ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرية الصناعة التقليدية بوجدة.. مقبرة الحرفيين
الصناع التقليديون يطالبون بالتدخل لإنقاذ القرية من الإفلاس
نشر في المساء يوم 07 - 05 - 2015

إن الزائر لقرية الصناع التقليديين بوجدة ليستغرب لقفرها وخلائها رغم جمالية هندستها ورغم كلفة بنائها التي تقدر بملايين الدراهم. جفت نافورتها من ماء كان يبعث الحياة في مدخلها كما انعدمت الحركة والأنشطة داخل أروقتها، حيث لا تفتح إلا أقل من عشر محلات من أصل محلاتها الثمانين، الوضع الذي جعل أحد الصناع التقليديين يصفها بكونها أصبحت «مقبرة للصناع»، تجاور مقبرة موتى المسلمين «سيدي محمد» بالمنطقة نفسها.
عبر الصناع التقليديون المتواجدون بقرية الصناع التقليديين بوجدة عن امتعاضهم وحزنهم لما آلت إليه الأمور بقريتهم التي لم تستطع بعد الإقلاع واستقطاب الزائرين والسياح منذ أكثر من أربع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
بناء على اتفاقية الشراكة المبرمة بتاريخ 03 دجنبر 2001 بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن (مليونين درهم) والسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية (مليون درهم) ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال بالمملكة (9 ملايين درهم) ومجلس الجهة الشرقية(900 ألف درهم ) تم إنجاز قرية الصناع التقليديين بوجدة والتي تم تدشينها من طرف الملك محمد السادس بتاريخ 13 نونبر 2003، بكلفة أكثر من 12 مليون درهم.
فتحت قرية الصناع التقليديين بوجدة أبوابها فعلا بتنظيم معرضها الجهوي الأول من 20 يوليوز إلى 31 غشت من صيف سنة 2005. وتتكون هذه القرية من 80 محلا مهنيا وقاعة لعرض المنتوجات وقاعتين للتكوين، إضافة إلى إدارة القرية والمرافق. لقد خصصت لقطاع النسيج 27 محلا و6 محلات لقطاع الخشب و9 لقطاع الطين و8 لقطاع المعادن و5 لقطاع الجلد و21 محلا لصناعات مختلفة و4 محلات لقاعات التعلم.
تراجع عدد الصناع بالجهة الشرقية وانخفاض في المنتوجات
تعرف الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية عدة مشاكل وعوائق تنذر بفنائها، وذلك لانقراض أناس عاشوا بها ومنها والتحقوا بربهم دون أن يتركوا ورثة لحرف مزقتها التكنولوجيا الحديثة ورفضها الشباب العصري. وقد عمق الأزمة الموقع الجغرافي الجيوسياسي للمنطقة المترامية على أكثر من 450 كلم على الشريط الحدودي المغربي الجزائري بالإضافة إلى الامتداد الإسباني داخل نفودها عبر مدينة مليلية المحتلة شمالا، مما يجعل الجهة بوابة لتهريب السلع نحو مناطق المغرب بأثمان بخسة في ظل قوة شرائية ضعيفة لمواطن الجهة الشرقية الفقير المقهور والباحث عن شغل بات في حكم الغيب.
حسب الإحصائيات التقديرية المتوفرة لدى غرفة الصناعة التقليدية لولاية وجدة وإقليم فكيك والمندوبية الجهوية للصناعة التقليدية فإن عدد الصناع يفوق 50 ألف صانع وصانعة، موزعين على مختلف الحرف التقليدية. ويشتغل بقطاع النسيج 24.650 صانعا يليه قطاع البناء ب 10.131 ثم المنتوجات الترابية ب 1.652 فالخشب ب 2.309 يليه قطاع الحديد ب 2.067 فالمنتوجات النباتية ب 575 ثم الجلد ب 559، فمختلفات ب 8325 صانعا. أما طلبات القروض سنة 2004 للصناع التقليديين بالجهة فبلغت 494 ملفا، فيما بلغت القروض الممنوحة للبرامج المقدمة 800.854,12 درهم، أما الصادرات فلم تتعد 431,88 قنطار بقيمة 484.00.368 درهم في اتجاه إسبانيا المستورد الرئيسي للمنتوجات الجلدية والملابس والحدادة والأغطية والخزف والمنتوجات الخشبية والمنتوجات النباتية.
وتبين هذه الأرقام ضعف رواج منتوجات الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية حيث تبقى بعيدة عن مؤهلاتها وترتيبها بين المدن المغربية الأخرى ذات الصيت في هذا المجال، بل لا يمكن حتى مقارنتها مع المدن التي تضاهيها في عراقتها مثل الرباط ومراكش وفاس ومكناس وأسفي وغيرها.
لقد اغتالت المنتوجات المهربة من ألبسة وزرابي ونسيج الصناعة التقليدية بالجهة وتراجع عدد الصناع، بل العديد منهم تعاطى للتهريب أو غير المهنة.
زرابي مهربة منخفضة الثمن بكثير عن أسعار الزرابي الوطنية وذلك بنسبة تتراوح بين 53% إلى 67% حيث تبقى مرتفعة الثمن مقارنة مع الزربية المستوردة نظرا لأصالتها ( صناعة يدوية، مواد أولية جيدة إضافة إلى الإتقان والبراعة التي تشتهر لها الزربية المغربية على المستوى الدولي، وهذه الزرابي المهربة هي إما من أصل جزائري أو تركي. ناهيك عن أن صناعة الزرابي التقليدية تمثل مصدر عيش العديد من الأوساط خاصة في مدينتي فكيك وبوعرفة .
وضعية القرية تنذر بالإغلاق بعد الإفلاس
الزائر للقرية يستغرب لقفرها وخلائها رغم جمالية هندستها ورغم كلفة بنائها التي تقدر بملايين الدراهم، وجفت نافورتها من ماء كان يبعث الحياة في مدخلها كما انعدمت الحركة والأنشطة داخل أروقتها، حيث لا تفتح إلا أقل من عشرة محلات من أصل محلاتها الثمانين، الوضع الذي جعل أحد الصناع التقليديين يصفها بكونها أصبحت «مقبرة للصناع»، تجاور مقبرة موتى المسلمين «سيدي محمد» بالمنطقة نفسها.
«كان توزيع المحلات بالقرية في غير محله بحيث استفاد منها غير الصناع التقليديين الذين يتوفرون على دكاكين أخرى تتواجد بوسط المدينة أو منحت لأشخاص لا علاقة لهم بالصناعة التقليدية…» يقول أحد الصناع الذي لم يبرح محله منذ أن ولجه في صيف السنة الأولى من افتتاح قرية الصناع.
بالفعل فإن أغلب المحلات بالقرية وعددها 80 لا تفتح منها أبوابها إلا أقل من عشرة محلات لصناعة وعرض بعض المنتوجات التقليدية، فيما تبقى الباقية الأخرى مقفلة لكون أصحابها غير معنيين بتنشيط القرية وليس لهم على ما يبدو منتوجات فنية تقليدية التي خلقت من أجلها القرية.
وعبر أحد الصناع التقليديين عن أسفه من كون أغلب المحلات بالقرية توجد بيد تجار «القطع المصنوعة التجارية» وليس بيد فنانين تقليديين مبتكرين لتحف فنية.
إن مشاكل القرية الأساسية تكمن في انعدام وجود إدارة فعالة وصارمة تسيرها وتسهر على تطبيق بنود التخويل الذي تم بموجبه منح المحلات إلى أصحابها.» لو تم ذلك لكانت القرية مزدهرة وفتحت كل المحلات من طرف الصناع التقليديين…لكن لا يمكن ذلك، بحيث أن أغلبهم ليس كذلك وله مشاغل أخرى، وماذا يمكن أن نفعل نحن الضعفاء أمامهم وهم يرفضون ذلك ضدا على القانون، ومن يحميهم؟»
اندلع الصراع منذ افتتاح قرية الصناع لأبوابها في صيف 2004، بين مجلس غرفة الصناعة التقليدية الذي يحاول إخضاع القرية ومجلس تسيير قرية الصناع التقليديين الذي يشرف على التسيير والتدبير والمندوبية الجهوية للصناعة التقليدية، تضاف إليها مشاكل جمعية الصناع التقليديين التي لم تنجح في استقطاب كافة الصناع وتأطيرهم.
«اشتغلنا جميعا لتحضير الدورة الأولى كرجل واحد، جمعية الصناع ومكونات مجلس التسيير، وكان الإقبال، وكان النجاح…أما اليوم…؟»
معارض للصناعة التقليدية خارج فضاء قرية الصناع
بدل إقامتها بالقرية الصناعية التي تعتبر تحفة من التحف النادرة في المغرب حيث لا يوجد نظير لها، تنظم المعارض بساحات شارع محمد الخامس بوجدة خاصة بالألبسة النسوية من قفاطين وجلاليب وعباءات وبعض الفساتين النسوية الوجدية المسماة ب»البلوزات»، وأروقة للوحات الفنية والديكور المنزلي ومصنوعات يدوية من الخشب والقصب والحديد وديكور المجسمات والحقائب الجلدية والزرابي والأحدية والخط والكتابة، والرخام وأغطية الكراسي والحجب والستائر ورواق لبيع شرائط الأغاني والأقراص المضغوطة…، وهي منتوجات أكثرها لا علاقة لها بالصناعة التقليدية المحلية بل سلع وبضائع توجد بكثرة في الأسواق اليومية والأسبوعية وقادمة من مدن أخرى.
«الألبسة المعروضة منها ما هو مصنوع بآلة الخياطة ولا دخل ليد الصانعة التقليدية فيها، بل هي خياطة فقط ومنها ما هو عصري…» توضح إحدى الصانعات المشاركات… فيما تساءل أحد الصناع التقليديين عن غياب حرف صناعة الآلات الموسيقية (آلات العود التي يكثر عليها الطلب من خارج المغرب وهناك صانعين فقط أو ثلاثة بالجهة الشرقية) والدرازة (الأغطية النسيجية) والخرازة (السروج وألبسة الخيول) والحدادة والجلاليب والسلاهم الوجدية…
ويتساءل المرء عن استغلال المعارض الخاصة بالصناعة التقليدية لتعليق اللوحات الإشهارية للحفلات والأعراس والنكافات فوق الباب الرئيسي، وهو الوضع الذي يجسد العقلية التي تسير بها معارض الصناعة التقليدية في هذه المدينة وينتظر بهذه الطريقة تطويرها… ، الوضع الذي يفرض إعادة التفكير في تنظيم هذا النوع من الأنشطة التي تصرف عليها عشرات الملايين، بشفافية أكثر وإشراك جمعية الصناع التقليديين الحقيقيين الذين يمتلكون الصنعة ولهم من المؤهلات الحفاظ عليها.
«كم من الملايين من السنتيمات صرفت على هذه المعارض الفاشلة؟ ولماذا تنظم في فترات غير مناسبة؟ ومن استفاد منها في غياب الزوار والزبائن طيلة أيامها المفتوحة؟ ولماذا غياب الصناع التقليديين الحقيقيين؟ وهل نظمت مباريات للمشاركين ومنحت لهم جوائز؟ وهل…وهل…؟ يتساءل بعض هؤلاء الصناع، ثم يضيفون قائلين «لو وزعت تلك الميزانية على الصناع لتشجيعهم وتكوينهم وتجهيزهم وتحسين مردوديتهم لكان ذلك أجدى وأنفع من إقامة هذا المعرض».
عبّر بعض الصانعات والصناع التقليديين المتواجدين بقرية الصناع التقليديين بوجدة، بعضهم من المشاركات في المعرض وغيرهم، عن حزنهم وامتعاضهم لتنظيم مثل هذه المعارض والسرعة الفائقة دون استشارة المعنيين في غياب جمعية حقيقية ممثلة للصناع التقليديين، وفي غياب حتى حملة إشهارية للتعريف به، كما عبروا عن استيائهم لعجز المسؤولون عن الإقلاع بالقرية الصناعية وتنشيطها واستقطاب الزبائن من الزائرين المقيمين أو من عمالنا بالمهجر أو من السياح من مختلف جهات المملكة أو من خارجها منذ أكثر من أربع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
اعتبروا حلقة «صنعة بلادي» بوجدة مجرد «مسرحية»
احتج الصناع التقليديون المتواجدون بقرية الصناعة التقليدية بوجدة، صباح الاثنين 29 شتنبر 2014، على تسجيل حلقة من برنامج «صنعة بلادي» الذي تصوره القناة الثانية بتمويل من وزارة الصناعة التقليدية.
الصناع التقليديون بالقرية رفضوا استغلال قرية الصناعة التقليدية مثل ديكور لهذه الحلقة ولعب دور «الكومبارس» في هذه «المسرحية» لترويج واقع بعيد عن أوضاعهم المزرية، إضافة إلى أن لا أحد من المسؤولين في مديرية الصناعة التقليدية أخبرهم بهذا العمل واكتفوا بدعوة من يرغبون في تقديمه. وأكدوا على أنهم يرفضون استعمال الكهرباء من طرف الفريق التلفزي في الوقت الذي يؤدون هم فاتورة الاستهلاك بعد رفض المديرية تحمل مصاريف قرية الصناع.
«لا أحد من الصناع التقليديين بالقرية التي تحتضن 80 محلا للصناعة التقليدية، في عِلمه هذا النشاط، مع العلم أن هؤلاء المسؤولين الذين لا يعرفون أين تقع القرية ويتجاهلون وجودها ومشاكلها، يعلمون أن بذمة القرية فواتير أربعة أشهر من استهلاك الماء والكهرباء، إضافة إلى أن حارسي القرية والمنظفة بها، لم يتوصلوا بأجورهم خلال الفترة نفسها»، يصرح أحد الصناع التقليديين، ثم يضيف قائلا إن الصناع المتواجدين بالقرية ساهموا من مداخيلهم الخاصة والمتواضعة لجمع قدر من المال بلغ حوالي 12 ألف درهم، وأدوها لهم لضمان استمرارهم في عملهم، خاصة أن الأيام مناسبة عيد الأضحى.
ممثلو الصناع التقليديين استنكروا تصوير هذا الواقع المزيف، بتعبيرهم ، والذي يراد عرضه علي المشاهدين تحت شعار «كولو العام زين»، وأكدوا على أن المشاركين في هذه الحلقة لا يمثلون صناع القرية، أغلبهم من خارج المدينة، وبعض المنتوجات الصناعية المعروضة بالمناسبة يفوق عمرها عشر سنوات، بل منها ما يثير السخرية مثل مجموعة من الأدوات تتمثل في «الفؤوس والكوادم…» تم شراؤها من السوق، في حين أكد عارض للأثاث المنزلي أنه طلب منه عرض بعض منتوجاته بالمناسبة.
ضرورة إعادة النظر في وضعية القرية وإنقاذها من الإفلاس
رفع الصناع التقليديون نداءات ورسائل إلى والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة انجاد يستعرضون فيه وضعيتهم المزرية ومعاناتهم نتيجة سياسة تسببت في إفلاس قرية الصناع التقليديين، ملتمسين تدخله العاجل لإنقاذها وانتشالهم من الأوضاع المزرية الغارقين فيها بعد تراكم ديون الحرفيين اتجاه إدارة القرية والركود التجاري الذي تعرفه القرية، وأجبر العديد من الحرفيين على عدم تسوية وضعيتهم المالية وبالتالي أداء المستحقات الشهرية بانتظام.
وعبّر بعض الصناع التقليديين المقاومين المتواجدين بالقرية عن استيائهم لعجز المسؤولين عن الإقلاع بالقرية الصناعية وتنشيطها واستقطاب الزبائن من الزائرين المقيمين أو عمالنا بالمهجر أو من السياح من مختلف جهات المملكة أو من خارجها منذ أكثر من سبع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
«إن القرية التحفة التي شيدت بدون قنوات لتصريف المياه العادمة بقيت شبه مهجورة وخالية رغم ما أنفق عليها من عشرات ملايين الدراهم، وكان من المفروض تنشيطها وخلق رواج داخلها، الأمر الذي عجزت عن تحقيقه إدارتها ومندوبية الصناعة التقليدية وغرفتها المسؤولة عنها…».
مطالب الصناع المشروعة
يكرر الصناع التقليديون الحقيقيون بالقرية مطالبهم بالعمل على تغليب إرادة التعاون والتشارك والتشاور لصالح الصناعة التقليدية بالمدينة وبالجهة الشرقية ووضع المسؤولية في يد مجلس تسيير يضم جميع المكونات المعنية، بالإضافة إلى ضرورة إشراك المعنيين بالأمر بالدرجة الأولى والمنخرطين في جمعية الإبداع للصناع التقليديين الحقيقيين والممارسين المبدعين والأخذ بعين الاعتبار طلباتها…، وهو نداء لوالي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة/أنجاد ورئيس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة اللذين لهم فيهما الثقة التامة في تدخلهما للنهوض بهذا القطاع بمدينة وجدة والجهة الشرقية…
وأجمل الصناع التقليديون مطالبهم في تكليف جمعية الإبداع بقرية الصناع التقليديين بالتسيير المالي للقرية بدلا من الإدارة على غرار ما هو معمول به بباقي القرى المهنية، ووضع برنامج عمل لتنشيط القرية ، والبحث عن مصادر تمويل جديدة لخلق الرواج التجاري بالقرية، والإسراع بحل مشكل ربط القرية بشبكة الماء الصالح للشرب، ودمقرطة المشاركات بالمعارض، وإمكانية استفادة الحرفيين من بقع أرضية أو سكن اقتصادي بأسعار تفضيلية، والتنازل والتراجع عن رفع الدعاوى القضائية ضد الحرفيين، وتعيين طاقم إداري يليق بمقام القرية، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الحرفيين، والتعجيل بإعادة بناء واجهة القرية.
المدير الجهوي للصناعة التقليدية يعد بالإقلاع
خالد الدليمي المدير الجهوي للصناعة التقليدية استعرض العديد من المشاكل التي تعيق إقلاع قرية الصناع ووعد بالعمل الدؤوب وبذل كافة المجهودات لإيجاد الحلول المناسبة لإنعاشها بإشراك جميع الفعاليات والمؤسسات المعنية، بعد تصفية الملفات العالقة التي ورثها عمن سبقوه، مثل عدد من الملفات المحالة على القضاء المتعلقة بعدم أداء واجبات الكراء الهزيلة للمحلات (10 دراهم شهريا للمتر المربع)، وكذا وضعية جمعية الصناع التقليديين بالقرية.
وذكر المسؤول الجهوي بعدد من الاجتماعات والجلسات التي عقدها مع الصناع المعنيين والوصول إلى اتفاق أداء واجبات الكراء المترتبة عليهم منذ شهور باعتماد تسهيلات (سجل اشتغال 8 محلات وملفات 11 محلا عرفت طريقها إلى القضاء، و42 قضية جديدة في المتابعة القضائية، وتنازلان، و6 محلات فارغة)، إضافة على مشكل أداء فواتير الماء والكهرباء وأجور الحراس والمنظفات التي من المفروض أن تؤدى من مساهمات الصناع التقليديين المستفيدين من المحلات. وأشار إلى أنه سبق أن خصص مبلغ 280 سنتيم لإصلاح القرية نتيجة اتفاقية شراكة بين وزارة الصناعة التقليدية وغرفة الصناعة بالجهة الشرقية قبل أن يفوت الملف إلى مجلس الجهة، حيث من المنتظر أن يتم ترميم الواجهة وتنصيب علامات التشوير الموجهة إلى القرية ولوحات إعلان وغيرها مما يساهم في إنعاش القرية.
الوزيرة مروان تزور ورش بناء المركب المندمج
قامت وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة مروان، الاثنين 23 فبراير 2015، بزيارة لورش بناء المركب المندمج للصناعة التقليدية بوجدة للاطلاع على سير تقدم أشغاله. كما زارت الوزيرة، رفقة والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنكاد، محمد مهيدية، والمدير العام لوكالة تنمية عمالة وأقاليم الشرق محمد المباركي، قرية الصناع التقليديين من أجل الاستماع لاقتراحات الصناع والنظر في المشاكل التي تواجه هذه القرية.
مشروع المركب المندمج للصناعة التقليدية الذي يتم إنجازه على مساحة 1432 متر مربع تطلب غلافا إجماليا قدره 18 مليون درهم، وذلك بهدف دعم وتنظيم وتأطير الحرفيين من أجل تمكينهم من تحسين وتنويع مصادر دخلهم وتثمين منتوجاتهم. ويروم أيضا هذا المركب، وتأهيل القطاع وإدماجه ضمن النسيج الاقتصادي المحلي والوطني، وكذا تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للحرفيين وتثمين منتوجات هذه الصناعة وتأطير الحرفيين. الوزيرة أشارت في تصريح للصحافة، بالمناسبة، أن زيارتها تندرج في إطار الاطلاع على سير أشغال هذا المركب، الذي يشكل أداة للنهوض بالقطاع والحفاظ على الهوية الثقافية ونقل الخبرات الأصيلة وملاءمة منتوجات الصناعة التقليدية مع معايير الجودة وإكراهات سوق الشغل.
وأضافت أن زيارتها لقرية الصناع التقليديين تأتي في إطار البحث عن الحلول الملائمة لإحياء هذا المجمع، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه، بالنظر إلى أهمية الصناعة التقليدية بالمنطقة التي تتوفر على حرفيين نشيطين يجب دعمهم، وكذا دور هذا القطاع الذي يشكل واجهة المغرب وهويته وبالتالي لابد من إعطائه الأهمية التي يستحقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.