حالما تفتش بين قسمات «الوجه التلفزيوني المغربي» تجد ملامح شتى تكرع أحيانا من حياض الرداءة وأحايين أخرى من حياض الابتذال والفراغ من أي مضمون أو شكل، وفق توصيف غير قليل من الشهادات التي استقيناها في هذا الخاص، ليبقى المشاهد المغربي وحده ضحية هذا العبث الذي يطارده حتى عقر داره، متحرشا بهويته وقيمه وعاداته وتقاليده.. دونما سابق إنذار. ففي كل رمضان تتهافت قنواتنا المغربية لتسويق منتوج أقل ما قال عنه من أطرقنا لآرائهم السمع أنه دون المستوى، ولا يرقى إلى طموحات دافعي.. سيتكومات ومسلسلات وبرامج وفقرات فكاهية وغيرها شتان بينها وبين انتظارات المغربي المتعطش إلى متنفس في الشاشة الفضية، فتتحول به أنامله دون أدنى تردد صوب ما ينتجه الآخر من أعمال، يعض عليها عض الفار من جحيم إنتاجات وطنية «حامضة»، كما يصفها جمهور المشاهدين المغاربة. إنتاجات تلفزيونية جرت عليها سخط رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها وفق هؤلاء لا تراعي الارتقاء بالذوق العام وتصدير رسالة راقية إلى الآخر كائنا من كان، بل تسحل «الفرجة» وتمحو المتعة والإفادة من وجوه التفت حوالي مائدة الإفطار في رمضان. إنتاجات تلفزيونية هناك من قال عنها إنها مغرقة في الإسفاف، ومن قال عنها إنها تجلد لغة الضاد عن سبق إصرار وترصد، ومن شكا افتقارها إلى أدنى شروط «الجودة»، وتقديمها وجها غير «مشرق» ولا «مشرف» للواقع المغربي الذي يئن أصلا تحت أدواء شتى، وهو ما يجعل المشاهد «يهاجر» صوب «أثير غير الأثير» باحثا عن منتوج إعلامي مختلف مفيد ومثير. محمد خيي إن الحكم على الأعمال التلفزيونية في رمضان قد يكون قاسيا، لأن أصحابها يبذلون قصارى جهدهم، أعتقد أنه فقط ثمة سرعة عند الجميع في هذه الفترة على مستوى الإنتاج والتشخيص والكتابة.. بينما المبدع يلزمه وقت للتفكير والاشتغال ليقدم منتوجا في المستوى. فلا ينبغي أن نتقاذف اللوم فيما بيننا، لأنه هناك حلولا ومن أهمها مساعدة عدد من الناس ليدرسوا كتابة السيناريو في الخارج، والمناداة على مجموعة من كتاب السيناريو الموهوبين،الذين لم نعد نرى أسماءهم في مجموعة من الأعمال، وتشكيل خلية كتابة تضم إلى جانب هؤلاء شبابا واعدين، فضلا عن ضرورة توفر الدولة على سياسة واضحة للمضي بالفن قدما. وبالموازاة نشرع في الاشتغال من رمضان لرمضان آخر، لنجد أنفسنا وقد أنتجنا أعمالا ترضي الجمهور الجميل الذي يحب الفن. هذا ونلاحظ أننا لم نعد نرى وجوها معروفة بحيث ثمة استغلال فئة تريد الظهور في التلفزيون فحسب، والممثل هو الذي لا يسقط في النمطية عند كثرة الأعمال كما أن المواقف هي التي تضحك وليس الكلام. وفي رأيي فكرة أن يكون محترفون سواء في التمثيل أو الكتابة.. ومعهم وجوه شابة تستفيد منهم مثمرة، لأن هؤلاء يمنحون نكهة وإضافة للعمل التلفزيوني، وهنا اعتبر سلسلة «مرحبا بأصحابي» التي تبث على القناة الأولى نموذجا جميلا في هذا المضمار، إضافة إلى مسلسل «حبال الريح»، الذي فيه مزاوجة رائعة بين ذوي التجربة والشباب. وأثمن دور «الكاستينغ» في هذا المجال كونه نصف نجاح الإنتاج، إذ كل مشخص نعطيه الدور الذي يناسبه ونراعي في خضم كل هذا أشياء تعطي مصداقية للمتفرج المغربي. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل في نيتنا فعلا أن يكون هناك فن في بلدنا المغرب أم لا؟ * ممثل
فؤاد بو علي منذ مدة طويلة والقنوات العمومية مصرة على مسخ هويتنا القيمية واللغوية في برامجها المقدمة للمشاهد المغربي. فالقنوات التي تمول من جيوب المغاربة وتسير من قبل نخبة منفصلة عن همومهم تقدم لهم، خاصة في رمضان، وجبات درامية محلية أو مستوردة مبتذلة وضعيفة مما جعلها محط انتقادات دائمة من قبل الجمهور والنقاد المختصين. وإذا كانت العادة في ما سلف من الأيام أن تركز هذه الإنتاجات على رسائل ضمنية تبرز قصد اللوبي المتحكم في المشهد الإعلامي والسمعي البصري، فإن الجديد هذه السنة، خاصة من قبل قناة «سالم الشيخ»، هو الهجوم الصريح على لغتنا الدستورية من خلال سلسلة تافهة وظيفتها الوحيدة الاستهزاء باللغة العربية، إضافة إلى ظهور نمط جديد من الدبلجة قائم على دبلجة المسلسلات العربية إلى اللهجة المغربية. إذا أضفنا إلى ذلك إصرارها على تقديم مسلسلات العري والمسخ الهوياتي وبكثافة في نهار رمضان، سيبدو لنا أن الأمر يتعلق بمسار طويل من الهجوم على اللغة الرسمية للمملكة من قبل اللوبي الفرنكفوني المتحكم في الإعلام المغربي، كيف لا والقناة قد غدت منذ مدة صوتا للتلهيج وكل القيم البديلة. ويكفي متابعة تعاملها مع الأحداث الأخيرة التي تحاول استغلال أحداث عرضية في سبيل الهجوم على قيم المغاربة مثل قصص التنورة والشذوذ وغيرها. * رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية
فيصل العرايشي.. الرجل الذي عرف كيف يجعل التلفزة «لا تتحرك» من أين للعرايشي بكل هذه الحظوة التي تجعل منه موظفا لكن بسلطات أقوى من الوزير؟ رشيد محاميد في كل مرة يكون فيها المغاربة مرغمين على متابعة ما يبث على شاشة التلفزيون، ويحدث ذلك غالبا في شهر رمضان، تتبادر إلى أذهان كثير منهم العديد من الأسئلة، حول الخدمة التي يقدمها لهم هذا المرفق، الذي من المفروض أنه عمومي. فالتلفزة في المغرب كانت ولاتزال غير مهتمة بقضاياهم، بل هي عاجزة حتى عن انتزاع البسمة من أفواههم، ومع ذلك هم من ينفقون عليها. لذلك حين تم، قبل 16 عاما، تعيين فيصل رشيد العرايشي على رأس الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، كان الكثير من المتتبعين يبحثون عن جواب مقنع للأسئلة التي أرقت المغاربة. هل ينجح الرجل الذي تربى غير بعيد عن «دار المخزن» في أن يخلخل الصورة النمطية المطبوعة في أذهان المغاربة عن التلفزيون؟ وهل العرايشي هو الرجل الذي يمكنه أن يضرب بعصاه فتفرز القنوات المغربية واقعا جديدا؟ ثم من أين للعرايشي بكل هذه الحظوة التي تجعل منه موظفا، لكن بسلطات أقوى من الوزير؟ في الواقع كانت أسئلة كثيرة تتدافع إلى الواجهة، ومثلما كان الجميع يترقب كيف سيكون «العهد الجديد»، كان هناك أيضا من يتابع ما يقع في دار البريهي. ففي الأصل ينظر إلى التلفزيون على أنه الواجهة التي تعكس حال البلد. فحال التلفزيون من حال البلد وحال البلد من حال التلفزيون. عين فيصل العراشي على رأس الإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1999، بل فقط بعد أربعة أشهر من تولي الملك محمد السادس العرش. كان تعيين العرايشي بداية مرحلة جديدة من همينة الدولة على قطاع الإعلام، لكن كان ذلك يعني أن وجوها جديدة ستتولى المسؤولية. تقضي قواعد اللعبة أن إبقاء الدولة للتلفزيون تحت سلطتها لا يقتصر فقط على تعيين مدير ملم بقواعد اللعب، ولكن تتحكم الدولة في التلفزيون أيضا وتبقيه تحت سلطتها باستمرارها في تمويله. لذلك استمرت التلفزة جامدة في مكانها كما أراد لها «المخزن» ولم تتحرك، كما تمنى المغاربة. وفي البدء والمنتهى، فإن ل»التلفزة علاقة تراجي-كوميدية مع السلطة، تحبها وتخاف منها، تعشقها وتكرهها، ترضى عنها وتغضب منها»، على قول محمد الأشعري وزير الثقافة السابق. هذا الأخير الذي قال يوما: «عندما كان الانقلاب العسكري وسيلة سائدة للحكم، كان القتال الدموي يبدأ من مبنى الإذاعة والتلفزيون، وينتهي عنده. وعندما صار التأثير في الرأي العام سبيلاً إلى أصوات الناخبين، صارت الأمور تحسم في حلبات التلفزة، قبل أن تحسم في صناديق الاقتراع، حتى وهي تتحول اليوم إلى جد قديم للأنترنت، فهي ما تزال بهدوئها وصخبها، بنموذجها «البيبيسي» ونموذجها «البيرلوسكوني»، حجر الزاوية في الحياة السياسية، عندما لا تكون حجر الزاوية في الحياة برمتها». مع ذلك لا يتردد العرايشي في القول أنه منذ توليه المسؤولية تم خلق سبع قنوات تلفزية وقناة إذاعية، وثلاث قنوات جهوية، مع المحافظة على عدد المستخدمين نفسه (2300 مستخدم)، لكن ينسى أن أن «التلفاز ليس مجرد قطعة تساهم في ديكور البيت، لكنه جزء أساسي من مشروع مجتمعي للدولة ككل».
رشيد الإدريسي إن الصفة الغالبة على كل الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية لهذا الموسم هي الرداءة، وليس في ذلك أي مبالغة بدليل أن نسبة متابعة هذه الإنتاجات خصوصا والمحطات المغربية عموما، عرفت هذه السنة انخفاضا مقارنة بالسنة الفارطة. وهو ما يُستنتج منه أن المشاهد بقدر ما يرتفع لديه مستوى الذوق ومقاييس الجودة، بقدر ما يتدنى مستوى الإنتاجات، التي تفتقد مناخا تنافسيا حقيقيا يدفع نحو الإبداع والتجديد والتميز. وسبب هذه المفارقة (تدني مستوى الإنتاج وتحسن الذوق) يرجع إلى انفتاح المغاربة على الإنتاجات العربية القوية التي لجأت بعض الجهات هنا في المغرب، وهو أمر مثير للسخرية، إلى دبلجتها إلى الدارجة المغربية، وكأن المغاربة لا يفهمون اللهجات العربية الأخرى. وما يمكن تسجيله بوصفه قاسما مشتركا بين هذه الإنتاجات الرديئة، هو عدم توفرها على سيناريو حقيقي (دوار 360، فالصالون، الخواسر…)، حيث الكثير من حلقاتها هي عبارة عن مشاهد لا رابط بينها وحوار فارغ سرعان ما يتحول إلى صراخ، يُغَطَّى عليه، من أجل إضحاك المشاهدين أو الضحك عليهم، باستعمال اللكنة البدوية لمنطقة الشاوية. والجديد/القديم في هذه السنة هو الاستهزاء باللغة العربية الذي يتم بشكل مباشر، خاصة في إنتاجات شركات عيوش أو ما يرتبط بها – (دوار 360) – حيث يتم تمرير مقاطع يُصَرَّح فيها أو يُلَمَّح إلى أن الدارجة هي لغة المغاربة ولا علاقة لهم باللغة العربية الفصيحة. وقد بلغت الحرب على اللغة العربية أقصى درجاتها مع سلسلة الخواسر سيئة الذكر، التي ينتهي من شاهد بعض حلقاتها إلى أنها تقوم على سيناريوهات هشة وتافهة. والجديد فيها هو جعل العربية موضوعا ووسيلة استهزاء في الآن نفسه، وآثار ذلك على المستوى الهوياتي والسياسي لا يمكن أن يكون إلا كارثيا، ألم يقل عبد الله العروي إن هذا التوجه المتمثل في ضرب اللغة العربية وتسييد اللهجات يروم تقويض الوحدة الوطنية للمغاربة؟ * أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك جامعة الحسن الثاني
نعيمة المشرقي أمنيتي أن تقوم الأعمال الدرامية المغربية بصفة عامة بواجبها، ويكون في مخيالها وتفكيرها عند البرمجة أن الأسر المغربية التي تتابعها فيها شرائح مختلفة تتوزع بين الأطفال والمثقفين.. وبناء عليه يلزمنا الاهتمام بالدرجة الأولى بما نقدم للأطفال، لأنه قلما نجد توجيها وترشيدا من قبل أولياء الأمور، فالطفل يشاهد كل شيء دون استثناء حتى الصور التي يروجها الإعلام يستهلكها بلا هوادة. أرى أن دورنا كممثلين ومبدعين وكتاب مرموقين هو المساهمة في أعمال تعنى بالذوق رقيا ولا تشوه الحقائق،أعمال تؤرخ لتاريخنا الحافل بالرجالات والعطاءات.. أمنيتي أن تساهم إنتاجاتنا في الرقي بالذوق وتحترم حقوق الأطفال ولا تسيء للنساء، وتخلو من السخرية والتهكم على ناس البوادي، فهل من حقنا اليوم استغلال الصورة النمطية الهدامة لناس البادية، والواقع أنهم بخلافها تماما؟. * ممثلة
محمد الشوبي
هذه السنة لا ادري ماذا وقع لقنواتنا المغربية ولماذا وصلنا لهذا الوضع، ونحن نمرر إنتاجات حضيضية بملايين بل ملايير السنتيمات ،كانت سنة كارثية بكل المقاييس تفتقر إلى الضحك وجلسات لتتبع ممثل معين وهذا ما يحز في نفسي،ليس ثمة لا اعتبارات فنية ولا إنسانية،المواقف ليست مواقف والضحك ليس ضحك ليس هناك اشتغال،نحن لا نضحك مع المغاربة بل نضحك عليهم ، وهذا ما اعتبره اسفافا لا يمكن إطلاقا إن أمارسه حتى، فحرام و «اللهم أن هذا منكر». إنتاجات تتكرر ووجوه تتكرر في أعمال تسمى بالكوميديا ، وهي لا علاقة لها بكوميديا المواقف ولا بالكوميديا العادية لا من قريب ولا من بعيد ،وحتى السيتكومات أرى ان بنيتنا السوسيوثقافية لا تسمح لنا بممارستها لأنها ليست في ثقافتنا الانتاجية لأنها تتطلب تكوينا رصينا ومهما في الزمان. الذنب الأساس تتحمله إدارة الشركة العامة للتلفزيون وحتى إدارة وزارة الاتصال والهاكا الأوصياء على القطاع،الواقع أنه الناس يراهم المسؤولون والفنانون مستبلدين ولسان حالهم يقول: «نحن نقدم الإنتاج فقط للشعب» وهؤلء يعتبرون التلفزيون وسيلة للاستبلاد فحسب، فحرام أن تقلل من قيمة أمك وأختك وخالتك وجارتك.. . * ممثل
سليم الشيخ.. الرجل الذي لا يغضب ولي نعمته هل يكفي أن يكون سليم الشيخ، مدير القناة أحد المقربين من فيصل العرايشي، لينجو بفعلته دون مساءلة؟ رشيد محاميد في كل مرة يأتي فيها المغاربة على ذكر قناة «الثانية» يصبح السؤال، لماذا يصر مسؤولو القناة على الإساءة إلى الذوق العام، وبالضرورة يصبح السؤال هل يكفي أن يكون سليم الشيخ، مدير القناة أحد المقربين من فيصل العرايشي، لينجو بفعلته دون مساءلة؟ قبل حوالي سبع سنوات حين تم تعيين الشيخ على رأس القناة، ووهو بالمناسبة سابع مدير يعين في هذا المنصب، قيل حينها إنه يعول عليه لإعادة التوازن لها. بل وأثناء تقديمه قيل إنه الرجل الذي يحدد هدفه سلفا، وغالبا ما يوفق وينجح بنسبة مئوية كبيرة في بلوغ الأهداف التي يرمي إليها، لكن بعد كل هذه السنوات بدا واضحا أن سليم الشيخ وفق فقط في اختيار الكرسي المناسب. فإن تكون على رأس القناة تحت حماية العرايشي المحمي بدوره، لا أحد يمكنه أن يسألك ماذا تفعل، وحتى حين يحصل ذلك، فإنه يمكنك أن تتجاهل من يسألك؟ لأنه في المغرب لا يهم ما يقول دافعو الضرائب، لكن من المهم جدا أن تتفادى غضبة «ولي نعمتك». التحق سليم الشيخ، المزداد سنة 1972 بمدينة الرباط من أبوين يشتغلان بالمكتب الوطني للسكك الحديدية، بالمدرسة العليا للتجارة وإدارة المقاولات مباشرة بعد حصوله على شهادة البكالوريا، وبعد أربع سنوات حصل على دبلوم التسويق والاتصال، لكن نجاحه المهني في بعض الشركات المتعددة الجنسية وبعد ذلك على رأس الوكالة المستقلة للإشهار، بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لايمنعه من ممارسة هوايته المفضلة، وهي العزف. يحب سليم الجاز حتى الثمالة، بل يقول مقربون منه، إنه ماهر في العزف على آلة القيثارة، وأنه بسبب انتسابه لعائلة متوسطة الدخل كان يستغل موهبته في العزف من أجل كسب بعض المال حتى يتمكن من متابعة دراسته في أحسن الظروف. سليم يحب التحدي، يقول المقربون منه، وغالبا ما يكسب الرهانات التي يخوضها، لقد كان تلميذا متفوقا ولامعا، ولأنه كان دائما يضع هذا الهدف نصب عينيه، فقد تمكن دائما من أن يكون متفوقا أو على الأقل واحدا ضمن المتفوقين من زملاءه. درس بثانوية مولاي يوسف وبها حصل على شهادة البكالوريا موسم 1990 شعبة الرياضيات. استهوته الرياضيات وتشعباتها منذ الصغر، ونجح في فك معادلات الوصول لقمة إدارة القناة الثانية، وقبل ذلك عرف كيف يكسب ثقة فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لكنه كان الولد الذي فشل دائما في الإجابة عن السؤال المألوف:»ما الذي تريد أن تصبح عندما تكبر؟ هل كان عقله يدرك أنهم لن يصدقوا أن يتحول ولد من أسرة متوسطة إلى مدير لقناة عمومية وأن يعول عليه، هو الذي لازال في بداية حياته المهنية لإعادة توازناتها المالية؟ قبل «دوزيم» بدأ حياته المهنية، مباشرة بعد تخرجه، بمجموعة «بيل» المنتجة لجبنة «البقرة الضاحكة» و»كيري» كمساعد مدير الإنتاج، حيث قضى حوالي ست سنوات بهذا المنصب قبل أن يلتحق سنة 2002بقسم الماركتينغ بمجموعة Unilever Maghreb،حيث سيتولى مهمة تكوين أطر هذه المؤسسة العملاقة، لكن سنة بعد ذلك سيطلب منه العودة لمجموعة بيل لتولي منصب مدير قسم الماركوتينغ، وهي المهمة التي سينجح فيها طيلة السنتين المواليتين، بما أنه في شهر يناير 2006 اقترح عليه تولي منصب بمقر الشركة بالعاصمة الفرنسية باريس، وهو المقترح الذي قال إنه يقبله، لكن لفترة محددة. ستة أشهر بعد ذلك سيتولى منصب مدير عام الوكالة المستقلة للإشهار للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، قبل أن يصبح مديرا ل»دوزيم».
بوعزة الخراطي في الحقيقة هذه السنة المنتجون احتقروا مستوى المستهلك المغربي، بإنتاجات دون أدنى مستوى تعود بنا القهقرى، وما زاد الطين بلة هو الإشهار بطريقة مفرطة، ما جعل المشاهدين المغاربة ينتقلون إلى قنوات أخرى، وشخصيا أعتبر الأولى في الرداءة هي «القناة الثانية» وبعدها تأتي «ميدي ان تيفي» ف»القناة الأولى». إن نوعية الإنتاج رديئة فيها احتقار المشاهد المغربي فمثلا: «الخواسر» أعتبره جاء كرد فعل على مقترح التعليم بالدارجة، فلو كانت دارجة عادية في هذا الإنتاج الأمر مقبول، أما أن تكون معربة فمعناه عدم احترام للغة العربية. الفضيحة الكبرى هي ما يسمى «نايضة في الدوار» فقد مرغوا أنف المنتوج المغربي في التراب، لأن هذا السيتكوم لا يمكن بأي وجه أن يصدر خارج المغرب، كونه يفتقر إلى الفكرة والموضوع، وحتى الممثلين غير احترافيين لا يلعبون دورهم كما ينبغي، يقدمون كل يوم «تخربيقة» ويظهرون كل مرة في مستوى حقير جدا. «ميدي ان تيفي» كانت تأتي بالجديد وهذه السنة كررت إنتاجاتها، وقد كان المعول عليها أن تعطي أكثر بحكم كونها مؤسسة خاصة. عموما نلمس غياب الابتكار والإبداع مقارنة مع قنوات أخرى، مما يحذو بالمستهلك المغربي إلى «الهجرة» أو «الحريك» نحو قنوات أخرى. إن هذا معناه تبذير المال العام لأنه في القنوات ثمة المحسوبية ومنطق «صاحبي وصاحبك»، وهنا يضيع المبدع الذي يحرم من ولوج أبواب القنوات، إذن من الضروري إعادة النظر في هيكلة المؤسسات وفرض رقابة داخلية على نظام «الجودة» الداخلي. فالمستهلك المغربي واع، فإما أن يكون الإنتاج التلفزيوني جيدا أو لا حاجة لنا به بالمرة، لقد مضى عهد «كور واعطي للعور»، إننا نطالب بإنتاجات توعوية ومسؤولة لرفع مستوى المستهلك المغربي. * رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك
محمد نجدي في الحقيقة أي متتبع أو مهتم أو حتى مشاهد عادي يصاب بالخيبة، إن لم نقل الصدمة وهو يشاهد ما تم إنتاجه من أعمال فنية -إن صح أن نطلق عليها هذا المصطلح – طبعا مع بعض الاستثناءات القليلة والقليلة جدا.. لن نوجه اللوم إلى من اشتغل في هذه الأعمال من مخرجين وممثلين وكتاب سيناريو، وكذلك لن نلوم حتى القنوات المنتجة.. كل سنة يعاد نفس السيناريو ويعيد المتتبع نفس الكلام، إذن أين يكمن الخلل؟..في رأيي أن المنظومة كلها فاسدة ولن تفرز إلا ما اعتدنا عليه من رداءة، أو ما يريده لنا الأشخاص الماسكون بخيوط اللعبة، الحل في نظري هو أن نقوم بعملية هدم بناءة لنؤسس من جديد لمنظومة جديدة تساير وتواكب التطور الذي تعرفه المملكة، رغم أنني غير متحمس لهذا الحل، لأن لا أحد من المسؤولين يتجرأ- حتى ولو كان برتبة وزير- ليؤسس لمنظومة جديدة تهدد مصالح البعض، يبقى الحل هو خلق قنوات خاصة، لأنها ستضطر لأن تشتغل بجد وتستجيب لما يريده المشاهد لتضمن نسبة مشاهدة عالية تمكنها من جلب المستشهرين ..لأنها لا تستفيد من المال العام ..إذن ستكون مجبرة أن تبحث عن الجودة، والتجارب علمتنا أينما يوجد المال العام يوجد الفساد، والملفات التي راكمها المجلس الأعلى للحسابات في هذا المجال خير دليل على ذلك. * كاتب سيناريو
عبد اللطيف محفوظ تتميز أغلب العروض الفكاهية، التي قدمتها هذه السنة القنوات المغربية، بالضحالة الفكرية وغياب الموضوعات الجادة والمس بمكونات الهوية(اللغة خاصة)، وبتجسيد صور نمطية سلبية للمغربي، كما أنها، وعلى خلاف ما يتوجب على الكوميديا احترامه، تستخف بقدرات المشاهد وملكة الحكم لديه. ويمكن إجمالا توصيفها بسمات ثلاث أساس: 1 – تناقض الظاهر والكائن: من الملفت أن أغلب الفضاءات التي تم انتقاؤها، سواء أتعلق الأمر بالساحات العامة أم بالشوارع، أم بالبيوت، ذات ذوق مقبول، تتراوح بين التأثيث العصري والتقليدي مع الحرص على وضع اكسسوارات، وتصميم ملابس، دالة على التأنق، بيد أن هذه الأدلة الأيقونية لا تعكس البتة جمالية الروح وتأنقها، بل فسادا مريبا يؤثث الطوية، حيث قيم الرياء والمكر والمكيدة والغباء تسم الجميع. غير أن ما يميز تمظهرها هو وضوحها، وذلك بهدف جعلها في آن ملطفة وفاضحة. ومن الملفت، والدال أيضا، غياب كل ما يتصل بالكتب والمكتبات، والانشغالات بالعبادة أو السياسة أو الفن والمعرفة.. 2 تسفيه اللغة العربية والعامية: بغض النظر عن سلسلة «الخواسر» التي أنتجت خصيصا لتسفيه اللغة العربية، لكنها، ضدا على نوايا المنتجين، سفهت، أيضا، العامية، تحرص أغلب السلسلات الكوميدية على استعمال معجم منحط، يمتح من معجم عامي عابر ومخصوص يتداول في وسط المراهقين، ويتشرب قيم عدم احترام المخاطب والحط من مكانته؛ والمثير أن هذا المعجم يتداول، في هذه الكوميديات، بين أفراد الأسرة، محاولا الإيهام بأنه فعلا أضحى شكلا مقبولا للتواصل الأسري.. 3 إفلاس العلاقات الأسرية والاجتماعية: تصور أهم المسلسلات شكل حياة محرومة من الحب الحقيقي ومن دفء العائلة، بل تعمل على تشخيص حالات شاذة يتآمر فيها الابن على أمه وأبيه، والأب على ابنه وزوجته.. إنها تصوير لعالم شيطاني غادرته كل القيم الإنسانية.. إنها باختصار تقدم عوالم ممكنة لا علاقة لها بالعالم الفعلي الابستيمي، الذي يحكم لحد الآن العلاقات الأسرية والاجتماعية لعموم المغاربة، إنها كوميديا غريبة عنا.. * باحث في السيميائيات