أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    الأزمي يتهم زميله في المعارضة لشكر بمحاولة دخول الحكومة "على ظهر العدالة والتنمية"        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بيت الشعر في المغرب والمقهى الثقافي لسينما النهضة    الزمامرة والوداد للانفراد بالمركز الثاني و"الكوديم" أمام الفتح للابتعاد عن المراكز الأخيرة    اعتقال بزناز قام بدهس أربعة أشخاص    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان حب الملوك بين أمجاد الماضي وتراجعات الحاضر.
نشر في تازة اليوم وغدا يوم 22 - 06 - 2013

قررت كما هو معلوم منظمة الأمم المتحدة التي تعنى بالتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" على إثر الدورة السابعة لاجتماع اللجنة بين الحكومية المكلفة بالمحافظة على التراث اللامادي المنعقدة من 3 إلى 7 دجنبر 2012 بالعاصمة الفرنسية باريس، قررت تصنيف مهجران حب الملوك الذي تنظمه مدينة صفرو منذ 1919 تراثا ثقافيا لاماديا للإنسانية. وقد تم هذا التصنيف بطلب من وزارة الثقافة المغربية بناء على الملف الذي أعدته لهذا الغرض بلدية صفرو وفق الشروط والمعايير المعتمدة. ويعد هذا الاعتراف تشريفا للمدينة والمغرب ككل الذي يتنامى الإقرار العالمي بعراقة وتنوع وخصوصية وقيمة موروثه الثقافي والتاريخي، ومن شأن هذا التصنيف أن يثمن المؤهلات السياحية لمدينة صفرو الألفية المتميزة بتاريخها القديم ورصيدها الثقافي المادي واللامادي وموقعها في بوابة الأطلس المتوسط على بعد أقل من 30 كلم جنوب مدينة فاس.
وفي السياق ذاته، سبق أن صنفت في الخمسينيات من القرن الماضي أبواب وأبراج وأسوار المدينة العتيقة وموقع القلعة تراثا وطنيا ولا زالت هذه المعالم شاهدة على العمق التاريخي للمدينة التي أقام بها ادريس الثاني في حملته لكسب قبائل المنطقة وللبحث عن عاصمة مملكته الناشئة.
وبالرجوع إلى الاعتراف الدولي بمهرجان حب الملوك، فيجب على الساهرين عليه أن يجعلوا من هذا الحدث البارز في تاريخ المدينة وقفة إجلال وتكبير وامتنان لكل الفعاليات التي ساهمت في صنع هذا المنتوج الثقافي، وأن يغلبوا التكليف على التشريف بالعمل على تحسينه وتثمينه ومأسسته للحفاظ عليه وضمان استمراريته. تغليب التكليف على التشريف مرده لكون الارتقاء بالقيمة الثقافية للمهرجان للمستوى العالمي يبدو اعترافا لجدارة هذه التظاهرة في حلتها الماضية ولباسها الأصيل وذلك بالنظر لمجموعة من التراجعات التي عرفتها والتي تهدد بإفراغها من لحمتها, هذا لا يعني بالطبع أن المهرجان وصل حد الضياع لأن استمراريته لوحدها تكسبه قوة وتتيح المجال لرد الاعتبار له.
من "الفيشطة دِي حب لملوك" إلى المهرجان
وفي هذا الإطار واعتمادا على الفيلم الممتاز الذي تضمنه ملف طلب التصنيف فإن اللجنة المكلفة بالمحافظة على التراث اللامادي التابعة لليونسكو قد تكون بنت قرارها على أربعة مقاييس على الأقل:
1 أقدمية المهرجان الذي يعتبر بحق عميد المهرجانات على الصعيد الوطني ولربما من أقدمها على المستوى العالمي إذ سيحتفل بقرن من انطلاقه سنة 2018. وستنطلق النسخة الثالثة والتسعون منه أيام20 ,21، 22 و23 من شهر يونيو 2013.
2 قيم التعايش والتساكن بين الأعراق والأديان التي كانت تميز مدينة صفرو المعروفة بتساكن مجموعات بشرية عربية وأمازيغية مسلمة ويهودية. وقد منحت مرحلة الحماية وفترة ما بعد الاستقلال إلى حدود النصف الأول من السبعينات على الأقل قيمة مضافة من الجانب الإنساني الكوني لقيم التعايش والتسامح باعتبار الجالية المسيحية التي انضافت إلى المجموعات السالفة. ولهذه القيم النبيلة التي نظمت روح العلاقات بين مختلف الفئات الاجتماعية الصفريوية وبين هذه الأخيرة وساكنة المنطقة تجليات سوسيومجالية نسوق منها على سبيل المثال تواجد اليهود بحي الملاح المحاط بأحياء المدينة العتيقة الأخرى التي يسكن بها المسلمون كتقصبت، وناس أعدلون .وقد مر التعايش من تجاور الأحياء إلى الاندماج السكني والسكاني بأحياء زمغيلة ولمربع والشباك داخل الأسوار والمدينة الجديدة حيث تساكنت وتجاورت عائلات مسلمة ويهودية ومسيحية. وعملا بالمناصفة المجالية والطبونومية فإن واد أكاي الذي يخترق المدينة يحمل هذا الاسم من منابعه جنوب مدينة البهاليل إلى حدود وسط المدينة العتيقة لصفرو حيث يوجد حي الملاح إذ يحمل اسم واد ليهودي. ومن تمظهرات التعايش ممارسة مجموعة من الأنشطة الاقتصادية من طرف مسلمين ويهود في مجالات مشتركة (تجارة، صناعة تقليدية…). كما كانت لهم علاقات تجارية واجتماعية وإنسانية .
3 محتوى المهرجان إذ بفضل تراكم الخبرات والتجارب في الإبداع والتنظيم تنوعت أنشطته التي كان يغلب عليها الطابع الثقافي والفرجوي النابع من المهارات والخصوصيات المحلية، فكان يستحق تسمية "الفيشطة"، وهي كلمة إسبانية تعني la fiesta (العيد) بالرغم من أن مهرجان حب لملوك تأسس خلال الوجود الفرنسي بالمنطقة. وبالفعل فقد كان الصفريويون وسكان الضواحي يعيشون سنة كاملة على شوق التمتع ب"الفيشطة دِي حب الملوك" كما يطلق عليها محليا، فتمتلئ المدينة عن آخرها وينسى الفلاح والراعي والعامل همومهم و يبتعد التاجر والموظف و الصانع التقليدي عن مشاغلهم, ويستسلم الكبير والصغير والرجل والمرأة للفرجة. أما الآن فأصبح السكان يرددون عند كل مهرجان عبارات كلها نعي "للفيشطة" على غرار "ماتت الفيشطة"، "ما بقات فيشطة"، "الفيشطة امشات مع اماليها"…إلخ.
4 الفضاء المستقبل للفيشطة، وهو المقياس الذي يرجح أن يكون إسهامه وافرا في التصنيف- وهو مركب:إذ يتعلق الأمر في المرتبة الأولى بالمدينة القديمة المتحف العربي الأمازيغي المسلم واليهودي، الذي كان يزخر بصناعته التقليدية، وفنونه المعمارية ومعالمه التاريخية. ويأتي في المرتبة الثانية الرصيد الطبيعي المتميز للمدينة الذي منحها بداية القرن الماضي لقب "الواحة" أو "حديقة المغرب" لوفرة مياهها واخضرارها وكثرة جنانها (العرصات) التي تزخر بالأشجار المثمرة من ضمنها شجر الكرز أو "حب الملوك" التي كان هاجس تسويق فاكهتها هو الفكرة المؤسسة للفيشطة بمبادرة من فعاليات مسلمة ويهودية ومسيحية. وفي هذا السياق فقد كان واد أكاي وسواقيه وموقع الشلال والمنظر الجميل للمدينة من موقع ضريح سيدي علي بوسرغين يجلبون ويسحرون الزوار بجمالهم. اما المكون الثالث للفضاء المستقبل للمهرجان, فيكمن في بنية استقبال الزوار والسياح ويتعلق الأمر بفنادق لفريني، وباب المقام بمدخل المدينة وحب الملوك والحسن اليوسي بالمدينة الجديدة، والشلال على واد أكاي، زيادة على المخيم البلدي الذي يطل على المدينة الذي سبق وأن حظي باعتراف كمخيم دولي.
وإذا كانت "الفيشطة" بتاريخها ومحتواها والقيم التي ميزت روادها والفضاء الذي استقبلها هي التي استحقت التصنيف فلماذا لا يرقى المهرجان في حلته الحالية إلى مستواها ؟
تراجعات مهرجان حب الملوك
الحقيقة أن مسلسل تراجع الفيشطة انطلق في الثمانينات من القرن الماضي وتكرس مع بداية التسعينات الشيء الذي يثير الانتباه ويطرح أكثر من سؤال لأن الفترتين الزمنيتين عرفتا حدثان مهمان كان من المفترض أن يثريا الفيشطة ولكن العكس هو الذي حصل .
الحدث الأول يكمن في توسيع صلاحيات المجالس المنتخبة وأجهزتها التنفيذية عملا بمقتضيات الميثاق الجماعي الصادر في 1977 إذ كان من المنتظر أن تستغل السلطة المنتخبة اختصاصاتها الجديدة وقدراتها المالية ومواردها البشرية وإمكانياتها المادية وتراكم خبرات لجنة الفيشطة (الكوميتي) في إغناء هذه الأخيرة، لكن الاستغلال السياسوي لها والحسابات المصلحية والمزايدات الايديولوجية والانفتاح الغير المعقلن على المهرجانات الحديثة العهد أدخلها مسلسل التقهقر. وهكذا تم تسييس أعمال اللجنة المكلفة بتنظيم الفيشطة وبدأت الحسابات الضيقة تتحكم موعد المهرجان و في البرمجة واختيار الفاعلين والمشاركين. وقد توج هذا التوجه بتأسيس "جمعية حب الملوك"سنة 2006 ,لتتكفل بتنظيم "الفيشطة" وهي مبادرة حميدة لأن اللجنة تفتقد الأهلية للتصرف في المال والعقار. لكن تعاقب أعضاء المجلس البلدي على رئاسة هذه الجمعية وعضوية منتخبين آخرين وتمثيلية صورية للمجتمع المدني حولها منذ إنشائها إلى منبر للصراعات العقيمة ومرآة للتقلبات السياسية داخل المجلس البلدي. وفي نفس هذه الفترة تم إطلاق مسلسل انفتاح الفيشطة حيث تحولت إلى مهرجان تيمنا بموجة المهرجانات التي تأسست في مجموعة من المدن المغربية، عوض التمسك بالخصوصية التي تكمن كذلك في التسمية. كما أن عملية اختيار ملكة حب الملوك لم تعد مقتصرة على المدينة بل صارت تشمل المغرب، وكانت في نفس الوقت محاولة تغيير الاسم واستبداله بملكة جمال المغرب. وكل هذا من شأنه أن يفقد "الفيشطة" شرعيتها ويقتل خصوصيتها التي أكسبتها الشهرة وطنيا والآن عالميا والتي تميزها عن الجيل الجديد من المهرجانات التي اقتبست الشيء الكثير منها. زيادة على ما سلف ذكره، فإن تيارا سياسيا بالمجلس البلدي وعلى غرار مواقفه على الصعيد الوطني كان يدفع إلى إلغاء المهرجان.
ويتمثل الحدث الثاني في إحداث إقليم صفرو سنة 1991 وترقية مدينة صفرو عاصمة له الشيء الذي كان ينذر بتكثيف الجهود وتنسيق الإمكانات لرد الاعتبار للفيشطة وإصلاح أعطابها وتلميعها واسترجاع جاذبيتها والرقي بها، لكن ما حدث صب في مجمله في الاتجاه المعاكس كذلك وغدى بدوره مسلسل التراجعات. وهكذا فإن المقاربة الأمنية والاعتبارات السياسية أسهمت في تقزيم "الفيشطة" وذلك بإلغائها مرتين في أقل من عقدين من الزمن وحذف بعض موادها وتقليص وتمييع وتضييق الخناق على أخرى. وهكذا فقد ألغيت "الفيشطة" سنتي 1992 و2009 تحت ذريعة تزامنها مع فترة الانتخابات ، وهذا يوضح جليا عدم ارتقائها إلى مؤسسة لضمان استمراريتها الشيء الذي لا يخلو من إسقاطات اقتصادية سلبية ويحرم الساكنة والسياح من الفرجة وينقص من جاذبية وشهرة المهرجان.
وفي السياق ذاته فقد ألغيت كليا بعض الأنشطة التي كان لها إقبالا جماهيريا وكانت تخلق الفرجة، نسوق منها على سبيل المثال الكرمس الذي كان يوفر مجموعة من الألعاب الممتعة ينشطها الأطفال والشباب في الفضاء العمومي للمدينة الجديدة. وعرف مسلسل التراجعات إلغاء أنشطة أخرى تسجل إقبالا شعبيا و تتيح فرصة التعرف على المدينة والناحية والاطلاع على مؤهلاتيهما الثقافية والطبيعية. نذكر منها سباق الدراجات الهوائية والسيارات وألعاب القوى والبحث عن الكنز الخ…
وقد تسببت المقاربة الأمنية في تقزيم أهم أعمدة الفيشطة وأكثر موادها جاذبية وإقبالا وشعبية وتشويقا ألا وهو استعراض موكب ملكة حب الملوك وهو في شكل لوحة فنية تمثل مشارب المنظومة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية للمدينة والناحية. وهكذا فقد تم حصر الاستعراض في يوم واحد(السبت أوالأحد) وأصبح أقل تشويقا كما وكيفا حتى صار باهتا.
ولم تكتف السلطات بتوجيه فعاليات المهرجان من خلال الاجتماعات التحضيرية والتنظيمية التي تبادر إلى تنظيمها, بل بلغت درجة التحكم إلى تأسيس جمعية أطلق عليها اسم « Event » أو الحدث بالانجليزية سنة 2010، تعنى بتنظيم المهرجانات والمواسم على صعيد اقليم صفرو. وكما كان منتظرا فقد دخل المولود الجديد مباشرة في صراع مفتوح مع جمعية حب الملوك المحلية التي رأت في مبادرة السلطات أداة لتهميش وإقصاء الفعاليات المحلية. ومما يعاب على جمعية « Event » في بداياتها على الاقل, اتخاذها للمهرجانات الحديثة مرجعية يهتدى بها على حساب الموروث الثقافي الذي يزخر به أعرق موسم بالمغرب، كما حرصت على غرار منتخبين من قبلها على تنظيم مهرجان حب الملوك بتزامن أو بعد انتهاء فعاليات مهرجان فاس للموسيقى الروحانية للاستفادة منه أو لتفادي تنافسيته الشيء الذي يفقده استقلاليته. ومرد هذا التردد بالخصوص إلى غياب تاريخ محدد لانعقاد المهرجان تتحكم في تعيينه يناعة فاكهة الكرز وسيادة القرار المحلي. وفي غياب دورية تنظيم المهرجان فانه يصعب إدراجه ضمن شبكة المهرجانات والمحطات السياحية سواء بالنسبة للمغاربة أو الأجانب.
إن التراجعات لم تشمل فقط المهرجان ولكن همت كذلك الفضاء المستقبل له نظرا للعلاقة الجدلية بين المكونين لأن الزائر يستمتع بمواد المهرجان ولكن يستهلك ويستمتع في نفس الوقت بكل ما توفره المدينة. وفي هذا الباب فإن المدينة القديمة التي تعد موروثا تاريخيا وثقافيا تعرف تدهورا متلاحقا كما ضاعت العديد من معالمها في غياب استراتيجية لرد الاعتبار لها. أما برنامج الدور الآيلة للسقوط الذي يجري تنفيذه، فتغالب عليه المقاربة الأمنية إذ تم إخلاء مجموعة من الدور ذات قيمة هندسية ومعمارية لأجل هدمها وهي تحتاج فقط لعمليات ترميم وإصلاح كما سجلت أعمال نهب لما يوجد في هذه الدور من غال ونفيس مما أدى إلى اتخاذ قرار إيقاف هذه العملية في انتظار تصحيح الاختلالات وتدارك التجاوزات.
وقد شمل التراجع بنية استقبال السياح إذ تم تحويل جزء من فندق باب المقام إلى مقهى وفندق حب الملوك إلى مكاتب للمهن الحرة ومقهاه إلى وكالة بنكية وتم إغلاق فندق الشلال ومقهاه وبدأت تتساقط أطرافه ويخضع فندق لفريني لأشغال الإصلاح منذ مدة طويلة وتوقفت أشغال إصلاح وتوسيع فندق سيدي علي بوسرغين منذ سنوات. أما المخيم البلدي الذي يزخر بغابته وكهوفه ومسبحه والمنظر الجميل الذي يوفره على المدينة، فقد طاله النسيان والإهمال بعدما فشلت محاولة تثمينه في إطار شراكة بين بلدية صفرو و مستثمر خاص.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى تدهور التراث الطبيعي الذي كانت تنفرد به المدينة وموضوع إعجاب الزوار، وهكذا أصبح واد أكاي الذي يعني الخذ بالأمازيغية مجرى للمياه العادمة وقمامة متحركة، وتآكلت جدرانه الوقائية، كما انهار جانب من الطريق المؤدية إلى موقع الشلال الذي شوه منظره العام البناء غير المرخص بحي للايزة. أما موقع سيدي علي بوسرغين فقد شوهت المقالع الرملية محيطه وطاله النفور بسبب تطاير الغبار جراء استخراج الرمال ومرور قوافل الشاحنات المحملة بهذه المادة بجانب الضريح بعدما كانت تقصده عائلات من شتى أنحاء المغرب لعلاج ذويها من مرض العصب والاستمتاع بظلال أشجاره ومياه عين للاارقية ونقاوة هوائه.وفي نفس السياق فقد توسعت المدينة على حساب الواحة ولم تعد شجرة حب الملوك تزين خدود ما تبقى من الجنان.
إن مجموعة التراجعات التي عرفها المهرجان والفضاء المستقبل له لا يعني أنهما لم يعرفا تغييرات بالرغم من محدوديتها، وهكذا وعلى سبيل المثال فقد سجلت محاولة انفتاح المهرجان على الموروث الثقافي من خلال اختيار عروسين من أصول عربية وأمازيغية وإشراك بعض الفرق الغنائية الشعبية، كما أن إقامة حفل تتويج ملكة حب الملوك والسهرات العمومية بساحة باب المقام يعد مكسبا . ولعل الشق الاقتصادي هو الذي عرف تطورا ملحوظا، وهكذا تنوعت المعارض:( فاكهة الكرز، الاقتصاد الاجتماعي، الصناعة التقليدية، الخدمات إلخ…). وكثرت الفضاءات التجارية. وإذا كان البعض يرى في طغيان الأنشطة التجارية تطورا سلبيا فيجب أن لا ننسى ان من الأهداف الأساسية للمهرجان تنشيط الاقتصاد المحلي لكن دون إفراغه من محتواه الثقافي، وفي السياق ذاته، فقد تم تأهيل المدينة خارج الأسوار حيث ارتقى مستواها التجهيزي كما تمت تهيئة ساحة ضريح سيدي علي بوسرغين وولوجية الشلال ولكن في غياب نظرة شمولية لتأهيل هذين الموقعين الطبيعيين. وفي الأخير فإذا كاد أن ينقرض حب الملوك من واحة المدينة فإنه بدأ يتكاثر بالضاحية حيث تتنامى ضيعات الكرز بمناطق لعنوصر وإيموزار كندر والمنزل.
شروط تأهيل مهرجان حب الملوك
ليكون مهرجان حب الملوك في مستوى تصنيفه من طرف اليونسكو تراثا لاماديا للإنسانية، ولكي يشرف الرعاية الملكية التي أضحى يحظى بها منذ ثلاثة سنوات، لابعد من إعداد استراتيجية يكون من أهدافها تثمينه لتقوية جاذبيته وتنافسيته. ولن يتأتى هذا المنال دون مقاربة شمولية تجمع المهرجان بفضائه في علاقة جدلية والحرص على استقلاليته بتحريره من الاعتبارات الأمنية والحيثيات السياسية وأجندات المهرجانات الأخرى والتركيز على الخصوصيات لمواجهة تداعيات العولمة، وبهذا يمكن ضمان استمراريته في إطار التجديد المتواصل وجعله رافعة للتنمية.
أ النهوض بالمهرجان
وفيما يخص المهرجان، ولبلوغ الأهداف المسطرة، يمكن اعتماد العناصر الموجهة التالية للنهوض به:
1) إقرار دورية تنظيم المهرجان. يمكن تحديد تاريخ قار لإقامة المهرجان في آخر الأسبوع الأول أو الثاني على أقصى تقدير من شهر يونيو من كل سنة، وهي الفترة التي تينع فيها فاكهة الكرز وتكون متوفرة في السوق. كما يستحسن حصره في ثلاثة أيام (الجمعة، السبت والأحد)، وتركيز البرنامج على هذه المدة لتفادي الإطالة التي تؤدي إلى تمييعه وإفقاده خصوصيته, ولوضع حد لغياب الاستقرار الذي يعرفه تاريخ انعقاده ومدته اللذين يتغيران من سنة لأخرى. إن تحديد تاريخ تنظيم المهرجان وحصر أيامه من شأنه السماح بإدماجه في أجندات الهيئات المهنية السياحية وطنيا ودوليا ليصبح وجهة للسياح وليحتل المكانة اللائقة به ضمن شبكة المهرجانات.
2) الارتقاء إلى المهنية في تنظيم المهرجان للترفع عن الحسابات المصلحية والمناورات السياسوية والاعتبارات الضيقة، والقطع مع التنظيم الترقيعي والارتجالي وإرساء حكامة جيدة يؤطرها دفتر التحملات يستمد بنوده من الاستراتيجية المعتمدة للإقلاع بالمهرجان. وبخصوص هذا الأمر وجب التأكيد على أن المهرجان يدر مداخيل مهمة كافية بجانب مساعدات ومساهمات جهات أخرى لبلورة فعالياته شريطة عقلنة وترشيد النفقات والتحكيم إلى الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. إن دفتر التحملات سيوفر للمهرجان خارطة طريق يمكن تحيينها وتكييفها والاجتهاد في إطارها لتحسين مردوديته وتلميع عطاءاته كما سيمكن من جلب خبرات وكفاءات في مجال تنظيم المهرجانات وبالتالي إنتاج قيمة مضافة من شأنها تعزيز القدرة التنافسية للمهرجان.
3) تقوية العمق التاريخي و الثقافي والفني للمهرجان عن طريق تشجيع النبش والبحث في الموروث الجماعي للمدينة والناحية من غناء وموسيقى ورقص ومسرح وصناعة تقليدية وكتابة ورسم وطبخ إلخ… وفتح المجال في هذا الباب للإبداع والخلق وإبراز المهارات والخصوصيات. ولن يتأتى هذا إلا بإدماج الطاقات البشرية و لا سيما الشابة منها وإشراك الفعاليات المدنية بعيدا عن الانتقائية والتمييز واعتماد الإنصاف والتحفيز العادل.
وفي هذا الإطار فإن تطوير الفنون المرتبطة بفاكهة الكرز من شأنه إثراء المهرجان وفضائه ناهيك عن إسقاطاته السوسيواقتصادية. وهكذا يمكن توجيه الابتكار والإبداع في اتجاهات مختلفة من ضمنها:
* توظيف فاكهة الكرز في حرف الصناعة التقليدية المحلية التي تشتغل على الأزرار الحريرية والنسيج والطرز والخشب والحديد وما إلى ذلك.
* إدماج الفاكهة في فنون الطبخ وصنع الحلويات واعتمادها في تهيئة بعض المشروبات.
* صناعة منتوجات تذكارية مرتبطة بالمهرجان (ملكة حب الملوك، الكرز) والرموز الطبيعة والثقافية للمدينة (الشلال، المعالم التاريخية) زيادة على الصور الفتوغرافية.
* تنظيم مباراة أفكار لاختيار أحسن تصور للثلاثية الممثلة لشعار المدينة المتكون من الكرز والشلال والمعالم الأثرية. ويمكن إقامة الشعار الفائز بأحد فضاءات باب المقام.
ولتشجيع الابتكار والإبداع في هذه المجالات لابد من تنظيم مباريات في إطار فعاليات المهرجان للتنقيب عن المهارات واعتماد التحفيزالنوعي للفائزين.
4) إضفاء طابع المتعة والمرح والترفيه على المهرجان عن طريق برمجة بعض الأنشطة كالكرمس في الفضاءات العمومية واعتماد فرجة القرب والعدالة الفرجوية ببرمجة بعض الأنشطة الاحتفالية كالسهرات التي يجب أن تطبعها الخصوصية وأن تكون لها هوية، وذلك باستغوارها في العمق الثقافي الأمازيغي العربي العبري للمدينة وانفراد مدينة صفرو بتنظيم سهرات التعايش والتعددية الثقافية على هامش احتفالات مهرجان حب الملوك.
في نفس السياق ولتنويع مواد المهرجان وإغنائه وزيادة على التظاهرات الرياضية التي اعتاد المنظمون تنظيمها يجب إعادة برمجة مسابقات الدراجات الهوائية والسيارات وألعاب القوى وتنظيم جولات سياحية بمختلف أنواعها لإعطاء فرصة للمشاركين للتعرف على المؤهلات الثقافية والطبيعية لصفرو والمنطقة و لجلب أكبر عدد من السياح.
5) برمجة استعراض موكب ملكة حب الملوك مرتين (السبت و الاحد), لفسح مجال المشاهدة والتمتع للجماهير الواسعة وإضفاء طابع الاحتفالية على المدينة. وبهذا الخصوص فيجب الحرص على أن يكون الاستعراض لوحة حية معبرة بشكل فني عن كل المناحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و الرياضية لصفرو والمنطقة.
6) إعداد برنامج المهرجان بعيدا عن الاعتبارات السياسية والأمنية إذ يجب أن تكون السلطات المعينة والمنتخبة والأمنية في خدمة البرنامج والضامنة لنجاحه والساهرة على سلامة وطمأنينة وراحة الزوار وأن تتخذ الإجراءات وتسخر الإمكانات لتحقيق هذا الهدف. وبهذا الخصوص يجب أن تكون الجمعية المكلفة بتنظيم المهرجان مستقلة تماما عن المجلس ومكونة من الفعاليات المدنية المستقلة والنزيهة للإشراف على إعداد استراتيجية للإقلاع بالمهرجان وبلورتها في دفتر التحملات الخاص به والسهر على تتبع تطبيقه وتعديله كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناء على التوصيات المنبثقة عن الندوة السنوية للمهرجان.
7) تنظيم ندوة سنوية على هامش المهرجان تكون بمثابة منتدى للتفكير في آليات وطرق ووسائل الرقي به لتجويد وتنويع عطاءاته. وستنكب الندوة كل سنة عل موضوع من المواضيع المرتبطة بالمهرجان كالحكامة الجيدة ومسألة المأسسة والسلامة والأمن والمرور والتنظيم المقارن للمهرجانات وشجرة الكرز وفاكهتها والموروث الثقافي المادي واللامادي وتأهيل الفضاءات المستقبلة للمهرجان إلخ.. والمأمول من الندوة أن تفضي إلى توصيات عملية ليتم تنفيذها في إطار التجديد الكيفي المستمر للمهرجان.
8) اعتماد التعاون الدولي اللامركزي على أساس فاكهة الكرز كآلية للتنمية وتحسين أداء المهرجان وذلك عن طريق عقد اتفاقيات التعاون تجمع بلدية صفرو بالجماعات الترابية عبر العالم التي تشتهر بفاكهة حب الملوك وإحداث شبكة لتوطيد العلاقات بين المدن المعنية.
9) عقد اتفاقيات شراكة بين بلدية صفرو وبعض الوزارات كالفلاحة والثقافة والصناعة التقليدية والمعاهد المختصة لتطوير البحث في كل المناحي التي تهم المهرجان وتنشيط فعالياته ولاسيما ندوة المهرجان والمعارض وموكب ملكة حب الملوك.
10) إحداث مدرسة بمدينة صفرو لتكوين التقنيين في ميدان الورديات ومنها شجرة الكرز وذلك نظرا لاستباقية المدينة في تنظيم مهرجان حول فاكهة من الفواكه التي يزخر بها المغرب والاتساع المضطرد لضيعات التفاح والإجاص والبرقوق بالخصوص الذي تعرفه المنطقة.
11) اعتماد الاعلام السمعي البصري و المكتوب للتعريف بالمهرجان, والاعلان عن تاريخ انعقاده بغية تسويقه واستقطاب أكبر عدد من الزوار و السياح و الاسهام في ترسيخه في الذاكرة الجماعية للمغاربة و ادماجه في أجندات الهيآت السياحية المهنية. اذ لا يعقل ان يعلن عن انعقاده اقل من اسبوع عن موعده و هو شيخ المهرجانات كما هو الحال هذه السنة.
تأهيل الفضاء المستقبل للمهرجان
زيادة على المهرجان فإن مدينة صفرو تزخر بمؤهلات ثقافية وطبيعية هامة من شأن العناية بها تنويع المنتوج السياحي للمدينة. ولبلوغ هذا الهدف يمكن الاعتماد على العناصر التالية:
1) رد الاعتبار للمدينة القديمة بترميم السكن الأثري والمعالم المعمارية من مرافق ونافورات وأسوار وأبراج وأبواب وتحسين ظروف السكن والسكان بصفة عامة وإعادة توظيف الفنادق وفق ما يتماشى مع هوية المدينة ووظائفها وتأهيل الصناعة التقليدية وإصلاح البنيات التحتية والسواقي. وفي السياق ذاته يجب العمل على التخفيف من الكثافة السكانية بترحيل الفائض البشري خارج الأسوار وهدم الدور الآيلة فعلا للسقوط وإعادة بنائها وفق الدليل الهندسي الذي يحافظ على الطابع المعماري التقليدي الأصيل للمدينة. كما أنه لابد من التفكير قبل أن يفوت الأوان في إحداث متحف يحفظ الذاكرة الجماعية بخصوصياتها العرقية والدينية ويسهم في استقطاب السياح من داخل المغرب وخارجه.
2) استكمال تأهيل المدينة خارج الأسوار بإتمام المشروع حيز التنفيذ والاعتناء أكثر بالأحياء الناقصة التجهيز لتحقيق الاندماج الحضري والعدالة المجالية.
3) امتناع البلدية عن كراء اراض خارجة عن ملكيتها و التفكير في تكوين رصيد عقاري لاحتضان فعاليات المهرجان وأنشطة أخرى خلال السنة و استخلاص كل المستحقات مقابل احتلال الملك العام حتى لا تضيع موارد هي في أمس الحاجة اليها للارتقاء بالمهرجان و فضائه.
4) تأهيل الموروث الطبيعي للمدينة ويندرج في هذا الإطار:
* تأهيل المواقع الطبيعية ومن ضمنها المركب الطبيعي للشلال الذي يتطلب إصلاح الطريق المؤدية إليه وإعادة بناء الجدار الواقي لوادي أكاي على أسس متينة وإعادة بناء وتشغيل الفندق ومقهاه وتحرير ولوجية الشلال من الأتربة والقيام بعملية تجميل مباني الجانب من حي للايزة المطل على الشلال ومنع البناء في الموقع وبجانب الصخرة المقابلة للشلال.
أما موقع سيدي علي بوسرغين فيستوجب تهيئة المجالات المحيطة به وتشجيرها وصيانة خلوة "للى رقية" وتنقية العين و المجرى ووضع حد لتطاير الغبار لتمكين هذا الفضاء الطبيعي الروحي من استقبال الزوار الذين يترددون على الموقع الذي يوفر منظرا جميلا على المدينة.
وبخصوص واد أكاي الذي يجب إدماجه في النسيج الحضري وتأهيله ليصير مكونا سياحيا وذلك بمنع رمي الأزبال والمياه العادمة فيه وتهيئته في شكل أحواض بعد تقليص عمقه وإصلاح الجدار الواقية وإزالة الشباك الحديدي ليتصالح الواد مع المدينة والساكنة.
الموقع الطبيعي الرابع هو الحديقة العمومية التي توجد على ضفتي واد أكاي والمسماة "القناطر الخيرية" تيمنا باتفاقية التوأمة التي تجمع مدينة القناطر الخيرية المصرية بمدينة صفرو. إن رد الاعتبار لهذه الحديقة التاريخية يبدأ باستعادة اسمها الأصلي "اجنان اسبيل" الذي يرتبط بالذاكرة الجماعية لاسيما أن عملية التوأمة دخلت في النسيان ولا وقع لها على التنمية المحلية. ويحتاج اجنان السبيل إلى التنقية المستمرة وإعادة تهيئة سرير الواد في شكل أحواض تملأ بالماء والعناية بحديقة الحيوانات التي تحتضنها وإعادة تهيئة المقهى والمسبح لاستغلال هذا الفضاء على أحسن وجه ومنع الاحتلالات العشوائية التي تمس بجمالية الموقع وسكينة مستعمليه.
وفي الاخير يجب العناية بالموقع الطبيعي والروحي ل "كاف المومن" وهو مزار اليهود و المسلمين على حد سواء وذلك بمنع البناء في محيطه مع العمل على تشجيره وتهيئة ولوجيته و تجميل المنظر العام للحي الذي يحتضنه.
* استكمال تشجير وإعادة تشجير الحزام الأخضر للمدينة الذي يطل في معظمه عليها الشيء الذي سيزيدها رونقا وجمالا ومنع استغلال المقالع الرملية في محيطها نظرا لتداعياتها السلبية على البيئة والصحة والمنظر العام.
* العناية بشجرة الكرز، الفاكهة المؤسسة للمهرجان والتي يعتبر وجودها وتكاثرها ضمانة لاستمراريته. ولبلوغ هذا الهدف يجب تشجيع الفلاحة والسكان على غرس هذه الشجرة في ما تبقى من واحة صفرو والحدائق الخاصة وفي المناطق المجاورة في شكل ضيعات للزيادة من الإنتاج وتبوؤ الصدارة في المحصول والجودة على الصعيد الوطني لتستحق صفرو لقب عاصمة حب الملوك.
5) تقوية الطاقة الإيوائية للمدينة لتأمين الإقامة للزوار والسياح والمشاركين في اللقاءات الثقافية والرسمية. إن توفر الإقامة وجودتها وتنوعها لاستهداف مختلف الفئات الاجتماعية ستلعب دورا مهما في الاستقطاب والاستقرار والتحفيز على الاطلاع على مؤهلات المدينة ومنطقتها والمشاركة في بعض الأنشطة كالجولات السياحية وكل هذا يروم إطالة مكوث السائح وتشجيع سياحة الإقامة.
ولبلوغ هذا الهدف، يمكن العمل على واجهتين: الأولى ترمي إلى تأهيل وتشغيل بنيات الاستقبال القائمة بإصلاح فندق الحسن اليوسي لأجل إعادة تصنيفه، والإسراع بإعادة بناء فندق لفريني وإعادة بناء فندق الشلال وإتمام أشغال بناء فندق سيدي علي بوسرغين وتأهيل المخيم البلدي. أما الواجهة الثانية فتتعلق بإحداث وحدات ومركبات فندقية داخل المدينة ومحيطها, وقد برزت فعلا هذه الوثيرة على أرض الواقع من خلال إنشاء مركبات بالمدخل الشمالي للمدينة وبسيدي اخيار بطريق إيموزار كندر وطريق بوغيول ومركب في طور الإنجاز بطريق بولمان وفندق بصنهاجة. كما تجدر الإشارة إلى مجموعة من المآوي أقيمت داخل اقليم صفرو بتازوطة وعين الشكاك ولعنوصر وآيت السبع لجروف وراس تبودة وإغزران. كما بدأت تبرز بعض دور الضيافة بصفرو والبهاليل. والمتأمل أن تستمر هذه الوثيرة لكن مع عقلنتها بخصوص التموقع والصنف وجلب مستثمرين لخلق وحدات فندقية من النوع المتوسط والرفيع بالمدينة وبشريط دير الأطلس المتوسط المطل على هضبة سايس وفاس بين صفرو وإيموزار كندر مرورا بالبهاليل.
6) تحسين وتجميل المشهد العام للمدينة للرقي بجودتها الحضرية لاستقبال الزوار في حلة لائقة وذلك بتنظيف شوارع وأزقة كامل الأحياء وتنقية واد أكاي وكل المواقع الطبيعية و السياحية، وحث الساكنة على صباغة واجهات المنازل وفق الألوان الرسمية للمدينة. وبهذا الخصوص يجب على المصالح البلدية أن تحرص على تطبيق القرار المنظم للألوان عند تسليم رخص السكن والمطابقة ورخص الإصلاح والربط بالشبكات لإبراز الخصوصية المشهدية للمدينة.

5J'aime .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.