فيما بدا زعماء أحزاب القطب اليساري الحداثي، خلال الجامعة الفكرية التي نظمت يوم السبت المنصرم، واثقين من بلوغ حلم تأسيس حزب يساري قوي، كشفت مصادر من حزب التقدم والاشتراكية أن بلوغ ذلك الحلم يبقى صعب التحقق، خاصة في ظل ارتفاع أصوات داخل اللجنة المركزية رافضة المسار الذي اتخذه التنسيق بين حزبها وحزبي جبهة القوى الديمقراطية والعمالي. وذكرت مصادر من حزب إسماعيل العلوي أن مقاطعة العديد من أعضاء اللجنة المركزية للجامعة الفكرية، التي كانت أول نشاط تعقده الأحزاب الثلاثة، بعد إعلانها عن انطلاقة القطب اليساري الحداثي في الأسابيع الماضية، كانت بمثابة «تصريف موقف عدد من أطر الحزب وأعضاء في اللجنة المركزية يرفضون الخطوات التنسيقية مع حزبي الخياري وبنعتيق»، مشيرة إلى أن الرافضين يبدون تشبثهم بالعمل الوحدوي، بيد أنهم يرون أن الخطوات التنسيقية مع جبهة القوى الديمقراطية، على وجه الخصوص، ينبغي أن تبقى منحصرة في العمل على مستوى البرلمان فقط. وفي هذا السياق، قال أحد أعضاء اللجنة المركزية، تحفظ عن ذكر اسمه: «نعتقد أن التنسيق مع الخياري وبنعتيق ينبغي أن يبقى داخل قبة البرلمان لا أن يتعداه إلى غير ذلك. وبالمقابل، نرى أن من مسؤولية قيادة الحزب العمل مع أحزاب لها صدقية ومشروع مجتمعي على تجميع قوى اليسار أو إحياء الكتلة الديمقراطية». إلى ذلك، ذكر الرافضون للتحالف مع جبهة القوى والحزب العمالي، في بيان سيتم الكشف عنه خلال الأيام المقبلة، إنه «كان من المفهوم الإقدام على عقد اتفاقات تمكن من شروط تكوين فريق داخل الغرفة الثانية، وهذا ما حصل مع مستشارين ترشحوا باسم جبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي وغيرهم، ما دام نطاقها هو فضاء البرلمان وإكراهات نجاعة الاشتغال داخله، أما أن يتجاوز هذا التنسيق مستواه البرلماني ويقدم كقطب للتقدم والحداثة ولبنة لتشييد صرح وحدة اليسار فهذا ما لا نفهمه ولا نتفهمه». وأضافوا في البيان الذي حصلت الجريدة على نسخة منه: «بصفتنا أعضاء في اللجنة المركزية، نحن متمسكون ومتشبثون بالقناعات الوحدوية التي كانت دائما حجر الزاوية في سياسة الحزب وخطته المرحلية والإستراتيجية. كما أننا مقتنعون بضرورة إعادة الاعتبار للعمل السياسي وتخليقه وصيانة الحقل الحزبي من كل مظاهر الفساد والمفسدين. وهذا بالذات ما يجعلنا ننبه إلى أن البناء الوحدوي الحقيقي هو ذاك الذي يشيد مع الأحزاب التي لها مصداقية»، مشيرين إلى أن تصحيح الحقل الحزبي وتجميع قواه اليسارية والديمقراطية، يستدعي من الحزب الحفاظ على أجندته وتوجهاته في مجال التحالفات والعمل المشترك مع مكونات اليسار والصف الديمقراطي المعروفة بتموقعها السياسي والإيديولوجي ضمن هذا الصنف. وفيما أكد الرافضون على أنه يتعين على الحزب، وهو يسعى إلى بناء اصطفاف سياسي وقطب فاعل لقوى اليسارية والديمقراطية، أن يكون شديد الحرص على صيانة الحياة الحزبية والمشهد الحزبي من كل ارتباك أو تمييع أو عبث سياسي، أبدى إسماعيل العلوي، الأمين العام للحزب، استغرابه من عدم تعبير الغاضبين عن رأيهم حين تم عرض قرار التحالف على اللجنة المركزية، التي وافقت عليه بالإجماع. وقال في اتصال مع «المساء»:«يبدو أن هؤلاء الإخوة لم يدركوا معنى وأهمية المبادرة والدينامية التي خلقتها، لكننا على كل حال نحترم رأيهم ونعتقد أن في الاختلاف رحمة، وننتظر نشرهم بيانهم لمناقشتهم فيما ذهبوا إليه».