الرئيس ساركوزي «محزم» بمجموعة شخصيات سياسية إحدى مهامها «تفجير» قنابل سياسية هدفها الإثارة، سحب البساط من تحت أقدام الخصوم السياسيين، التحكم في النقاش السياسي وتوجيهه بحسب نزوات وأهواء الرئيس. كانت رشيدة داتي أول من دخل إلى الحلبة وهي ناطقة باسم ساركوزي لما كان مرشحا للرئاسة، ثم وهي على رأس وزارة العدل. وعلى طريقة «لمضاربة» في الحمام، «بينات على حنة يديها» مع اليسار ومع الصحافيين. فريديريك لوفيفر، الناطق الرسمي باسم التجمع من أجل حركة شعبية، والذي تلقبه الصحافة ب«مسدس ساركوزي»، من الصنف الذي يدخل إلى حلبات ومنصات النقاش ولسان حاله يقول «نموت ونحيا» على ساركوزي. بريس هورتفوه، وزير الداخلية الذي تربطه والرئيس علاقة صداقة منذ عشرين عاما، يرخي شدقيه بلا حرج وفي هرج ل«مستملحات» عنصرية من النوع الذي أطلقه خلال انعقاد الجامعة الصيفية لحزب «التجمع من أجل حركة شعبية»، في حق مناضل من أصل عربي. إيريك بيسون، وزير الهجرة، الاندماج، الهوية الوطنية والتنمية المستدامة، الذي يزاوج بين الأقوال والأفعال، لا يكتفي مثلا بالتنديد بالمهاجرين السريين، بل يقتلع خيامهم، المشكلة من الكرتون والميكة في أدغال كالي بشمال فرنسا، قبل إلقاء البعض منهم في طائرات «شارتر». استبق، مستفزا الجميع بطرحه، ولأغراض سياسية واضحة، مسألة الهوية الوطنية الفرنسية. وأخيرا وليس آخرا يدخل على الخط إيريك راولت، النائب البرلماني لجهة السين-سان دوني وعمدة مدينة رانسي، مطالبا الكاتبة ماري ندياي، سينغالية من جهة الأب-فرنسية من جهة الأم، والحائزة على جائزة الغونكور لهذا العام، بممارسة «حق التحفظ»، أي عدم الإدلاء بتصريحات من شأنها أن تسيء إلى فرنسا وإلى رئيسها. جاءت «خرجة» إيريك راولت، المعروف بميولاته الاستفزازية، على خلفية التصريح الذي أدلت به ماري ندياي لأسبوعية «ليزانروكيبتيبل» في شهر غشت الماضي مشيرة إلى أن فرنسا تحت رئاسة ساركوزي أصبحت بلدا بشعا. «أناس أمثال إيريك بيسون، بريس هورتفوه، أشخاص بشعون... إنهم أحد أشكال الموت. يجسدون بلادة الفكر، يرفضون إمكانية الاختلاف». . في الرابع عشر من 2010 المصادف للعيد الوطني الفرنسي، قرر الرئيس ساركوزي تكريم وحدات من قدماء المحاربين الذين ساهموا في تحرير فرنسا، كضيوف شرف في الاستعراض الذي سيقام كل سنة في جادة الشان- إيليزيه. دفاعا عن فرنسا، ضحت «المستعمرات القديمة» بأزيد من 173.000 جندي، فيهم مغاربة، جزائريون، تونسيون وأفارقة. ما تبقى منهم، هم اليوم عرضة للمرض والنسيان. ولربما حضر الحفل المحارب السينغالي المدعو ندياي، البالغ اليوم 89 عاما، والذي حمل السلاح لتحرير فرنسا، قد يكون أحد أقارب الكاتبة ماري ندياي، اللهم إذا لم يستجب للدعوة رفضا لأنْ يعلق ساركوزي على صدره ميدالية من «الجالوق»، وأيضا احتجاجا على تنكر فرنسا لأولئك الذين حرروها من القوات النازية، الذين تسري دماؤهم في عروق أرضها، ومع ذلك تدنس قبورهم في المقابر الفرنسية باسم شعارات الهوية النقية والعرق الخالص!