أعلن حزب عصبة الشمال الإيطالي، في نهاية الأسبوع الماضي، عن البدء في حرب جديدة لا هوادة فيها ضد المهاجرين لتصفية وجودهم من بلديات الشمال الإيطالي قبل حلول أعياد المسيح، فإذا كانت بعض البلديات التي يتحكم فيها الحزب نفسه قد تبنت، في السابق، استراتيجيات للحد من انتشار المهاجرين بأراضيها، مثل حث المواطنين الإيطاليين على رفض تأجير منازلهم للأجانب القادمين من العالم الثالث، فإن بلديات يمينية أخرى صغيرة جدا أعلنت مؤخرا عن موسم اصطياد المهاجرين وتنقية الأجواء منهم بكل الوسائل المتاحة، حتى غير القانونية منها. بمدينة كوكاليو الصغيرة بنواحي بريشا، قررت بلديتها اللعب على مشاكل ومعاناة المهاجرين لخلق شعبية لعمدتها ولحزبه عصبة الشمال، فتم إطلاق عملية «وايت كريستماس» (أعياد المسيح البيضاء) التي يُهدف من ورائها إلى طرد جميع المهاجرين السريين من أراضي البلدية وتحويل آخرين من شرعيين إلى غير شرعيين لتشملهم عملية الطرد. فقد أكد هذا الموضوع عمدة المدينة متحدثا إلى وسائل الإعلام بفخر عن مبادرته التي اعتبرها ضربة قاضية للمهاجرين ستحد من انتشارهم وانتشار ما أسماه «ثقافتهم المتخلفة وبؤسهم الذي لا ينتهي». العملية، في مجملها، تتمثل في اقتحام منازل المهاجرين بيتا بيتا بالقوة للبحث عن السريين منهم، إضافة إلى حذف اسم كل مهاجر قانوني لا يتوفر على عمل من السجلات البلدية ليدخل في عداد غير المرغوب فيهم ببلدية كوكاليو ويصعب عليه، بالتالي، الحصول على شهادة السكنى لتجديد رخصة إقامته ويضطر بذلك إلى مغادرة البلدية بحثا عن أخرى توفر له هذه الشهادة. الإعلان عن العملية، التي استغربها الإيطاليون المعتدلون، خلقت جدلا سياسيا بإيطاليا، لكنها لم تمنع جمهور عصبة الشمال وإيطاليين محسوبين على اليمين من التصفيق لها، خصوصا وأن زعيم عصبة الشمال أمبيرتو بوسي عبر عن تقديره لمجهودات البلدية وإعجابه بالعملية التي أكد قانونيتها. «في الحقيقة، لقد أصبحنا مضطرين إلى التعامل مع هذا الواقع الجديد، فابني يصاحب طفلين مغربيين وآخرين من أصول سلافية، رغم أنني أرفض علاقته بهم «ولماذا؟» لا أعرف، لكنني لا أحب التعامل معهم وحتى مع أوليائهم، فهم يختلفون عنا»، كانت هذه كلمات سيدة إيطالية في الثلاثينات من عمرها من سكان بلدية كوكاليو التي اعتبرت أن تواجد الأجانب بمدينتها يهددها ويهدد أبناءها، كما يهدد تاريخ المدينة. «التاريخ؟ أي تاريخ»، يتساءل مهاجر من أبناء الجالية المغربية التي تعتبر أكبر جالية عربية من حيث العدد بالمدينة، قبل أن يضيف: «أعتقد أن هذه المدينة الصغيرة والفلاحية كانت بدون حركة ونشاط قبل أن يصل إليها المهاجرون، فأغلبهم يعمل ويكد من أجل أبنائه ومن أجل تأدية الضرائب للبلدية التي لا تعترف بهذه الحقيقة «. أما مهاجر سنغالي من سكان المدينة العنصرية فيرى أن عدم اعتراف بلدية كوكاليو بمهاجر قانوني، بسبب تسريحه عن العمل، هو قمة العنصرية والتخلف.