طبيبان أجنبيان يعالجان مصابي الحرب في لبنان: "كأن شيئا لم يتغير"    اتحاد طنجة يخرج متعادلا من موقعته أمام الجيش الملكي    الحكومة الإسبانية تؤكد دعمها للشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي: الرباط شريك أساسي لا غنى عنه    سجلت أدنى معدل مشاركة منذ ثورة 2011.. سعيد يفوز في انتخابات بلا منافسة حقيقية بنسبة 89%    سعيد يحوز نحو 89% من الأصوات في انتخابات الرئاسة التونسية    اختتام الدورة 15 لمعرض الفرس للجديدة باستقطاب 200 ألف زائر    مصرع شخص وإصابة آخرين إثر اصطدام بين تريبورتور وشاحنة بالعرائش    إيران ترفع القيود عن الرحلات الجوية‬    إسرائيل تشن أعنف غارات جوية على بيروت    انتقادات "الأحرار" تقلق "البام" بطنجة    ماكرون يعلن التزام فرنسا بأمن إسرائيل    "أيقونة مغربية".. جثمان الفنانة نعيمة المشرقي يوارى الثرى في مقبرة الشهداء    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    اختتام المنتدى المتوسطي لرائدات الأعمال (MEDAWOMEN)    إعصار يتجه نحو فرنسا وهولندا وبلجيكا مع تأثيرات قوية على باقي الدول الأوروبية    الملك محمد السادس يبعث ببرقية تعزية إلى أسرة نعيمة المشرقي    الحنودي: اقليم الحسيمة سيستفيد من غرس 3000 هكتار من الأشجار المثمرة خلال الموسم الفلاحي الحالي    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    طقس الاثنين .. امطار مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    بعد الحكم عليه ابتدائيا ب 20 سنة سجنا.. تخفيض عقوبة استاذ اعتدى جنسيا على تلميذته بالحسيمة    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    تغييب تمثيلية للريف باللجنة المركزية للاستقلال يقلق فعاليات حزبية بالمنطقة    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    ردا على قرار محكمة العدل الأوروبية.. الجمعية المغربية للمصدرين تدعو إلى تنويع أسواق التصدير    رسميا.. ريال مدريد يمدد عقد كافاخال حتى عام 2026    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية يقتل مجندة إسرائيلية ويصيب 9 آخرين في بئر السبع    كارفاخال يخضع لعملية جراحية بعد إصابته الخطيرة    موكوينا: غياب الجمهور غير مقبول بالمغرب    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكيّف" الأشجار مع التغير المناخي    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يكشف تفاصيل لقائه مع وزارة الصحة لتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها        مشروع لغرس 500 هكتار من الاشجار المثمرة ب 6 جماعات باقليم الحسيمة    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي        منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفرو.. حملت صفة المدينة عندما كانت فاس مجرد قرية
مدينة يختزلها البعض في مهرجان «حب الملوك»
نشر في المساء يوم 25 - 06 - 2015

لا يكفي سكان صفرو، هناك على سفوح جبال الأطلس المتوسط، فخرا أن مدينتهم ظلت تسمى بأكثر من اسم.
فهي مدينة «حب الملوك» كما يسميها أهلها، هذه الفاكهة التي عرفت بها المنطقة، والتي تنظم لها مهرجانا سنويا لا يزال يحافظ على حضوره منذ 1919. وهي عند اليهود الذين سكنوها قادمين إليها من الجنوب المغربي، «أورشليم الصغيرة». أما الفرنسيون، فقد أطلقوا عليها لقب «حديقة المغرب»، بالنظر إلى الماء والخضرة المتوفرين فيها.
ولا غرابة أن تحمل صفرو صفة المدينة قبل أن تحملها فاس، التي ستصبح بعد ذلك عاصمة مملكة المولى إدريس، الذي قال قولته الشهيرة «سأرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس».
غير أن أهل صفرو لا يملكون اليوم غير هذا التاريخ الذي يتفاخرون به. وهذه اللحظات التي يمنحها لهم مهرجان حب الملوك السنوي، والذي بالقدر الذي يرونه نعمة تميط اللثام عن صفرو مع حلول شهر يونيو من كل سنة، وتجعلها قبلة للزوار، بالقدر الذي يقول البعض إنه نقمة عليهم لأن البعض يكاد يختزل صفرو في هذا الحدث. وهي التي تحتاج إلى تنمية حقيقية على أكثر من مستوى، تجعل منها مدينة قادرة على توفير الشغل لأبنائها.
في صفرو تاه المسؤولون. فلا هم حافظوا للمدينة على مؤهلاتها السياحية العذراء والتي لم تكن في حاجة إلا لبعض الإصلاح لكي تكون صفرو مدينة سياحية بامتياز، ولا هم حولوها إلى مدينة تضم مصانع ومعامل وفضاءات توفر فرص شغل لهذه الأعداد من شباب صفرو، التي ينتظر بعضها متى تهل طلعة مهرجان حب الملوك لكي يتابع العالم كيف تعيش المدينة لحظتها، دون أن يطرح السؤال كيف تعيش على امتداد بقية أشهر السنة.
لقد منح موقع صفرو المدينة مؤهلات طبيعية لا تتوفر للكثير من غيرها. إضافة إلى وجود مياه كثيرة، ونهر يفصل المدينة، وشلالات كان يمكن أن تستثمر في جعل المنطقة قبلة سياحية تضاهي إفران أو إيموزار بالنظر إلى طقسها الرطب صيفا. غير أن قطار التنمية لم يصل صفرو، وظلت على حالها تنتظر موعد حب الملوك ومهرجانها وملكة جمال هذا المهرجان.
لصفرو أيضا تاريخ عريق. ولعل الأسوار الموجودة بها، والأزقة الضيقة في مدينتها القديمة، دليل على عراقة المدينة التي يقال إنها تأسست في القرن السابع الميلادي، وكانت خليطا من عرب وأمازيغ ويهود.
وتفخر المدينة اليوم بمهرجانها حول فاكهة الكرز، أو حب الملوك. لكنها لا تترك الفرصة لكي تنبه لما أضحت عليه هذه الفاكهة وما عرفه إنتاجها من تراجع بعد اقتلاع أعداد كبيرة من شجرها. كما تراجعت بقية الإنتاجات الفلاحية التي عرفت بها المنطقة، التي كان اليهود المغاربة قد جعلوها مستقرا لهم وحركوا أنشطتها التجارية، خصوصا وأن موقعها جعلها محور القوافل التجارية التي ظلت تربط شمال المغرب بجنوبه وشرقه على الخصوص. ومن تلك الإنتاجات الفلاحية، بالإضافة إلى الكرز، فاكهة الإجاص والتفاح وزيت الزيتون.
يفخر سكان صفرو بأن المدينة استوطنت حينما توفر لها الكثير من العشب والماء، مع خصوبة التربة.
غير أن هذه المؤهلات لم تعد اليوم كافية لجعل صفرو مدينة قادرة على توفير الشغل لأبنائها، الذين ترك بعضهم حقول المناطق المجاورة لكي يسكنوا أحياء صفرو التي لا يتوفر بعضها على شروط الحياة الكريمة. ولذلك كانت صفرو واحدة من المدن التي ظلت تعرف بين الفينة والأخرى انتفاضات شعبية يقودها معطلوها الباحثون عن شغل، وعن تنمية حقيقية للمدينة، التي لا تملك اليوم غير أن تفتخر بهذه الصفة التي توفرت لها قبل أن تتوفر لفاس، التي كانت مجرد قرية.
اليوم لا تزال صفرو العريقة تنتظر متى تستفيد من تجربة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالإقصاء الاجتماعي والهشاشة التي يعانيها بعض أحيائها.
آخر مشاريع هذه المبادرة، التي تنتظرها صفرو وتحديدا سكان حي المدينة القديمة شمال وادي «اكاي»، هي ترميم وصيانة الأحياء، وتزويدها بمصابيح الإنارة، ووضع لوحات لأسمائها. وكذا إحداث فضاء للباعة المتجولين بحي حبونة على مساحة 3120 مترا مربعا، إضافة إلى خلق ملعب ليلي للقرب، وإحداث مدرسة لكرة القدم بملعب كاف المال، وكذا خلق مسلك سياحي بجانب وادي «اكاي» بحي القلعة.
هذه بعض المشاريع التي عقدت بشأنها اللجنة الخاصة اجتماعا في مستهل شهر يونيو 2015. لكنها تظل مع ذلك غير كافية ولا تناسب حجم مدينة لها تاريخ كبير، دون أن يكون لها حاضر بقيمة هذا التاريخ.
ولا يخفي شباب صفرو أن هذه المشاريع، على أهميتها، تظل مجرد حبات أسبرين قد توقف صداع الرأس لكنها لا تعالجه. والعلاج هو أن يخرج مشروع التنمية الشاملة لصفرو إلى الوجود. مشروع يجيب على سؤال جوهري، هل تريد السلطة أن تجعل من صفرو مدينة سياحية لتضاهي بقية جيرانها كإفران أو إيموزار، وهي التي تتوفر على مؤهلات هذه المنافسة، وتبادر إلى وضع البنية التحتية لهذا الإقلاع، أم أنها تريدها مدينة صناعية يمكن أن توفر معاملها فرص شغل لأبناء صفرو الذين يطوفون بشواهدهم الجامعية على الإدارات. أم أن من سوء حظها أن بها مهرجانا وطنيا أصبح اليوم يصنف من ضمن التراث الإنساني غير المادي، يكاد الكثيرون يختزلون المدينة في أنشطته، وفي اختيار ملكة جماله، التي لم تسلم هي الأخرى من هفوات وأخطاء وتجاوزات قد تذهب بكل بريقه.
يقال اليوم بين أهل صفرو والبهاليل إن هذا التهميش، الذي أضحت عليه المدينة والمنطقة، هو العنوان الأكبر على أن الرحيل الجماعي ليهود المدينة، الذين كانوا قد جعلوا منها قبلة تجارية، كان هو السبب. لقد رحل يهود صفرو ورحلت معهم كل مجالات التنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.