القضاء يقول كلمته: الحكم في قضية "مجموعة الخير"، أكبر عملية نصب في تاريخ طنجة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرية الصناعة التقليدية بوجدة.. مقبرة الحرفيين
الصناع التقليديون يطالبون بالتدخل لإنقاذ القرية من الإفلاس
نشر في المساء يوم 07 - 05 - 2015

إن الزائر لقرية الصناع التقليديين بوجدة ليستغرب لقفرها وخلائها رغم جمالية هندستها ورغم كلفة بنائها التي تقدر بملايين الدراهم. جفت نافورتها من ماء كان يبعث الحياة في مدخلها كما انعدمت الحركة والأنشطة داخل أروقتها، حيث لا تفتح إلا أقل من عشر محلات من أصل محلاتها الثمانين، الوضع الذي جعل أحد الصناع التقليديين يصفها بكونها أصبحت «مقبرة للصناع»، تجاور مقبرة موتى المسلمين «سيدي محمد» بالمنطقة نفسها.
عبر الصناع التقليديون المتواجدون بقرية الصناع التقليديين بوجدة عن امتعاضهم وحزنهم لما آلت إليه الأمور بقريتهم التي لم تستطع بعد الإقلاع واستقطاب الزائرين والسياح منذ أكثر من أربع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
بناء على اتفاقية الشراكة المبرمة بتاريخ 03 دجنبر 2001 بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن (مليونين درهم) والسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية (مليون درهم) ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال بالمملكة (9 ملايين درهم) ومجلس الجهة الشرقية(900 ألف درهم ) تم إنجاز قرية الصناع التقليديين بوجدة والتي تم تدشينها من طرف الملك محمد السادس بتاريخ 13 نونبر 2003، بكلفة أكثر من 12 مليون درهم.
فتحت قرية الصناع التقليديين بوجدة أبوابها فعلا بتنظيم معرضها الجهوي الأول من 20 يوليوز إلى 31 غشت من صيف سنة 2005. وتتكون هذه القرية من 80 محلا مهنيا وقاعة لعرض المنتوجات وقاعتين للتكوين، إضافة إلى إدارة القرية والمرافق. لقد خصصت لقطاع النسيج 27 محلا و6 محلات لقطاع الخشب و9 لقطاع الطين و8 لقطاع المعادن و5 لقطاع الجلد و21 محلا لصناعات مختلفة و4 محلات لقاعات التعلم.
تراجع عدد الصناع بالجهة الشرقية وانخفاض في المنتوجات
تعرف الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية عدة مشاكل وعوائق تنذر بفنائها، وذلك لانقراض أناس عاشوا بها ومنها والتحقوا بربهم دون أن يتركوا ورثة لحرف مزقتها التكنولوجيا الحديثة ورفضها الشباب العصري. وقد عمق الأزمة الموقع الجغرافي الجيوسياسي للمنطقة المترامية على أكثر من 450 كلم على الشريط الحدودي المغربي الجزائري بالإضافة إلى الامتداد الإسباني داخل نفودها عبر مدينة مليلية المحتلة شمالا، مما يجعل الجهة بوابة لتهريب السلع نحو مناطق المغرب بأثمان بخسة في ظل قوة شرائية ضعيفة لمواطن الجهة الشرقية الفقير المقهور والباحث عن شغل بات في حكم الغيب.
حسب الإحصائيات التقديرية المتوفرة لدى غرفة الصناعة التقليدية لولاية وجدة وإقليم فكيك والمندوبية الجهوية للصناعة التقليدية فإن عدد الصناع يفوق 50 ألف صانع وصانعة، موزعين على مختلف الحرف التقليدية. ويشتغل بقطاع النسيج 24.650 صانعا يليه قطاع البناء ب 10.131 ثم المنتوجات الترابية ب 1.652 فالخشب ب 2.309 يليه قطاع الحديد ب 2.067 فالمنتوجات النباتية ب 575 ثم الجلد ب 559، فمختلفات ب 8325 صانعا. أما طلبات القروض سنة 2004 للصناع التقليديين بالجهة فبلغت 494 ملفا، فيما بلغت القروض الممنوحة للبرامج المقدمة 800.854,12 درهم، أما الصادرات فلم تتعد 431,88 قنطار بقيمة 484.00.368 درهم في اتجاه إسبانيا المستورد الرئيسي للمنتوجات الجلدية والملابس والحدادة والأغطية والخزف والمنتوجات الخشبية والمنتوجات النباتية.
وتبين هذه الأرقام ضعف رواج منتوجات الصناعة التقليدية بالجهة الشرقية حيث تبقى بعيدة عن مؤهلاتها وترتيبها بين المدن المغربية الأخرى ذات الصيت في هذا المجال، بل لا يمكن حتى مقارنتها مع المدن التي تضاهيها في عراقتها مثل الرباط ومراكش وفاس ومكناس وأسفي وغيرها.
لقد اغتالت المنتوجات المهربة من ألبسة وزرابي ونسيج الصناعة التقليدية بالجهة وتراجع عدد الصناع، بل العديد منهم تعاطى للتهريب أو غير المهنة.
زرابي مهربة منخفضة الثمن بكثير عن أسعار الزرابي الوطنية وذلك بنسبة تتراوح بين 53% إلى 67% حيث تبقى مرتفعة الثمن مقارنة مع الزربية المستوردة نظرا لأصالتها ( صناعة يدوية، مواد أولية جيدة إضافة إلى الإتقان والبراعة التي تشتهر لها الزربية المغربية على المستوى الدولي، وهذه الزرابي المهربة هي إما من أصل جزائري أو تركي. ناهيك عن أن صناعة الزرابي التقليدية تمثل مصدر عيش العديد من الأوساط خاصة في مدينتي فكيك وبوعرفة .
وضعية القرية تنذر بالإغلاق بعد الإفلاس
الزائر للقرية يستغرب لقفرها وخلائها رغم جمالية هندستها ورغم كلفة بنائها التي تقدر بملايين الدراهم، وجفت نافورتها من ماء كان يبعث الحياة في مدخلها كما انعدمت الحركة والأنشطة داخل أروقتها، حيث لا تفتح إلا أقل من عشرة محلات من أصل محلاتها الثمانين، الوضع الذي جعل أحد الصناع التقليديين يصفها بكونها أصبحت «مقبرة للصناع»، تجاور مقبرة موتى المسلمين «سيدي محمد» بالمنطقة نفسها.
«كان توزيع المحلات بالقرية في غير محله بحيث استفاد منها غير الصناع التقليديين الذين يتوفرون على دكاكين أخرى تتواجد بوسط المدينة أو منحت لأشخاص لا علاقة لهم بالصناعة التقليدية…» يقول أحد الصناع الذي لم يبرح محله منذ أن ولجه في صيف السنة الأولى من افتتاح قرية الصناع.
بالفعل فإن أغلب المحلات بالقرية وعددها 80 لا تفتح منها أبوابها إلا أقل من عشرة محلات لصناعة وعرض بعض المنتوجات التقليدية، فيما تبقى الباقية الأخرى مقفلة لكون أصحابها غير معنيين بتنشيط القرية وليس لهم على ما يبدو منتوجات فنية تقليدية التي خلقت من أجلها القرية.
وعبر أحد الصناع التقليديين عن أسفه من كون أغلب المحلات بالقرية توجد بيد تجار «القطع المصنوعة التجارية» وليس بيد فنانين تقليديين مبتكرين لتحف فنية.
إن مشاكل القرية الأساسية تكمن في انعدام وجود إدارة فعالة وصارمة تسيرها وتسهر على تطبيق بنود التخويل الذي تم بموجبه منح المحلات إلى أصحابها.» لو تم ذلك لكانت القرية مزدهرة وفتحت كل المحلات من طرف الصناع التقليديين…لكن لا يمكن ذلك، بحيث أن أغلبهم ليس كذلك وله مشاغل أخرى، وماذا يمكن أن نفعل نحن الضعفاء أمامهم وهم يرفضون ذلك ضدا على القانون، ومن يحميهم؟»
اندلع الصراع منذ افتتاح قرية الصناع لأبوابها في صيف 2004، بين مجلس غرفة الصناعة التقليدية الذي يحاول إخضاع القرية ومجلس تسيير قرية الصناع التقليديين الذي يشرف على التسيير والتدبير والمندوبية الجهوية للصناعة التقليدية، تضاف إليها مشاكل جمعية الصناع التقليديين التي لم تنجح في استقطاب كافة الصناع وتأطيرهم.
«اشتغلنا جميعا لتحضير الدورة الأولى كرجل واحد، جمعية الصناع ومكونات مجلس التسيير، وكان الإقبال، وكان النجاح…أما اليوم…؟»
معارض للصناعة التقليدية خارج فضاء قرية الصناع
بدل إقامتها بالقرية الصناعية التي تعتبر تحفة من التحف النادرة في المغرب حيث لا يوجد نظير لها، تنظم المعارض بساحات شارع محمد الخامس بوجدة خاصة بالألبسة النسوية من قفاطين وجلاليب وعباءات وبعض الفساتين النسوية الوجدية المسماة ب»البلوزات»، وأروقة للوحات الفنية والديكور المنزلي ومصنوعات يدوية من الخشب والقصب والحديد وديكور المجسمات والحقائب الجلدية والزرابي والأحدية والخط والكتابة، والرخام وأغطية الكراسي والحجب والستائر ورواق لبيع شرائط الأغاني والأقراص المضغوطة…، وهي منتوجات أكثرها لا علاقة لها بالصناعة التقليدية المحلية بل سلع وبضائع توجد بكثرة في الأسواق اليومية والأسبوعية وقادمة من مدن أخرى.
«الألبسة المعروضة منها ما هو مصنوع بآلة الخياطة ولا دخل ليد الصانعة التقليدية فيها، بل هي خياطة فقط ومنها ما هو عصري…» توضح إحدى الصانعات المشاركات… فيما تساءل أحد الصناع التقليديين عن غياب حرف صناعة الآلات الموسيقية (آلات العود التي يكثر عليها الطلب من خارج المغرب وهناك صانعين فقط أو ثلاثة بالجهة الشرقية) والدرازة (الأغطية النسيجية) والخرازة (السروج وألبسة الخيول) والحدادة والجلاليب والسلاهم الوجدية…
ويتساءل المرء عن استغلال المعارض الخاصة بالصناعة التقليدية لتعليق اللوحات الإشهارية للحفلات والأعراس والنكافات فوق الباب الرئيسي، وهو الوضع الذي يجسد العقلية التي تسير بها معارض الصناعة التقليدية في هذه المدينة وينتظر بهذه الطريقة تطويرها… ، الوضع الذي يفرض إعادة التفكير في تنظيم هذا النوع من الأنشطة التي تصرف عليها عشرات الملايين، بشفافية أكثر وإشراك جمعية الصناع التقليديين الحقيقيين الذين يمتلكون الصنعة ولهم من المؤهلات الحفاظ عليها.
«كم من الملايين من السنتيمات صرفت على هذه المعارض الفاشلة؟ ولماذا تنظم في فترات غير مناسبة؟ ومن استفاد منها في غياب الزوار والزبائن طيلة أيامها المفتوحة؟ ولماذا غياب الصناع التقليديين الحقيقيين؟ وهل نظمت مباريات للمشاركين ومنحت لهم جوائز؟ وهل…وهل…؟ يتساءل بعض هؤلاء الصناع، ثم يضيفون قائلين «لو وزعت تلك الميزانية على الصناع لتشجيعهم وتكوينهم وتجهيزهم وتحسين مردوديتهم لكان ذلك أجدى وأنفع من إقامة هذا المعرض».
عبّر بعض الصانعات والصناع التقليديين المتواجدين بقرية الصناع التقليديين بوجدة، بعضهم من المشاركات في المعرض وغيرهم، عن حزنهم وامتعاضهم لتنظيم مثل هذه المعارض والسرعة الفائقة دون استشارة المعنيين في غياب جمعية حقيقية ممثلة للصناع التقليديين، وفي غياب حتى حملة إشهارية للتعريف به، كما عبروا عن استيائهم لعجز المسؤولون عن الإقلاع بالقرية الصناعية وتنشيطها واستقطاب الزبائن من الزائرين المقيمين أو من عمالنا بالمهجر أو من السياح من مختلف جهات المملكة أو من خارجها منذ أكثر من أربع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
اعتبروا حلقة «صنعة بلادي» بوجدة مجرد «مسرحية»
احتج الصناع التقليديون المتواجدون بقرية الصناعة التقليدية بوجدة، صباح الاثنين 29 شتنبر 2014، على تسجيل حلقة من برنامج «صنعة بلادي» الذي تصوره القناة الثانية بتمويل من وزارة الصناعة التقليدية.
الصناع التقليديون بالقرية رفضوا استغلال قرية الصناعة التقليدية مثل ديكور لهذه الحلقة ولعب دور «الكومبارس» في هذه «المسرحية» لترويج واقع بعيد عن أوضاعهم المزرية، إضافة إلى أن لا أحد من المسؤولين في مديرية الصناعة التقليدية أخبرهم بهذا العمل واكتفوا بدعوة من يرغبون في تقديمه. وأكدوا على أنهم يرفضون استعمال الكهرباء من طرف الفريق التلفزي في الوقت الذي يؤدون هم فاتورة الاستهلاك بعد رفض المديرية تحمل مصاريف قرية الصناع.
«لا أحد من الصناع التقليديين بالقرية التي تحتضن 80 محلا للصناعة التقليدية، في عِلمه هذا النشاط، مع العلم أن هؤلاء المسؤولين الذين لا يعرفون أين تقع القرية ويتجاهلون وجودها ومشاكلها، يعلمون أن بذمة القرية فواتير أربعة أشهر من استهلاك الماء والكهرباء، إضافة إلى أن حارسي القرية والمنظفة بها، لم يتوصلوا بأجورهم خلال الفترة نفسها»، يصرح أحد الصناع التقليديين، ثم يضيف قائلا إن الصناع المتواجدين بالقرية ساهموا من مداخيلهم الخاصة والمتواضعة لجمع قدر من المال بلغ حوالي 12 ألف درهم، وأدوها لهم لضمان استمرارهم في عملهم، خاصة أن الأيام مناسبة عيد الأضحى.
ممثلو الصناع التقليديين استنكروا تصوير هذا الواقع المزيف، بتعبيرهم ، والذي يراد عرضه علي المشاهدين تحت شعار «كولو العام زين»، وأكدوا على أن المشاركين في هذه الحلقة لا يمثلون صناع القرية، أغلبهم من خارج المدينة، وبعض المنتوجات الصناعية المعروضة بالمناسبة يفوق عمرها عشر سنوات، بل منها ما يثير السخرية مثل مجموعة من الأدوات تتمثل في «الفؤوس والكوادم…» تم شراؤها من السوق، في حين أكد عارض للأثاث المنزلي أنه طلب منه عرض بعض منتوجاته بالمناسبة.
ضرورة إعادة النظر في وضعية القرية وإنقاذها من الإفلاس
رفع الصناع التقليديون نداءات ورسائل إلى والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة انجاد يستعرضون فيه وضعيتهم المزرية ومعاناتهم نتيجة سياسة تسببت في إفلاس قرية الصناع التقليديين، ملتمسين تدخله العاجل لإنقاذها وانتشالهم من الأوضاع المزرية الغارقين فيها بعد تراكم ديون الحرفيين اتجاه إدارة القرية والركود التجاري الذي تعرفه القرية، وأجبر العديد من الحرفيين على عدم تسوية وضعيتهم المالية وبالتالي أداء المستحقات الشهرية بانتظام.
وعبّر بعض الصناع التقليديين المقاومين المتواجدين بالقرية عن استيائهم لعجز المسؤولين عن الإقلاع بالقرية الصناعية وتنشيطها واستقطاب الزبائن من الزائرين المقيمين أو عمالنا بالمهجر أو من السياح من مختلف جهات المملكة أو من خارجها منذ أكثر من سبع سنوات على تشييدها، بل أصبح بعض الصناع الفقراء عاجزين عن مواجهة الحياة اليومية بل حتى عن أداء واجب الكراء بسبب انعدام الرواج وانسداد الموارد.
«إن القرية التحفة التي شيدت بدون قنوات لتصريف المياه العادمة بقيت شبه مهجورة وخالية رغم ما أنفق عليها من عشرات ملايين الدراهم، وكان من المفروض تنشيطها وخلق رواج داخلها، الأمر الذي عجزت عن تحقيقه إدارتها ومندوبية الصناعة التقليدية وغرفتها المسؤولة عنها…».
مطالب الصناع المشروعة
يكرر الصناع التقليديون الحقيقيون بالقرية مطالبهم بالعمل على تغليب إرادة التعاون والتشارك والتشاور لصالح الصناعة التقليدية بالمدينة وبالجهة الشرقية ووضع المسؤولية في يد مجلس تسيير يضم جميع المكونات المعنية، بالإضافة إلى ضرورة إشراك المعنيين بالأمر بالدرجة الأولى والمنخرطين في جمعية الإبداع للصناع التقليديين الحقيقيين والممارسين المبدعين والأخذ بعين الاعتبار طلباتها…، وهو نداء لوالي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة/أنجاد ورئيس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة اللذين لهم فيهما الثقة التامة في تدخلهما للنهوض بهذا القطاع بمدينة وجدة والجهة الشرقية…
وأجمل الصناع التقليديون مطالبهم في تكليف جمعية الإبداع بقرية الصناع التقليديين بالتسيير المالي للقرية بدلا من الإدارة على غرار ما هو معمول به بباقي القرى المهنية، ووضع برنامج عمل لتنشيط القرية ، والبحث عن مصادر تمويل جديدة لخلق الرواج التجاري بالقرية، والإسراع بحل مشكل ربط القرية بشبكة الماء الصالح للشرب، ودمقرطة المشاركات بالمعارض، وإمكانية استفادة الحرفيين من بقع أرضية أو سكن اقتصادي بأسعار تفضيلية، والتنازل والتراجع عن رفع الدعاوى القضائية ضد الحرفيين، وتعيين طاقم إداري يليق بمقام القرية، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الحرفيين، والتعجيل بإعادة بناء واجهة القرية.
المدير الجهوي للصناعة التقليدية يعد بالإقلاع
خالد الدليمي المدير الجهوي للصناعة التقليدية استعرض العديد من المشاكل التي تعيق إقلاع قرية الصناع ووعد بالعمل الدؤوب وبذل كافة المجهودات لإيجاد الحلول المناسبة لإنعاشها بإشراك جميع الفعاليات والمؤسسات المعنية، بعد تصفية الملفات العالقة التي ورثها عمن سبقوه، مثل عدد من الملفات المحالة على القضاء المتعلقة بعدم أداء واجبات الكراء الهزيلة للمحلات (10 دراهم شهريا للمتر المربع)، وكذا وضعية جمعية الصناع التقليديين بالقرية.
وذكر المسؤول الجهوي بعدد من الاجتماعات والجلسات التي عقدها مع الصناع المعنيين والوصول إلى اتفاق أداء واجبات الكراء المترتبة عليهم منذ شهور باعتماد تسهيلات (سجل اشتغال 8 محلات وملفات 11 محلا عرفت طريقها إلى القضاء، و42 قضية جديدة في المتابعة القضائية، وتنازلان، و6 محلات فارغة)، إضافة على مشكل أداء فواتير الماء والكهرباء وأجور الحراس والمنظفات التي من المفروض أن تؤدى من مساهمات الصناع التقليديين المستفيدين من المحلات. وأشار إلى أنه سبق أن خصص مبلغ 280 سنتيم لإصلاح القرية نتيجة اتفاقية شراكة بين وزارة الصناعة التقليدية وغرفة الصناعة بالجهة الشرقية قبل أن يفوت الملف إلى مجلس الجهة، حيث من المنتظر أن يتم ترميم الواجهة وتنصيب علامات التشوير الموجهة إلى القرية ولوحات إعلان وغيرها مما يساهم في إنعاش القرية.
الوزيرة مروان تزور ورش بناء المركب المندمج
قامت وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة مروان، الاثنين 23 فبراير 2015، بزيارة لورش بناء المركب المندمج للصناعة التقليدية بوجدة للاطلاع على سير تقدم أشغاله. كما زارت الوزيرة، رفقة والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنكاد، محمد مهيدية، والمدير العام لوكالة تنمية عمالة وأقاليم الشرق محمد المباركي، قرية الصناع التقليديين من أجل الاستماع لاقتراحات الصناع والنظر في المشاكل التي تواجه هذه القرية.
مشروع المركب المندمج للصناعة التقليدية الذي يتم إنجازه على مساحة 1432 متر مربع تطلب غلافا إجماليا قدره 18 مليون درهم، وذلك بهدف دعم وتنظيم وتأطير الحرفيين من أجل تمكينهم من تحسين وتنويع مصادر دخلهم وتثمين منتوجاتهم. ويروم أيضا هذا المركب، وتأهيل القطاع وإدماجه ضمن النسيج الاقتصادي المحلي والوطني، وكذا تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للحرفيين وتثمين منتوجات هذه الصناعة وتأطير الحرفيين. الوزيرة أشارت في تصريح للصحافة، بالمناسبة، أن زيارتها تندرج في إطار الاطلاع على سير أشغال هذا المركب، الذي يشكل أداة للنهوض بالقطاع والحفاظ على الهوية الثقافية ونقل الخبرات الأصيلة وملاءمة منتوجات الصناعة التقليدية مع معايير الجودة وإكراهات سوق الشغل.
وأضافت أن زيارتها لقرية الصناع التقليديين تأتي في إطار البحث عن الحلول الملائمة لإحياء هذا المجمع، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه، بالنظر إلى أهمية الصناعة التقليدية بالمنطقة التي تتوفر على حرفيين نشيطين يجب دعمهم، وكذا دور هذا القطاع الذي يشكل واجهة المغرب وهويته وبالتالي لابد من إعطائه الأهمية التي يستحقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.