إضراب شغيلة العدل يشل الحركة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء خلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، صباح الأربعاء، من المتقاضين بعد أن شلت مرافقها جراء الإضراب الذي تخوضه شغيلة العدل منذ يومين. وتجمهر العشرات من المواطنين بباب المحكمة دون أن يسمح لهم رجال الشرطة بالدخول، وشوهد رجال شرطة يمنعون المواطنين من ولوج الباب الخلفي لمحكمة الاستئناف، بينما علت حناجر كتاب الضبط والأعوان العاملين في المحكمة بالصراخ احتجاجا على تجاهل مطالبهم من قبل وزارة العدل. وفيما شلت الحركة داخل المحكمة جراء الإضراب، وداخل بناية المحكمة كانت تدور جلسة سرية لغرفة المشورة تتعلق بملف ارتشاء اقتصادي يتابع فيه المدير العام السابق للذراع المالي للهولدينغ الملكي. ولم تبت غرفة المشورة باستئنافية البيضاء، إلى حدود زوال أمس الأربعاء، في الطعن الذي تقدم به الوكيل العام للملك بنفس المحكمة بشأن قرار الإحالة المنجز من قبل قاضي التحقيق جمال سرحان في ملف يتابع فيه خالد الودغيري المدير العام السابق ل"التجاري وفا بنك" بتهمة الارتشاء. وأكد مصدر قضائي أن القاضي قابيل، رئيس غرفة المشورة، قد ترأس جلسة سرية ضمت مستشارين، مشيرا إلى أن الهيئة ظلت مجتمعة إلى حدود الزوال دون أن تصدر قرارها بشأن ملتمس تقدمت به النيابة العامة بإضافة تهم أخرى إلى الودغيري، غير تلك التي يتضمنها قرار الإحالة المنجز من قبل قاضي التحقيق جمال سرحان. وعزا مصدر قضائي تأخر الغرفة في البت في الطلب بشكل سريع إلى كثرة الملفات المعروضة على أنظار غرفة المشورة التي عقدت أمس جلسة سرية. وتبت غرفة المشورة، يشرح نفس المصدر، في الطلبات المقدمة إليها بشكل سري وشفوي وسريع، طبقا لما ينص عليه الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية والفصل 19 المنظم لخطة العدالة. وأشار المصدر إلى أن غرفة المشورة تعتبر من ضمن غرف محكمة الاستئناف التي يتم تعيينها في الجمعية العمومية التي تعقدها كل محكمة، وقد تكون هذه الغرفة هي إحدى غرف المحكمة، عندما تعقد جلستها سريا للنظر في اختصاصات خولها لها القانون على سبيل الحصر. وكانت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد تقدمت الأربعاء الماضي بطلبها بإضافة تهم أخرى إلى الودغيري بعد تسريب القاضي جمال سرحان لقرار الإحالة المكون من 488 صفحة للصحافة. وأشارت مصادر قضائية إلى أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف غضب بعد علمه بتسريب قرار الإحالة، وتقدم بملتمس لدى غرفة المشورة بإضافة تهم أخرى غير المشاركة في الارتشاء. واعترض الوكيل العام للملك على استبعاد قاضي التحقيق جمال سرحان لكافة التهم التي سبق أن وجهتها النيابة العامة إلى كل من خالد الودغيري والموثق محمد حجري بشأن رشوة قدرها 36 مليون درهم، وطلبت النيابة العامة من غرفة المشورة الإبقاء على تهم النصب وخيانة الأمانة والسرقة الموصوفة وانتزاع الأموال والتزوير في محررات رسمية واستعماله والرشوة والشطط في استعمال السلطة واستغلال النفوذ. وقالت مصادر قضائية إن القاضي سرحان قرر استبعاد كافة التهم التي وجهتها النيابة العامة إلى كل من خالد الودغيري والموثق محمد حجري. ومن المتوقع أن تبدأ أولى جلسات محاكمة الودغيري غيابيا يوم 26 دجنبر الجاري، على خلفية شكاية سبق أن أودعها رجل الأعمال عبد الكريم بوفتاس ضد مصرف "التجاري وفا بنك"، يتهم فيها مجهولا بسلبه ملياري سنتيم. ويشكك مصدر من عالم المال والأعمال في جدية محاكمة الودغيري، معتبرا تحريك الملف مجرد تصفية لحسابات اقتصادية، متسائلا عن سبب تقدم بوفتاس بشكاية ضد مجهول وهو يعرف أن المليارين أعطيا لأشخاص وليس لأشباح. مصادر أخرى عزت انفجار هذا الملف إلى حسابات قديمة ومتأخرة بين منير الماجدي وخالد الودغيري، ورغم أن مدير الكتابة الخاصة للملك هو من كان وراء استقدام خالد الودغيري لرئاسة "التجاري وفا بنك" ما بين 2003 و2007، فإنه لم يقبل برحيل الودغيري بعد أقل من أربع سنوات بشقة في باريس وبشيك يفوق الملياري سنتيم وبمحفظة أسهم تفوق قيمتها المليار ونصف المليار، ومما زاد العلاقة بين الرجلين توترا، حصول الودغيري على منصب رفيع على رأس بنك "الجزيرة" السعودي، واستقدامه لمنصب مدير قطب الاستراتيجية بالتجاري وفابنك، ليشتغل إلى جانبه بالرياض. وأمام هجوم الماجدي، اضطر الودغيري إلى تقديم استقالته من البنك السعودي منتصف يوليوز الماضي، ليعيش بين فرنسا التي يحمل جنسيتها وكندا.