة على إعطاء الانطلاقة لمشروع تأهيل المنطقة في الثلاث سنوات القادمة بقيمة مالية إجمالية تقرب من 105 ملايين درهم. وسيشمل المشروع تقوية المؤسسات التعليمية وتأهيل الجماعات المحلية وتقوية البنيات التحتية والسياحية. واستأثر القطاع الصحي في هذا المشروع ب8 ملايين و930 ألف درهم، سيخصص جزء منها لاقتناء سيارات إسعاف وتوسيع مستوصفات وبناء أخرى وتوفير مساكن وظيفية لفائدة العاملين في القطاع والذين سيحلون ضيوفا على المنطقة لتقديم العلاجات إلى سكانها.