أقر محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، أن الرشوة وباء خطير، يهدد النسيج المجتمعي، والثقافي، من خلال تكريس الشعور باللامساواة، وعدم تكافؤ الفرص، وفقدان الثقة في أهمية العمل، وقيمه. وأكد عبو، الذي كان يتحدث بمجلس المستشارين، أن آفة الرشوة تفوت على الاقتصاد موارد هامة متحصلة من الضرائب والجمارك، كما تؤدي إلى الرفع من تكلفة الأنشطة والخدمات الإدارية، وإلى التقليص من القدرة التنافسية للمقاولات، فضلا عن عرقلة عملية تشجيع وازدهار الاستثمارات، مشيرا إلى أن مظاهرها تشوش على صورة البلاد في المحافل الدولية، بعدما صار أمرها يطرح بقوة في صلب الاستراتيجية التنموية الموجهة من طرف الدول الكبرى، وكذا المنظمات الدولية ذات الصلة. ونفى عبو أن تكون الحكومة تقاعست عن محاربة آفة الرشوة، مبرزا أنها حضرت «البرنامج الوطني» الذي تضمن إجراءات مشتركة بين مختلف القطاعات، منها التصديق على اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الفساد، ونشر قانون متعلق بمحاربة غسل وتبييض الأموال، ونشر المرسوم الوزاري المتعلق بالتدبير المفوض للخدمات العمومية، ومراجعة القوانين المرتبطة بالتصريح بالممتلكات، وتنصيب الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، حيث بدأت أشغالها بجد، على حد قوله، كونها تبحث عن الحلول الملائمة للوقاية من الرشوة والحد من تداعياتها. وأشار عبو إلى دور الحكومة في تنمية الإدارة الإلكترونية، باعتبارها أداة فعالة لتمكين المواطنين من خدمات قريبة، وبأقل كلفة، وإحداث النظام الجديد للبطاقة الوطنية، لتيسير حياة المواطنين، وتقليص حجم الرشوة الصغيرة، على حد تعبيره، عبر حذف عدد من الوثائق. ومن جهته، انتقد المستشار عبد الحكيم بن شماش، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، ما أسماه «الإيقاع البطيء» الذي تسير عليه الحكومة، حيث تستغرق وقتا كبيرا في التنظير ولا تتجه نحو استراتيجية ملموسة. وقال بن شماش: «منذ مدة وحزبنا في البرلمان يواجه من قبل الحكومة بكلمات غير مفهومة، مرة نتهم بأننا نمارس السياسة السياسوية، ومرة أخرى نمارس المزايدة السياسية، وأخرى البوليميك الفارغ، ونحن فقط نريد أن ندفعكم إلى تغيير طريقة اشتغالكم، بالرفع من إيقاع زمن إنجاز المشاريع»، مضيفا أن الحكومة لم تقم بإجراءات عملية، قبل موعد احتضان المغرب لمؤتمر دولي للدول متعددة الأطراف المصادقة على معاهدة مكافحة الفساد سنة 2011 . وطالب بن شماش الحكومة بالإسراع في ولوج عالم العصر من خلال التصديق على الحكومة الإلكترونية، وتجاوز الخيارات البيروقراطية، التي تحول دون تطبيق الحكامة الجيدة، بل وتعيق التنمية المستدامة المنشودة. والتمس بن شماش من الحكومة إعمال مبدأ الحكامة المؤسساتية، التي تعني إجراء الافتحاصات في كل المؤسسات العمومية، وإطلاع الرأي العام الوطني على نتائجها، وإحالة المتورطين على القضاء، إعمالا لمقتضيات القانون، الذي يتابع كل من خرق فصوله، والاستعانة بتقارير جمعيات المجتمع المدني، وتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، لأن هذا المبدأ كفيل بالحد من الفساد والرشوة. وفي تعقيبه على تدخل بن شماش، قال عبو «إن الحكومة ماضية ليس في استئصال آفة الرشوة، التي تعاني منها جميع الدول، بل لها إرادة سياسية قوية للحد منها، وعلى الجميع، حكومة وبرلمانا وصحافة ومجتمعا مدنيا، الانخراط في محاربتها»، مشيرا إلى أن اتفاق 120 دولة منتمية إلى منتدى الدول الأطراف المصادقة على معاهدة مكافحة الفساد، كي يحتضن المغرب الدورة المقبلة سنة 2011 ، لأصدق دليل على ما تقوم به الحكومة من مجهودات في هذا المجال.