تسبب الإضراب الوطني الذي دعت إليه النقابة الديمقراطية للعدل، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل خلال اليومين الماضيين، والذي أطلقت عليه النقابة «معركة الكرامة»، في توقف العمل بمجموعة من محاكم المملكة، خصوصا بمناطق الشمال. وشهدت العديد من الدوائر القضائية بالمملكة صباح أمس الأربعاء ارتباكا واضحا في عمل بعض المصالح القضائية، ساهم في تعطيل مصالح المواطنين. وحسب مصادر نقابية، فإن نسبة استجابة موظفي العدل للإضراب الذي يمتد إلى غاية اليوم يتراوح ما بين 80 و90 في المائة. وهكذا أصيبت محاكم المملكة بشلل تام عجز معه مسؤولو الدوائر القضائية عن حماية مصالح المتقاضين، حيث أغلقت محاكم طنجة، تطوان، العرائش، الشاون، أصيلا، فيما تراوحت نسبة الاستجابة للإضراب بين 90 في المائة وما فوق بمدن فاس، مكناس، تاونات، صفرو، الصويرة، آسفي، تارودانت، كلميم والعيون. وبمدينة الدارالبيضاء استعان رؤساء المحاكم بالمتطوعين الملحقين والقادمين من الجماعات المحلية لتدبير بعض الجلسات وتسيير المرافق التي شهدت غياب جل موظفيها، ووصلت نسبة الاستجابة للإضراب بمحكمة الاستئناف بالألفة وبآنفا 90 في المائة. وأكد عبد الصادق السعيدي، الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، في اتصال هاتفي ل«المساء»، أن إضراب أمس كان أكبر بكثير من كل المعارك التي خاضتها النقابة حول النظام الأساسي والتعويضات، حيث أبان فيه كل الموظفين عن تضامنهم مع زملائهم الذين مست كرامتهم. وقال عبد الصادق السعيدي الذي كان في زيارة لمدينة الرشيدية رفقة وفد من المكتب الوطني، إن «ما وقع بمدينة الرشيدية فضيحة أخلاقية وقانونية، حيث تم تقديم أحد الموظفين أمام الوكيل العام شخصيا الذي صاغ محضرا للاعتراف قبل استنطاق الموظف أمام محام ورجل شرطة». وأبرز السعيدي أن المكتب الوطني سيجتمع صباح غد الجمعة لتقييم الإضراب والوقوف على تطورات الأمور، فيما يخص الاعتقالات والمتابعات التي طالت الموظفين، وأضاف أن هناك تطورات بمدينة خريبكة، حيث تم تقديم المحامي الذي اعتدى على موظف أمام النيابة العامة، وتساءل السعيدي: «هل يجب انتظار أزيد من شهر وأن تتخذ النقابة قرار الإضراب لمدة يومين حتى تستجيب النيابة العامة لمطلب التحقيق مع المحامي المعتدي». وهدد السعيدي بأن تلجأ النقابة إلى خطوات تصعيدية أكثر في حالة عدم إنصافها في الحالات العينية المباشرة، «منها إيفاد لجنة تفتيش إلى محكمة بالرشيدية والاستماع لكافة الأطراف لأن موظفي الرشيدية يتحدثون عن عدم القدرة على الاشتغال مع الوكيل العام للملك، كما أن قيام الضابطة القضائية بالدارالبيضاء بتفتيش مكتب موظف خارج أوقات العمل وعدم وجود دليل على أن الوكيل العام للملك أعطى أمرا بذلك ينذر بتصعيد محتمل من طرف موظفي القطاع بالمدينة»، يقول السعيدي. من جانبه، اعتبر عبد الله شريفي العلوي، الكاتب الجهوي للنقابة الديمقراطية للعدل، أن إضراب أمس واليوم يأتي من أجل الدفاع عن الكرامة ومن أجل تخليق الإدارة وتخليصها من الفساد. وقال شريفي العلوي: «نحن لا نريد أن نجنح إلى التصعيد بغية تلبية حاجة ذاتية أو تنظيمية أو حتى سياسية وإنما الوفاء لقواعدنا، كما أننا لا نريد أن يرتفع مستوى القلق الذي بات ينذر بعودة التوتر للقطاع»، مؤكدا أن «النقابة على استعدادها المبدئي لالتقاط كل إشارة إيجابية، وإذ لا معنى لإصلاح القضاء دون إصلاح وضعية الموظفين ولا داعي لنقض الوعود ونهج سياسة التسويف والهروب إلى الأمام». تجدر الإشارة إلى أن المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل أكد في بيانه الأخير، على ضرورة تخليق القطاع ومحاربة المفسدين مهما كان منصبهم ومسؤولياتهم. وسجل المكتب الوطني أن القهر واستهداف موظفي كتابة الضبط من طرف بعض المسؤولين القضائيين رغم صبر موظفيه وتفانيهم في خدمة المرفق على رداءة وضعهم الاجتماعي وتجلي مظاهر الهشاشة في عيشهم اليومي لهو تمثل للمثل المغربي «رضينا بالهم والهم ما رضا بينا». وعبر المكتب الوطني عن تضامنه المطلق واللامشروط مع عبد الكريم بلاوي، منتدب قضائي بالرشيدية، ضد مساعي الإيقاع به لحسابات يجهل المكتب الوطني إلى حد الساعة اعتباراتها ومحدداتها، ويحمل وزارة العدل مسؤولياتها في ضمان سيادة الحق والقانون، ويدعوها إلى فتح تحقيق فوري في واقعة تزوير المحاضر التي كان ضحيتها موظف الرشيدية.