ابتلي الدوري المغربي لكرة القدم بظاهرة غريبة في موسم الانحطاط الكروي، حيث ينوب المدافعون عن خصومهم المهاجمين في تسجيل الأهداف، ليس المهم أن يرتبط التهديف بالمهاجمين بل إن الكرة أصبحت بدورها تؤمن بمبدأ القرب، فتحولت الأهداف كالصدقة الجارية في المقربين أولى. ليس هشام المهدوفي هو أول من دشن حملة وطنية لتسجيل اللاعبين ضد مرماهم، لكن توقيعه لهدف خادع في مرمى نادر لمياغري فسح المجال أمام بقية اللاعبين المحليين ليقوموا مقام المهاجمين. ومما شجع على تسجيل أهداف بطريقة معكوسة، التساهل الذي يقابل به الجمهور هذه الفئة من اللاعبين، حيث غالبا ما يغفر لهم خطاياهم ويشيعهم بتصفيقات أشبه بصكوك الغفران، بالمقابل تصنف مثل هذه الأهداف لدى حضارات كروية أخرى في خانة الكبائر. يكفي أن نذكر النهاية الدرامية للاعب الكولومبي إسكوبار، الذي تمت تصفيته لمجرد تسجيله هدفا ضد مرماه في نهائيات كأس العالم. منذ الدورة الرابعة من بطولة الصفوة لكرة القدم، انتابت المدافعين أنفلونزا الارتجال الكروي، فلم يعد ملعب يخلو من هدف ضد مجرى ضوابط اللعبة. في الدورة الرابعة من البطولة، سجل وكيل، لاعب شباب المسيرة ضد مرماه لفائدة أولمبيك خريبكة، وفي الدورة الخامسة سجل مدافع أولمبيك آسفي القرقوري ضد مرماه لفائدة شباب المسيرة. في نفس الدورة ناب مدافع الفتح الرباطي لكراوي عن لاعبي الجيش الملكي، وأعفى مهاجمي الفريق العسكري من عناء البحث عن أول هدف وأول انتصار، وبفضل إصابة لكراوي في مرمى فوهامي مدد الله في عمر المدرب البلجيكي والتر ماوس. في الدورة السابعة سجل دياكيتي مدافع الوداد الفاسي هدفا في شباك زميله البورقادي، مانحا الدفاع الجديدي فرصة الاستيلاء على زعامة الترتيب، شكر الدكاليون اللاعب على نبله وأريحتيه وتمنوا أن يرزق الله الواف بلاعب محسن ممن يوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، استجاب الله لدعاء أهل دكالة وسجل لاعب الفتح الصويت هدفا في مرمى الفريق الرباطي نيابة عن مهاجمي الواف، وفي الدورة الموالية تنافس لاعبو وداد فاس وشباب المسيرة على تسجيل الأهداف في مرماهم، فقد خدع اللاعب الزعيم الواف وسجل إصابة لفائدة الصحراويين، وقبل أن يطلق الحكم رمسيس صفارة النهاية أصر لاعب الشباب سيلا على إكرام وفادة ضيوف ملعب الشيخ لغضف ووقع هدف الفوز الأول من نوعه للوداد الفاسي خارج الميدان. في نفس الدورة التاسعة، استفاد الفاسيون من أريحية وكرم الأفارقة، فقد سجل اللاعب ديانغ مدافع النادي القنيطري، هدف الفوز نيابة عن مهاجمي المغرب الفاسي، وهو الهدف الذي طرد به الماص استعصاء سكن المركب الرياضي الجديد وتطلب نحر عنزة سوداء. بفضل هدفين من لاعبين إفريقيين عن طريق الخطأ، انفرجت أزمة اللاعبين والمدربين وتمكنوا من استبدال العسر باليسر، ولولا الأهداف التضامنية لما نالوا منح العيد، ولأنه رب ضارة نافعة فقد استفادت فرق عديدة من حالات ارتباك تفقد اللاعب بوصلة التركيز ويدفعه مكرها إلى ارتكاب أخطاء قاتلة، لاينال من ورائها جزاء ولا شكورا. أمام تنامي ظاهرة الأهداف المعكوسة، ندعو جامعة كرة القدم إلى تخصيص جائزة لهدافين من نوع خاص، يطردون العقم من ملاعبنا ويساهمون في خلق فرجة معكوسة، لكن بدل أن نمنحهم تذكارا نعطيه خطأ للفريق الأكثر استفادة من الأهداف المخادعة. والله لا يضيع أجر المحسنين.