هل ستتدخل وزارة العدل لحسم الخلاف والتناقض بين الملتمسات النهائية للنيابة العامة بالدار البيضاء والأوامر بالإحالة التي يصدرها قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة جمال سرحان؟ تساؤل يسود وسط الجسم القضائي وداخل الدوائر العليا بسبب الملتمس النهائي الأخير الذي أصدره عبد الله العلوي البلغيثي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بخصوص ملف «خالد الودغيري»، المدير العام السابق لبنك «التجاري وفابنك». ففي الوقت الذي تضمن الأمر الذي أصدره قاضي التحقيق جمال سرحان بإحالة المتهمين (خالد الودغيري والموثق محمد الحجري) على غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالبيضاء تهمتي الارتشاء والمشاركة فقط، كشف المصدر ذاته أن للوكيل العام للملك ضمن ملتمسه النهائي تهم «غليظة» تتمثل في جرائم تكوين عصابة إجرامية والنصب وخيانة الأمانة والسرقة وانتزاع الأموال والتزوير في محررات رسمية واستعماله والرشوة والشطط في استعمال السلطة واستغلال النفوذ، علما بأن قاضي التحقيق اعتبر، في أمر الإحالة الذي أصدره، أن الأفعال المنسوبة إلى المتهمين «لا تقبل الأوصاف القانونية المعطاة لها من قبل النيابة العامة، حيث ثبت من خلال التحقيقات التي أشرف عليها سرحان ارتكاب محمد الحجري لجناية الارتشاء وخالد الودغيري لجناية المشاركة في الارتشاء. أما التناقض الثاني في هذا الملف بين قاضي التحقيق جمال سرحان والوكيل العام بالبيضاء فيتعلق بمبلغ الرشوة التي تلقاها الودغيري عبر وساطة الموثق الحجري، ففي الوقت الذي تضمن أمر الإحالة الذي أصدره قاضي التحقيق مبلغ 36 مليون درهم، منها رشوة بمبلغ 13 مليون درهم اقتطعها الموثق من ثمن بيع العقار لفائدة شركة ديار المدينة، ورشوة بمبلغ 23 مليون درهم اقتطعت من ثمن بيع العقار للمشتري محمد بنجلون، حصر الوكيل العام بالبيضاء في ملتمسه النهائي مبلغ الرشوة في 23 مليون درهم وأسقط مبلغ 13 مليون درهم. وجاء في المتلمس النهائي للوكيل العام: «إن ظروف وملابسات القضية تؤكد قيام المتهمين بالأفعال المنسوبة إليهما رغم إنكار محمد الحجري، خاصة أنه بالرجوع إلى ناتج الانتداب القضائي الذي أمر به قاضي التحقيق يتبين، فعلا، أن المتهم محمد الحجري توصل، بطرق ملتوية، بمبلغ 22 مليون درهم بواسطة ثلاثة شيكات». ويضيف مصدرنا أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يقع فيها هذا النوع من التناقض بين الملتمسات النهائية للوكيل العام بالبيضاء والأوامر بالإحالة التي يصدرها قاضي التحقيق والملفات التي حقق فيها هذا الأخير منذ التحاقه بمحكمة الاستئناف قادما إليها من محكمة العدل الخاصة، بدءا من ملف السليماني ومن معه ومرورا بملفات عبد الرزاق أفيلال ويوسف التازي وعبد العزيز العفورة والتكوين المهني وإنعاش الشغل والبنك الشعبي والقرض العقاري والسياحي وشركات نقل الأموال والقرض الفلاحي وبريد المغرب... إلخ. فهل النيابة العامة لا تستطيع مواكبة التحقيق في الملفات التي تحيلها بنفسها على قاضي التحقيق حتي لا تنسجم ملتمساتها مع أوامره بالإحالة، أم إن هناك أسبابا أخرى ترتبط بالتكوين المعرفي والتخصص الوظيفي؟ يتسائل مصدرنا. ويشير المصدر ذاته إلى أن ملف خالد الودغيري «سيشكل بحق القشة التي ستقصم ظهير البعير، وسيعرف لا محالة تدخل المسؤولين بوزارة العدل، بالنظر إلى حساسية ووزن الأشخاص المتابعين فيه»، فالأمر، يضيف المصدر، يتعلق بالمسؤول الأول عن الذراع المالي للهولدينغ الملكي «التجاري وفابنك» خالد الودغيري، إضافة إلى احتمال تورط جهات أخرى نافذة داخل دواليب السلطة ومن كبار المستثمرين العقاريين ورجال الأعمال بمقتضى ملفات لاحقة. وأكد المصدر أن ملف خالد الودغيري لم يمر من مرحلة البحث التمهيدي، واستنفد من قاضي التحقيق كثيرا من الجهد، بعدما وجد نفسه أمام متهم هارب وشكاية لعبد الكريم بوفتاس ضعيفة الإثبات، اضطرت قاضي التحقيق إلى إعمال عدد كبير من الإنابات والانتدابات القضائية وحجز مجموعة من الوثائق، فضلا عن الاستماع إلى الشهود وإجراء المواجهات والاستنطاقات.